قال الإمام مالك رحمه الله : من ابتدع في الدين بدعة فرآها حسنة فقد اتَّهَم أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، فإن الله يقول : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا . من شروط قبول العمل أن يكون على السُّنّة ، والبِدع ليست على السّنة بل هي مُخَالِفة للسنة . ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : من أحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه ، فهو رَدّ . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رَدّ . الإحداث هو الإبتداع كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة) رواه أبو داود والترمذي ، والبدعة هي كل قول أو فعل محدث نسب إلى الدين وليس له أصل في الكتاب أو السنة أو الإجماع ، قال ابن رجب "والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه" وقال ابن تيمية "البدعة ما خالفت الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة من الاعتقادات والعبادات" وقال ابن رجب أيضا "فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة والدين منه بريء" ، والحاصل أن إطلاق البدعة على عمل معين يشترط فيه قيود ثلاثة: 1- أن يكون العمل محدثا. 2- أن ينسب ويضاف إلى الدين. 3- أن لا يكون له أصل في الشرع. اعتقاد أن هناك بدعة حسنة وسيئة: في سؤال وجة الى اللجنة الدائمة للإفتاء هذا نصه: اختلف علماونا في البدعة فقال بعضهم البدعة منها ماهو حسن ومنها ما هو قبيح ، فهل هذا الكلام صحيح؟ فكان هذا الجواب من اللجنة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وىله وصحبه ..وبعد: الجواب: البدعة هي كل ما أحدث على غير مثال سابق ، ثم منها ما يتعلق بالمعاملات ، وشؤون الدنيا: كاختراع آلات النقل من طائرات، وسيارات، وقاطرات، وأجهزة الكهرباء وأدوات الطهي، والمكيفات التي تستعمل للتدفئة والتبريد، وآلات الحرب من قنابل وغواصات ودبابات وغيرها مما يرجع الى مصالح العبادفي دنياهم، فهذه في نفسها لا حرج فيها ولا أثم في إختراعها، أما بالنسبة للمقصد من اختراعها وما تستعمل فيه فإن قصد بها خير واستعين بها فيه فهي خير، وإن قصد بها شر من تخريب وتدمير وافساد في الأرض واستعين بها في ذلك فهي شر وبلاء، وقد تكون البدعة في الدين: عقيدة أو عبادة قولية أو فعلية: كبدعة نفي القدر، وبناء المساجد على القبور، وقراءة القرآن عندها للأموات، والاحتفال بالموالد إحياء لذكرى الصالحين والوجهاء، والاستغاثة بغير الله، والطواف حول المزارات، فهذه وأمثالها كلها ضلالة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :"إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة". لكن منها ما هو شرك أكبر يخرج من الإسلام: كالاستغاثة بغير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية، والذبح، والنذر لغير الله إلى أمثال ذلك مما هو عبادة مختصة بالله، ومنها ما هو ذريعة الى الشرك: كالتوسل الى الله بجاه الصالحين، والحلف بغير الله، وقول الشخص ما شاء الله وشئت، ولا تنقسم البدع في العبادات الى الأحكام الخمسة كما زعم بعض الناس لعموم حديث:"كل بدعة ضلالة".