تعيش المملكة الأردنية الهاشمية حالة من القلق المتزايد إثر تفاقم الوضع في العراق الجار في الشمال الشرقي، خاصة بعد أن سيطر خليط من المسلحين السنة بينهم متشددون على أراض متاخمة لحدوده في محافظة الأنبار، وكذلك تمكنهم من السيطرة على المعبر البري الوحيد للمملكة مع العراق، في إطار حملتهم ضد قوات رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي. ومن الصعب أن يسمح الأردن الذي أوقف تقريبًا أي تدفق للمتشددين عبر حدوده الشمالية المغلقة بإحكام مع سوريا، بأن يتحول لنقطة انطلاق أو طريق إمداد للمقاتلين الإسلاميين في العراق. وقال مسئولان: إن المعبر الحدودي الذي يبعد نحو 575 كيلومترا عن العاصمة العراقية ونحو 320 كيلو مترا عن عمان أُغلق بشكل فعلي بعد أن سيطر المسلحون عليه. وأكد مصدر بالجيش أن وحدات الجيش وضعت في حالة تأهب خلال الأيام الأخيرة على الحدود مع العراق التي تمتد لمسافة 181 كيلومترا، وأعادت الانتشار في بعض المناطق في إطار خطوات لتفادي "أي تهديدات أمنية محتملة أو متصورة." ولدى الأردن ما يخشاه، فللبلاد تاريخ مع القوى المتطرفة العابرة للحدود أبرزها زعيم تنظيم القاعدة السابق في العراق أبو مصعب الزرقاوي ابن قبيلة بني حسن كبرى العشائر الأردنية، التي بالرغم من ولائها للنظام إلا أن قطاعات واسعة منها تعاطفت مع الزرقاوي. وتقدم المسلحون السنة بقيادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" بسرعة في الصحراء الشاسعة غربي العراق وسيطروا على أربع مدن وثلاثة معابر حدودية معمقين من المأزق الذي تعيشه الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة في بغداد. وأحكم المسلحون قبضتهم على كل المعابر الحدودية للعراق مع سورياوالأردن بعد سيطرتهم على معبري طريبيل والوليد الحدوديين في محافظة الأنبار غربي البلاد، ومعبر القائم على الحدود العراقية – السورية. كما سيطر المسلحون أمس الأحد على بلدة الرطبة القريبة من الحدود الأردنية في محافظة الأنبار، وهي رابع بلدة في المحافظة تسقط بأيدي المسلحين في اليومين الأخيرين، حيث سيطر المسلحون من قبل على بلدات رواة وعانة والقائم. وأسفرت هذه الانتصارات العسكرية عن توسيع نطاق الأراضي الخاضعة لسيطرة المسلحين بشكل كبير، وذلك بعد مرور أسبوعين فقط من استيلاء مسلحي تنظيم داعش على مدينة الموصل ثاني كبريات المدن العراقية. وتفيد تقارير بأن المسلحين سيطروا أيضًا على مطار تلعفر الاستراتيجي. وسيمكن تحكم التنظيم في المعابر مع سوريا من سهولة تحرك عناصره إلى الأراضي السورية ومعهم العتاد الحديث الذي استولوا عليه من مخازن الجيش العراق ما سيزيد دعم صفوفه في قتال الحكومة السورية. وقال زعيم إحدى العشائر السنية في مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار العراقية: إن المسلحين المناوئين للحكومة باتوا يسيطرون على تسعين في المائة من مناطق المحافظة، دون أن ترد تأكيدات مستقلة لهذا النبأ. وبعد الاستيلاء على راوة وعانة، يبدو أن هدف المسلحين القادم هو بلدة حديثة الواقعة أيضًا على الفرات، وسدها الحيوي، ومن شأن تدمير السد أن يؤدي إلى فيضانات واسعة في المناطق التي تقع إلى الجنوب منه والى أضرار في شبكة الطاقة الكهربائية في العراق. وأدى القتال إلى مزيد من تفتت العراق على امتداد خطوط طائفية وسلط الضوء على الانقسامات بين القوى الإقليمية، خاصة إيران التي قالت إنها لن تتردد في حماية المراقد الشيعية في العراق إذا طلب منها ذلك، والسعودية التي حذرت إيران من التدخل. وفي الوقت نفسه عمل الأكراد على توسيع مناطق نفوذهم في الشمال الشرقي حيث استولوا على مدينة كركوك التي يعتبرونها جزءًا من كردستان. ووصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى العاصمة العراقيةبغداد اليوم الإثنين لحث رئيس الوزراء نوري المالكي على تشكيل حكومة تضم المزيد من الطوائف السياسية في مسعى للقضاء على التمرد. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جين ساكي: إن كيري "سيناقش التحركات الأمريكية الجارية لمساعدة العراق وهو يتصدى لهذا الخطر، وسيحث الزعماء العراقيين على التحرك بأقصى سرعة ممكنة لتشكيل حكومة تمثل مصالح العراقيين."