انتابتنى الدهشة، حين استمعت، منذ عشرين سنة، إلى المخرج المسرحى و الأستاذ الأكاديمى كمال الدين حسين، وهو يقدم فى إحدى الندوات، ورقة حول" منْشطة " المقررات الدراسية، ويعطى فيها تفصيلات حول امكان تحويل ما تتضمنه الكتب المدرسية المقررة من مادة علمية، الى مادة مسرحية ميسرة، يتولى التلاميذ بأنفسهم عرض مادتها، ضمن مختلف الأنشطة المدرسية الأخرى. بعدها بسنوات، اقترح المخرج الكبير أحمد اسماعيل إنشاء مسرح فى كل قرية مركزية، كامتداد لمسرح الفلاحين الذى أعلن عن انشائه سنة 1960، والذى استهدف وقتها نشر الثقافة بين الفلاحين وتوعيتهم، وربط القرية بالمدينة، بحيث يكون هذا المسرح ثقافيا الى جانب دوره الترفيهى، اضافة الى امكان اسهامه فى خلق وعى مسرحى، عبر تقديم القضايا الاجتماعية فى الريف. ووافقت الهيئة العامة لقصور الثقافة على تنفيذ هذا الاقتراح، لتكون محصلته الأخيرة انشاء مسرح لكل قرية مركزية، يراعى فيه قلة التكلفة وجمال الطراز، كى يصبح مركزاً للتنوير، وذلك فى اطار المشروع الذى أطلق عليه أحمد اسماعيل " مسرح الجرن"و بدئ بالفعل فى اقامة ورش مسرحية ابداعية بعدد من المدارس الاعدادية المشتركة، التابعة لمحافظات قنا والدقهلية والاسماعيلية والفيوم والوادى الجديد، بغرض اتاحة الفرصة لكل الاطفال الراغبين فى المشاركة، بصرف النظر عن مستوى موهبتهم، على أن يتم اكتشافها خلال التجربة، مع خلق مناخ ملائم للتعبير عنها، تأكيداً على أهمية الابداع الجماعى للأطفال، وكيفة تفعيله، وتمثل قيم وآليات العمل الجماعى ، شرط أن يكون النص النهائى نابعا من أفكارهم ومناقشتهم، ومن المشكلات المحيطة بهم، وموائما لتراث الفلاح، وحبه للأرض والحرية والانطلاق والعدالة. ورغم الجهد البارز الذى قدمه هذا المشروع، الا أنه توقف مع ظهور مشكلات بيروقراطية حالت دون استمراره. ومؤخرا، تم الاتفاق على تقديم عروض مسرحية لطلاب المراحل التعليمية المختلفة، وفقًا لبروتوكول تعاون عقده البيت الفنى للمسرح برئاسة الفنان فتوح أحمد، مع مديرية التربية والتعليم بالقاهرة، مع تقديم أربعة عروض جديدة، كمرحلة أولى ضمن سلسلة عروض تقوم على مْسرحة روايات وقصص ومناهج تعليمية مقررة على الطلاب فى المدارس، ويجرى العمل على تنفيذها حاليا قبل نهاية العام الدراسى. وتشمل هذه العروض : مْسرحة كتاب " الأيام" لطه حسين المقرر على طلاب المرحلة الثانوية، ومسرحية " روح جارية" وتتناول قصة حياة شجرة الدر لطلاب الصف الثالث الاعدادى، ومسرحية " سجين زندا" عن رواية انجليزية مقررة على طلاب الثانوية العامة، ومسرحية " على مبارك" عن قصة بهذا العنوان مقررة على طلاب الصف السادس الابتدائى. وروعى فى هذه العروض، الحرص على سلامة وصول المادة العلمية للطلاب، والتنيه بعدم الارتجال و الخروج على النص، وسهولة تقديمها من مكان لآخر، دون حاجة الى تجهيزات صوتية باهظة، ربما لا تتوافر فى المدارس. وتحية تقدير واجبة الى الفنان الكبير فتوح أحمد.