صرح وزير العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، المستشار أمين المهدي، أنه نقل إلى «نافي بيلاى» المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة، والتي التقاها بتكليف من الحكومة المصرية، موافقة الحكومة النهائية على استضافة مكتب اقليمى للمفوضية في القاهرة تمتد اختصاصاته إلى دول شمال إفريقيا. ويُذكر أن هذا هو المكتب الذى كان الحديث قد بدأ عنه في عام 2006 ، ثم توقفت المفاوضات بشأنه حتى عادت في عام 2011 و 2013 ، حين وافقت مصر من حيث المبدأ على إنشائه، مشيرًا إلى أن الحكومة في مصر حسمت الامر وانحازت لتدعيم حقوق الإنسان وحمايتها تقديرا للدور المصري التاريخي في هذا المجال من خلال مشاركتها في وضع وصياغة كافة الاتفاقات والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان ، إضافة إلى قناعة الحكومة بان موقع مصر الريادى يجعل من الاولى أن تستضيف هي هذا المكتب لتشع على كل من حولها . وأشار في جنيف عقب لقاءاته التي شملت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة ، وعدد من مساعديها ، وكذلك سفراء ليتوانيا الرئيس الحإلى للاتحاد الأوروبي ، وبولندا الرئيس الحالى لمجلس حقوق الإنسان ، وكذلك الهند والبرازيل واسبانيا ، ونائب سفير الاتحاد الأوروبي ، إضافة إلى المجموعة العربية والمجموعة الإفريقية ، وكذلك الحقوقي السويسري، جون زجلر ، إلى أنه عرض على المفوضة السامية في لقائه بها مفهوم الوزارة التي شكلت للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية ، حيث اكد أن مصر ماضية في طريقها نحو الانتقال من مجتمع عانى من انتهاكات لحقوق الإنسان إلى مجتمع ديمقراطي يتمتع بتلك الحقوق ، وهو ما يتطلب إجراءات ومفاهيم للعدالة الانتقالية ، جزء منها المحاسبة والمصارحة ثم المصالحة . وعن وكالة أنباء الشرق الأوسط، فقد أكد أنه إلى «نافي بيلاى» رؤية القيادة السياسية في هذا الشأن والتي تركز على أن المصالحة الوطنية هي أعمق وأبعد من أن تكون مجرد مصالحة بين أطراف سياسية خاصة وأن كثيرين يظنون أنها كذلك ، ولكن مفهوم القيادة هي أن المجتمع المصري بحاجة إلى مصالحة مع الذات لوجود الكثير من المناطق والفئات المهمشة بما يخل بالنسيج الوطنى ، إضافة إلى مواجهة ظواهر دخيلة على المجتمع المصري مثل العنف الذى استهدف الكنائس والأقباط وغير ذلك . وأضاف المستشار المهدي أنه حرص في لقائه بالمفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة على أن يوضح لها أن المصالحة في مصر الغرض منها الذهاب إلى العمق ورأب ما تصدع سواء عن عمد او إهمال لهذا الجانب ، والذي قد يؤدى تركه إلى شرخ في المجتمع ، وشدد على حرص مصر على حرية الاعتقاد خاصة وأن أول دستور مصري وتاريخ مصر الوطني يؤكد أن مصر ظلت دوما تصون تلك الحريات ، وأن ما جرى خلال الفترة الماضية ومنه حادث قتل المواطنين ممن يعتنقون الفكر الشيعي ربما كان يراد به طمس هوية المجتمع المصري او هتك وحدة النسيج المصري ، وهو ما تحاول الحكومة ووزارة العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية علاجه . كما لفت الوزير إلى انه أوضح للمسؤولية الأممية أن تحقيق مضمون العدالة الانتقالية الكامل إنما يتعدى من ناحية الزمن قدرة الوزارة نفسها ، خاصة وأن الوزارة نفسها هي وزارة انتقالية إلى أن تستكمل خارطة الطريق في مصر وتقام انتخابات رئاسية وبرلمانية في اقل من عام ، وأن هذه الفترة لا تسمح بتطبيق مفهوم العدالة الانتقالية في الانتقال إلى مجتمع ديمقراطى ومعرفة الحقيقة ثم المصالحة والتئام الشمل ، وأضاف أن هناك اقتراحا في الطريق لإنشاء مفوضية مستقلة تماما ينقل إليها تطبيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في خطوات متئدة وبهدوء حتى يمكن الانتقال بشكل حقيقي . وأضاف أنه اكد إلى «نافي بيلاى» أن الاستحقاق العاجل والهام في مصر حاليا هو إصلاح النظام الانتخابي ، خاصة وأن المجالس النيابية الماضية لم تكن تعبيرا حقيقيا عن امال وطموحات المواطن المصري العادى ، وذلك سواء لتدخل السلطة الماضية في تكوين تلك المجالس او غير ذلك ، وبما كان يفسد العملية الانتخابية والديمقراطية ، مشيرا إلى طرح بعض الافكار ومنها مسالة المعاونين للقضاة في الانتخابات ، حيث يجرى بحث إمكانية الاستعانة بالشباب من الخريجين الجدد ليكونوا سندا للقضاة خلال العملية الانتخابية بعد حصولهم على تدريب لثلاثة او أربعة اشهر ، على أن تحتسب المدة من الخدمة العامة إلى غير ذلك من الأفكار التي يجرى بحثها وحتى يمكن الخروج من الحلقة المفرغة التي كانت ايام النظام السابق في موضوع المرشحين للمجالس النيابية وقدراتهم وطريقة تقديم أنفسهم للمواطنين. وأوضح أن وزارة العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في مصر ليست وزارة تقليدية ولا تصدر إجراءات فوقية ، ولكن تم انشاء اللجنة الاستشارية العليا لكى تدير الوزارة وهذه اللجنة تتشكل من كيانات المجتمع المدنى والمنظمات الحقوقية المصرية ورموزها من الصحفيين والحقوقيين وأساتذة الجامعات وغيرهم ، حيث يقوم هؤلاء حاليا بالتحضير لعقد مؤتمر في القاهرة في سبتمبر الجارى عن العدالة الانتقالية . واكد الوزير أن المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة تفهمت كل ذلك خاصة وانها من جنوب افريقيا وكانت لهم تجربة في تطبيق العدالة الانتقالية ، مشيرا إلى أن «نافي بيلاى» عرضت المساعدة وتقديم الخبرات لمصر في هذا المجال ، لكنه شدد على أنه لايمكن تطبيق تجربة أى بلد اخر سواء بشكل مجرد او اكاديمى ، خاصة وأن لكل بلد طبيعته الخاصة ، كما أن مصر بها قضاء شامخ ومستقل برغم كل ما تعرض له من محاولات لفرض الإرادة والمحاصرة وغيرهما ، ولكنه ظل عمودا فقريا يستند اليه المجتمع المصري والذى يختلف واقعه عن أي واقع في أي دولة اخرى . وحول لقاءاته بالسفراء لمختلف الدول وبعثاتها الدبلوماسية الدائمة لدى الأممالمتحدة في جنيف ، قال وزير العدالة الانتقالية إن الانطباع العام الذي خرج به هو مدى الاهتمام الكبير سواء للاتحاد الأوروبي او دول افريقيا وغيرهما بمصر ، وكل ما يرغبون فيه هو التأكد من أن مصر ماضية في طريق الديمقراطية ، وأنه حرص على أن ينقل اليهم أن كافة أجهزة الدولة ملتزمة بخارطة الطريق بتوقيتاتها المحددة التي تنتهي بانتخابات حرة ، وأن سفراء المجموعة الافريقية الذين التقاهم أكدوا له أن أهمية مصر تتجاوز القارة الإفريقية ، لأنها هي دولة مهمة للعالم اجمع وانها في القلب من كل افريقيا .