تناول كتاب الصحف اليوم الخميس فى مقالاتهم عددا من الموضوعات التى تهم الرأى العام والشارع المصري . ففي مقاله بصحيفة "الأهرام" قال الكاتب مكرم محمد أحمد، سوف تظل مصر، كما قال الرئيس السيسى، عصية على الانكسار طالما حافظت على وحدة جبهتها الداخلية، ونجحت فى لم شمل أبنائها، وفتحت صفحة جديدة مع كل من لم يرتكب جريمة ضد وطنه كان من الإخوان أو الفلول، لأنه مهما قويت شوكة المتآمرين ومهما ملكوا من أسباب المال والقوة، لايستطيعون النفاذ إلى إرادة الوطن إلا من خلال ثغرات تهيئ لهم فرص اثارة الفتنة وتفكيك قوى الشعب فى الداخل،لان الثورة المضادة لاتنجح فى تحقيق اهدافها إلا فى ظل اخفاق الثورة وعجزها عن تحصين جبهتها الداخلية!. وأضاف أن هذا ما حدث خلال العدوان الثلاثى، عندما تخاذل رفاق عبدالناصرعن الوقوف صفا واحدا ضد العدوان، وطلبوا منه ان يسلم نفسه للسفارة البريطانية، لكن الشعب ما لبث ان صحح هذا الوضع الخاطئ، عندما خرج إلى الشوارع بعد خطاب عبدالناصر على منبرالازهر يصر على المقاومة وصد العدوان، وبسبب تلاحم الشعب وقائده فشل العدوان الثلاثى وخرج من البلاد يجر خيبته، بما يؤكد ان وحدة الجبهة الداخلية وصلابتها تشكل حائط الصد المنيع الذى تنهار فوقه كل المؤامرات، وذلك بالظبط ما حدث فى 30يونيو، عندما فشلت ضغوط الامريكيين فى ان تلزم المشير السيسى التراجع عن موقفه والافراج عن قادة جماعة الاخوان والاسراع بادماجهم فى حياة مصر السياسية، لكن صمود الشعب ووقوفه صفا واحدا وراء السيسى أفشل ضغوط الولاياتالمتحدة. واظن ان قصص التأمر العديدة على إستقلال مصر، بداية من حملة الهكسوس إلى حرب السويس التى جمعت الاسرائيليين والبريطانيين والفرنسيين تقول حقيقة واحدة مفادها، ان الداخل هو الحصن المنيع الذى يتعذر معه على الثورة المضادة ان تحقق اى نجاح، وان العلاقات المتوازنة مع الخارج والاعتدال السياسى الذى يركزعلى اولويات الداخل لايكفيان لاقناع قوى العدوان باهمية التعايش مع بلد مثل مصر يحاول ان يبنى نفسه، لان الاصل فى القصة إنه فى هذا الموقع العبقرى وسط صرة العالم يعيش شعب عظيم قديم متجدد، يتحتم ترويضه وحصاره لانه يملك قدرة التأثيرعلى كامل الشرق الأوسط. من ناحية أخرى قال الكاتب فاروق جويدة في مقاله بصحيفة "الأهرام"، حين تجلس وحيدا تسترجع ذكريات ايامك العابرة لا تتوقف كثيرا امام لحظات الحزن والألم..لا تتوقف عند قلب خدع او صديق خان او لحظة عذاب مرت عليك.. لا تتوقف أمام صفقة خاسرة أو فرصة ضاعت منك حاول أن تسترجع لحظة حب صادقة حتى وإن كانت نهايتها المستحيل حاول أن تسترجع لهفة أمل برئ حتى وإن ضاع.. حاول أن تذكر ملامح إمرأة سافرت يوما فى وجدانك ولم تندم حين منحتها الحب والمشاعر.. حاول ان تذكر معارك ربما خسرتها ولكن كسبت نفسك لأن أكبر الخسائر أن يفقد الإنسان نفسه.. تذكر أشخاصا مدوا لك أيديهم والرياح تعصف بك والموج يبعدك عن الشاطئ..لا تتذكر ظلمة ليل حاصرك ولكن تذكر بريق نهار هداك..كن كالأشجار تعطى ثمارها لكل من جلس حولها أو تسلل فوق اغصانها فهى لا يهمها من أخذ ولكن يسعدها ما أعطت..كن كالنسمة حين تصافح الوجوه فهى لا تترك إنسانا لتذهب إلى إنسان آخر إنها تسعد الجميع.. حاول ان تكون عطرا لا يكتفى بوجه من حمله ولكنه يفوح فى كل الأماكن..لا تسترجع صور الوجوه الكريهة التى حقدت عليك بلا سبب وحاربتك بلا جريمة والقت الحجارة على رأسك وانت تنشر الزهور على كل البشر..انظر الى النهر الجميل وانت تغنى سعيدا على الشاطئ سوف تشاهد جثث هؤلاء الذين عذبوك يوما..وسوف ترى خلف القضبان وجوها احترفت الموت وعشقت الطغيان ويكفى انك لم تهادن الشر ولم تحترف القبح ولم تغنى لغير الفضيلة انت وحدك عالم فسيح فلا تترك احدا يحاصرك فى ركن صغير وتسجن نفسك فيه بإرادتك..لا تتذكر هؤلاء الذين تركوا لك جراحا..ان الأيام قادرة على ان تلملم الجراح وسوف يبقى العذاب الحقيقى للأيدى التى جرحت وليس للجرح الذى نزف..لا تغضب من إنسان اساء فهمك او غدر بك بلا سبب او اهانك لسبب لا تعرفه لأن الحشائش دائما تكره الأشجار وتتصور ان الشموخ حق للجميع رغم ان الكبرياء لا يباع ولا يشترى والصغير يبقى صغيرا مادام قد سجن نفسه فى سجن الصغائر والكبير يكبر كلما كبرت فيه حدائق الشموخ والكبرياء..لا تحزن على حبيب مضى او صديق ابتعد او رفيق رحلة خان..هؤلاء جميعا لا يستحقون منك لحظة الم فلا تعط الشئ لمن لا يستحقه..هكذا علمتنى الحياة. من جانبه قال الكاتب محمد بركات في مقاله بصحيفة "الأخبار" إن قيام الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيارة مفاجئة للسيدة التي تعرض لها مجموعة من المجرمين السفلة، بالاعتداء الدنيء والساقط أخلاقيا ودينيا في ميدان التحرير، هو تصرف يعبر عن أرقي المعاني والمشاعر الإنسانية والدينية النبيلة والرفيعة، التي يتمتع بها الرجل والإنسان، بالإضافة لكون الزيارة واجب وضرورة تفرضهما المسئولية الملقاة علي عاتق الرئيس المكلف برعاية وحماية كل المواطنين المصريين. وأضاف الكاتب أن الزيارة المفاجئة، وما دار فيها من حوار، وما قاله الرئيس للسيدة المعتدي عليها، وما أعلنه علي الملأ من أسف شخصي وعام لما تعرضت له من اعتداء سافل ومنحط، هو تأكيد لا يحتمل اللبس علي الاصرار الواضح من جانب رأس الدولة المصرية، علي القضاء المبرم والتام علي جميع صور الفوضي والانفلات الأخلاقي الذي طفح علي سطح الحياة في مصر، واساء إليها وشوه وجهها وصورتها طوال الفترة الماضية. ما ذكره الرئيس، وكل لفظ تلفظ به، وكل كلمة قالها خلال زيارته للسيدة الضحية، اكدت عودة الدولة القوية القادرة، والمصرة علي مكافحة كل صور الفساد والانفلات والتدني الأخلاقي، ووضع نهاية فورية لجميع صور الخروج علي القانون، وردع كل من تسول له نفسه الاعتداء علي النساء أو التحرش بهن. ما قاله السيسي لابد أن نضعه في مكانه الصحيح، بأنه أمر لكل اجهزة الدولة المسئولة عن امن وأمان المواطن، باعلان الحرب علي كل السفلة والمنفلتين في الشارع المصري، وانفاذ القانون بكل صرامة علي كل المجرمين دون رحمة أو شفقة. كما أنه في ذات الوقت نداء وتوجيه لكل مصري، لكل مواطن من أبناء هذا الوطن بالعودة إلي القيم المصرية الأصيلة، المتمثلة في النخوة والرجولة وحماية المرأة، ومساعدة الضعفاء والتصدي للمجرمين،...، كما انها دعوة لكل المؤسسات والهيئات المجتمعية والمدنية المتمثلة في الإعلام والثقافة والتعليم ورجال الدين والجمعيات الأهلية والأحزاب، ومن قبلهم الأسرة والأدباء والمفكرون، للقيام بدورهم وواجبهم لاعادة وجود واحياء القيم الأخلاقية والدينية والانسانية التي تأثرت وتدهور بصورة واضحة خلال الفترة الماضية. من ناحية أخرى قال الكاتب د. مصطفى الفقي يبهرنى كثيراً أشقاؤنا الشوام العارفون بالشخصية المصرية ودهاليز السياسة فيها وكواليس الثقافة لديها وفهم مكونات المجتمع بدءاً من الحارة الصغيرة إلى قصر الحكم، لذلك أحمل تقديراً خاصاً لكاتبين عربيين من «لبنان» هما «جهاد الخازن» و«سمير عطا الله»، فضلاً عن أنهما صديقان عزيزان، ولقد كتبت عن الأول فى هذا المكان منذ سنوات وها أنا اليوم أكتب عن «سمير عطا الله» ذلك الصحفى الكبير واسع الثقافة شامل الرؤية عميق النظرة، وإذا كان مقال الصفحة الأخيرة ل«جهاد الخازن» فى صحيفة «الحياة» يشدنى فإن مقال «سمير عطا الله» فى الصفحة الأخيرة من صحيفة «الشرق الأوسط» يبهرنى هو الآخر، فالرجل على ما يبدو عاش فى «مصر» فترة، وتنقل بين مؤسساتها الصحفية، وعرف مفكريها ومثقفيها، وتذوق بعمق الروح المصرية حتى كاد أن يكون جزءاً منها، ولكنه نظر إلى كل الشؤون المصرية من زاوية عربية تعرف ظروف «مصر» وتعلم مشكلاتها وتقدر المصاعب التى مرت بها، لذلك جاءت كتاباته عصارة واعية للحالة المصرية دائماً، فضلاً عن لغة رشيقة وعبارة موجزة ومعلومات غزيرة وانتقال ذكى من موضوع إلى آخر فى تعددية ورحابة تجعله من الشخصيات «الموسوعية» فى العلوم الإنسانية والدراسات السلوكية متميزاً بروح ساخرة يكاد يجارى فيها المصريين بتفوق ملحوظ، ولقد جمعتنى بالأستاذ «سمير عطا الله» عدة مناسبات فى عواصم عربية مختلفة حاضرين لندوة أو مشاركين فى مؤتمر فوجدت أن حديثه لا يقل حلاوة عما يكتب، كما أن حكاياته لا تقل أيضاً طلاوة عن أفكاره، وهو يكاد يكون لمعظم الدول العربية جزءاً لا يتجزأ منها بحكم فهمه لها ووعيه بظروف كل منها، ولعل أهم ما يلفت نظرى فيما يكتب «سمير عطا الله» أنه يتناول قضايا مهمة من تلك المسكوت عنها، وكأن ولاءه للقارئ يدعوه أحياناً إلى كشف المستور والبحث بعمق فيما وراء الأخبار ومناقشة العيوب العربية والأمراض القومية فى شجاعة مباشرة تؤكد أن ذلك الكاتب العربى الكبير يستخدم مساحة الحرية المتاحة إلى نهايتها ويتابع فى رصد أمين كل ما يدور حوله لبنانياً وعربياً ودولياً، ولعل الصفة التى تجمعه ب«جهاد الخازن» غير أنهما كاتبان كبيران هى فهم كل منهما، وهما عربيان مسيحيان، للإسلام وتاريخه الحضارى ومحنته المعاصرة منذ ابتلى بعض أبنائه بالتطرف والتعصب والعنف والبعد عن الموضوعية ومخاصمة الثقافة ومحاربة الاعتدال. إن «سمير عطا الله»، ذلك الكاتب صاحب اللغة الخاصة والتعبيرات المتميزة، هو كاتب عربى تسبق قوميته ديانته وذلك معيارٌ للسمو والتحضر، فالدين علاقة بين الإنسان وخالقه أما القومية فهى علاقة بين المرء ووطنه.. إننا نتذكر «سمير عطا الله» كاتباً معروفاً وقف إلى جانب «مصر» والمصريين فى أحلك الظروف وانتصر لقضايا شعب الكنانة بغير تردد، ولسوف تبقى كتاباته الرصينة مصدر إلهام لجيلنا والأجيال التالية.