المواطن المصري هو الوحيد الذي استطاع أن يخترع مفهوما جديدا للديمقراطية مختلفا كليا وجزئيا عن المفهوم العالمي السائد، فيبدأ كلامه بعبارة "عزيزي الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية"، وبعد لحظات يحتدم النقاش ويزداد سخونة، فيقول أحد هما للآخر "دا اختلاف عادي جدا في الرأي، ودا مجرد نقاش من حق كل واحد فينا يحاول يقنع التاني ومن حق التاني الرفض أو القبول"، وبعد لحظات يبدأ كل منهما بالاستشهاد بالدلائل على صحة موقفه وربما أيضا يبتكر تلك الدلائل، وينسبها لأحد المختصين في المشكلة محل النقاش، وحينما لا يستطع إحداهما إقناع الآخر، تتطور وسيلة كل منهما في الإقناع عبر إسناد نصيحة بقراءة كتاب كذا أو متابعة العلامة الفلاني، وتكون النصيحة ممزوجة إلى حد ما بنوع من السخرية والإشارة إلى جهل الآخر. وبعد قليل من انتهاء المراحل السابقة للنقاش تبدأ مرحلة جديدة تماما، عبر استحداث ألفاظ متبادلة بين الطرفين أشهرها "أنت أصلا جاهل يابني"، ومن هنا تصل المعركة إلى ذروتها، فيبدأ كل من الطرفين في الدفاع عن عقليته الفاذة وذكائه الغير مسبوق وانه علامة ومثقف نادر الوجود، ويترك الطرفان المشكلة الرئيسية محل النقاش، للانتقال إلى النقد الشخصي المتبادل ليبين كل منهما تخلف وجهل الآخر، لينتهي النقاش غالب بأن يقول كل منهما رأيه في الأب والأم الفاشلين في تربية ابنهم "اللي هو مشارك في النقاش" لتنتهي الديمقراطية بينهم إلى قطيعة أبدية!