امل علام البدايه الجديدة فقط ... التكافوء امر هام جدا فى كافه امور الحياة بل اعتقد انه الميزان الذى خلقه الله مع خلقه للكون ....فقد قال رب العزة {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} .....الميزان هنا لكل شيئ حتى العطاء بل اعتقد انه بالاخص العطاء المعنوى ...الاهتمام والحب واعطاء حق الله فى المشاعر للزوج والاولاد والاقربون ...فما اصعب عدم التكافوء فى العطاء عندما تخرج النفس المعطاءة من ذالك الحلم الساحر الذى تعيش فيه وهى مستمتعه بعطاءها تخرج بجحود من المتلقى لتعطيه ظهرها بلا رجعه بلا قدرة على العطاء مرة اخرى ...يقول الدكتور محمود عثمان استاذى الفاضل : ان الذى يعين النفس المعطاءه على العطاء ولايجعلها تتوقف بل تقطف ثمار عطاءها ثم تعاود الطرح من جديد هو ذلك الود والتقدير ولن نقول عطاء بعطاء فهو بمثابة الماء للزرع والمطر للارض الخصبة فلاتبخل بالكثير...الجحود يجفف عطاء اى نفس معطاءة ليكون خريفها تذبل اوراقها حتى تتساقط...فيصبح الجحود وقود... ولو تأملنا كتاب الله واياته لشاهدنا العدل اساس الملك فى كل شيئ ...فما بالنا فى حق النفس ... يقول الإمام ابن كثير - رحمه الله تعالى -: «{وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} أي: العدل؛ كما قال - سبحانه -: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 52]، وهكذا قال ها هنا: {أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} [الرحمن: 8] أي: خلق السماوات والأرض بالحق والعدل لتكون الأشياء كلها بالعدل، ولهذا قال - سبحانه -: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: 9]، أي: لا تبخسوا الوزن، بل زنوا بالحق والقسط؛ كما قال - سبحانه -: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} [الإسراء: 53][1]. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «وكذلك أنزل الله - سبحانه - الميزان في القلوب؛ لمَّا بينت الرسل العدل وما يوزن به عرفت القلوب ذلك؛ فأنزل الله على القلوب من العلم ما تزن به الأمور حتى تعرف التماثل والاختلاف، وتضع من الآلات الحسية ما تحتاج إليه في ذلك، كما وضعت موازين النقدين وغير ذلك. وهذا من وضعه - تعالى - الميزان؛ قال - تعالى -: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: 7 - 9]، وقال أكثر المفسرين: هو العدل، وقال بعضهم: هو ما يوزن به ويعرف العدل، وهما متلازمان»[2]. ويقول سيد قطب - رحمه الله تعالى - عند هذه الآيات: «وإلى جوار هذه العظمة في رفع هذه السماء الهائلة الوسيعة {وَضَعَ الْمِيزَانَ}: ميزان الحق؛ وضعه ثابتاً راسخاً مستقراً، وضعه لتقدير القيم: قيم الأشخاص والأحداث والأشياء؛ كي لا يختل تقويمها، ولا يضطرب وزنها، ولا تتبع الجهل والغرض والهوى. وضعه في الفطرة، ووضعه في المنهج الإلهي الذي جاءت به الرسالات وتضمنه القرآن؛ {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} [الرحمن: 7 - 8] فتُغالُوا وتُفرِطوا، {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: 9]، ومن ثم يستقر الوزن بالقسط بلا طغيان ولا خسران»[3]. ويقول القاسمي - رحمه الله تعالى - عند هذه الآية: «{وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} أي: الاستقامة في الطريقة، وملازمة حد الفضيلة ونقطة الاعتدال في جميع الأمور وكل القوى»[4]. ويقول الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى -: «{وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} أي: العدل بين العباد في الأقوال والأفعال، وليس المراد به الميزان المعروف وحده، بل هو كما ذكرنا يدخل فيه الميزان المعروف، والمكيال الذي تكال به الأشياء، والمقادير والمساحات التي يضبط بها المجهولات، والحقائق التي يفصل فيها بين المخلوقات، ويقام بها العدل بينهم»[5]. ويقول البقاعي – رحمه الله تعالى - في تفسيره لهذه الآية: «{وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} أي: العدل الذي دبَّر به الخافقين؛ من الموازنة وهي: المعادلة لتنظيم أمورنا»[6]. ويقول ابن عاشور – رحمه الله تعالى - في التحرير والتنوير: «والميزان هنا مراد به العدل؛ مثل الذي في قوله - تعالى -: {وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} [الحديد: 52]؛ لأنه الذي وضعه الله - أي: عيَّنه - لإقامة نظام الخلق، فالوضع هنا مستعار للجعل، فهو كالإنزال في قوله: {وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ}. ومن ذلك: قول أبي طلحة الأنصاري - رضي الله عنه -: (وإن أحبَّ أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله، فضعها يا رسول الله! حيث أراك الله) أي: اجعلها وعيِّنها لما يدُلُّك الله عليه؛ فإطلاق الوضع في الآية بعد ذكر رفع السماء مشاكلة ضدية، وإيهامُ طباق مع قوله: {رَفَعَهَا} ففيه محسِّنان بديعيان. وقرن ذلك مع رفع السماء تنويهاً بشأن العدل بأن نُسِبَ إلى العالم العلوي، وهو عالم الحق والفضائل، وأنه نزل إلى الأرض من السماء؛ أي: هو مما أمر الله به، ولذلك تكرر ذكر العدل مع ذكر خلق السماء؛ كما في قوله - تعالى -: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إلاَّ بِالْحَقِّ} [يونس: 5]، وقوله: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إلاَّ بِالْحَقِّ} [الحجر: 58]، وقوله: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إلاَّ بِالْحَقِّ} [الدخان: 83 - 93]. وهذا يصدِّق القول المأثور: (بالعدل قامت السماوات والأرض). وإذ قد كان الأمر بإقامة العدل من أهمِّ ما أوصى الله به إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - قُرن ذكر جعله بذكر خلق السماء، فكأنه قيل: ووضع فيها الميزان... وقوله - تعالى -: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} عطف على جملة {أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} على احتمال كون المعطوف عليها تفسيرية... والمعنى: اجعلوا العدل ملازماً لما تقوِّمونه من أموركم؛ كما قال - تعالى -: {وَإذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: 251]، وكما قال: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا} [المائدة: 8]، فيكون قوله: {بِالْقِسْطِ} ظرفاً مستقراً في موضع الحال، أو الباء للسببية، أي: راعوا في إقامة التمحيص ما يقتضيه العدل»[7]. والآيات التي فيها ذكر الأمر بالقيام بالعدل ووزن الأمور والأشياء به كثيرة؛ من ذلك: قوله - تعالى -: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 52]، وقوله - سبحانه -: {اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} [الشورى: 71]، وقوله - عز وجل -: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} [الإسراء: 53]. هذا هو ميزان الله - عز وجل - الذي يجب أن توزن به الأمور والأشياء، وأن يكون هو الحاكم، والمصدر الذي ينطلق منه المسلم في وزنه وتقويمه ومواقفه كلها؛ لأنه الميزان العادل الشامل، المبرأ من الجهل والهوى والنقص والظلم. وأما ما يقوله الناس ويفعلونه ويصطلحون عليه مما يخالف ميزان الله - عز وجل - فلا يجوز بحال أن يُلتفت إليه أو يحسب له حسابٌ؛ لأنه يأتي منصبغاً بصبغة البشر المتمثلة في النقص والجهل والظلم والهوى، ومحدودية الزمان والمكان، والنظرات الجزئية، وفي ذلك يقول سيد قطب - رحمه الله -: «فالإنسان لأنه أولاً محدود الكينونة من ناحية الزمان والمكان؛ إذ هو حادث في زمن؛ يبدأ بعد عدم، وينتهي بعد حدوث، ومتحيز في مكان – سواء كان فرداً أو كان جيلاً أو كان جنساً - لا يوجد إلا في مكان، ولا ينطلق وراء المكان - كما أنه لا يوجد إلا في زمان ولا ينطلق وراء الزمان - ولأنه محدود الكينونة من ناحية العلم والتجربة والإدراك؛ يبدأ علمه بعد حدوثه، ويصل من العلم إلى ما يتناسب مع حدوث كينونته في الزمان والمكان، وحدود وظيفته كذلك. ولأنه فوق أنه محدود الكينونة - بهذه الاعتبارات كلها - محكوم بضعفه وميله وشهوته ورغبته، فوق ما هو محكوم بقصوره وجهله.