الدفع ب 10 سيارات إطفاء لمحاولة إخماد حريق مخزن كرتون فى فيصل    محمد علي السيد يكتب: دروب الحج ..سيدي أبوالحسن الشاذلي 93    محافظ المنيا يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى    الإسعاف تعلن خطة تأمين احتفالات عيد الأضحى والعائدين من الحج    وزير المالية الأسبق: أؤيد تدخل الدولة لضبط الأسعار وحماية المستهلك من جشع التجار    ذبح الأضاحي مجاناً بكفر الشيخ خلال عيد الأضحى المبارك    مقرر المحور الاقتصادي بالحوار الوطني: ميزانية الصحة والتعليم اختيار وليس قلة موارد    وزير المالية الأسبق: مفهوم التنمية يتجاوز مجرد استغلال الموارد الاقتصادية    وزير المالية الأسبق: كل مواطن يستفيد من خدمات الدولة لابد أن يدفع ضريبة    إصابة 8 فلسطينيين خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم الأمعري بالضفة    ألمانيا تحقق أكبر فوز في تاريخ مباريات افتتاح أمم أوروبا    جيش الاحتلال يستعد للهجوم على لبنان.. وإسرائيل تدرس العواقب    بيسكوف: مقترح بوتين للتسوية غير محدد زمنيا لكن الوضع فى الجبهة يتغير    الصحة العالمية قلقة بشأن الأزمة الصحية المتزايدة في الضفة الغربية    السعودية: تطبيق 32 تقنية حديثة في حج هذا العام    واشنطن تقرر نقل الرصيف العائم مؤقتا من غزة إلى أسدود    يورو 2024.. صدام بين إسبانيا وكرواتيا.. وحاملة اللقب تفتتح مشوارها    محمد شريف: كولر رفض رحيلي عن الأهلي    بعد تدخل المحامي السويسري.. فيفا ينصف الإسماعيلي في قضية سعدو    كاف يعتمد دورات تدريبية في مصر لرخص المدربين    كرة سلة - سيف سمير يكشف حقيقة عدم مصافحته لمصيلحي    ملف يلا كورة.. الأهلي يقفز 5 مراكز.. مصير موديست وسامسون.. وتطورات صفقة بلعيد    «العلاج الطبيعي»: غلق 45 أكاديمية وهمية خلال الفترة الماضية    ذروة الموجه الحارة.. تحذيرات من الأرصاد الجوية حول طقس وقفة عيد الأضحى    رئيس بعثة حج الجمعيات الأهلية يكشف الحالة الصحية لضيوف الرحمن بعد تصعيدهم لعرفات    الأوقاف: صلاة عيد الأضحى بجميع المساجد الكبرى والساحات المختلفة    أخبار × 24 ساعة.. بداية صرف الخبز المدعم للمصطافين بالمحافظات الساحلية اليوم    مصرع طالبين غرقا في نهر النيل بقرية الديسمي في الصف بالجيزة    طه دسوقى وعصام عمر يشاركان صورا من بداية تصوير فيلم سيكو سيكو    «مفيش ممنوع» يجمع لطيفة مع كاظم الساهر    «إللي حصل فيه مش قليل».. رد ناري من شوبير على رفض أحمد الطيب المصالحة معه    عمرو سعد يشارك في دراما رمضان 2025 بتوقيع محمد سامي    على الحجار: صلاح عبد الله كتبلى أغنيتين ولم يأخذ أجرهما واعتبرهما إهداء لى    لا تفوت هذا الدعاء في يوم عرفة.. ردده بين العصر والمغرب وانتظر الاستجابة    أعراض التهاب مفاصل الركبة وطرق علاجها المختلفة    طريقة عمل لحمة الرأس مثل الجاهزة.. اعرف أسرار المطاعم    الفتة والرقاق والممبار.. أشهر أكلات المنايفة في عيد الأضحى    «البحوث الإسلامية» يوضح أفضل كلمات دعاء فجر يوم عرفة: احرص عليها    يوم عرفة 2024.. أفضل الأعمال المستحبة وخير الدعاء المستجاب وكيفية اغتنامه    مدير المسرح القومي: الحضور يكون كامل العدد في الأعياد.. وعروضنا ترسم البهجة    لطيفة تتحدث عن وفاة والدتها لأول مرة    الأرصاد تحذر من طقس اليوم السبت 15 يونيو.. وتوجه نصائح هامة للمواطنين    حظك اليوم برج الأسد السبت 15-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في بداية الأسبوع السبت 15 يونيو 2024    وفاة الكاتب السوري فؤاد حميرة نتيجة أزمة قلبية حادة    ارتفاع سعر الذهب اليوم بالسعودية وعيار 21 الآن السبت 15 يونيو 2024    عامر حسين: اختيار بيكهام أفضل لاعب بمباراة الزمالك وسيراميكا خطأ    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    عيار 21 يعود لسابق عهده في وقفة عرفات.. أسعار الذهب اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    إذا أردت ثواب يوم عرفة افعل هذه الأمور    مصرع طفلة وشقيقتها الرضيعة سقطتا من شرفة منزلهما بالشرقية    النصر يغري ريال مدريد ب 100 مليون لضم مدافعه    الإفتاء تؤكد: برُّ الوالدين أحد أسباب تكفير الذنوب    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك فى حفل تخرج الكلية المعمدانية    قد تسبب أمراض القلب، ما هي أضرار المشروبات الغازية على الجسم؟    6 سنوات على ميلاد تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين: مستمرون في النجاح والبناء    وكيل «الصحة» بمطروح: تطوير «رأس الحكمة المركزي» لتقديم خدمات طبية متميزة للمواطنين    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين الأحزاب من أزمات المجتمع
نشر في البوابة يوم 27 - 03 - 2014

ترجع جذور نشأة الأحزاب السياسية في مصر إلى العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر، ففي هذه الفترة استخدمت كلمة الحزب بمعنى تنظيم سياسي، وذلك إلى جانب استعمالها التقليدي بمعنى جماعة أو طائفة كما يشير القاموس المحيط، وهو المعنى الذي يبرز في الاستخدام القرآني للكلمة، كما وردت في سورة الأحزاب، وتعود بداية التنظيمات السياسية في مصر إلى الجمعيات السرية التي يرجع تاريخ وجودها إلي نهاية الستينيات في القرن التاسع عشر، فتشير المصادر إلى وجود بعض الجمعيات السرية في الأزهر، وإلى بعض الجمعيات الماسونية التي لعبت دوراً مهماً، وبالذات أثناء وجود الشيخ جمال الدين الأفغاني الذي استغلها كأداة للعمل السياسي.
وبعد ثورة 25 يناير، شهدت مصر حراك حزبى غير مسبوق. تجلي مظاهره في إقبال مدهش علي خوض تجربة تأسيس أحزاب أو الانضمام إلى أحزاب بين أوساط وشرائح اجتماعية عدة خصوصا في الطبقة الوسطي، وكان مثيرا للتأمل أن تقود ثورة أظهرت مدى انحسار دور الأحزاب السياسية إلى إقبال واسع على تأسيس أحزاب جديدة، غير أن هذه ظاهرة متكررة في البلاد التي شهدت تحولات ديمقراطية في ربع القرن الأخير نتيجة ثورات أو انتفاضات أو ضغوط شعبية أسقطت نظما مستبدة في شرق ووسط أوروبا وفي أمريكا اللاتينية.
والسؤال: هل الأحزاب القائمة الآن قادرة على المشاركة فى النهوض بالدولة والمساهمة فى أرساء أسس ودعائم الجمهورية الثالثة؟ أم أنها بحاجة إلى ممارسة "النقد الذاتى" لإعادة النظر فيما حققته من إنجاز أو أخفاق؟. أو بمعنى مغاير، هل يمكن للمصريين التعويل على الأحزاب فى أن تكون قاطرة لإعادة تأسيس الدولة المصرية على أسس عصرية مدنية حقيقية، وما هو المرغوب أو المطلوب منها حتى يمكن أن تساهم، ولو بقدر نذير، فى المشاركة الفعالة فى إرسال قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وتفعيل المشاركة المجتمعية فى عملية صنع القرار ورسم السياسة العامة للدولة، وأيضًا مراقبة الحكومة فى تنفيذ السياسات الموضوعة من قبل المؤسسات التشريعية المختلفة.
وهنا يمكن القول، إن الأحزاب القائمة الآن تعانى من عدة مشكلات، يجب عليها أن تحلها أولاً حتى تستطيع أن تساهم بشكل فعال فى إعادة رسم السياسات المطلوبة لنقل مصر إلى مصطاف الدول المتقدمة والقوية فى ذات الوقت. وهذه المشكلات هى ما يلي:
أولا- مازالت الأحزاب الجديدة نخبوية فى عملها وإدارتها ولم تستطع الوصول إلى رجل الشارع العادى، لذا فإن هذه الأحزاب مازالت أثيرت الحالة الثورية التى تفجرت فى 25 يناير، وهى المرحلة التى يمكن أن نطلق عليها "الطفيلية الحزبية"، ولم تنتقل إلى الآن إلى المرحلة الثانية والتى يمكن أن أطلق عليها "إرساء القواعد" الحزبية. بالإضافة إلى ذلك فإنه من الملاحظ أن جميع الأحزاب جعلت من أربعة أو خمسة مصطلحات سياسية مسميات لها مثل: "الديمقراطية والعدل والحرية والتنمية"، مما يدل على أن الأحزاب جعلت من شعارات ثورة 25 يناير مسميات لها دون الاهتمام بالمضمون أو البرامج الحزبية، وهو ما جعل المواطنين ينصرفون من حولها بعدما لم تأت الثورة عليهم بالنفع المتوقع حتى هذه اللحظات.
ثانيا- التشابه البرامجي والأسمى، حيث جاءت معظم الأحزاب الجديدة متشابهة فى مفردات أسمائها ( الشباب, الثورة، الحرية, العدالة, التحرير، الحديثة، النهضة..الخ).
كما أن هذا التشابه انصرف أيضا إلى البرامج الخاصة بها، وباستثناء حالات الاختلاف الأيديولوجي الواضحة في قليل من الأحزاب، فإن أغلبها تتبنى برامج متشابهة في خطوطها العامة، وبتحليل برامج وأهداف وشعارات الأحزاب الجديدة يصعب التمييز بينها، فجميعها تتفق على مجموعة من القواسم المشتركة، والاختلاف يكون فى تفاصيل جزئية أو سياسات فرعية، ففيما عدا بعض الأحزاب مثل: (الحرية والعدالة، العدل، المصريين الأحرار، الديمقراطى الاجتماعي) التي تملك برامج واضحة، فإن باقي الأحزاب لا يوجد لديها الوضوح فى معنى البرنامج، ولا تميز بين البرنامج والشعار أو السياسات التفصيلية لها أو التى سوف تتبناها فى المستقبل، ونجد أن الأحزاب اليسارية القريبة من الفكر الماركسي مثل حزب التحالف الشعبى تلتقي مع الأحزاب الليبرالية مثل العدل والمصريين الأحرار، وكذلك مع أحزاب الوسط والحرية والعدالة والأحزاب ذات التوجهات الإسلامية، فى أسس واحدة أهمها: احترام الدين الإسلامي كمصدر للقيم والأحكام، والدعوة إلى العدالة الاجتماعية، والتعددية والديمقراطية، والإصلاح الاقتصادي، وحقوق الإنسان.
ثالثا: الوصايا على الثورة، حاولت جميع الأحزاب –الجديدة والقديمة على حد سواء- اغتنام الفرصة لركوب الثورة التى شارك فيها جميع أطياف المصريين، بل وتعدت هذه الأحزاب هذه المرحلة، بتنصيب أنفسهم بأنهم أهم الذين صنعوا الثورة وفجروها فى موجتها الأولى والثانية.
ونست هذه الأحزاب أنها أصبحت مفهوما سيئ السمعة لدى المواطن البسيط نتيجة حالة الصراع والانشقاق الدائم بداخلها.
رابعا- التكاليف المالية والمؤسسية، مازالت التكاليف المالية المطلوبة للإعلان عن الأحزاب أو اللازمة لعمل التوكيلات تمثل شوكة فى حلقوم الأحزاب الجديدة وربما ستكون العائق الوحيد أمام ظهور بعضها إلى النور. واعتقد أن الدعم المالى المطلوب للأحزاب يتوقف عند تسهيل إجراءات الحصول على الرخصة القانونية، والاكتفاء بنشر أسماء الأعضاء المؤسسين فى الصحيفة الرسمية الذى سيتكلف 5 آلاف جنيه مقابل ربع مليون جنيه تكاليف النشر فى أى صحيفة يومية، أما المعونات الحكومية التى كانت من أجل شراء ولاء بعض الأحزاب، فهذا أمر يجب أن ينتهي وصفحة لابد أن تطوى، وهناك تسهيلات كثيرة يمكن أن تعطيها الدولة (بعد أن تنفصل عن الحكومة) للأحزاب الحقيقية، ولنقل تلك التى ستحصل على 2% من أصوات الناخبين، سواء فى الضرائب المفروضة على المقار أو إعطاء مقر رئيسي لكل حزب لديه تمثيل فى البرلمان وغيرها من الأشياء التى لا تدخل فى إطار الدعم المالى.
خامسا- دور المال السياسى أو رجال الأعمال فى نشأة الأحزاب الجديدة، فالبلد التى اشتدت عليها قسوة العلاقة الآثمة بين المال والسلطة، ودفعت ثمنا باهظا لعدم التمييز بين دور رجل الأعمال فى ميدان الاقتصاد وعالم البيزنس والشركات، ودور رجل الأعمال فى البرلمان أو فى الحزب أو فى الحكومة، هي نفس البلد التى يتبارز فيه اليوم عدد كبير من رجال الأعمال على تأسيس الأحزاب السياسية فى السر أو فى العلن، وهو نفس البلد الذى تتحلق فيه الأحزاب اليوم حول أشخاص مرموقين فى عالم المال، لديهم القدرات المالية للإعلان عن أحزابهم فى الصحف، أو عقد المؤتمرات السياسية باهظة التكاليف، والخوف هنا أن يكون للمال الدور الأكبر فى مسيرة تشكيل الأحزاب الجديدة، وأن تكون أحزاب الأفكار والتيارات السياسية الحقيقية هى الأكثر فقرا، والأقل تأثيرا، فيعود المرض نفسه إلى جسد السياسة فى مصر من جديد، فيصبح من يملك يحكم، ومن يستطيع شراء الأصوات هو الأكثر تأثيرا، وتدور الأحزاب الجديدة فى دوائر المال بلا ضوابط قانونية حقيقية لحدود استخدام المال فى السياسة، وبلا ضمانات فاعلة لعدم تأثير هذا المال على صناعة القرار السياسى لاحقا فى البرلمان أو فى الحكومة.
سادسا- فإن غياب خيار التحالف والاندماج، هو أحدى التحديات الكبرى التى تبشر أم باندثارها أو تكوين ثلاثة أو أربعة أحزاب تستطيع أن تنافس فى العمليات أو الاستحقاقات السياسية المختلفة.
سابعًا- العنف الذى تمارسه بعض الأحزاب الدينية أو أحزاب "تحالف دعم الشرعية"، بعد نجاح الموجة الثانية للثورة، وبدلا من أن تقوم هذه الأحزاب بمراجعة الأخطاء التى وقعت فيها فى فترة توليها السلطة انزلقت إلى ممارسة العنف المادى والمعنوى ليس فقط تجاه النخبة السياسية الجديدة الحاكمة ولكن أيضًا تجاه المجتمع المصرى من خلال قطع الطرق وحرق المنشآت العامة وتعطيل الدراسة فى الجامعات.
وأخيرا، أن قوة الدولة من قوة الأحزاب، وقد كان من الحكمة أن تتيح الدولة فرصة كاملة لجميع الأحزاب بما فيها ذات المرجعية الدينية. وما ندعو إليه اليوم بأن تكون الأحزاب سواء القديمة أو الجديدة أو التى مازالت تحت التأسيس واضحة وشفافة فى كل ما يتعلق بمبادئها وتمويلها وسبل دعمها للجماهير وعلاقتها بالدولة. ولابد أن يكون لهذه الأحزاب وجود حقيقي في الواقع، خاصة أن كثيرا منها له شعبية ضخمة ومؤهلة لأن تحتل المكانة الكبرى فى الحياة السياسية الجديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.