البابا تواضروس مهنأ بذكرى دخول المسيح مصر: تنفرد به الكنيسة الأرثوذكسية    منظمة الصحة العالمية ل«الوطن»: الأطقم الطبية في غزة تستحق التكريم كل يوم    «عالماشي» يتذيل قائمة إيرادات شباك التذاكر ب12 ألف جنيه في 24 ساعة    وزير الكهرباء ينيب رئيس هيئة الطاقة الذرية لحضور المؤتمر العام للهيئة العربية بتونس    «التموين» تصرف الخبز المدعم بالسعر الجديد.. 20 قرشا للرغيف    بدء تلقي طلبات المشاركة بمشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 1 يونيه 2024    «الإسكان»: تنفيذ 40 ألف وحدة سكنية ب«المنيا الجديدة» خلال 10 سنوات    نائب: الحوار الوطني يجتمع لتقديم مقترحات تدعم موقف الدولة في مواجهة التحديات    هل توافق حماس على خطة بايدن لوقف إطلاق النار في غزة؟    الأردن يؤكد دعمه جهود مصر وقطر للتوصل إلى صفقة تبادل في أقرب وقت ممكن    استشهاد طفل فلسطيني بدير البلح بسبب التجويع والحصار الإسرائيلي على غزة    الجيش الإسرائيلي: مقتل 3 عناصر بارزة في حماس خلال عمليات الأسبوع الماضي    بث مباشر مباراة ريال مدريد وبوروسيا دورتموند بنهائي دوري أبطال أوروبا    «استمتعتوا».. تصريح مثير من ميدو بشأن بكاء رونالدو بعد خسارة نهائي كأس الملك    ميدو: استمتعوا بمشهد بكاء رونالدو    محافظ القليوبية يتفقد أولى أيام امتحانات الشهادة الثانوية الازهرية بمدينه بنها    ابتعدوا عن أشعة الشمس.. «الأرصاد» تحذر من موجة حارة تضرب البلاد    «التعليم» تحدد سن المتقدم للصف الأول الابتدائي    تعذر حضور المتهم بقتل «جانيت» طفلة مدينة نصر من مستشفى العباسية لمحاكمته    خبير: شات "جي بي تي" أصبح المساعد الذكي أكثر من أي تطبيق آخر    الزناتي: احتفالية لشرح مناسك الحج وتسليم التأشيرات لبعثة الصحفيين اليوم    توقعات تنسيق الثانوية العامة 2024 بعد الإعدادية بجميع المحافظات    «الآثار وآفاق التعاون الدولي» ضمن فعاليات المؤتمر العلمي ال12 لجامعة عين شمس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024    طب القاهرة تستضيف 800 طبيب في مؤتمر أساسيات جراحات الأنف والأذن    مشروبات تساعد على علاج ضربات الشمس    إنبي يخشى مفاجآت كأس مصر أمام النجوم    متحدث "الأونروا": إسرائيل تسعى للقضاء علينا وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين    اليوم| «التموين» تبدأ صرف مقررات يونيو.. تعرف على الأسعار    اليوم.. بدء التسجيل في رياض الأطفال بالمدارس الرسمية لغات والمتميزة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 1 يونيو 2024    فتوح يكشف حقيقة دور إمام عاشور وكهربا للانتقال إلى الأهلي    مسيرة إسرائيلية تستهدف دراجة نارية في بلدة مجدل سلم جنوب لبنان    رئيسا هيئة الرعاية الصحية وبعثة المنظمة الدولية للهجرة يبحثان سبل التعاون    هل لمس الكعبة يمحي الذنوب وما حكم الالتصاق بها.. الإفتاء تجيب    بث مباشر من قداس عيد دخول العائلة المقدسة مصر بكنيسة العذراء بالمعادى    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم السبت 1 يونيو 2024    مفاجأة بشأن عيد الأضحى.. مركز الفلك الدولي يعلن صعوبة رؤية الهلال    شهر بأجر كامل.. تعرف على شروط حصول موظف القطاع الخاص على إجازة لأداء الحج    «إنت وزنك 9 كيلو».. حسام عبد المجيد يكشف سر لقطته الشهيرة مع رونالدو    سيول: كوريا الشمالية تشن هجوم تشويش على نظام تحديد المواقع    تقديم إسعاد يونس للجوائز ورومانسية محمد سامي ومي عمر.. أبرز لقطات حفل إنرجي للدراما    لسنا دعاة حرب ولكن    تطورات الحالة الصحية ل تيام مصطفى قمر بعد إصابته بنزلة شعبية حادة    دعاء التوتر قبل الامتحان.. عالم أزهري ينصح الطلاب بترديد قول النبي يونس    «دبحتلها دبيحة».. عبدالله بالخير يكشف حقيقة زواجه من هيفاء وهبي (فيديو)    لمواليد برج الجوزاء والميزان والدلو.. 5 حقائق عن أصحاب الأبراج الهوائية (التفاصيل)    ماهي ما سنن الطواف وآدابه؟.. الإفتاء تُجيب    «القضية» زاد الرواية الفلسطينية ومدادها| فوز خندقجي ب«البوكر العربية» صفعة على وجه السجان الإسرائيلي    مدرس بمدرسة دولية ويحمل جنسيتين.. تفاصيل مرعبة في قضية «سفاح التجمع» (فيديو)    عاجل.. طبيب الزمالك يكشف موعد سفر أحمد حمدي لألمانيا لإجراء جراحة الرباط الصليبي    "أزهر دمياط" يعلن مشاركة 23 طالبا بمسابقة "الأزهرى الصغير"    طبيب الزمالك: اقتربنا من إنهاء تأشيرة أحمد حمدي للسفر إلى ألمانيا    وزارة المالية: إنتاج 96 مليار رغيف خبز مدعم في 2025/2024    أ مين صندوق «الأطباء»: فائض تاريخي في ميزانية النقابة 2023 (تفاصيل)    أعراض ومضاعفات إصابة الرباط الصليبي الأمامي    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسباب وفسيولوجيا الأحلام

كان الحلم ولا يزال من التجارب الإنسانية التي حظيت باهتمام بالغ في حياة البشر إذ يترك الحلم آثاره وانطباعاته في نفس الحالم، فقد تلقى صديقًا أو قريبًا فتراه حزينًا، كئيبًا، فتسبر غور نفسه لتعرف سر كآبته وحزنه فتعجب أشد العجب عندما تعلم أن سبب ذلك رؤيا مرعبة أو منذرة بخطر سيداهمه، وقد تجده فرحًا منشرح الصدر باسم الثغر وما ذلك إلا لأنه رأى رؤيا مفرحة أو مبشرة بحدث سار قادم (أ ه باختصار نقلا عن الدكتور محمد إسماعيل المقدم) كتاب أصول بلا أصول.

أسباب وفسيولوجيا الأحلام
الأحلام والرؤى من آيات الله عز وجل في خلقه، فهى شغلت الإنسان وكدرت صفوه منذ أن بدأ الزمن، وعندما اكتشف العلماء نوم الحركات السريعة للعينين وأدركوا أن خبرة الأحلام مرتبطة به كان ذلك بدء عهد جديد في الأبحاث المنصبة على الأحلام ومازال إلى الآن الأمر محيرًا، هناك تساؤلات عن الأحلام لم تحسم قديمًا أو حديثًا.. ورغم أنه هناك الكثير من محاولات الإجابة عنها فهناك آراء للباحثين في الأحلام:
* فمنهم من يقول ويزعم أن الأحلام كلها رسائل وإدراكات غيبية تصل للإنسان أثناء نومه إما من الملائكة أو الشياطين.
* وقال بعض القدماء أن كل الأحلام هى من وحى الخيالات والأماني والأساطير والقصص والخرافات.
* وقال علماء النفس المحدثون (وخاصة التحليليون) أن الأحلام ما هى إلا حديث نفس وينكرون تمامًا الجانب الغيبي في الأحلام.
وأما علماء الفسيولوجيا فقد وضعوا الأحلام قيد التجارب المعملية والقياسات الكهربية ورأوا بعض الحقيقة واختزلوا الأمر كله على ما رأوه بأعينهم وأنكروا كل ما لم يستطيعوا أن يروه بالوسائل المتاحة.. وهذا الفريق يرى أن الأحلام ما هى إلا استجابات فسيولوجية لمؤثرات خارجية أو داخلية.
والغريب أن كل صاحب رأى يتنكر للرأى الآخر ويؤكد أن رؤيته هو الصحيحة ولكننا إذا وسعنا دائرتنا في النظر نرى أن كل رأى يفسر جانب فقط من جوانب الموضوع ولكن إذا أجبنا على بعض التساؤلات يمكن أن نظفر بإجابات تتناسب مع مرحلة تطورنا العلمي.
مصدر مشاهد الأحلام أو من أين تأتي مشاهد الأحلام؟
1. تغيرات فسيولوجية في الجسم والبيئة المحيطة:
كأن يكون الشخص جائعًا فيحلم بأنه يأكل، أو يسلط على عينيه ضوء أخضر فيحلم أنه في حديقة أو ضوء أحمر فيحلم أنه يشاهد حريقًا.
وحين نتناول عشاءًا ثقيلاً نحلم بكابوس مخيف في الغالب أو حين تمتلأ المثانة بالبول نحلم أننا نتبول.. أو منبهات من البيئة المحيطة مثل (الصوت – الضوء – اللمس ودرجة الحرارة ......).
1. مشاهد قادمة من خلايا المخ مباشرة:
وهنا يمكن أن نميز عدة أنواع:
* إثارة أو تنبيه خلية مخية مفردة أو تنبيه خلية واحدة: ويكون تأثيرها في الحلم في صورة صوت مفرد أو ومضة أو عتمة أو حس مفرد.. وهى تشكل الهلاوس (رؤية أو سماع أو شم أو لمس أو تذوق أشياء غير موجودة) المعروفة في أول النوم وأثناؤه.
* إثارة أو تنبيه مجموعة من الخلايا ذات وظيفة واحدة: وهنا يظهر الحلم.. فمثلاً لوظيفة هذه المجموعة من الخلايا فيكون صوتًا في حالة كونها خلايا سمعية، صورًا في حال كونها خلايا بصرية... وهكذا.
1. مشاهد من الذاكرة:
يرى بعض العلماء أن المشاهد التي يراها الشخص أثناء أحلامه إنما هى مشاهد رآها قبل ذلك في يقظته وهى مخزونة في الذاكرة منذ الطفولة المبكرة، وهناك مشاهد يحلم بها الإنسان لم يتعرض لها من قبل ولم يشاهدها في يقظته أبدًا.. وقد تكون هذه المشاهد رسائل غيبية تصل للإنسان أثناء نومه وتشكل بعض صور الرؤى والأحلام، وهذه تحدث في النادر جدًا ولا يوجد ما يثبت أنها كذلك من عدمه، أو أن الإنسان يأخذ من خبراته السابقة (أشخاص، حيوانات، شوارع، مدن، سيارات، أحداث، بيوت، كباري، أنهار، طائرات،.......) ويبني من مفرداتها قصة جديدة مرعبة أو سعيدة.
ومشاهد الذاكرة تنقسم إلى نوعين:
1. الذاكرة المتوسطة (الوارد الإدراكي حديث العهد بالقدوم): مثل أفكار ومعلومات وانفعالات وخبرات وردت في فترة اليقظة السابقة للنوم، ومعظم الأحلام غالبًا تتعلق بهذا النوع من الوارد.
2. الذاكرة البعيدة (الوارد الإدراكي المخزون قديم العهد): وهنا لا يستطيع الإنسان استرجاع أحلام من ذكرياته البعيدة إلا ما ترك أثرًا انفعاليًا واضحًا.
وهذا يفسر لنا بعض الأحلام التي تكون فيها حلول لمشاكل أتعبتنا في وقت اليقظة، فمعطيات هذه المشكلة مخزونة في الذاكرة فتظهر بعض امكانيات الحل المختلفة أثناء النهار مثل الحكمة التي تقول "أفضل حل المشكلة أن ننام عليها".. وأيضًا يمكن أن يفسر لنا بعض الأحلام التنبؤية والتي تكون ناتجة عن حسابات يقوم بها المخ بناءًا على معطيات لديه، تلك الحسابات التي يصل إليها المخ في جو من الصفاء والهدوء قد تكون صحيحة كليًا أو جزئيًا، وهذا لا ينطبق على رؤيا الأنبياء والصالحين وإنما لهذه الرؤيا آليتها الخاصة بها.
1. مشاهد قادمة من مكان ما خارج حدود الإنسان:
هناك نسبة من الأحلام (يطلق عليها الرؤى في الغالب) تكون لها مواصفات خاصة مثل التنبؤ بما سيكون أو كشف شئ مجهول... إلخ، هذه المشاهد تختلف عن الأحلام العادية في أنها تكون واضحة ومرتبة وغير مشوشة ويتذكرها الشخص بدقة، ويبدو أن هذه الرؤى تصل إلى الإنسان عن طريق غير الحواس المعروفة.
متى نحلم غالبًا وكيف؟
يظن معظم الناس عندما يرون حلمًا طويلاً أنهم استغرقوا طيلة الليل في هذا الحلم، ولكن غالبًا يحلم الناس الذين تزيد أعمارهم عن عشر سنوات من 4 إلى 6 مرات في الليلة الواحدة، خلال مرحلة نوم الحركات السريعة للعينين وهى سمة مميزة لهذه المرحلة من النوم حيث تصبح أدمغتنا في تلك المرحلة نشطة كما هى أثناء اليقظة وإن لم يكن جميعها.. وتتراوح هذه الفترة من 5 إلى 15 دقيقة وذلك في الفترة الأولى منها وتأخذ أيضًا وقتًا يتراوح من 30 إلى 34 دقيقة في وقت لاحق من الليل وهكذا يبدو أن الأحلام تأخذ نصف ساعة أو أكثر على الأرجح.
وتتوفر أيضًا أدلة على حدوث الحلم في فترة خارجة عن مرحلة حركة العين السريعة (REM) وفي غضون ساعة أو ساعتين تسبق الاستيقاظ حينما يكون الدماغ نشطًا أكثر بالمقارنة مع خلال الليل ولهذا السبب ذكرنا أننا نحلم من 4 إلى 6 مرات في الليلة الواحدة على الأقل.
والجدير بالذكر أيضًا أننا نمر أحيانًا بلحظات تشبه الحلم خلال اليقظة ويحدث ذلك حينما نكون في حالة استرخاء ذهني ولا ننتبه خلالها لأى شئ يجري من حولنا كما بينته دراستان مختلفتان أجريت على أناس كانوا مستيقظين في غرف شبه مظلمة حين كان يجري تنبيههم على فترات عشوائية ليخبروا عما يأتي في ذهنهم، وكان الباحثون قد علموا بيقظتهم من خلال رصد نشاط موجات الدماغ EEG وهذا يدل على أننا من الممكن أن نحلم في أى وقت مادامت الشروط التالية قد استوفيت وهى:
* الوصول إلى مستوى مناسب من تنشيط الدماغ.
* حجب أى مؤثرات خارجية.
* إغلاق نظام الوعى الذاتي الذي يساعد في تركيز أذهاننا خلال يقظتنا.
ويمكن القول باختصار أننا ممكن أن نحلم خلال مرحلة (REM) وخارجها وحتى خلال اليقظة، وكذلك يمكن أن تخلو مرحلة REM من الأحلام.
وأما عن كيفية عمل المخ أثناء مرحلة REM أو فترة الحلم التي غالبًا ما تتميز بحركة العين السريعة، وانخفاض في نشاط المخ وكذلك شلل مؤقت في العضلات فيرى الباحثون أننا نحلم لكى ننشط الممرات (Synapsis) أو (Pathway) بين خلايا المخ المختلفة أثناء فترة النوم التي يكون فيها المخ غير نشط، وعندما نستيقظ يقوم المخ باستقبال وإرسال رسائل معينة التي تكون قد عبرت بلايين الخلايا في المخ، ولذلك قالوا إن حالة الحلم تنشأ عن نشاط المخ نفسه.. فهو عملية تتيح للجهاز العصبي أن يواصل أداء وظائفه بكفاءة.
وأما فرويد فيتوافق مع هذه النظرية فيقول: إن تفكيرنا العلمي في الأحلام يبدأ من افتراض أنها نتاج لنشاطنا العقلي ومع ذلك نجد أن الصورة النهائية للحلم تبدو لنا شيئًا غريبًا عنا، لأن الأحلام لا تحتوي فقط على معنى ظاهر واضح يمكن تلخيصه عندما نسردها، ولكنها تحتوي كذلك على معنى خفي أو كامن ليس من السهل التعرف عليه مباشرة أو فهمه..
ومثال ذلك تجربة قام بها العالمان فوجل وفولكس لتوضيح أهمية أفكار فرويد حيث قاما بتحليل حلم لشخص كان مفحوصًا في مختبر النوم حيث رأى هذا الشخص أنه يركب دراجة هوائية فسألوا الرجل عما كان في ذهنه من أفكار متصلة بالدراجات الهوائية فقال: "ركوب الدراجة الهوائية يرتبط في ذهني بأمرين.. الأول أنه هواية ابني وهو سوف يغادرنا في الخريف ليدخل الجامعة وأنا أود أن أشاركه وأرتبط معه بعض الوقت، وأما الثاني فهو أن والدي مات من فترة بسبب مرض القلب وكان يستحدم الدراجة الهوائية وأنا أرى أني بحاجة إلى مزاولة التمرينات بجد أكثر حتى أتجنب المصير الذي انتهى إليه".
ولذلك انتهى العلماء إلى أن تحليل الأحلام يزودنا باستبصارات أعمق بوظائف العقل وأن الأحلام تلعب دورًا هامًا في العلاج النفسي التي تلتمس في الأحلام وسيلة للوصول للتيارات العميقة في العقل أو الذهن.
وكان المفحوصون إذا أتيحت لهم فترة طويلة جدًا من نوم الحركات السريعة للعينين (من ثلاثين إلى خمسين دقيقة) يشعرون أنهم ظلوا يحلمون فترة غير عادية من الطول والامتداد، ولكن الروايات التي كانوا يقدمونها عن أحلامهم لم تكن أطول من تلك الروايات التي كانوا ليقدموها لو أنه تم إيقاظهم بعد 15 دقيقة فقط.
ولذلك من الواضح أن الأحلام تبدأ في الزوال من الذاكرة حتى أثناء امتداد فترة طويلة من نوم الحركات السريعة للعينين.
وهناك ظواهر مصاحبة للأحلام مثل الاهتزازات المفاجئة للأصابع، والتغيرات المفاجئة في ضغط الدم، ولا تزال حتى اليوم هذه الظواهر من الأمور الغامضة.

مسئولية الإنسان عن محتوى أحلامه
حين ينام الإنسان يفقد قدرته وإرادته عن التوجه أو الاختيار ويصبح في هذه الحالة مستقبلاً سلبيًا لا حيلة له ولا اختيار.
ولكن الاختيار يتوقف على توجهاته في حالة اليقظة، فمن كانت توجهاته إيمانية فإنه يغلب عليه استقبال الرسائل الإيمانية أثناء نومه، ويغلب على رؤياه الحج والعمرة، القرآن والأذكار، الصدقة، والصدق والأمانة، والذهاب للمساجد، وزيارة الفقراء والمساكين والمرضى وذوي الحاجة.. ومن كانت توجهاته شيطانية في اليقظة فإنه يغلب عليه استقبال الرسائل الشيطانية أثناء نومه مثل العلاقات النسائية المحرمة، أو شرب الخمر، أو لعب الميسر، أو صحبة السوء، أو قتل الناس، أو تعذيب الأطفال، والذهاب إلى الملاهي والمسارح والسينمات.. ومن كان تائهًا حيرانًا في يقظته فإن مستقبلاته أثناء نومه تكون أيضًا هكذا حيث يستقبل رسائل ومؤثرات مبهمة ومتناقضة..
إذن فالمستقبلات الغيبية أشبه بموجات الراديو، الشخص يضبط مؤشرات هذه الموجات (شعوريًا أو لا شعوريًا) قبل نومه على الموجة التي تناسبه ثم يدخل في النوم فيكون قد فقد إرادته واختياره ويكون مستقبلاً لمؤثرات تخضع لشخصيته وظروفه ومن هنا تتضح مسئولية الإنسان عن محتوى أحلامه.
ما هو الطول الحقيقي للفترة الزمنية التي يستغرقها الحلم؟
وفي دراسة أخرى بعد الكشف عن نوم الحركات السريعة للعينين بسنوات قلائل أراد العلماء أن يدرسوا الطول الحقيقي للفترة الزمنية التي يستغرقها الحلم.. فكانوا يوقظون المفحوصين مباشرة بعد ابتداء نوم الحركات السريعة للعينين وفي أحيان أخرى كانوا لا يوقظونهم إلا بعد انقضاء فترة أطول من نوم الحركات السريعة للعينين، وقد أظهرت النتائج أن الأحلام التي كانوا المفحوصين يسردونها كان طولها يتناسب مع طول فترة نوم الحركات السريعة للعينين وكان الناس الذين تم إيقاظهم مبكرًا يسردون أحلامًا قصيرة بينما الذين سمح لهم بفترة أطول سردوا أحلامًا أطول.

تعريف الرؤيا:
قال ابن منظور رحمه الله في لسان العرب:
الرؤيا والحلم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، ولكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشئ الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشر والشئ القبيح، ومنه قوله عز وجل "أضغاث أحلام" ويستخدم كل منهما موضع الآخر.
تعريف الرؤيا شرعًا:
عبارة عن خيالات يخلقها الله عز وجل في ذهن النائم فيراها ويعيش معها ويتأثر بها، وهى لغز عجيب وعالم غريب، يدل على عظيم صنع الله وبديع خلقه وقدرته سبحانه.
أ ه من كتاب المقدمات المهمات في تفسير الرؤيا والمنامات.

الفرق بين الرؤيا والحلم
يفرق العلماء بين الرؤيا والحلم وذلك لقول النبى صلى الله عليه وسلم "الرؤيا من الله والحلم من الشيطان" والمقصود بالتفريق نسبة الخير لله والشر للشيطان كما في الرواية الأخرى "إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنها من الله وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هى من الشيطان".
قال عيس بن دينار: الرؤيا ما يُتَأول على الخير مما يسر به والحلم هو الأمر الفظيع المجهول يريه الشيطان للمؤمن ليحزنه ويكدر عيشه.
والخلاصة أن كلا المشاهدتين الرؤيا والحلم من أسماء الخواطر القلبية مما يعرض في ذهن النائم من الصور والتخيلات فمعنى الحلم معنى الرؤيا إلا أنه غلب استعمال الرؤيا في الأشياء المحبوبة والحلم في الأشياء المكروهة.
ولذلك قال بن الأثير في النهاية الرؤيا والحلم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء لكن غلبة الرؤيا على ما يراه من الخير والشئ الحسن وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح ويستعمل كل واحد منهما موضع الآخر.
وأحسن منه أن يقال الحلم عند العرب يستعمل استعمال الرؤيا والتفريق بينهما من الاصطلاحات الشرعية التي لم يعطها بليغ ولم يهتدِ إليها حكيم بل سنها صاحب الشرع لفصل بين الحق والباطل كأنه كره أن يسمى ما كان من الله وما كان من الشيطان باسم واحد.
وتقول الدكتورة عائشة بنت عبد الرحمن في كتابها الإعجاز البياني في القرآن (استعمل القرآن الأحلام ثلاث مرات يشهد سياقها بأنها الأضغاث المهوشة والهواجس المختلطة وتأتي في المواضع الثلاثة بصيغة الجمع دلالة على الخلط والتهوش. لا يتميز فيه حلم من آخر، وأما الرؤيا فجاءت في القرآن سبع مرات كلها في الرؤيا الصادقة وسبحانه لا يستعملها إلا بصيغة المفرد دلالة على التميز والوضوح والصفاء).
قال الحافظ بن حجر رحمه الله وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم "الرؤيا من الله والحلم من الشيطان" أن التي تضاف إلى الله لا يقال لها حلم والتي تضاف للشيطان لا يقال لها رؤيا وهو تصرف شرعي وإلا فالكل يسمى رؤيا.
نخلص من هذا الكلام أن الرؤيا والحلم كلاهما بمعنى واحد، وأن كلاهما يستعمل موضع الآخر، وأن الرؤيا تطلق على عموم ما يراه النائم ولكن غلب استعمال الرؤيا في عموم البشرى من الله والحلم فيما كان من الشيطان ويدل على ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم سمى الرؤيا الصالحة وأهاويل الشيطان وحديث النفس كلها رؤيا.
قال صلى الله عليه وسلم "الرؤيا ثلاث، فالرؤيا الصالحة بشرى من الله ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه".
وفي حديث عوف بن مالك رضى الله عنه – مرفوعًا "إن الرؤيا ثلاث: منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة" صححه الألباني.

تفريط المدرسة المادية في شأن الرؤى
وهذه المدرسة قد أخطأت في شأن الرؤى حتى أنهم أنكروا الرؤيا الصادقة وليست الرؤى في زعمهم إلا إنعكاسًا لما في النفس في حال اليقظة أو لما يختبئ في سراديب العقل الباطن أو اللاشعور.
فعند فرويد تعتبر الأحلام نافذة يطل منها على "العقل الباطن" فيعرف الكثير من هذه المنطقة المستترة والهامة والمؤثرة في حياة الشخص حتى قال بعضهم "أخبرني بأحلامك أشخص مشكلتك" وقال بعض المحللين النفسيين إنه يمكن إجراء عملية التحليل النفسي اعتمادًا على أحلام الشخص.
إن هذه المدرسة المادية قصرت الرؤيا على أنها حديث نفس، وأنكرت أنها قد تأتي من الغيب من الله أو من الشيطان.
ونحن لا ننكر أن قسمًا كبيرًا من الرؤى ليس إلا انعكاسات لأحاديث النفس وما يمر به الإنسان في حال اليقظة ولكن ليست كل الرؤى كذلك، وسنوضح فيما بعد أن الرؤى ثلاثة أقسام، كما أن قطع النفس من عالم الروح والغيب ومن الصلة بخالقها عز وجل يضيق الرؤية أمامنا في موضوع الرؤية ويحرمنا فرصة الفهم العميق والإدراك الصحيح الدقيق.
إذن ليس كل الرؤى انعكاسات لأحاديث النفس وخواطرها وهواجسها بل الأمر أعمق من ذلك.
والإنسان ليس بمطيق بعقله وفكره أن يصل إلى أعماق نفسه، ففي النفس الإنسانية مجاهيل يعجز الإنسان عن الإحاطة بها على الرغم من أنها أقرب الأمور إليه.
والرؤى لها علاقة بالنفس الإنسانية ولها جانب غيبي لا يخضع للعلم المادي المبني على النظر والتأمل والبحث المادي.

غلو المفرطين في شأن الرؤى
وعلى الطرف الآخر فريق الغلو والإفراط، وهؤلاء غلوا في شأن الرؤى وتمدد سلطانها وتضخم تأثيرها على مسار حياتهم كأنها وحى معصوم، فترى الواحد منهم ينتظر في كل موقف رؤيا تشير عليه الطريق بل منهم من رأى أن الرؤية حجة شرعية يستمد منها الأحكام التكليفية تمامًا، كما يستمدها علماء الشرع من القرآن والسنة ومنهم من يصلي صلاة الاستخارة ثم ينام بعدها مترقبًا حصول رؤيا منامية توضح له الطريق وتدله على ما ينبغي عمله أو وجوب الشعور بالراحة والاستبشار لهذا الأمر، وهذا مما لا أصل له في الدين..
وفي بعض الجمعيات الإسلامية انشق فريق من أعضائها على قياداتهم وناصبوها العداء بناء على رؤى رآها بعضهم كأنما اعتبروه وحيًا.
وحكى أحد الصحافيين أن أحد حكام المسلمين بعد أن قرر إجراء الانتخابات في بلده في موعد معين عاد فألغاها نتيجة رؤية رآها حذرته من عواقبها.
أيضًا لقد كان من أسباب افتتان بعض الناس ومتابعتها لأولئك الذين احتلوا الحرم المكي واعتصموا به، تلك الرؤى التي رآها بعض الكبار والصغار والنساء والرجال وهى في جملتها تشير إلى أن المدعو محمد عبد الله القحطاني هو المهدي الذي بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم وقد تبين للناس اليوم أن تلك الرؤى لم تكن صادقة لأن ذلك الرجل ليس هو المهدي وإلا لو كان هو لم يقتل ولبقى حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورًا وظلمًا، فذلك من علاماته الثابتة في الأحاديث ولو كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعرفنا بالرؤيا الباطلة إذا اشتبهت الأمور أما ونحن لسنا بمعصومين فإن الرؤى تبقى في مجال الظن ولا ترقى إلى اليقين والجزم مالم تتمثل في واقع مشهود وعند ذلك يوافق الواقع الخبر.
ولقد أول أبو بكر الصديق رضى الله عنه بين يدى الرسول صلى الله عليه وسلم رؤيا ثم قال أى رسول الله لتحدثني أصبت أم أخطأت؟ قال النبى صلى الله عليه وسلم "أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا" فقال أبو بكر رضى الله عنه أقسمت بأبي أنت وأمي يا رسول الله لتخبرني ما الذي أخطأت؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم "لا تقسم" رواه البخاري.
فها هو أبو بكر رضى الله عنه أفضل الأمة بعد النبى صلى الله عليه وسلم يخطئ في تأويل الرؤيا ويخبره النبى صلى الله عليه وسلم بذلك. فمن يضمن لنا ألا نقع في الخطأ ومن يضمن لنا أن نصيب كبد الحقيقة.
ومن الناس من يدعي أنه رأى في المنام أن هذا قبر النبى أو فيها أثر نبى ويكون كاذبًا في دعواه هذه أو يكون صادقًا ولكن الشيطان هو الذي أتى إليه في المنام وأخبره بهذا وبالرغم من ذلك تجد كثيرًا من الناس يصدقونه ويعظم هذا القبر أيما تعظيم وهذا من الأمور المنكرة.. قال شيخ الإسلام رحمه الله بخصوص هذا الأمر: "فأما المنامات فكثير منها بل أكثرها كذب وقد عرفنا في زماننا بمصر والشام والعراق من يدعي أنه رأى منامات تتعلق ببعض البقاع أنه قبر نبى أو أن فيه أثر نبي ونحو ذلك ويكون كاذبًا.. وبتقدير صدقه فقد يكون الذي أخبره بذلك الشيطان والرؤيا المحضة التي لا دليل على صحتها مما يوافق الكتاب والسنة لا يجوز أن نثبت بها شيئًا بالاتفاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.