كتب Harriet Sherwood من مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة، الجارديان في زنزانة صغيرة بسجن المرج بالقاهرة، استمع أيمن نوفل القيادي البارز في حركة حماس الفلسطينية، عبر شبكة بي بي سي الإخبارية عن أخبار مشجعة للغاية، تمثلت في تمكن العديد من المسجونين في سجون مصرية أخرى باستغلال الاضطرابات الأمنية والتظاهرات التي تعم البلاد، والهروب من السجن، وهو ما دفع نوفل إلى التحرك بسرعة وعدم إضاعة الوقت وقرر الهرب، ليضع نهاية لسجنه الذي استمر ثلاث سنوات دون أية اتهامات واضحة. وبعد عودته إلى قطاع غزة تحدث نوفل عما حدث فقال "فور سماعي أخبار هروب المساجين صرخت في السجناء ليقوموا بتحطيم الأبواب والبوابات والخروج"، وأضاف أنه كان السجين السياسي الوحيد داخل سجن المرج الذي يعج بالمجرمين، وقد استخدم هاتفا محمولا تم تهريبه إليه ليقوم بالتنسيق مع السجناء ليحطموا البوابات ويخرجوا، وهو ما تحقق بالفعل حيث تبعه العديد من السجناء لتحطيم الأبواب وتسلق الأسوار نحو الخارج. وبفضل الانتفاضة المصرية التي قام بها الشعب المصري ضد نظام الحكم الذي ظل 30 عاما وتسبب في مشكلات اقتصادية وبؤس، وجد نوفل الذي اتهم بالتخطيط لشن هجمات ضد إسرائيل حرا ليستقبل استقبال الأبطال لدى وصوله إلى مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة. وتقدم جميع الفلسطينيين في المخيم ليرحبوا بعودة قائد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وتجمعوا أمام خيمة زرقاء تمت إقامتها في وسط المخيم ليدخلوا جميعا لإلقاء التحية على نوفل. ورغم الاحتفالات الكبيرة التي مازالت مستمرة إلا أن نوفل 37 عاما أكد استعداده للعودة لاستئناف مهامه، فبقاؤه لثلاث سنوات وعدة أيام في سجن مصري سيئ وشديد البؤس لم تنل منه ولم تثنه عما أطلق عليه "المعركة التالية". وأكد القائد الحمساوي على أنه تم اعتقاله في مصر لأسباب سياسية، بعد أن احتجزته إحدى نقاط التفتيش الأمنية في سيناء عام 2008، وقال "لم يقدموني إلى محاكمة قط، وقامت عائلتي بتوكيل محام وذهب إلى المحكمة واستخرج قرارا قضائيا بالإفراج عني، لكن السلطات لم تفرج عني". لكن قرار الإفراج عنه جاء من خلال الشعب المصري بعد الثورة التي قام بها المصريون، وتمكن من الفرار في الأيام الأولى للثورة التي سادتها الفوضى والانفلات الأمني وغياب الشرطة، وهو ما استغله العديد من المسجونين للقيام بتمرد وتحطيم أبواب السجون والفرار منها في ظل غياب الرقابة الأمنية المشددة، وبعد خروجه من السجن تمكن نوفل بمساعدة مصريين من الاتصال بقطاع غزة، وقال بالطبع اتصلت بحماس في قطاع غزة بعد هروبي من السجن، وقاموا بالتنسيق مع مصريين آخرين قاموا بإبقائه في أحد المنازل حتى تستقر الأوضاع، وبعد أن هدأت الأمور تم دخوله إلى سيناء وتهريبه عبر أحد الأنفاق الحدودية إلى داخل غزة ليعود إلى منزله. وقدم نوفل شكره العميق إلى الثوار المصريين، الذين ألهموهم ليثوروا داخل السجن ويخرجوا منه، وقال كان يجب أن يحدث هذا في مصر منذ وقت طويل، فقد قضى المصريون 30 عاما تحت استعباد النظام، وشدد على أنه يريد أن يرى الإخوان المسلمين في السلطة بمصر وفي جميع العالم وليس مصر فقط. ويرى نوفل أنه يجب أن يستأنف عمله في كتائب القسام، وقال "نحن نستعد ونتدرب من أجل المعركة التالية وهذا حقنا". وعلى الطرف الآخر كان هناك العديد من الفلسطينيين في غزة لا يشعرون بالامتنان والشكر للثوار المصريين مثل نوفل، خاصة أعضاء حركة فتح الذين أعربوا عن قلقهم الشديد من رحيل الرئيس حسني مبارك عن سدة الحكم في مصر، ويرون أن غيابه سيمنح جماعة الإخوان المسلمين قوة كبيرة، يمكن أن تستمدها حركة حماس هي الأخرى، وهو ما يؤثر على ميزان القوي بين الحركتين المتصارعتين في فلسطين. ويشير المحلل السياسي في غزة مخيمر أبوسادا إلى أن حماس لم تنطق بكلمة واحدة حتى الآن، وأضاف "معلوماتي تشير إلى أن قادة الحركة أرسلوا تعليمات محددة إلى جميع المتحدثين باسم حماس بالتزام الصمت، لكنهم يراقبون الموقف عن كثب، ويلتزمون بموقف محايد بين الحكومة والشعب المصري". ومع ذلك فقد تحدث أئمة المساجد في غزة عن الموقف ولم يلزموا الصمت، حيث وصف الأئمة على المنابر النظام المصري بالديكتاتورية، وأعلنوا دعمهم الكامل لمحاولات المصريين التخلص من الحكومة، ويضيف أبوسادا أن أعضاء حركة حماس من داخلهم يشعرون بسعادة بالغة لما يجري في مصر، لأنهم يؤمنون بأن نظام مبارك كان يتآمر مع إسرائيل، والولايات المتحدة ومع حركة فتح أيضا ضد المقاومة ومن أجل حصار غزة، ولكنهم لا يتحدثون وينتظرون النهاية الفعلية للأحداث". أما بالنسبة لفتح فإنهم يتبنون وجهة النظر التي تقول "عدو عدوي هو صديقي"، ويدركون جيدا أن حركة حماس مهتمة للغاية برحيل مبارك عن السلطة في مصر، وأي تغير في مصر سيؤثر على حركة حماس والسلطة الفلسطينية. ودخلت إسرائيل على الخط وقال مسؤول بالحكومة الإسرائيلية "ليس لدينا شك بأن حماس تستغل الأوضاع الحالية في مصر لتحقيق أهدافها، إما من خلال زيادة عمليات تهريب الأسلحة عبر الأنفاق إلى داخل قطاع غزة، أو تعزيز بنيتها التحتية الإرهابية، وهو ما يقلق إسرائيل بشدة". ويعد ما يحدث في مصر بطل المشهد الوحيد في قطاع غزة، والحدث الأبرز في جميع المناقشات، فالجميع يتحدث عن الأخبار والصور التي تنقلها قنوات التليفزيون من مصر، وتشير إمتياز أبو واطفة 45 عاما أنها إذا استطاعت الذهاب إلى مصر فإنها ستطالب برحيل مبارك، وحول رغبتها في رؤية ما يحدث في ميدان التحرير بمصر في ميدان فلسطين بقطاع غزة، قالت إمتياز "إن شاء الله، نحن نريد التغيير في كل مكان وفي غزة أيضا فالناس هنا يعانون والديمقراطية يجب أن تحل في كل مكان.