قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن "الخوارج ومن وافقهم حديثًا من الإخوان والجماعات التكفيرية لديهم خلل فكري وشذوذ في فهم بعض النصوص". وأضاف "الطيب" في حديثه الأسبوعي للتليفزيون المصري، أن «الخوارج هم مَنْ واجهوا سيدنا عليا وأرغموه على قبول التحكيم، بعد اقترابهم من الهزيمة، ثم قالوا له: لا ولايةَ لك علينا، وذلك نتيجة خلل فكري عندهم وشذوذٍ في فهم بعض النصوص، وبعد قرون متطاولة من كمون هذا الفكر استدعى منطقَهم أبو الأعلى المودودي من الهند، ثم سيد قطب، الذي أورد في كتابه ظلال القرآن نصوصًا يفهم منها تكفير الحكام والمحكومِين والشعوب الإسلامية، وهذا ما صرح به كبار الإخوان المسلمين الذين أدانوا سيد قطب فيما ذهب إليه من أمثال الهضيبي المرشد الثاني في كتابه دعاة لا قضاة، الذي فند فيه كلام المودودي بالإشارة إليه صراحة، وبالردِّ على سيد قطب دون ذكر اسمه». وتناول شيخ الأزهر مناقشته العلمية للمفهوم الخاطئ للحاكميَّة عند التكفيريِّين والجماعات المسلحة الذي ترتكز عليه في ارتكاب أعمال العنف والإرهاب، مضيفًا أن «مفهوم الحاكمية يعد من أهم الأصول والقواعد التي تعتمد عليها الجماعات المسلحة في قتل الناس واستباحة دمائهم وأموالهم، حيث إنَّ الحاكمية عندهم تعني أنَّ الله هو الحاكم الأوًّل والأخير، وأن الذي يحكم مِن البشر بغير ما أنزل الله فهو مشاركٌ لله في ألوهيته، ومن ثَمَّ يكون كافرًا مستباح الدم، ومَنْ يرضى به من المحكومِين فهو أيضًا كافرٌ مستباح الدم». وتطرق شيخ الأزهر في حديثه إلى أن «النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– عندما أرسل معاذ بن جبل لليمن قاضيًا قال له: يا مُعاذُ، كيفَ تَقْضِي إذا عرَضَ لك قَضَاء، قال: بكِتَابِ اللهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهنا ينبهنا النبيُّ إلى وجود قضايا جديدة ليست في القرآن أو السنة؛ والحوادث لا تنتهي وتتغيَّر دائمًا ما دام هناك كون وبشر، ومن ثَمَّ قَالَ له النبي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّه قَال: أَجْتَهِدُ رَأْيِي ولَا آلُو، فالنبي لم يُصادرْ عليه اجتهاده، ولم يقل الحاكمية لله فقط، ولكن ضرب على صدرِه في إشارةٍ لرضائه، وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ». واختتم "الطيب" كلامه بالقول: «إننا نستطيع من خلال هذا الحديث أن نرفض الكلام المغلوط في فهم القرآن مستندين إلى ما فعله الرسول منذ 14 قرنًا في مجتمع محدود الحركة والعلاقات، وهذا حق أعطاه الرسول لأصحابه في مجتمعٍ محدودٍ، فما بالنا ونحن الآن في القرن الحادي والعشرين الذي يَعجُّ بنوازل وحوادث لا حصرَ لها، وبالتالي فإن الاجتهاد مطلوبٌ بضوابطه المعروفة عند أهل العلم».
