شن الدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق هجوما حادا على قيادات الوزارة، التى تولت العمل من بعده بشأن تقصيرها فى ترميم هرم زوسر عبر مقالة له نشرها بجريدة "الشرق الأوسط"، أعادت أزمة هرم زوسر إلى دائرة الضوء من جديد للوضع السيئ الذى يمر به جراء توقف أعمال الترميم، كما هاجم "حواس" من انتقد أعمال الترميم التى تمت فى عهده واصفا إياهم بالجهلة، وهو ما دعا عددا كبيرا من الآثريين لمطالبة وزارة الآثار بإعداد تقرير مفصل ورفعه إلى اليونسكو عن حالة الهرم. طالب الدكتور محمد حمزة عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة بالوضوح الشفافية في عمليات ترميم الآثار المصرية بصفة عامة، وسقارة بصفة خاصة لأنه أقدم بناء معماري وهو ما يعتبر إعجازًا، لأنه كان بداية بناء شكل الهرم المتعارف عليه. وأضاف حمزة أنه لابد من معرفة تفاصيل المناقصات والعطاءات والشروط الجزائية، ومعرفة تفاصيل مشروع ترميم زوسر بالكامل وسابقة أعمال الشركة التي ستقوم بالترميم، والدراسات الاستشارية. وواصل حمزة: "لقد قال وزير الآثار الدكتور ممدوح الدماطي خلال لقائه بإحدي القنوات الفضائية منذ أيام" إن عملية الترميم سليمة وليس بها مشاكل وأنه نزل إلى البير داخل الهرم ووصفه بأنه سليم"، ولكن لابد من إقامة مؤتمر صحفي للإعلان عن حقيقة ما يجري في هرم "زوسر"، فنحن لا نشكك في أحد ولكن نريد أن نعرف الحقائق بالأدلة والوثائق. فى سياق موازٍ اقترح الدكتور عبد الحليم نور الدين رئيس اتحاد الأثريين المصريين تشكيل لجنة مصرية محايدة من 10 من أساتذة الترميم والعمارة والهندسة وميكانيكا التربة والاتزان والقياس، شرط ألا يكون للجنة علاقة بوزارة الأثار أو الشركة المنفذة لعملية الترميم، لنتبين إذا ما كان الهرم مريضًا من عدمه. وأضاف نور: "كفانا مهاترات ومزايدات ولابد أن نشكل لجنة لندرس ما يجب أن يحدث، ولابد من وجود مستشارين من كل التخصصات لتحديد حالة الهرم، وأنا أناشد المهندس محلب رئيس الوزراء بأن يقترح تشكيل لجنة لدراسة الجوانب المختلفة للموضوع، للوقوف على الحالة الحقيقية التي يعانيها الهرم". وردًا على مقال الدكتور زاهي حواس، بجريدة الشرق الأوسط والذي يصف خلاله منتقدي عملية الترميم بالجهل قال نور الدين: "إن المقالات لا تمثل حقيقة علمية ولا حقيقة موضوعية والمقالات لن تحل قضايا، فلماذا لم يرمم زاهي حواس الهرم بالطريقة التي يراها سليمة في فترة تولية الوزارة". وأضاف نور الدين: "السؤال الأهم هنا لماذا لم يرمم المهندس الفرنسي الراحل فيليب لوير الهرم عندما كان موجودًا بمصر، وهو أكبر مهندس ترميم فرنسي في ذلك الوقت، نحتاج إلي مزيد من الشفافية والوضوح ولابد من تشكيل لجنة علمية لتقول رأيها بوضوح في عملية ترميم زوسر". من جانبه قال الأثري أحمد شهاب، نائب رئيس جمعية رعاية حقوق العاملين وحماية آثار مصر، ردًا على مقال الدكتور زاهى حواس بجريدة الشرق الأوسط الأربعاء الماضي، والذى يصف خلاله من ينتقد عمليات ترميم هرم سقارة "زوسر" بالجهل: بداية لابد أن نعترف جميعا أن التخوف الزائد على الآثار بل المبالغة فى التخوف هو ظاهرة صحية ومطلوبة، لأنه تراث إنسانى يجب أن يسلم من جيل لآخر مصان ومحمى وبحالة جيدة. وأضاف شهاب "ردا على اتهام زاهى حواس لكل من انتقد أعمال ترميم الهرم بالجهل نقول: أولا، هل مبعوث اليونسكو فى الفترة من 26 إلى 29 سبتمبر العالم "جيوجيو كورتشى" جاهل؟، والذى أشار فى تقريره بعدم وجود خطة مكتملة لعملية الترميم برمتها، وهل ما وضعه من توصيات هى توصيات رجل جاهل أم توصيات عالم حقيقى لا تربطه بالشركة المنفذة أى صلة، وهل تخوف خبراء الترميم وتوصياتهم وإشارتهم بأخطاء بالترميم جهل وعدم دراية؟، إضافة إلى أن الهرم به أنفاق تصل إلى 7 كليو مترات كما جاء بمقال حواس، حيث يتم به الترميم من الداخل والخارج فى وقت واحد، اليس من العلم أن كانت الشركة انهت أعمال ترميم الهرم من الداخل والتى بدورها كانت ستقويه وتجعله قادرا على تحمل الأحمال الزائدة المضافة من كتل حجرية أثناء استكمال المصاطب من الخارج؟. ثالثًا: إن العلم والعلماء صنفوا الأثر الذى يحتاج لترميم بالمريض الصامت، هل من المنطق والعلم أن مريضا عظيما كهرم سقارة أول بناء حجرى مكتمل بالتاريخ، يكون المسئول عن ترميمه شركة سابقة أعمال الترميم بها لا تتخطى 20 % من أعمالها بالوزارة، وهل من المنطق والعلم أن يتم مد فترة الترميم "علاج المريض" الذى حذرت أنت بلسانك من سوء حالته لأكثر من 3 أضعاف المدة، وبأضعاف القيمة المتفق عليها؟. رابعًا: والسؤال الأهم كم عدد التقارير الفنية والأبحاث وما تبعه من نشر علمى للمهتمين والباحثين، الذين جاءوا من الشركة التى تقوم بالترميم على مدار ما يقرب من 9 أعوام، أليست هذه التقارير والأبحاث هى دستور العلم. خامسًا: وهل استخدام أحجار من محاجر طرة فى عمليات الاستكمال، وعدم استكمال الهرم بأحجار من الهضبة من العلم ام هو جهل وغباء ؟، ونهايه نقول ان الجهل الحقيقى يكون فى عدم قراءة الرأى الآخر والرد عليه بشكل علمى والاكتفاء باتهامه بالجهل وعدم الدراية. فى نفس السياق طالب الأثري "على الأصفر" رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا، أن مسئولية ترميم هرم سقارة المدرج "زوسر"، تقع بالكامل على عاتق الدكتور زاهي حواس، مشيرًا إلى أن الدكتور حسن فهمي أستاذ العمارة والترميم المعماري بكلية الهندسة قد عرض عليه مشروع كامل لترميم زوسر من أكثر من عشرين عامًا إلا أن المشروع ظل حبيس الأدراج، - حسبما ذكر حواس في مقاله بجريدة الشرق الأوسط الأربعاء الماضي وأضاف الأصفر: أن "زوسر" يواجه خطرًا حقيقيا منذ فترة طويلة لذلك بدأ الترميم، مشيرًا إلى أن تأخير الانتهاء من ترميم زوسر منذ 2008، لا يمثل مشكلة بينما تتمثل المشكلة الحقيقة في مطالب الوزارة بتنفيذ أعمال أكثر وهو ما يعيق بدوره عملية الانتهاء من المشروع في الوقت المحدد له. وتعليقًا على استعانة الشركة المنفذة بشركة أجنبية لعمل السقالات والوسائد الهوائية قال الأصفر: إن فكرة السقالات والوسائد الهوائية كانت جديدة، وتحقق مزيدًا من الأمان في تنفيذ عملية الترميم، لذلك تم الاستعانة بالشركة الإنجليزية، لأن الشركة المصرية ليس لديها الخبرة في تنفيذ عملية السقالات. وحول ما طرحه بعض الأثريين عن وجود أخطاء في عملية الترميم وتقرير اليونيسكو الصادر في سبتمبر 2001 قال الأصفر: إن الاختلاف في تنفيذ عملية الترميم وارد، فطريقة العلاج تمثل عملية هندسية، ولا يجب أن نحاسب على الطريقة التي يتم بها الترميم وإنما يتم المحاسبة على النتائج، وأن الترميم حقق الهدف المرجو منه أم لا، ولكن ما أرفضه هو عملية رفع الرديم حول الهرم لأنه كان بمثابة مادة حافظة للهرم وحجارته، كما أن الرديم كان يغطي بعض الفتحات التي برزت بالهرم بعد رفع الرديم مما دفع المرممين إلى إضافة بعض الأحجار لسد الفتحات وهو ما يشكل عبئا على الهرم. وأشار الأصفر إلى أن الاختلاف مع الطريقة التي يتم بها ترميم الهرم والاعتراض على عملية الترميم لابد أن يكون من خلال خبراء هندسة الآثار، فهم الوحيدون الذين يحق لهم أن يقدموا تقريرا ينتقدون من خلاله عملية الترميم، لأن المسألة ليست مسألة نقد، مطالبًا بتشكيل لجنة متخصصة لتقييم الموقف، للخروج بقرار حاسم سواء كان بالاستمرار في عملية الترميم من عدمه. أما الدكتور يوسف خليفه رئيس قطاع الآثار المصرية فقد عبر عن اندهاشه من الهجوم الذى شنه "حواس" على وزارة الآثار، وهو يحملها عبئ التقصير للتوقف عن ترميم الهرم منذ عام 2010 لأنه كان يعلم جيدا أن أعمال الترميم كانت متوقفة على مدار ثلاث سنوات لضعف التمويل بعد الثورة ، وأنه من الظلم أن تتحمل وزارة الآثار عبئ التقصير لأن من كان يتولى المسئولية حينها الدكتور محمد إبراهيم وزير الآثار السابق، وأشار "خليفة" أن الشركات المسئولة عن ترميم الهرم لا تعمل لأنه لم يتم دفع المستخلصات الخاصة بها حتى الآن.