أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن منطقة جنوبسيناء للآثار الإسلامية والقبطية كشفت منذ استرداد سيناء عن معالم أقدم رحلة مقدسة للمسيحيين خصوصًا من أوروبا إلى القدس عبر سيناء، وحددت محطات هذه الرحلة المقدسة بطول 575 كيلومترا عبر شرق وغرب سيناء وكانت عبر الطريق الخاص بهذه الرحلة "طريق الرحلة المقدسة للمسيحيين إلى القدس عبر سيناء" وهي أقدم رحلة مقدسة للمسيحيين منذ القرن الرابع الميلادي مع اعتبار أن رحلة العائلة المقدسة هي رحلة خاصة بالعائلة المقدسة نفسها أما رحلة المسيحيين للقدس فهي لزيارة مهد السيد المسيح بالقدس والتبرك بالمواقع التي عبرتها العائلة المقدسة والمواقع الخاصة برحلة نبي الله موسى بسيناء والجبل المقدس وشجرة العليقة المقدسة بسيناء ويضيف ريحان بأن أول رحلة بطريق الرحلة المقدسة بسيناء عبرتها الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين عام 336م وزارت منطقة جبل موسى وشاهدت هناك مجتمعات رهبانية فأسست لهم كنيسة بجوار شجرة العليقة الملتهبة تسمي كنيسة العذراء وكذلك برجين محصنين وبين أعوام 381 – 384م زارت الراهبة إجيريا أو أثيري القدس وجبل سيناء وهي راهبة جاءت من أوروبا ووصفت الحياة الرهبانية حول الجبل المقدس ووصفت عدة كنائس هناك ووصفت الأنشطة الزراعية للرهبان وبين أعوام 385 – 388م قامت القديسة سلفيا "وهي من بلد أوروبي ربما تكون إسبانيا" برحلتها لجبل سيناءوالقدس ووصفت المنظر حول الجبل المقدس قبل بناء الدير وقد تجمع الرهبان حول بئر موسى. وتابع ريحان أن المقدسين المسيحيين تدفقوا على سيناء آمنين مطمئنين عبر كل العصور التي مرت عليها منذ القرن الرابع الميلادي وحتى نهاية أسرة محمد علي وقد جاء المقدس بوستوميان وهو من أهالي ناريون بجنوبفرنسا إلى مصر عام 400م بعد أن عبر البحر المتوسط في أربعين يومًا إلى الإسكندرية ثم توجه للقدس عن طريق سيناء وكان معه عدة مرافقين ووصف لنا رحلته عبر سيناء، كما زار الراهب نيلوس سيناء عام 395م وكان محافظًا للقسطنطينية وترك عائلته وبلاده ليحيا حياة الرهبنة بجبل سيناء وأقام هناك قرب مغارة إيليا النبي إلى أن مات عام 411م. ويؤكد ريحان على أن المقدسين المسيحيين توافدوا على سيناء بعد الفتح الإسلامي لمصر من كل بقاع العالم لزيارة الأماكن المقدسة بسيناء وهم آمنين مطمئنين في ظل التسامح الإسلامي التي سارت عليه الحكومات الإسلامية وزار سيناء عددًا من المسيحيين لا يمكن حصرهم وكثير منهم كانوا من شخصيات ورتب عالية ومن بين هذه الرحلات رحلة أنطونيوس الذي جاء من القاهرةلسيناء ومعه سبعة أوروبيون عام 1331م وتوجه للقدس عن طريق غزة كما زار دير سانت كاترين عددًا من الرّحالة الأوروبيون أمثال بورخارت الذي جاء من سويسرا مرتين عام 1816 وعام 1822 وشاهد ثمانمائة من المقدسين الأرمن جاءوا من القدس ومقدسين روس وخمسمائة من أقباط مصر. وعن معالم الطريق يوضح الدكتور ريحان أن هناك طريقان مشهوران للرحلة المقدسة إلى القدس طريق شرقي وطريق غربي الطريق الشرقي هو للقادمين من القدس إلى جبل سيناء ويبدأ من القدس إلى أيلة "العقبة حاليًا" إلى النقب ثم وادي الحسي إلى وادي وتير ثم يسير الطريق في وادي غزالة إلى عين حضرة ثم وادي حجاج وبه تلال من حجر رملي بها كتابات للمقدسين المسيحيين حتى يدخل سفح جبل سيناء وطول هذا الطريق 200كم من أيلة إلى الجبل المقدس "منطقة سانت كاترين حاليًا"، أما الطريق الغربي فيبدأ من القدس عبر شمال سيناء وشرق خليج السويس إلى جبل سيناء وطوله من القدس إلى القلزم "السويس" 245كم ومن القلزم حتى جبل سيناء 130كم فيكون الطريق من القدس إلى جبل سيناء 375كم ويكون إجمالي الطريقين الشرقي والغربي 575كم. وطالب ريحان بإحياء هذا الطريق الذي سيكون له مردود سريع في كل أوروبا يساهم في تنشيط السياحة بسيناء بعمل إنشاءات سياحية جديدة في محطات هذا الطريق مستوحاة من العمارة البيزنطية خصوصًا وأن خامات البناء متوفرة بسيناء من أحجار جرانيتية ورملية وجيرية والرخام متوفر في مصر وعمل منتجات خاصة مرتبطة بهذا الطريق ولها أصول تاريخية وتمثل قيمة دينية لرواد هذا الطريق مثل قناني الحجاج أو قناني القديس مينا الذي كان يملؤها المقدسين المسيحيين من عين ماء قرب دير أبو مينا بالإسكندرية للتبرك بها والاعتقاد بأنها تشفي من أمراض العيون وقد كشف عن نماذج منها بسيناء وكذلك عمل مشروع للصوت والضوء بالوادي المقدس يحكي قصة التسامح على أرض الفيروز ومشروع شبكة تيليفريك تربط جبال الوادي المقدس بعضها البعض وتيسر على كل الرواد مشقة الصعود لجبل موسى 2242م فوق مستوى سطح البحر وجبل سانت كاترين 2246م.