حشر راعي الأغنام الفلسطيني محمود كعابنة عائلته المكونة من 12 فردا في خيمة أحد جيرانه في واحة على تلال صحراوية منذ حولت جرافة إسرائيلية منزله إلى كومة من الحجارة والمعادن الملتوية. وقال كعابنة (43 عاما) "ظهروا في الفجر وهددوا باعتقالي ما لم اخلي المنزل على الفور. لم يمهلوني وقتا لنقل متعلقاتي الشخصية." ويقول مسؤولون فلسطينيون إن كعابنة أحد ما يربو على 180 شخصا هدمت منازلهم منذ بداية العام بسبب ما يقولون انها زيادة كبيرة في عمليات الهدم التي تقوم بها إسرائيل في غور الأردن بالضفة الغربيةالمحتلة. تأتي زيادة عمليات هدم المنازل في وقت ترعى فيه الولاياتالمتحدة محادثات سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا تزال متعثرة بسبب قضايا مختلفة بما في ذلك مصير غور الأردن الذي يضم أكثر من 24 مستوطنة يهودية. وتصف إسرائيل رعاة مثل كعابنة بأنهم من البدو وواضعي اليد. وتقول إن مساكنهم الآيلة للسقوط والمبنية بدون تصاريح والقريبة غالبا من قواعد عسكرية إسرائيلية تهدم بأوامر قضائية. ويجد مسؤولو المساعدات الدولية الذين يساعدون الفلسطينيين أنفسهم على خلاف مع إسرائيل بشكل متزايد ويتهمونها بانتهاك القانون الدولي الذي يطالب قوة الاحتلال بضمان رعاية شؤون المدنيين الخاضعين لإدارتها. وفي العام الماضي قالت جماعات حقوق الإنسان إن إسرائيل هدمت 663 مسكنا فلسطينيا وهو أعلى رقم منذ خمس سنوات. وكان حوالي 60 بالمئة من عمليات الهدم في غور الأردن. ويغطي غور الأردن نحو ثلث الضفة الغربية ويسكنه حوالي 10 آلاف فلسطيني من بينهم 2700 من الرعاة أو البدو. ويقول مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) إن حوالي 6000 مستوطن يعيشون في غور الأردن. ويريد الفلسطينيون أن يكون غور الأردن الحد الشرقي للدولة التي يسعون لإقامتها في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية ويقولون إنه سلة غذاء محتملة ومدخل سلس إلى الأسواق العربية ومصدر لإمدادات المياه الجوفية. كانت إسرائيل قد احتلت تلك المناطق في حرب 1967 لكنها انسحبت من قطاع غزة في عام 2005 وتسعى كي يكون لها وجود أمني طويل المدى في أي اتفاق للسلام في المنطقة الاستراتيجية المتاخمة للأردن. ورفض الفلسطينيون هذا الطلب وقالوا انهم مستعدون فقط لقبول وجود قوات دولية هناك. ويضر هذا الخلاف الرعاة بشكل خاص إذ انهم من الفئات الأشد فقرا في الضفة الغربية ويعتمدون على بقع المنطقة المنخفضة من المساحات الخضراء لرعي قطعانهم من الماعز والأغنام لكسب قوت يومهم. وقال عارف دراغمة رئيس مجلس محلي المضارب البدوية الفلسطينية الذي يضم قرية هدم بها 12 مبنى في يناير كانون الثاني "يريد الرعاة إطعام أطفالهم لكن إسرائيل تقول إن هذا كله لنا." وأضاف "تدمر إسرائيل حياتنا في هذه المنطقة." ويقول الفلسطينيون إن الحصول على تصريح إسرائيلي للبناء في مناطق الضفة الغربية الخاضعة للسيطرة الإدارية أو الأمنية الإسرائيلية أقرب إلى المستحيل. وتقول الإدارة المدنية الإسرائيلية التي يديرها الجيش في الضفة الغربية انها تبحث 19 خطة رئيسية للسماح بالبناء الفلسطيني على أجزاء من الأراضي. * مصادرة الخيام وفي غور الأردن كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر توفر الخيام للفلسطينيين الذين هدمت منازلهم لكنها أعلنت في يناير أنها أوقفت تسليم الخيام وشكت من مصادرة إسرائيل للمساعدات. واتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ايجال بالمور اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتجاوز سلطتها وتشجيع الفلسطينيين على انتهاك أوامر الإخلاء الإسرائيلية. وقال بالمور "نحن لا نتعامل مع عمل إنساني بحت لكن مع عمل سياسي بالأحرى وهذا غير ملائم." وقال ائتلاف يضم 25 منظمة إغاثة في الضفة الغربية إن قائمة المساعدات التي صادرتها إسرائيل العام الماضي تشمل 65 بندا. وتدخلت السلطة الفلسطينية التي تمارس حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية بموجب اتفاق سلام مؤقت يعود لعام 1993 من أجل تقديم الخيام لبعض الرعاة المشردين. وبالقرب من منزل كعابنة الذي هدم في يناير كانون الثاني بعين الحلوة يتحدث جيرانه بمرارة من المواجهات مع الجيش الإسرائيلي. وقال أحمد محمد إسماعيل (75 عاما) إن جنودا صادروا أغنامه عندما اقتربت من قاعدة عسكرية وفي العام الماضي هدموا أحد منازله المصنوعة من الخيش والبلاستيك. واشار إسماعيل وهو يغطي رأسه بالكوفية الفلسطينية إلى أنبوب من الصلب ينقل المياه إلى مستوطنة يهودية قريبة وهي واحدة من عشرات المستوطنات التي يرى الغرب أنها بنيت بشكل غير قانوني في غور الأردن. وقال إسماعيل وهو يتحدث عن مستوطنة مسكيوت وهي أقرب مستوطنة لعين الحلوة "لديهم منازل خرسانية ولا يسمح لنا حتى بنصب الخيام." وربط نيل كيران المسؤول بجماعة دياكونيا لحقوق الإنسان ومقرها السويد عمليات الهدم التي تقوم بها إسرائيل في غور الأردن بهدفها المتمثل في الاحتفاظ بالأراضي في محادثات السلام التي استؤنفت في يوليو تموز الماضي بعد توقف دام ثلاث سنوات. وقال كيران في بيان لرويترز "في الواقع تستخدم المحادثات الحالية كغطاء لانتهاكات متزايدة للقانون الدولي الإنساني." لكن بالمور المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية قال إن هذه المزاعم نتيجة "الهوس بنظرية المؤامرة" وقال إن عمليات الهدم بموافقة قضائية تهدف إلى منع "البدو من الاستيلاء على أرض ليست ملكهم." وقال بالمور "لا علاقة للآراء السياسية بما ينبغي القيام به في غور الأردن."