منظومة الضرائب مازالت مشوهة.. ومناخ الاستثمار غير مؤهل لجذب مستثمرين جدد التعديلات الأخيرة لضريبة المبيعات ضد الصناعة.. وقانون القيمة المضافة صعب التطبيق حاليًا إخضاع الاقتصاد غير الرسمي للدولة يدر عوائد 130 مليار جنيه ولا أجد مبررًا لتجاهله حوار مصطفى عبيد: أكد محمد البهي، رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، أن الاقتصاد الموازي في مصر تتجاوز قيمته تريليون جنيه، وأنه لا يخضع لأي نظام ضريبي بينما يقدم السلع والخدمات لجمهور المستهلكين بنفس أسعار الاقتصاد الرسمي. وأوضح “,”البهي“,” أن منظومة الضرائب مازالت تعاني من تشوهات عديدة، وأن التعديلات الأخيرة مازالت تمثل تفكيرًا تقليديًا ولا تقدم توجهًا حقيقيًا للتنمية الاقتصادية. وأشار خلال حواره مع “,”البوابة نيوز“,” إلى أن هناك صعوبة شديدة في تطبيق قانون القيمة المضافة الذي تبشر به وزارة المالية؛ لأنه يعتمد على “,”الفوترة “,” وهي ما لا يمكن تطبيقه في المجتمع المصري في الوقت الحاضر. وأكد أن الصناعة المصرية تشهد ظروفًا بالغة الصعوبة لا ينبغي معها زيادة الأعباء المفروضة على الصناعة، وأن مناخ الاستثمار في مصر مازال طاردًا للاستثمار، خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها البلاد حاليًا، وإلى نص الحوار: * شهدت الشهور الأخيرة عدة تعديلات للمنظومة الضريبية قيل إنها تستهدف تخفيض الأعباء على محدودي الدخل وتحقيق العدالة الضريبية.. إلى أي مدى تتفق كمسئول عن لجنة الضرائب في اتحاد الصناعات مع ذلك؟ ** لا أعتقد أن تعديلات قانون الضرائب الأخيرة، وتعديلات ضريبة المبيعات تستهدف تحقيق تنمية؛ بل إنها تعبر عن تفكير تقليدي لا يرى وسيلة لزيادة دخل الدولة سوى فرض مزيد من الضرائب أو زيادة رسوم الضرائب، كما أن هذه التعديلات ترسل رسائل سلبية حول مناخ الاستثمار بمصر، وفي الغالب لم تتم مناقشتها بشكل حقيقي مع رجال الصناعة وممثلي منظمات الأعمال، وفي ظني أن هذه التعديلات غير مدروسة، في حين لدى اتحاد الصناعات أفكار جديدة ترفع الحصيلة وفي نفس الوقت تخدم الأنشطة الصناعية. وفي تصوري أننا مازلنا بحاجة لتفكير خارج الصندوق يهيئ المجتمع الاقتصادي لمزيد من العدالة ويوفر موارد حقيقية. وفي هذا الصدد اقترحنا إلغاء حد الإعفاء تمامًا في ضريبة المبيعات، والهدف من ذلك حصار الاقتصاد العشوائي أو الموازي وإخضاعه للضريبة، وهو بالمناسبة يزيد حجمه عن الاقتصاد الرسمي ويقدر طبقًا لدراسات اتحاد الصناعات بأكثر من تريليون جنيه سنويًا ويدر عوائد على بعض المنتفعين. * لكن الاقتصاد الرسمي رغم عدم خضوعه للمنظومة الضريبية إلا أنه يساهم في توفير فرص عمل لملايين الشباب ويوفر لهم دخلًا جيدًا؟ ** هذا غير حقيقي من منظور اجتماعي؛ لأن الأعمال التي يسيطر عليها الاقتصاد غير الرسمي هي عبارة عن أعمال مؤقتة غير مؤمنة اجتماعيًا، والتعامل مع مجتمع الشغيلة فيها هو تعامل ينتقص من حقوق العمالة ويؤدي إلى سيطرة مجموعة من الأثرياء على معظم الأرباح، وأعتقد أن إلغاء حد الإعفاء يلزم هؤلاء بدفع 10% من دخولهم السنوية للدولة، بمعنى توفير نحو 130 مليار جنيه. وهناك 40 ألف مصنع عشوائي وجميعها تتهرب من الضرائب والرسوم بغطاء عدم الشرعية، وهناك عدد كبير من المحلات والشركات والمؤسسات الصغيرة التي تتعامل مع تلك المصانع بعيدًا عن أي غطاء شرعي، والمؤكد أن السوق الموازية لا تسدد ضرائب أو رسومًا، بعكس المصانع والشركات الرسمية. * ألا يؤدي إلغاء حد الإعفاء إلى زيادة أسعار السلع؟ ** إطلاقًا.. لقد ناقشنا ذلك بتوسع مع مجموعات من الخبراء، واتضح أنه لا علاقة بالأسعار بحد الإعفاء، وكمثال بسيط فإن التاجر غير الخاضع لضريبة المبيعات يبيع علبة السجائر الأجنبي بسعر 15 جنيهًا مثلًا، وهو نفس السعر الذي تباع به في السلاسل التجارية الكبرى، والتي تخضع لضريبة المبيعات. * إذن كيف يتم التعامل الضريبي مع محدودي الدخل والمشروعات الصغيرة؟ ** إننا نرى ضرورة عمل نظام مبسط لمحاسبة الورش والمشروعات الصغيرة ضريبيًا وفقًا لكل صناعة على حدة، خاصة أن كل صناعة لها ظروفها و مشاكلها الخاصة، وأتصور أن التعديلات الأخيرة جاءت في توقيت حرج وغير مناسب على الإطلاق، خاصة أن جميع الأنشطة تعاني من مشكلات لا حصر لها. * هل تعتقد أن قانون القيمة المضافة الذي يطرحه البعض كحل سريع لتحقيق بعض الاستقرار في المنظومة الضريبية، يفي بذلك؟ ** لا أعتقد.. لأن هذا القانون يعتمد اعتمادًا رئيسيًا على “,”الفوترة“,” أي التعامل بفواتير، وهذا النظام يحتاج وقتًا ليتم تفعيله في مصر، ورؤيتنا في اتحاد الصناعات أن يتم فرض ضريبة قطعية ثابتة 10% على السلع، وأخرى 5% على الخدمات، مع إلغاء حد الإعفاء تمامًا، وذلك الحل سيوفر للدولة ما يقرب من مائتي مليار جنيه، كما أنه سيحسن من مناخ الاستثمار الذي تتحقق فيه العدالة الضريبية ويصبح أكثر قدرة على جذب استثمارات جديدة. * وهل مناخ الاستثمار المصري في حاجة لإصلاح ضريبي فقط لجذب استثمارات جديدة؟ ** بالطبع لا.. أنا لم أقصد ذلك، فمازالت الصناعة المصرية تعاني من مشكلات هائلة تخص الأمن العام وعدم الاستقرار والإضرابات العمالية وأزمات الطاقة المتكررة، فضلًا عن ذلك فإن حالة عدم الاستقرار السياسي أحد أخطر العوامل الطاردة للاستثمار، لكن منظومة الضرائب تحتاج لإصلاح حقيقي من أجل الأجيال القادمة، بدلا من الوقوع تحت سيطرة الاقتراض الخارجي. * وما هو تصوركم لآليات تنفيذ قانون الضرائب العقارية؟ ** أتصور أنه قانون هام وضروري، ونحن لا نشك في أنه قانون عادل وأن العقارات تخضع لضريبة، لكننا نرى ضرورة الأخذ بالعقود العرفية وأن تحدد قيمة العقار بناءً على العقود المحررة سواء كانت العقارات مسجلة أو غير مسجلة، كما أننا كنا نرى ضرورة عدم إخضاع مساكن العمال الملحقة ببعض المصانع للضريبة.