في إطار الجدل الذي أثاره إصدار الرئيس محمد مرسي لما يسميه بالإعلان الدستوري، يبدو واجبًا أن ننبه إلى مجموعة من القواعد والمعايير التي لا ينبغي إهمالها وتجاهلها، خاصة عند من يتصدون للتشريع بغير علم، مستعينين في عملهم بمن لا يعينون! أسوق لمن يتطلعون إلى المعرفة والوعي بصحيح القانون، جملة من الملاحظات، دون إسراف في الشرح والتحليل. أولاً: لا يحق ولا يجوز لرئيس الجمهورية إصدار أية إعلانات دستورية على وجه الإطلاق؛ حيث إنه لا يملك أي سلطة تأسيسية، وإنما ما يملكه سلطة تنفيذية وفق المادتين “,”56، 57“,” من الإعلان الدستوري الصادر في تاريخ 30 مارس 2011، والذي تم على أساسه انتخابه، وإن فعل وشرّع فإن كل ما يصدر عنه منعدم. ثانيًا : الذي كان يملك حق إصدار إعلان دستوري في تاريخ مصر هما: مجلس قيادة الثورة 1952، والمجلس العسكري سنة 2011. ثالثًا : لا يملك رئيس الجمهورية تقييد حق التقاضي، ولا وضع أية موانع تحصن أعماله على وجه الإطلاق، وإن فعل فإن ذلك يعتبر منعدمًا. رابعًا : يلتزم رئيس الجمهورية بما نص عليه الإعلان الدستوري الذي انتُخب على أساسه، والصادر في 30 مارس 2011، والالتزام بما نصت عليه المادة 21 من تحريم وجود أية حصانة لأعماله، أو وجود موانع تحرم حق التقاضي. خامسًا : ما فعله رئيس الجمهورية هو اغتيال للسلطات الثلاث في الدولة، وبالذات العدوان الغاشم المؤثَّم على السلطة القضائية، ومن بعد سوف تأتي الاعتقالات ثم الاغتيالات. سادسًا : القانون رقم 11 لسنة 1972 قضى بإلغاء موانع التقاضي في جميع القوانين؛ وبذلك رفع عن كاهل القضاء المصري عبئًا ثقيلاً، وأعاد الأمر إلى نصابه الصحيح، وحقق أركان العدالة، وأعلى مبادئ سيادة القانون. سابعًا : إن قضاء مجلس الدولة المصري قدم أروع الأعمال القضائية التي حمت الأفراد، في مواجهة تعسف السلطة والاستبداد بها، خاصة في أوقات ما يسمى بالظروف الاستثنائية أو الحالة الثورية، ونجا من موانع التقاضي وتحصين أعمال السلطة التنفيذية، رئيس الجمهورية أو غيره. ثامنًا : يجب أن يكون لكل خصومة قاض، وقد أصدر مجلس الدولة عدة أحكام في بداية ثورة يوليو، ثم تم العدوان على المجلس في شخص الدكتور السنهوري في 29 مارس 1954. وقامت المحكمة العليا، التي تم إنشاؤها عقب مذبحة القضاء بموجب القرار رقم 81 لسنة 1969، بإصدار حكمين شهيرين لها بإلغاء جميع موانع التقاضي وتحصين أعمال السلطة التشريعية والتنفيذية، وذلك قبل صدور دستور 1971. تاسعًا : جاء دستور 1971 وقرر صراحة، وبشكل حازم وقاطع، إلغاء جميع موانع التقاضي، وهي ذات المادة المنصوص عليها في الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 والذي يجب على رئيس الجمهورية الالتزام بها. عاشرًا : جاء الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011، الذي تم على أساسه انتخاب الرئيس الحالي، ونص في المادة 21 على تحريم قاطع لمانع التقاضي. ما الذي يتبقى إذن في الإعلان الدستوري لمرسي؟ لا شيء إلا إشعال المزيد من نيران الغضب، وكأن مصر في ظروفها الحرجة تحتاج إلى احتقان جديد. لا تفسير لذلك التخبط إلا غياب الحد الأدنى من الثقافة القانونية والخبرة السياسية، فأي رئيس هذا لدولة في حجمم وعراقة ومكانة مصر؟