هل هناك علاقة بين النوم و الموت ؟ سؤال يجرى فى أذهان الكثير من الناس ، و لكى نتعرف على إجابة هذا السؤال دعنا نبحث سوياً فى هذا الفصل لنخرج بجواب تُشفى به الصدور وتستريح به العقول . قال الله تعالى : "الله يتوفى الأنفس حين موتها و التى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت و يُرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن فى ذلك لآيت بقوم يتفكرون" قال القاسمى : " الله يتوفى الأنفس حين موتها " أى مفارقتها الأبدان بإبطال تصرفها فيها بالكلية ، " و التى لم تمت فى منامها " أى ويتوفى التى لم يحن موتها فى منامها بإبطال تصرفها بالحواس الظاهرة ، " التى قضى عليها الموت " أى فلا يردها إلى بدنها إلى يوم القيامة ، " و يُرسل الأخرى إلى أجل مسمى " أى هو نوم آخر أو موت . " إن فى ذلك " أى فيما ذكر من التوفي على الوجهين . " لآيت لقوم يتفكرون " أى فى كيفية تعلقها بالأبدان و توفيها عنها ( أ.ه من محاسن التأويل القاسمى ) . قال الإمام الماوردى : هذه الآية فيها ثلاثة أقاويل : أحدها : أن الله عند توفى الأنفس يقبض أرواحها من أجسادها و التى لم تمت و هى فى منامها يقبضها عن التصرف مع بقاء أرواحها فى أجسادها ، " فيمسك التى قضى عليها الموت " أى تعود الأرواح إلى أجسادها ، " و يُرسل الأخرى " و هى النائمة فيطلقها باليقظة للتصرف إلى أجل موتها ، قاله بن عيسى . الثانى : ما حكاه بن جرير عن بن عباس أن لكل جسد نفساً و روحاً . فيتوفى الله الأنفس فى منامها بقبض أنفسها دون أرواحها حتى تتقلب بها و تتنفس ، فيمسك التى قضى عليها الموت أن تعود إلى جسدها و يقبض الموت روحها ، و يُرسل الأخرى و هى نفس النائم فتعود إلى جسدها حتى تجتمع مع روحها إلى أجل موتها . الثالث : قاله سعيد بن جبر إن الله تعالى يقبض أرواح الموتى إذا ماتوا ، و الأحياء إذا ناموا ، فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف ، فيمسك التى قضى عليها الموت فلا يُعيدها و يُرسل الأخرى فيُعيدها . قال على رضى الله عنه : فما رأته نفس النائم فى السماء قبل إرسالها إلى جسدها فهى الرؤيا الصادقة ، و ما رأته بعد إرسالها و قبل استقرارها فى جسدها تلقيها الشياطين و تخيل إليها الأباطيل فهى الرؤيا الكاذبة ( أ.ه من كتاب النكت و العيون ) . و من ذلك يتضح لنا أن النوم هو الموتة الصغرى ، و أنه دليل على الموتة الكبرى ( الوفاة ) ، كما أن الإستيقاظ من النوم دليل على البعث بعد الموت ، فسبحان الذى يُحيى و يُميت و هو بكل شىء عليم .