تشهد إسرائيل في الثالث والعشرين من مارس المقبل الجولة الرابعة من الانتخابات النيابية، في ظل حالة من الانقسام داخل اليمين السياسي والتفوق الظاهري الذي يتمتع به اليسار الوسطي، الأمر الذي يضع الناخب الإسرائيلي أمام إشكالية كبيرة، تدفعه نحو التصويت مجدداً على أساس تأييده لنتنياهو أو معارضته له و سيتعامل مع سياسات الوسط مقابل سياسات اليمين باعتبارها مسائل غير مهمة . وكشفت دراسات سياسية أن "اليسار الوسطي" يفتقر إلى زعيم واحد محفز بعد هبوط شعبية بيني جانتس وحزب أزرق أبيض، وربما ينتهي الأمر بعدم حصولها على الأغلبية الانتخابية اللازمة لدخول البرلمان، وحتى إذا فاز هذا التيار، ستكون الحكومة الناشئة عنه غير متجانسة سياسياً إلى درجة غير ثابتة، مما يثير تساؤلات حول سياساتها واستقرارها . ووفقاً لدراسة معهد واشنطن التي أعدها "ديفيد ماكوفسكي" تحت عنوان" جولة الانتخابات الرابعة في إسرائيل: الديناميات الجديدة والقديمة" ثمة عدة تحديات ظهرت أمام نتنياهو، الأمر الذي دفعه إلى اللجوء لإتباع تكتيكات براجماتية تضمن له الحصول على المقاعد المطلوبة ،للحصول على أغلبية في الكنيست المكون من 120 عضواً. تكمن أولى التحديات بحسب الدراسة في ضخامة حجم التحدي الذي يواجهه حزب "الليكود" بزعامة نتنياهو من الفصائل اليمينية الأخرى بشكل كبير، فقد اتهم حزب "الأمل الجديد" الذي انشق عن حزب "الليكود" برئاسة جدعون ساعر، رئيس الوزراء بإضعاف المؤسسات، مما يعكس الفكرة السائدة بأن نتنياهو يسعى إلى الحصول على حصانة برلمانية ضد محاكمته الجارية بتهم الفساد. كما يواجه نتنياهو تحدياً ثانياً على جبهة اليمين من منافسه القديم نفتالي بينيت، الذي ينتقد حزبه "يمينا" رئيس الوزراء بشدة لفرضه إغلاق تام على جميع أنحاء البلاد بسبب الجائحة وسماحه بانهيار مؤسسات الأعمال الصغيرة. أما التحدي الثالث، وهو تجمع الأحزاب متوسطة الحجم أو ما تسمي ب القائمة المشتركة" ،وسيتم رئاسة الائتلاف المناهض لنتنياهو من قبل أي حزب سيحصل على العدد الأكبر من الأصوات حتى لو جاء من اليمين. وحسب استطلاعات الرأي الحالية في إسرائيل، يحصل فصيل يائير لابيد "ييش عتيد" على 17 مقعداً، و "أمل جديد" برئاسة ساعر على 14 مقعداً، وحزب المهاجرين الروس "يسرائيل بيتينو" برئاسة أفيجدور ليبرمان على 7 مقاعد، و "حزب العمل" على 6 مقاعد، حزب "ميريتس" العلماني على 6 مقاعد، وحزب جانتس على 4 مقاعد، وبذلك يبلغ عدد مقاعد هذه الأحزاب مجتمعة 54 مقعداً . وأكدت دراسة معهد واشنطن أنه أمام هذه التحديات اتخذ نتنياهو عدة خطوات لمنع الأحزاب من "إهدار" الأصوات لصالح اليمين، حيث أصدر قراراً يقضي بتكليف مساعديه بجمع عدة أحزاب صغيرة من اليمين المتطرف معاً قبل الموعد النهائي لتسجيل هذا التجمع كحزب. ومن خلال تأمين هذه المجموعة من الأحزاب اليمينية واستمالة بينيت، يمكن لنتنياهو أن يقترب جداً من جمع 61 مقعداً المطلوبة للحصول على أغلبية في الكنيست. وأظهر استطلاع للرأي أجرته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الخامس من فبراير الجاري، أن عدد الأصوات التي قد تحصل عليها الكتلة الموالية لنتنياهو هو على النحو التالي: حزب "الليكود" 29 مقعداً، وحزب "شاس" 8 مقاعد، وحزب "يهودية التوراة المتحدة" المتدين 7 مقاعد، والحزب الجديد الذي يضم بن غفير 4 مقاعد، مما يصل عدد مقاعد هذه المجموعة إلى 48 مقعداً – أو 59 ،إذا نجحت في إقناع حزب "يمينا" بإضافة مقاعدها المتوقعة التي قد تصل إلى 11 مقعداً. وتخلص دراسة "معهد واشنطن" إلى أنه إذا بقيت الانتخابات مقتصرة على استفتاء حول قيادة نتنياهو، فقد تكون إحدى النتائج النهائية عبارة عن برلمان يميل أكثر إلى اليمين في مجال السياسة الخارجية، وقد لا يفوز ائتلاف نتنياهو اليميني بأكثر من 60 مقعداً، إلا أن الكتلة ذات الميول اليمينية في الكنيست قد تصل إلى ما بين 70 و80 مقعداً في الإجمال، فساعر وليبرمان وربما بينيت هم يمينيين بشكل كبير فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية، ومن المفترض أن يبقوا كذلك حتى لو أقنعوا ناخبي الوسط بالتصويت لصالح أحزابهم كجزء من ائتلاف اليسار الوسطي المناهض لنتنياهو.