كتب ريهام طاهر وقفت وسط زحام العابسين والمهمومين فى رواق مفضى إلى إحدى قاعات الجلسات بمحكمة الأسرة بزنانيرى، ترتدى جلبابا داكن اللون لا يخلو من الرقع يكشف عن انحنائة خفيفة في أعلى ظهرها، تزين رأسها بحجاب حريرى تطل منه بعض شعيرات تظهرما اصابها من شيب، توهم به الناظرين اليها بكبر عمرها الذى لايزال فى عامه الثامن من عقده الثالث، وتنتعل حذاء ممزقا، يفضح قدمين ارهقهما التنقل بين بيوت العباد. واحتلتهما التشققات من مسح الارضيات ودرجات سلم البنايات الفاخرة، لتظفر فى نهاية سعيها اللاهث ببضعة جنيهات تسد بها جوع اطفالها الخمسة، تدارى خلف نقابها آثار حادثة افقدتها جمال ملامحها وعينين ممتلئتين ببقايا دموع حارة على رجل عاش على عرقها وانقاض جسدها المنهك اكثرمن خمسة عشرة عاما واعتاد استبدالها باخرى حين تفرغ حافظة نقودها حتى تخطى عدد نسائه العشرة حسب رواية "نورا" الزوجة الثلاثينية التى طرقت ابواب المحكمة لرفع دعوى خلع ضد زوجها بعدما فشلت فى اثبات طلقاتها الثلاثة بشكل رسمى. "زوجى هارون الرشيد تزوج على 10 مرات وهجرنى 4 سنوات كاملة" بهذة الكلمات الممزوجة بالقهر استهلت الزوجة الثلاثينية رواية تفاصيل حكايتها ل"صدى البلد"وبصوت تلمح فى نبراته الشعور بالاهانة والذل ووجه حفرت الدموع ممرا لها على وجنتيه تتابع:" لم يكن يتزوج حبا فى النساء او طمعا فى اجسادهن المفعمة بالانوثة. ولكن لكى يستغلهن ويستثمرفيهن، فهن بالنسبة له مشروع حياته ومصدر دخله الوحيد، خلقن ليتعبن ويسعين بحثا عن الرزق ثم يأتين فى اخر سعيهن اللاهث ليلقين فى جعبته ماجنين، وطبعا لايسألهن عن مصدر تلك الاموال او كيف حصلن عليها، المهم ان جيبه قد امتلأ على اخره، والمرأة التى تفرغ حافظة نقودها لامكان لها فى حياته، يلقى بها فى الشارع ويتركها للفقر والجوع ينهش فى لحمها، وعلى الفور يستبدلها باخرى لتستكمل مهمة الانفاق عليه، وحينما تتحسن اوضاعها يعيدها الى عصمته غصبا عنها بعدما يبتزها ويهددها بحرمانها من فلذات اكبادها مثلما فعل معى". تحبس الزوجة انفاسها بين ضلوع صدرها المثقل بالهموم وهى تكمل رواية تفاصيل حكايتها:" ياليته اكتفى بالزواج على من تاجرات المخدرات والمدمنات والساقطات، وارغامى على العمل كخادمة فى بيوت العباد حتى انحنى ظهرى، وضربى بالات حادة فى اماكن متفرقة بجسدى، علاوة على نهب تعبى وهجرى فى الفراش سنوات وسنوات. وتركى كالمعلقة، لكنه حاول تشويه سمعتى واتهمنى بالزواج عرفيا من رجل آخر ويعلم الله ان هذا لم يحدث، أعلم انه يريد الانتقام منى لانى رفضت ان أعود اليه بعدما القى على مسامعى يمين الطلاق للمرة الثالثة حين انقطعت عن العمل اثر اصابتى فى حادث سير، صحيح انه لم يسجل الطلاق رسميا لكنها وقع، وشرعا انا محرمة عليه، قد اكون اخطأت عندما صبرت كل هذة المدة لكن ماذا كنت افعل وانا ضعيفة وبلا سند، وليس لى مأوى يحمينا انا واولادى الخمسة، واخوتى كل منشغل بحاله". تختتم الزوجة الثلاثينية روايتها والحسرة تعتصر قلبها:" ليس زوجى هو الوحيد بين رجال عائلته المصاب بهذا الداء اللعين، لكن جميعهم ينتهجون نفس النهج مع نسائهم، ففى عرف جماعتهم التى تنتمى الى الاعراب الرجل مكانه البيت والمرأة هى من تسعى فى الارض بحثا عن الرزق، وللاسف لم اعلم هذة الحقيقة المرة الا بعد ان تمت مراسم الزفاف، كنت لازال فى اوائل العشرينيات حينما تقدم لخطبتى. كان يكبرنى ب10 سنوات تقريبا، لكن مظهره الانيق وكلامه المعسول، جعل اهلى يغضون البصر عن فارق السن الكبير بينى وبين عريس الغفلة، ويسلموننى له على طبق من فضة دون ان يتقصوا آثره او يتحروا عن سيرته او حتى يتأكدوامن صدق ادعاءاته، واهمين بأنه الرجل المنقذ الذى سيريح جسدى من الفقر الذى طحن عظامه، لكنه كان سبب شقائى، وعلى يده ذقت صنوف العذاب، وواجهت شبح الموت، كل مااتمناه ان تنقضى دعوى الخلع بسرعة ويصدر الحكم لصالحى لارتاح من هذا الرجل آكل عرق النساء واحمى فلذات كبده منه". مصدر الخبر من هنا