الفيروسات تسبب الاكتئاب الفراعنة أول من كتبوا عن الاكتئاب وابن سينا وصفه بدقة الاكتئاب من أهم الأمراض النفسية وأوسعها انتشارا فهو يصيب الملايين سنويا حول العالم وظلت أسباب الاكتئاب لفترات طويلة مرتبطة بالعوامل النفسية ولكن الجديد والمفاجئ أن العديد من الدراسات الحديثة أثبتت أن الميكروبات والفيروسات تسبب الاكتئاب فقد أشارت دراسة طبية ألمانية حديثة إلي أن أسباب الاكتئاب لا تعود إلي عوامل وراثية أو نفسية فحسب. بل قد ترجع إلي الإصابة بأنواع من البكتيريا والفيروسات وقد تقود معرفة تأثير الفيروسات علي المخ إلي تحليل دوافع الانتصار. الطبيب القائم بالدراسة اكتشف الأسباب الفيروسية للاكتئاب من خلال سيدة في ألمانيا تعتبر حالة ميئوسا منها لمعاناتها الدائمة من الإرهاق والاكتئاب لدرجة أقدمت فيها عدة مرات علي الانتحار وفشلت جميع الأدوية المعروفة في علاجها وجاءت المصادفة لتلعب دورها عندما أعطاها طبيبها المعالج "كارل بيتشر" من جامعة "ولم" مضادا حيويا بعد أن أظهر تحليل الدم وجود أجسام مضادة ضد نوع من البكتيريا العقدية وبدايات التهابات عضوية وجاء توقع الطبيب في محله، حيث اكتشف أن المريضة تعاني منذ عامين من بكتيريا أدت إلي إصابتها بحالة الاكتئاب وطرح بذلك نظرية جديدة تربط بين الأمراض النفسية وإصابة الجسم بالبكتيريا أو الفيروسات. ونشرت مجلة شتيرن الألمانية آراء بعض خبراء العلاج النفسي أكدوا فيها الأسباب المهمة للاكتئاب وهي الجينات والاضطرابات الدماغية قبل الولادة وضعف الجهاز المناعي الذي ينجم عنه تسلل الالتهابات العضوية المسببة للاكتئاب وذكر بيرنهارد بوجرتز "أستاذ الطب النفسي في جامعة ماجدبورج" أن الدراسة أثبتت وجود 13 من أنواع البكتيريا والفيروسات المسببة للاكتئاب أهمها البكتيريا العقدية والبللورية والفيروس المسبب للالتهابات الدماغية والبكتيريا المتدثرة التي تنتقل عن طريق الجنس وحتي الآن لم يستطع الأطباء التعرف علي كيفية تحول الإنسان إلي حالة الاكتئاب الناجمة عن البكتيريا أو الفيروسات ولكن الفحوص علي ضحايا الإيدز أظهرت أن خلايا المخ تشكلت بطريقة غير معتادة وثبت وجود أعداد كبيرة من الفيروسات في خلايا المخ. ومن المؤكد أيضا أن مضاعفات الاكتئاب لا تقتصر علي الوضع النفسي فقط للمريض بل تتعدي ذلك إلي أعضاء كثيرة في الجسم. وتمكنت دراسات حديثة من تحديد أكثر الأعضاء تأثرا بهذا المرض خصوصا لدي النساء ، ففي الدراسة التي أجرتها الدكتورة فوبيتا من جامعة فلوريدا أوضحت أن الإصابة بالاكتئاب لمرة واحدة تزيد من مخاطر الإصابة بالجنون المرضي بنسبة 78% أما تكرار الإصابة به لمرتين أو ثلاث فقد يرفع تلك النسبة إلي 200% ويرتبط الاكتئاب بالعديد من الأمراض مثل هشاشة العظام ووجدت دراسة أن ثلث المصابات بالسرطان عانين من الاكتئاب. كما أوضحت أن الاكتئاب قد يؤدي إلي التهابات الصدر مما يؤثر علي القلب ووظائفه. وفي سياق متصل كشفت دراسة طبية حديثة لمعهد الأبحاث في العاصمة التشيكية براغ عن خمسة أسباب جديدة للإصابة بالاكتئاب الذي يؤدي إلي التخلف العقلي في مراحل متقدمة ويقود إلي الانتحار في بعض الحالات الخطرة منه وحسب تلك الدراسة فإن الأسباب التي كانت غير معروفة وتم التأكد من خطورتها هي نقص حامض الفوليك مع فيتامين ب12 في الجسم وتناول النساء لحبوب منع الحمل وإصابة ما بين 50.80% منهن بنوع من الاكتئاب بعد الولادة حتي الطبيعية منها وشرب الكحول ولو بكميات ضئيلة ولفترات قصيرة وتعاطي المنشطات التي تضاعف الجهد وترافقها حالة خطرة من الاكتئاب وقالت الطبيبة إيفانا مارتينيكوفا رئيسة العيادة الداخلية في براغ إن هذه الحالات حتي الآن يتعامل معها الطبيب علي أنها تدخل وبشكل اعتيادي في حياة أغلب المواطنين لكن التعمق في فهم كل حالة يعني الكثير خصوصا في مجال البحث عن تقديم الحلول لمرضي الاكتئاب الذين يمكن علاجهم من المرض في مراحله الأولي. وأشارت إلي أن العلاج ببساطة يتمثل في زيادة استهلاك وتناول الخضروات الطازجة و1مجم من فيتامين ب 12 يوميا لمن يعانون من هذا النقص. أما ما يخص النساء في الحالتين بعد الولادة وتناول حبوب منع الحمل فإن الدراسة تشير إلي أن الحمل والولادة يفرضان علي أغلب النساء حالة من القلق خلال تلك الفترة وتستمر بعد الولادة وبنسبة 50 إلي 80%. كما أظهرت دراسة أمريكية أن معاناة الفرد من أعراض الاكتئاب خلال مرحلة ما يعرف بمنتصف العمر قد تزيد من مخاطر إصابته بالعجز عند تقدمه بالسن وتقول الدراسة التي أشرف علي إعدادها باحثون من جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو إن ظهور أعراض الاكتئاب علي الفرد في مرحلة منتصف العمر قد يكون له ارتباط بزيادة احتمالية إصابته بالعجز في مرحلة الشيخوخة وبدرجة تحرمه من القيام بالمهام الحياتية اليومية واستند الباحثون علي دراسة أجروها استهدفت أكثر من سبعة آلاف شخص راشد تراوحت أعمارهم بين خمسين عاما و16 وقت بدء الدراسة. وتفيد نتائج الدراسة التي نشرتها الدورية الأمريكية لطب الشيخوخة علي موقعها الإلكتروني بوجود ارتباط قوي بين أعراض الاكتئاب في مرحلة منتصف العمر والعجز في مرحلة الشيخوخة وكشفت الدراسة أن 45% من المشاركين الذين أبلغوا عن معاناتهم من أعراض اكتئاب واضحة وقت بدء الدراسة واجهوا صعوبات في الحركة وفي ممارسة الأنشطة الحياتية اليومية في مرحلة لاحقة وتعليقا علي ذلك قال الاختصاصي في مجال طب أمراض الشيخوخة كينيث كوفنسكي وعضو فريق الدراسة نحن نعلم أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب معزولون اجتماعيا وهذا بدوره يقلل من قدرتهم علي العيش باستقلالية علاوة علي أنهم أقل نشاطا من الناحية البدنية وهو ما يؤثر بشكل مباشر علي صحته". كما خلصت دراسة أمريكية إلي أن اكتساب المراهقين لعادات نوم صحية وبالتحديد ما يختص بالخلود إلي النوم في وقت مبكر قد يسهم في وقايتهم من الاكتئاب الناجم عن الحرمان من النوم الجيد لفترة طويلة وبحسب نتائج الدراسة التي أشرفت عليها جامعة كولومبيا تبين أن المراهقين الذين يسمح لهم من قبل الوالدين بالنوم في أوقات متأخرة أكثر عرضة للمعاناة من الاكتئاب وبمقدار يصل إلي 20% نظرة متكاملة للاكتئاب ومن جانبه يعلق الدكتور علي إسماعيل عبدالرحمن أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر علي هذه الدراسات قائلا: إن الاكتئاب يصيب من 15 إلي 25% من البشر وتحدث نوبة اكتئاب علي الأقل مرة في العمر و30% من الأشخاص يحاولون الانتحار لمرة واحدة علي الأقل ونجد أن الاكتئاب في السيدات ضعف الرجال والاكتئاب في مرحلة المراهقة نسبته 5% وفي المرحلة الابتدائية 6 12 سنة 1% وما قبل المدرسة 3،0% من كل ألف طفل 3 أطفال يمكن أن يصابوا بالاكتئاب وفي المسنين تصل نسبة الإصابة بالاكتئاب إلي 15% ويضيف: إذن هو مرض ليس سهلا أو بسيطا ولكنه مرض موجود من قديم الزمان والفراعنة أول من كتبوا عن الاكتئاب ففي القرن الثامن قبل الميلاد تحدثت إلياذة هوميروس عن الاكتئاب وأبو الطب "بوقراط" في عام 054 قبل الميلاد تحدث عن الاكتئاب وأسماه الميلانوخوليا وحديثا اكتشف أن الميلانوخوليا هو أسوأ أنواع الاكتئاب وابن سينا في 850 ميلادية استخدم لفظ ميلانوخوليا للحديث عن الاكتئاب.