لقد ذُكِر أنَّ المستوياتِ المُنخفضَةَ من فيتامين د تُعدُّ سببًا مُحتَملًا لأمراض تتراوح بين السرطان وُصولًا إلى السكَّري. لكن، أشارت مُراجعةٌ شاملة جديدة إلى أنَّ الأمرَ في الحقيقة هو عكس ذلك، حيث تكون المُستوياتُ المُنخفضة من فيتامين د أكثرَ ميلًا لأن تكونَ نتيجة للأمراض وليست سببًا لها. اشتملت هذه المُراجعةُ على نحو 500 دراسة؛ ووجد الباحِثون فيها نتائجَ مُتناقِضة، حيث أظهرت الدراساتُ التي تعتمِدُ على المُراقبة أو الُملاحظة، وتبحثُ في مسألة ما يتناوله الناس من طعام أو أنواع المُكمِّلات الغذائيَّة، صِلةً بين المُستويات المرتفعة من فيتامين د في الجسم والمزيد من الصحَّة. لكن، أظهرت الدراساتُ، التي يُقدَّم فيها فيتامين د على أنَّه تدخُّل (أو مُعالجة) للمُساعدة على الوقاية من علَّة مُحدَّدة، أنَّه لا تأثيرَ له. وكان الاستثناءُ الوحيد هو تراجع خطر الوفاة عند البالغين من كبار السنِّ، خصوصًا النساء اللواتي قُدِّمت لهنَّ مُكمِّلات فيتامين د. قال المُشرفُ على إعداد المُراجعة فيليب أوتير، من المعهد الدولي لأبحاث الوقاية في ليون بفرنسا: "يُشير الاختلافُ بين نتائج الدراسات التي تعتمد على المُراقبة، والدراسات التي تعتمد على التدخُّل، إلى أنَّ المستوياتِ المُنخفضةَ من فيتامين د هي مُؤشِّرٌ على اعتلال الصحَّة". يُعرَف عن فيتامين د أنَّه يُمارس دورًا رئيسيًا في صحَّة العظام. ولكن، يُلاحظ وجودُ مُستويات مُنخفِضة من هذا الفيتامين في عدد من الحالات، مثل أمراض القلب وأمراض المناعة الذاتيَّة والسكَّريّ والسرطان ومرض باركنسون (الشَّلل الرعَّاش). وقد تُفسِّرُ هذه النتائجُ السببَ في أنَّ العديدَ من الأمريكيين يستخدِمون حاليًا مُكمِّلات فيتامين د. يُسمَّى فيتامين د مجازًا فيتامين ضوء الشَّمس، لأنَّ الجسمَ يُنتِجُ هذا الفيتامين عند التعرُّض إلى الشمس (في حال عدم استخدام المراهم الواقية منها). كما يُوجد فيتامين د أيضًا في بعض أنواع الطعام، مثل صَفار البيض والاسماك الدهنيَّة والطعام المُدعَّم بفيتامين د، مثل الحليب. تفحَّصت المُراجعةُ نتائج 290 دراسةً تعتمد على المُراقبة، أُخِذَت فيها عيِّناتٌ من الدَّم لقياس مستويات فيتامين د قبل عدَّة سنوات من ظهور نتائج الدراسة. كما اشتملت المُراجعةُ أيضًا على نتائج 172 تجربة سريريَّة عشوائيَّة لفيتامين د، حيث يتلقَّى بعضُ المُشاركين في مثل هذا النَّوع من التجارب علاجًا، بينما لا يتلقَّى الآخرين أيَّ علاج. أظهرت الدراساتُ، التي تعتمد على المُراقبة، فائدةً مُحتَملة من فيتامين د؛ فعلى سبيل المثال، ترافق فيتامين د مع تراجع بنسبة 58 في المائة في خطر أمراض القلب والأوعية؛ وانخفاض بنسبة 38 في المائة في خطر السكَّري، وانخفاض بنسبة 34 في المائة في خطر سرطان القولون. لكن، عندما تفحَّص الباحثون نتائجَ التجارب السريريَّة العشوائيَّة، التي استُخدِم فيها فيتامين د كمُعالجة، لم يتمكَّنوا من إيجاد أيِّ تأثير في حدوث الأمراض أو شدَّتها بسبب رفع مستويات فيتامين د. بيَّنت المُراجعةُ أنَّ فيتامين د قلّل من خطر الوفاة لأي سبب كان عند كبار السنِّ، الذين يتناولون 800 وحدة دوليَّة في اليوم. قال الدكتور شون جاياكار، اختصاصيُّ الطب الباطني والشيخُوخة في مستشفى سانت جون والمركز الطبّي في ديترويت: "تميل النتائجُ لدى كبار السنّ إلى أن تكونَ ناجمة عن انخفاض في عدد حالات السقوط والكسور، حيث يُؤدِّي تناولُ مُكمِّلات الفيتامين د إلى زيادة في قوَّة العظام، ممَّا ينعكس بشكل انخفاض عدد حوادث السقوط والكُسور". ونظرًا إلى أنَّ غالبيَّة التجارب، التي تعتمد على التدخُّل، فشلت في إيجاد أية فائدة من الفيتامين د، خلُصَ مُعدُّو المُراجعة إلى أنَّ المُستوياتِ المُنخفِضةَ من هذا الفيتامين لا تُؤدِّي إلى اعتلال الصحَّة، بل هي تَنتُج عن اعتلال الصحَّة. يعتقد مُعدُّو المُراجعة أنَّ الالتهابَ، الذي يحدُث في العديد من الأمراض، يستنفذُ مُستويات الفيتامين د.