ترامب يتهم بايدن بقيادة "إدارة من الجستابو"    خبير تحكيمي: حزين على مستوى محمود البنا    محمد صلاح: هزيمة الزمالك أمام سموحة لن تؤثر على مباراة نهضة بركان    حالة الطقس اليوم.. تحذيرات من نزول البحر فى شم النسيم وسقوط أمطار    بسعر مش حتصدقه وإمكانيات هتبهرك.. تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo    نجل هبة مجدي ومحمد محسن يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    موعد مباراة الأهلي ضد الهلال اليوم الإثنين 6-5-2024 في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    "لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ادوية تخسيس تدمر الدماغ
نشر في البداية الجديدة يوم 23 - 07 - 2014

أدوية الأعصاب والتنحيف وخطر التلاعب بكيميائيات الدماغ
تعالج العقاقير التي تستهدف مادة السيروتونين Serotonin كل الأعراض بدءاً من الانهيار العصبي وانتهاء بالسمنة . ولكن أحدث الاكتشافات يحذر من مغبّة التلاعب بكيميائية الدماغ .
للوهلة الأولى تبدو هذه الحالات المرضية التالية : أعراض الرشح الدائم وعدم التمكن من النوم والأكل وفقدان الوزن والخضوع للعلاج الشعبي المنحف الفان فان Fen/phen – التوتر العصبي والشعور بالخوف الدائم من الموت وتناول جرعات الزولوفت Zoloft – غير مرتبطة تماماً ، فهي اصابات مختلفة تعالج بواسطة أدوية مختلفة ولكن الواقع هو أن العقاقير الثلاثة التي تم وصفها لهذه الحالات تحتوي على عنصر أساسي مشترك .

فهي تستهدف المادة الكيميائية السيروتونين Serotonin الموجودة في الدماغ . على الرغم من أن الباحثين تعرفوا على هذه المادة منذ حوالي النصف قرن ، إلا أنهم لم يتمكنوا من التوصل إلى إدراك أهمية دورها الحيوي في الوظائف النفسية إلا خلال السنوات الأخيرة الماضية ، حيث وجد الباحثون أن زيادة أو نقص هذه المادة مسؤولان ليس فقط عن الإنهيار العصبي وفقدان التحكم بالشهية والتصرف التواتري الاختلالي ، والرهبة الاجتماعية ، بل ايضاً عن القلق وحالات الخوف وأعراض ما قبل الدورة الشهرية والصداع وحتى العنف المفرط .
وقد ترافق هذا الوعي المتنامي للدور الحيوي للسيروتونين في حالة مزاج الإنسان ومشاعره . وفي بعض الأحيان كان ايضاً ناجماً عن الفورة في تصنيع الأدوية التي استهدفته بشكل أو بآخر .
ومن هذه العقاقير مضادات الانهيار العصبي والإرهاق على غرار الأدوية الشعبية ال Elavil و Zolfot و Prozac والنبتة الطبية سان جان وارت وتلك القابضة للشهية مثل Redux و Fenfluramine وأدوية العلاج النفسي مثل عقار ال Clozapine ككل عقار تترافق هذه الأخيرة مع آثار سلبية . فال Elavil يسبب النعاس , وال Zoloft يثير ألم الرأس والغثيان ، والبروزاك يؤدي الى تراجع في الوظائف الجنسية . جميع هذه الأعراض هي بالطبع أمر مزعج لكنه في كل الأحوال يشكل الثمن الذي يجب أن يدفعه العديد من المرضى .

العوارض السلبية الأكثر خطورة :
جميع هذه السلبيات كانت أمراً مقبولاً إلى أن ظهرت مخاطر جديدة ، في أواخر العام 1997 ، وأصبح واضحاً لدى الجميع ان التلاعب بكيميائية عقل الإنسان قد يحفز مشاكل أخطر بكثير من مجرد الأرق او اختلال النشاط الجنسي .
فبعد مرور سنة ونصف فقط على مرافقته بمنح الترخيص لعقار Redux في علاج السمنة ، أصدر مكتب الغذاء والدواء الأمريكي تحذيراً ينصح المرضى بالتوقف عن تناول هذا العقار ومرادفه الشبيه به ال Fenfluramine . وفي الوقت عينه طلبت الشركات المصنّعة وفي طليعتها مختبرات Wyeth Ayerst من الموزعين والأطباء بعدم وصف هذين العقارين وعمدت إلى اتخاذ خطوات سريعة لسحبها من الأسواق باقصى سرعة . والسبب وراء كل هذه الإجراءات الطارئة مردّه إثبات جديد كشف أن نسبة 30 في المئة من الذين استخدموا ال Redux و Fen/phen وعرضة لحدوث تشوهات في صمامات القلب وهي إصابة خطرة جداً قد تؤدي الى الوفاة الحتمية .
هذا الأثر السلبي المميت ليس الوحيد أو الأول الذي تم التعرف إليه . فعندما تمت الموافقة على إنزال Redux إلى الأسواق كان كل من مكتب الغذاء والدواء ومختبرات Wyeth- Ayerst المصنعة على علم مسبق بأن هذا الدواء قد يسبب عارضاً خطراً جداً وقاتلاً وهو إصابة الرئتين بارتفاع الضغط الأولي ، ولكن بما أنه بدا في حينه أن أقلية ضئيلة جداً من مستخدمي هذا الدواء قد تتعرض لهذه الاثار الجانبية السلبية وفي مقابل ما تسببه السمنة من مخاطر كبيرة أهمها أمراض القلب والسكري والجلطة الدماغية
وارتفاع ضغط الدم ، سجّل هذا الدواء نقاطاً حاسمة لصالحه في ميزان السلبيات مقابل الفوائد المرجوّة .

سوء الاستخدام

لماذا إذا انقلبت هذه المعادلة رأساً على عقب بشكل مفاجىء ؟ يعود هذا التحوّل في جزء منه إلى أن التجارب السريرية التي تجري عادة لاختبار مفاعيل الأدوية لا تبين سوى الأعراض الجانبية الأكثر وضوحاً ، والتشوهات في شكل صمامات القلب لا تسبب في الأساس أية أعراض ظاهرة عند معظم المرضى ، إضافة إلى سوء الاستخدام ، حيث لم يتم احترام الشروط التي يفرضها مكتب الغذاء والدواء – السلطة الأمريكية المخوّلة منح الترخيص لاستخدام أي دواء – والتي تقضي بعدم استخدام أو وصف هذين الدوائين ال Redux وال Fen / Phen سوى في حالات السمنة المفرطة .
يعكس هذا التبدل الحاد ايضاً معرفة أعمق بحقيقة مادة السيروتونين . فعلى رغم السنين الطويلة من الدراسات والإنجازات المؤثرة ، لم يتمكن الباحثون سوى منذ فترة وجيزة من فهم الدور الكيميائي المعقد في وظائف الجسم والدماغ ومن معرفة كيفية تحقيق التوازن عندما تختلّ معدلات السيروتونين . " فالوسائل المستخدمة حتى الآن في التعامل مع هذه المادة في الدماغ مازالت بعيدة عن تحقيق النجاح .
فهي فعالة بشكل غير متقن قد يعود بالضرر المتوازي " . هذا ما يؤكده الأخصائي في طب الأعصاب باري جاكوبس من جامعة Princeton ، الذي يعترف بالإخفاق قائلاً : " ما زلنا لا نعرف ما يكفي حول كيفية عمل الدماغ " .

حقيقة كيميائية الدماغ
ومع هذا لابدّ من القول إن الباحثين تمكنوا من إنجاز تقدم في هذا المجال . فقد كشفوا بعد جهود عقدين من الزمن أنه في غياب الناقلات العصبية التالية : السيروتونين Serotonin الدوبامين Dopamine و Norepinephrine ومئات اخرى ، لا يستطيع الدماغ معالجة المعلومات الواردة إليه ولا إرسال التوجيهات لإدارة بقية أعضاء الجسم ، وذلك لأن الخلايا العصبية أو الNeurons ليست متصلة ، بل تفصل بينها فجوات تعرف بالسينابس Synapse .

وعندما تصل التوترات الكهربائية التي تحمل المعلومات في الجهاز العصبي ، إلى نهاية النيرون ، سوف تقف هناك وينقطع التيار . ذلك بالطبع في حال عدم وجود الناقلات العصبية Neurotansmitter تلك الكيميائيات المخزّنة في اكياس صغيرة جداً يطلق عليها اسم Vesicles متمركزة في اطراف الخلايا العصبية . عند وصول الإشارة الكهربائية إلى هذه الأكياس ، تطلق هذه الأخيرة مخزونها من الناقلات العصبية التي تسمح بعبور الإشارات إلى الخلايا العصبية المتلقية المجاورة مشكلة بذلك جسر عبور . بعد نهاية مهمتها ونقل الرسالة تنفصل هذه المواد الكيميائية عن الأكياس فيعاد امتصاصها او يتم تدميرها .

هذه هي وظيفة السيروتونين وغيره بعبارات بسيطة جداً . ولكن عملياً فإن العملية هي اكثر تعقيداً . أولاً : إن كل خلية عصبية مخصصة بإطلاق ناقل عصبي مختلف ، بعضها يحمل رسائل تنقل الوقائع حول العالم الخارجي – كالأصوات والأضواء وغيرها – وتحولها إلى معلومات مفيدة . بعض الأعصاب الناقلة الأخرى تتولى مهمة نقل رسائل الحركة وتوجيه الأوامر بالانقباض او الاسترخاء إلى العضلات .
ولكن فئة صغيرة من كيميائيات الدماغ ومن بينها بصورة خاصة مادة السيروتونين تخدم أهدافاً مختلفة بطبيعتها تمام الاختلاف . وكما يشير مدير المؤسسة الوطنية الأمريكية للصحة العقلية ستيفان هيمان " فإن هذه الناقلات العصبية من السيروتونين تعدّل المعلومات الخام وتحولها فتعطيها الطابع المزاجي " . هذه المهمة يصفها الأخصائي في علم النفس في جامعة نورثويست جايمس ستوكارد بعبارة أكثر شاعرية عندما يقول : " إن مزاج الإنسان وطباعه هو أشبه بالسيمفونية التي يتولى فيها السيروتونين دور قائد الأوركسترا ". بعض الناقلات العصبية الأخرى تساعد مثلاً في الإحساس بامتلاء المدة ، السيروتونين يمنحنا الإحساس بالرضى أو عدمه ، في حين تساعدنا الكيميائيات الأخرى على رؤية مستوى الماء في كوب ، السيروتونين هو الذي يتولى مهمة التقرير إن كنّا سننظر إلى الكوب باعتباره نصف ملآن او نصف فارغ .
تكوين السيروتونين في الدماغ
مع اضطلاعها بهذه المهمات الواسعة جداً ، لا عجب في أن تكون كيميائيات الدماغ هذه متورطة في العديد من حالات الاختلال الذهني أو عدم التوازن المزاجي ، ولا عجب في أن يكون السيروتونين على رأس اللائحة . تنشأ الخلايا العصبية المسؤولية عن إنتاج السيروتونين في نواة Raphe في الجزء الأيمن في القاعدة العميقة من الدماغ . ومن هناك تمتد هذه الخلايا في كل الدماغ ونزولاً نحو النخاع الشوكي بشكل محاور عصبية Axon ، مكونة شبكة اتصالات واسعة يعبر من خلالها السيروتونين إلى كل أجزاء النظام العصبي . وفي حين يقتصر انتقال بعض الناقلات العصبية ضمن نطاق الدماغ فقط ينتشر السيروتونين في كل اعضاء الجسم . ويتفاوت تأثيره بشكل واسع ، بحسب مجموعة متنوعة من العوامل . فما هي هذه العوامل ؟

أولاً إن الناقل العصبي الواحد قد يتصل بأكثر من نوع واحد من الخلايا المتلقية Receptor وقد تمّ التعرف إلى 51 نوعاً مختلفاً من متلقيات السيروتونين وحده .
وبما ان الخلية العصبية قد تتمتع بعدد أكبر أو أقلّ من المتلقيات ، بحسب موقعها من الدماغ ، فإن باستطاعه الناقل العصبي Neurotransmitter أن يولد إشارات كهربائية متفاوتة القوة والتوتر .
بدءاً من الإحساس بالتخمة ، انتهاء بحالات الإنهيار العصبي . ويوضح أيضاً لماذا يؤدي النقص في هذه المادة إلى نشوء حالات مرضية مختلفة تماماً بعضها عن بعض وذلك وفقاً للجزء المصاب بالنقص في الدماغ . فالخلل الاستحواذي التسلطي ( هاجس يستبّد بالمرء على نحو غير
دورة السيروتونين الطبيعية
أ – يتجمع السيروتونين ضمن اكياس صغيرة في نهاية الخلايا العصبية .
ب- عندما يتم تحفيز الخلايا ، بواسطة الإشارات الكهربائية ينفتح غشاء الأكياس وتطلق الناقل العصبي إلى نقطة الاشتباك أو Synapse .
ج- تنتشر الناقلات العصبية ومنها السيروتونين عبر الفراغ وترتبط بنوع من البروتينات بشكل الخلايا العصبية المتلقّية في الجانب الآخر .
ه- عندما تنتهي مهمة السيروتونين في نقل الرسائل العصبية ، يعود لينفصل عن الخلايا المتلقّية الأولى ويعاد تخزينه من اجل استخدام لاحق .
كيفية عمل الأدوية التي تستهدف السيروتونين
و- يعمل عقار البروزاك والأدوية الأخرى المضادة للانحطاط على تعزيز دور الناقل العصبي وذلك من خلال منع إعادة امتصاص أو استيعاب الكميات التي تم إطلاقها .
ز- يتجاوز عقارا الريدوكس والفافلورامين دور البروزاك فيثيران الخلايا العصبية على إنتاج كمية مضاعفة من السيروتونين داخل السينابس .
ح- يرجّح بعض العلماء أن يكون الإفراط في إنتاج السيروتونين هو المسؤول عن التسبّب بتشوّه صمامات القلب .
تنوع الناقلات العصبية
تعرّف الباحثون إلى 15 نوعاً من الناقلات العصبية ، إضافة إلى السيروتونين ، بعضها يرتبط بالانهيار والوهن وبعضها الآخر على صلة بزيادة الوزن أو الهلوسة . سوي ومفرط )، سببه المحتمل هو نقص في السيروتونين في الجزء المخطط من الدماغ المسؤول عن التحركات الإدارية . ويعرب Jacobs عن اعتقاده ، بعد تجارب أجراها على الحيوانات ، عن أن العمل الحركي المتكرر كالسير أو مضغ علكة أو أخذ أنفاس عميقة ، من شأنه تحفيز إطلاق السيروتونين وبالتالي تحسين المزاج والحالة النفسية العامة . هذا يوضح لماذا يعمد بعض الأشخاص المصابين بالاستحواذ إلى غسل أيديهم تكراراً لماذا يهدىء مضغ العلكة من طباع بعض الأشخاص المتوترين
من ناحية أخرى ، فإن حالات القلق قد تعكس نقصاً في السيروتونين في الأميغدالا Amygdala ، وهو جزء من الدماغ يتحكم بمشاعر الخوف والأحاسيس الأخرى المرتبطة أيضاً باختلال مستوى هذه المادة ، فما زال الباحثون غير قادرين على تحديد الموقع الدقيق للنقص أو الأدوية المناسبة وفي هذا الشأن يقول هيمان : " مازال بعض الغموض يكتنف هذه الحالات "

تاريخ اكتشاف السيروتونين
في الواقع إن الأمر يتعدى " بعض الغموض ". فالتاريخ الكامل لمادة السيروتونين والأدوية التي تؤثر على معدلها ، كانت نتيجة مسيرة طويلة من التجارب والأخطاء التي تميزت باكتشافات نجمت عن الصدفة وحدها أحياناً وعن تحليل مفعول العلاجات أحياناً أخرى ، حتى إنه لم يتم اكتشافها بادىء الأمر في الدماغ . ففي اواخر الأربعينات ، كشف فريق من الباحثين الإيطاليين خلال تحليلهم لبلاكيت الدم عن وجود مادة جديدة أطلقوا عليها اسم أنتيرامين Enteramine ، في هذا الوقت كان فريق أمريكي يعمل ايضاً على مادة جديدة أطلق عليها اسم سيروتونين ، "سيرو " نسبة إلى الدم و "تون " نسبة إلى العضلات .
وعندما قام الفريقان بمقارنة ملاحظاتهما تبين لهما أنهما يعملان على نفس المادة .
في البداية ، بدا الباحثون أن مفعول هذه المادة يقتصر فقط على الجسم ، وقد وجدوا انها تحفّز الانقباضات في العضلات وفي الأمعاء وتضبط ضغط الدم من خلال تقليصها للأدوية الدموية . طرطوس.كوم
في ما بعد ، كشفت المؤسسات الوطنية للصحة العامة في أمريكا، في نهاية الخمسينات ، أن المركّبات التي تخفض مستوى السيروتونين تحبط المريض بشكل عام . وتعرّف الباحثون إلى مفتاحين أساسيين في العلاقة ما بين الانحطاط العام أو الانهيار ومادة السيروتونين ، فقد لاحظوا أن دواء ال Reserpine المضاد لارتفاع ضغط الدم الذي يخفض أيضاً معدلات السيروتونين ، قد أدّى إلى تحفيز حالات الانحطاط عامة ، وفي حالات أخرى تنبّهوا إلى أن عقار ال Iproniazid الذي تمّ وصفه في الأساس لعلاج إصابات السل أتاح للمرضى التخلص من حالات الفوبيا ( الرهبة ) والشعور بحالة عامة من الرضى والسعادة .

وقد كانوا على صواب في ملاحظاتهم فال Iproniazid معروف بمكوناته المثبطة للأوكسيداز الأميني الآحادي Monoamine (MAO ) Oxidase ، وهذا الأخير هو مادة موجودة في الدماغ ، من مهامه تدمير وتحليل الناقلات العصبية بعد أن تؤدي عملها ، ومن خلال كبح عمل ال (MAO) تساعد العقارات من فئة ال Iproniazid على الإبقاء على نشاط الناقلات العصبية Neurotransmitters لمدة اطول ، وبما أن هذه الأخيرة هي غنية جداً بالسيروتونين وال Norepinephine كان من الطبيعي أن يشعر المريض بحالة عامة افضل . وقد أدى الكشف عن هذه العلاقة على تصنيع الأدوية الأولى المضادة للانهيار العصبي ، والانحطاط العام والتي كانت مثبطات ال MAO في طليعتها .
في الستينات ، فئة اخرى من علاجات الانحطاط أبصرت النور ، فمن خلال تلاعبه بالتركيبة الكيمائية لأحد مضادات الهيستامين ، تمكّن عالم النفس السويسري رونالد كان من التوصل إلى عقار جديد مضاد للانحطاط أطلق عليه أسم Imipramine . وفي حينه لم يكن الباحثون يملكون أدنى فكرة عن كيفية عمل هذه العقارات التي اكتشفوها بأنفسهم ، ولكنهم مع مرور الوقت توصلوا مع التجارب إلى الاكتشاف بان هذه الأدوية تبقي على فائض السروتونين والناقلات العصبية الأخرى وتمنع إعادة امتصاصها من قبل الخلايا العصبية التي ولّدتها في الأصل .
اكتشاف البروزاك
ترافقت هذه العلاجات مع اعراض جانبية سلبية جداً ، شملت الخمول والنعاس وتسارع في نبضات القلب ، لذا سعى العلماء لاستنباط عقار جديد يقتصر تأثيره على السيروتونين وحده بما أنه الناقل العصبي الأول الذي يحسّن المزاج والحالة النفسية العامة . في العام 1974 بعد مرور عشر سنوات من العمل الدؤوب ، تمكن العالم أيلي ليلي من تركيب عقار ال Prozac ، الأول من فئة المثبّطات الانتقائية لإعادة امتصاص السيروتونين المعروفة ب SSRIS ، ونال موافقة مكتب الدواء والغذاء في العام 1987بعد هذه الخطوة ، فتحت التجارب المجال امام العلماء لتحقيق نجاحات اخرى . فقد لوحظ من خلال الاختبارات أن السيروتونين يلعب دوراً في انماط النوم . فعند القيام يتدمير نواة راف Raphenuclei عند القطط ، أظهرت هذه الحيوانات أرقاً دائماً وعدم قدرة على النوم وعندما تمّ حقنها بمادة السيروتونين ، عفت على الفور . عند الإنسان ، فإن مادة امينو – أسيد التريبتوفان التي تتحول في الدماغ إلى السيروتونين ، تمّ استخدامها كمركّب في الحبوب المنّومة ، ولكن تركيبة فاشلة من التريبتوفان ادت في أوخر الثمانينات إلى وفاة العديد من الأشخاص .
فسحب هذا الدواء من الأسواق . في تجربة اخرى ، اكتشف العلماء أن تحفيز خلايا راف Raphe Cells في النخاع الشوكي وليس في الدماغ ، على إطلاق المزيد من السيروتونين ، يساعد على تخفيف الإحساس بالألم عند المرضى

السيروتونين والتحكم بالعدائية
بعد سلسلة أخرى من الدراسات ، اكتشف الباحثون وجود رابط بين السيروتونين والتصرفات العدائية. وقد بينت أبحاث شملت القردة أن الذين تمّ إعطاؤهم أدوية تحفز نشاط السيروتونين أظهروا ميلاً أكبر للهدوء . وقد انسحب الأمر على الآدميين ايضاً . في العام 1979 وجد الطبيب النفسي فريدريك غودوين أن اعضاء البحرية الأمريكية الذين يتميزون بتصرفات عنيفة يعانون من انخفاض في مستوى السيروتونين . وقد بينت دراسات لاحقة إثباتات مماثلة عند الأشخاص الذين تمّ تسريحهم من عملهم بسبب تصرّفهم العدائي العنيف وعند الأشخاص الذين يتصرفون بعدائية بعد تناول الكحول وعند الأطفال الذين يميلون إلى تعذيب الحيوانات
وأخيراً أدى اكتشاف البروزاك إلى عدد من المفاجآت : فقد تبين أنه علاج جيد في حالات الخلل التوتري الاستحواذي وفي حالات الرهبة الاجتماعية والخوف . وقد لاحظ الأطباء ايضاً أن المرضى الذين يتناولون البروزاك يميلون إلى خسارة الوزن وهو اكتشاف مهم جداً نظراً إلى أن أغلبية الأميركيين يعانون من السمنة .

اكتشاف العقار المنحف ال Redux
بما أن البروزاك لم يكن يؤدي سوى إلى خسارة مؤقتة في الوزن ، عاد فريق الباحثين في مؤسسة ليلي ( التي أطلق عليها هذا الأسم تيمناً بمؤسسها مخترع البروزاك ايلي ليلي ) إلى المختبرات أملاً في التوصل الى إعادة تركيبة البروزاك ليصبح علاجاً فعّالاً في محاربة السمنة . ولكن جهودهم باءت بالفشل . ولكن اخصائي الأعصاب ريتشارد وارتمان ، وهو ايضاً مستشار في المؤسسة ، اتخذ منحى آخر . فبدلاً من استخدام عقار البروزاك كنقطة انطلاق في تجاربه ، استعان بدواء Fenfluramine وهو عقار منحّف كان الباحثون الأوروبيون قد بدأوا باستخدامه ، لكنه كان يترافق مع تأثير سلبي يسبب النعاس الدائم لمستخدميه بفعل تأثيره المباشر على كل من السيروتونين والدوبامين .
لذا عمد الأوروبيون إلى مزجه مع مركّب ال Phentermine الذي ينشط المريض ويعزز عمليات الأيض ال Metabolism بهدف حرق كميات أكبر من السرعات الحرارية بسرعة أكبر .
وأصبح عقار ال Fen/ Phen المركّب في اكثر الأدوية الشائعة لمعالجة السمنة ، ليحتلّ مكانه في ما بعد عقار Redux . بعد أن قام وارتمان بفصل ال Fenfluramine إلى مكونّاته من ال Levofluramine و Dexfenfluramine وجد أن الأخير هو اكثر فعالية وأقل آثار جانبية ، فاستمرت شركة Wyeth-Ayerst بالمشروع وسوّقت هذا المركب اسم Redux بعد نيل موافقة مكتب الدواء والغذاء الأمريكي .

سلبيات ال Redux
اتّضح منذ البداية ان الريدوكس يسبّب أعراضاً جانبية سيئة جداً ، أحدها هو الضغط الرئوي المفرط وهوحالة نادرة من ضغط الدم المرتفع الذي يصيب أوردة الرئتين ، والآثار الجانبية الأخطر بنظر معارضي استخدام هذا العقار كانت في تسببه بأضرار في الدماغ . في طليعة المنتقدين البروفسور جون عارفي من جامعة فيلادلفيا الذي يؤكد أن مركّب ال Dexfenfluramine الموجود بمعدّل كثيف في عقار ال Redux يؤدي إلى تلف الخلايا العصبية " أي أخصائي في الصيدلية كان على علم بأنه دواء غير مأمون ، لذا لم يتفاجأ احد عندما تمّ سحبه من الأسواق " .
بعض الانتقادات ذهبت إلى حد اتهام مكتب الغذاء والدواء بالتصرف بعد مسؤولية والتواطؤ مع الشركة المصنّعة . وهي اتهامات نفاها الطرفان بشدة مؤكدين عدم معرفتهما المطلقة بأي احتمال لإمكانية تسبب ال Redux أو ال Fenfluramine بإلحاق الضرر في صمامات القلب .

وكيف كان بإمكانها أن يتوقعا ذلك ؟ فالعقارات السابقة التي كانت تعمل على تحفيز السيروتونين ، على غرار البروزاك ، لم تتسبب أبداً بأية مشكلة في القلب . لكن حجتهما ضعيفة ، فالفرق كبير بين مفعول البروزاك الذي يبقى فقط على دورة السيروتونين لمدة أطول كي يستفيد الدماغ إلى الحد الأقصى من إنتاجها الطبيعي وبين مفعول الريدوكس الذي ، إضافة إلى المهمة المذكورة ، يعمل أيضاً على إجبار الخلايا العصبية على إنتاج كمية أكبر من السيروتونين . إنه هذا الإفراط في الإنتاج الذي يؤدي بنظر العلماء إلى إلحاق الضرر الأكبر بالدماغ وبالقلب .
هذا الإخفاق لن يثني الباحثين عن متابعة التجارب والدراسات ، بل على العكس فقد شكلت هذه الآثار السلبية الجانبية حافزاً لهم للبحث عن فئة جديدة من الأدوية لا تستهدف السيروتونين بحد ذاته بل الخلايا العصبية المتلقية له . وفي هذه الاتجاه يقول الأخصائي في علم الأعصاب سولومون سنيدار في جامعة جونز هوبكن الذي اكتشف العديد من متلقيات السيروتونين في الدماغ أنه بالإمكان التوصل إلى عقار يتوجه إلى الألم المزمن بطريقة مباشرة أكثر مما تؤديه مضادات الانهيار الحالية . ومن غير المستبعد أن يتوصل العلماء إلى تكرير الأدوية الحالية وتنقيتها وإزالة الشوائب منها لتصبح اكثر أماناً ، وأقل سلبية ، كما حصل في حال تطوير البروزاك .
وفي هذا الوقت يستمر العلماء بإزالة النقاب عن اسرار السيروتونين وهم يبحثون أيضاً عن ناقلات عصبية أخرى تؤثر بدورها على المزاج والحالة النفسية العامة ، وثمة عقار جديد يحاولون تطويره وهو ال Reboxine الذي يتجاهل السيروتونين كلياً ويعمل على نقل عصبي آخر لم يدخله البروزاك في حسابه وهو Norepinephrine هذا الدواء يعمل بسرعة وأعراضه الجانبية تقتصر على الإمساك وجفاف الفم وانخفاض ضغط الدم وقد يكون الخيار الأفضل للذين يعانون من حالات انهيار حادة .

بدأت التجارب على هذا الدواء في بريطانيا ولم يشمل الآن سوى مئات المرضى ومازال الوقت مبكراً جداً على الحكم عليه ، فقد مضى على استخدام ال Fenfluamine 20 عاماً في أوروبا مثلاً قبل أن يظهر تأثيره على القلب . على ضوء ما حدث مع عقاري ال Redux وال Fenfluramine قد يتطلب الأمر أعواماً قبل أن يصبح مكتب الدواء والغذاء مستعداً للموافقة على أدوية جديدة أو قبل أن نتقبل فكرة بابتلاع حبوب جديدة من هذا النوع .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.