وصفه ياقوت الحموي في كتابه معجم الأدباء أبوحيان التوحيدي بأنه فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة، لأنه كان أديبا موسوعيا يحاول مزج الفلسفة بالأدب، وأن يقدم خلاصة ذلك للناس ليكون قريبا من أفهامهم، والوصف الذي أطلقه ياقوت الحموي يكاد لا ينطبق على أحد من أعلام النهضة الأدبية في مصر إلا على زكي نجيب محمود، فقد نجح في تقديم أعسر الأفكار على الهضم العقلي للقارئ العربي في عبارات أدبية مشرقة، وفكّ أصعب مسائل الفلسفة وجعلها في متناول قارئ الصحيفة اليومية، واستطاع بكتاباته أن يخرج الفلسفة من بطون الكتب وأروقة المعاهد والجامعات لتؤدي دورها في الحياة. حياته: ولد في ميت الخولي عبد الله، مركز الزرقا، دمياط، في 1 فبراير 1905، وحصل على الدكتوراه في الفلسفة من لندن.
تعليمه: بعد تخرجه عمل بالتدريس حتى سنة 1943 وأكمل دراسته في إنجلترا في بعثة دراسية لنيل درجة الدكتوراة في الفلسفة، وتمكن من الحصول عليها من جامعة لندن عام 1947، وكانت أطروحته بعنوان "الجبر الذاتي"، وقد ترجمها تلميذه الدكتور إمام عبدالفتاح إلى العربية. حياته العملية: عين مستشارا ثقافيا للسفارة المصرية في واشنطن، وعضوا في المجلس القومي للثقافة. بعد عودته إلى مصر التحق بهيئة التدريس في قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، وظل بها حتى أحيل إلى التقاعد ويفخر الصحفي أنيس منصور أنه من تلاميذه، وظل بها حتى أحيل إلى التقاعد سنة 1965م، فعمل بها أستاذًا متفرغًا، ثم سافر إلى الكويت سنة 1388 ه 1968م حيث عمل أستاذًا للفلسفة بجامعة الكويت لمدة خمس سنوات متصلة. إلى جانب عمله الأكاديمي انتدب سنة 1373 ه 1953م للعمل في وزارة الإرشاد القومي (الثقافة) وهي الوزارة التي أنشأتها حكومة الثورة، ثم سافر بعدها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية في العام نفسه، وعمل أستاذًا زائرًا في جامعة كولومبيا بولاية كارولينا الجنوبية، وبعد أن أمضى بها الفصل الدراسي الأول انتقل إلى التدريس بجامعة بولمان بولاية واشنطن في الفصل الدراسي الثاني، ثم عمل ملحقًا ثقافيًا بالسفارة المصرية بواشنطن بين عامي 1954-1955. في سنة 1965 عهدت إليه وزارة الثقافة في عهد وزيرها محمد عبدالقادر حاتم بإنشاء مجلة فكرية رصينة تعني بالتيارات الفكرية والفلسفية المعاصرة، فأصدر مجلة "الفكر المعاصر" ورأس تحريرها وقام عليها خير قيام، ودعا كبار رجال الفكر في مصر للكتابة فيها، وشارك هو فيها بمقال شهري ثابت تحت عنوان "تيارات فلسفية"، وظل يرأس تحريرها حتى سافر إلى الكويت للعمل في جامعتها. بعد عودته من الكويت انضم إلى الأسرة الأدبية بجريدة الأهرام سنة 1973، وشارك بمقاله الأسبوعي الذي كان ينشره على صفحاتها كل ثلاثاء، وبلغ من اهتمام الصحافة بهذه المقالة الرصينة أن خمس صحف عربية كانت تنشر هذا المقال في نفس يوم صدوره بالقاهرة. تراثه: إلى جانب المناصب المهمة التي شغلها، والكتابات الغزيرة المهمة التي أصدرها، وتأثيره على عدد كبير من تلامذته في مصر والعالم العربي إلى اليوم، فقد كان الدكتور زكي نجيب المدشّن الأول لتيار الوضعية المنطقية في مصر والعالم العربي والإسلامي، في كتبه: المنطق الوضعي من جزئين، وخرافة الميتافيزيقا، ونحو فلسفة علمية، وغيرها، كما كان صاحب أسلوب أدبي متماسك وأنيق يخلق صلة بين الوعي الفلسفي والذوق الأدبي. أعماله: المنطق الوضعي، خرافة الميتافيزيقا، نحو فلسفة علمية، حياة الفكر في العالم الجديد، برتراند رسل،ديفيد هيوم، الشرق الفنان، جابر بن حيان، الجبر الذاتي، قشور ولباب، تجديد في الفكر العربي المعقول اللا معقول في تراثنا الفكري، ثقافتنا في مواجهة العصر، مجتمع جديد أو الكارثة، رؤية إسلامية، في تحديث الثقافة العربي، جنة العبيط، شروق من الغرب، الكوميديا الأرضية، قصة نفس، أرض الأحلام. التكريم: حصل الدكتور زكي نجيب محمود على جائزة الدولة التقديرية.