كلما نضج الحب بين اثنين... أصبح أكثر قوة وتماسكا وقدرة على التخطي.. وغالبا ما قد يصبح أكثر هدوءا وصمتا وكأنه امتد نحو الأعماق... حيث مامن فعل قادر على وصف مايختلج هناك حين يفقد أحدهما الآخر بموت أو فراق وهو في مراحل الشغف الأولى .. تراه غاضبا أكثر من كونه حزينا ... يدوي بغضبه ويرشقه في كل مكان تبدو عليه علامات الفقد ... كمدمن سحب منه مااعتاد على إسعاده.. هو حال معظم العشاق حين يضطر أحدهما لتقبل رحيل الآخر المفروض عليه. غضب بكل مظاهره ... يمتد لحين أن يتقبل ماحدث... فيهدأ. ولكن ... لننظر ماذا هناك على ضفاف الرحيل بعد الأعوام التي لا تعد. بعد ذاكرة مديدة وحياة لامكان فيها لذكريات تخلو من الآخر ! حين يفقد أحدهما الآخر مرغما في مراحل الحب المتجذر عمقا... الناضج حتى الامتلاء ... تراه حزينا ... متقبلا بصمت الأنبياء وصبرهم لم يعد غضوبا للفقد ... بقدر ماهو حزين لقبول السنن ... واثق بالآخر أين مضى... وكيفما مضى! في الحب والفقد... كلما كان الحب حديثا .. غضا .. نضرا .. كانت مظاهره تطفو على السطح .. تعبر بكل ماتمتلك من مهارات الوصف. ليبدو ( الشغف ) وكأنه رياح لا تهدأ ولا تتوقف! عندها ... يحرض الفقد عاصفة هوجاء من (الغضب) .. تعصف بكل ماتجده في طريقها إلى أن تتلاشى. وكلما كان الحب ناضجا... واعيا ...قويا وعميقا... أزلي الذاكرة ... متأصل الجذور ... كان أكثر هدوءا ...أكثر صمتا ... ولكنه أعظم في ترك الآثار إن تحرك ليصف ... هو يتحرك في العمق ومن العمق بقوة لاتجابه ... وما قد يصل إلى السطح هو ارتداد لا أكثر رغم أنه يبدو عظيما! ليصبح ( الحب الناضج ) وكأنه بركان الروح الخامد في جسدين! عندها ... يحرض الفقد نارا صامتة حارقة من (الحزن) ... وتطلق الحمم... تلك التي ندر ماأدركنا أنها جزء من داخل عظيم لاتطفئه بحار الدنيا برمتها ! في الفقد أول الحب ... ( نغضب) لأننا حرمنا مما اعتدنا (أخذه) من الآخر! أما في الفقد حين يتجذر الحب ... (نحزن) لأنه لم يعد باستطاعتنا (البذل) إليه بعد الآن . (الحب) وقود النار الأولى ... (الرحمة) الهواء الضروري لإبقائها حية... تأتي المفارقة حين تصبح الأرواح بحاجة إلى الرحمة لكي تكمل الحياة ... فنبحث مخطئين عن شرارات الحب الأولى أيها قد نقص !!