يحيي العالم غدا اليوم الدولي للمسنين 2018 تحت شعار " الاحتفال بالمسنين من أبطال حقوق الإنسان"، حيث يهدف الاحتفال هذا العام إلي تعزيز الحقوق المكرسة في الإعلان وما يعنيه في الحياة اليومية للمسنين؛ كما يهدف إلي زيادة ظهور كبار السن كأعضاء مشاركين في المجتمع ملتزمين بتحسين التمتع بحقوق الإنسان في العديد من مجالات الحياة وليس فقط تلك التي تتصل بهم بشكل مباشر. ويستهدف الاحتفال التفكير في كيفية ضمان التمتع الكامل والمتكافئ بحقوق الإنسان والحريات الأساسية من قبل كبار السن؛ وإشراك الجماهير على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم وتعبئة الأشخاس من أجل حقوق الإنسان في جميع مراحل الحياة. وتشير التقارير الأممية إلي أن عدد المسنين في العالم سيزداد من 962 مليون شخص في العالم في 2017 إلى 2,1 مليار شخص في 2050، و3,1 مليارات في 2100. وستكون الزيادة في عدد كبار السن أكبر وأسرع في دول العالم النامي، ومقارنة بآسيا والتي يتم وصفها على أنها المنطقة التي يوجد فيها أكبر عدد من كبار السن، تواجه أفريقيا أكبر نمو متناسب. ومن هذا المنطلق، فمن الواضح أن الاهتمام المعزز بالاحتياجات والتحديات الخاصة التي يواجهها العديد من كبار السن أمر مطلوب. ومع ذلك، لا تقل أهمية المساهمة الأساسية التي يمكن أن تستمر بها أغلبية الرجال والنساء الأكبر سنا في أداء المجتمع إذا توفرت ضمانات كافية. حقوق الإنسان تكمن في صميم كل الجهود المبذولة في هذا الصدد. ويستلزم الالتزام بالمبدأ الإرشادي للأمين العام "لن نهمل أحدا"، فهم أن الديموغرافيا مهمة للتنمية المستدامة وأن الديناميكيات السكانية ستشكل التحديات التنموية الرئيسية التي يواجهها العالم في القرن الحادي والعشرين. إذا كان طموحنا هو "بناء المستقبل الذي نريده"، يجب أن نتناول السكان الذين تجاوزوا الستين عامًا والذين من المتوقع أن يصل عددهم إلى 1.4 مليار بحلول عام 2030. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار 45/106 في 14 ديسمبر عام 1990 باعتبار يوم 1 أكتوبر يوماً دولياً للمسنين ، وقد جري أول احتفال في عام 1991. ويتم الاحتفال باليوم العالمي للمسنين لرفع نسبة الوعي بالمشاكل التي تواجه كبار السن، كالشيخوخة وإساءة معاملة كبار السن ، كذلك بما أنجزه كبار السن للمجتمع. وقد أشار أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة ، في التوصيات الواردة في تقرير الأمين العام حول "الاتجاهات الديموجرافية للمسنين "، إلي أن سكان العالم يشيخون، وبعضهم في مرحلة متقدمة من الشيخوخة،حيث يواجه العالم مسألة انخفاض عدد السكان في سن العمل وعدداً متزايداً من المتقاعدين . وأنه يجب علينا اتخاذ إجراءات في هذا الصدد ، حيث ينبغي على الحكومات أن تنظر في الضرائب المترتبة عن التغيرات الديموغرافية، وربما أيضاً في زيادة سن التقاعد. وأضاف غوتيريس أن الهجرة قد تقلل من تأثير الشيخوخة في جميع أنحاء العالم، حيث يميل المهاجرون إلى أن يكونوا أصغر سناً من متوسط عدد السكان في البلد المضيف، داعياً في هذا السياق الدول إلى اعتماد سياسات لتسهيل دخول المهاجرين بطريقة آمنة ومنظمة ومنتظمة. وذكر غوتيريس ، أن الاستثمار في البشر، سيساعد على تخفيف الصعوبات المالية المرتبطة بشيخوخة السكان عن طريق تعزيز شيخوخة صحية والتأكد من أن يشارك كبار السن مشاركة كاملة في المجتمع، وخاصة كجزء من قوة العمل فيما يتم تدريبهم على القيام بهذا العمل. وشدد غوتيريس ، أيضاً على الحاجة إلى الاستثمار في رفاه الفتيات والنساء كوسيلة تفيد سكان العالم وتحقق أهداف التنمية المستدامة. وأظهرت دراسات حديثة نشرت في موقع " ستراتفور" للأبحاث، أن العالم يتجه نحو الشيخوخة أكثر فأكثر، الأمر الذي يلقي أعباء مادية واقتصادية واجتماعية على المجتمعات والدول التي ستعاني أكثر من غيرها من الشيخوخة. وتتوقع الدراسات، أن تنخفض نسبة الطبقة العاملة، التي تتراوح عمرياً بين 15 و64 عاماً، إلى أقل من 5 % في دول مثل: اليابانوإيطاليا وألمانيا وكندا وفرنسا وبريطانيا. وأضاف التقرير أن هذه الدول بالتحديد ستشهد زيادة كبيرة في عدد كبار السن من بين السكان وستتجاوز نسبتهم فيها في العام 2040 نسبة 30 % من السكان. وبحسب الإحصائيات، فقد بلغ عدد كبار السن ممن تزيد أعمارهم على 65 عامًا في العام 2012 حوالي 562 مليون نسمة، ليرتفع إلى 617 مليون نسمة عام 2015. وسترتفع نسبة كبار السن من 10 % عام 2015 إلى 20 % عام 2050، وفي العام 2050، سيعيش 80 % من كبار السن، أي ما يعادل 1.3 مليار نسمة، في الدول ذات الدخل المنخفض. وترتفع في بلدان لاتحاد الأوروبي أعداد المسنين بشكل متزايد، في ظاهرة تعزى خصوصا إلى ارتفاع أمد الحياة المتوقع، وفق ما أظهرت إحصاءات نشرها المكتب الأوروبي للإحصاء. فقد ارتفعت نسبة من هم فوق سن الثمانين عاما في أوروبا من 4 % في العام 2005 إلى 5,3 % في العام 2015، أي شخص واحد من كل 20 شخصا. وبشكل عام، تسجل في أوروبا أعلى معدلات المسنين فوق سن الثمانين، وخصوصا في إيطاليا حيث يشكلون 6.5 % من السكان، واليونان 6.3 %، أما النسب الأدنى في أوروبا فتسجل في إيرلندا وسلوفاكيا 3.1 %. وفي أوروبا عموما، كان يمكن لأي مسن في الثمانين من عمره أن يأمل بتسع سنوات وستة أشهر إضافية من الحياة في المتوسط في عام 2014، في مقابل ثماني سنوات وخمسة أشهر قبل عشر سنوات. في فرنسا، يمكن لمن بلغ الثمانين أن يأمل بالعيش 11 عاما إضافيا، لتكون فرنسا المتقدمة أوروبيا في هذا المجال. أما في بلغاريا مثلا، فإن من بلغ الثمانين لا يأمل بأن يعيش أكثر من سبع سنوات إضافية، في المعدل. وذكر مسح لوزارة الشؤون الداخلية والاتصالات اليابانية لعام 2017 ، أن العدد التقديري للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما أو أكثر في اليابان قد وصل إلى 35.14 مليون، أي ما يمثل 27.7% من إجمالي عدد السكان في البلاد، حيث وصل الرقمان مستويات قياسية. وزاد عدد السكان المسنين بمقدار 570 ألف نسمة عن العام السابق وارتفعت حصته بنسبة 0.5 نقطة مئوية، مع تعداد سكان يتجه نحو الانخفاض. وبلغ عدد الأشخاص الذين يبلغون من العمر 90 عاما أو أكثر 2.06 مليون نسمة، أي أكثر من مليوني شخص للمرة الأولى على الإطلاق في تاريخ اليابان. وبلغ عدد المسنين 15.25 مليون نسمة، أي ما يمثل 24.7 في المائة من مجموع السكان الذكور، وبلغ عدد المسنات 19.88 مليون، أي 30.6% من مجموع الإناث في جميع أنحاء اليابان. وفي الوقت نفسه ، كشف تقرير التوقعات الاقتصادية الإقليمية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ هذا العام والصادر عن البنك الدولي ، عن حقيقة غير معروفة على نطاق واسع: فكل آسيا تقريبا معرضة لخطر الشيخوخة قبل أن تصبح غنية. ومن المؤشرات الدالة على هذا نسبة إعالة كبار السن: نسبة السكان في سن 65 عاما وما فوق. في أوروبا، استغرق الأمر 26 عاما، في المتوسط، لكي ترتفع هذه النسبة من 15% إلى 20%؛ وفي الولاياتالمتحدة استغرق الأمر أكثر من خمسين عاما. وبين الدول الآسيوية، تقدم سكان أستراليا ونيوزيلندا فقط في السن بسرعات مماثلة. وفي أغلب الدول الأخرى في المنطقة، استغرق هذا التحول أو سوف يستغرق أقل من 15 عاما. وهذا يعني أن لقب بطل العالم في النمو لا يكفي ببساطة. ولكي ندرك السبب، فما علينا إلا أن ننظر إلى نصيب الفرد من الدخل في كل من هذه الدول (من حيث تعادل القوة الشرائية) عندما بلغت نسبة إعالة كبار السن، مقارنة بالتجربة الأميركية، ذروتها أو عندما تبلغها. وكان نصيب الفرد في الدخل في الاقتصادات الآسيوية، باستثناء الاقتصادات الغنية بالفعل مثل أستراليا، وهونج كونج، واليابان، وسنغافورة، أقل كثيرا أو سوف يكون أقل كثيرا من نظيره في اقتصادات متقدمة أخرى تمر بمراحل مماثلة من دورة الشيخوخة السكانية. على سبيل المثال، عندما بلغ عدد كبار السن في الصين ذروته في عام 2011، كان نصيب الفرد في دخلها لم يتجاوز بعد 20% من المستوى في الولاياتالمتحدة؛ وعندما بلغت فيتنام نفس الذروة في عام 2014، كان الرقم 10% فقط. وعلى الرغم من شباب سكانها وقوة نموها، فلن يتجاوز نصيب الفرد في الدخل في الهند 45% من المستوى في الولاياتالمتحدة عندما يبلغ عدد سكانها من كبار السن ذروته في عام 2040 تقريبا؛ وحتى هذا يستند إلى افتراض متفائل مفاده أن الهند ستحافظ على مستوى النمو القوي الحالي على مدار القعود القليلة المقبلة. وينطوي هذا الاتجاه الديموغرافي على عواقب بعيدة المدى للمنطقة. فسوف يكون الوقت المتاح للدول الآسيوية للتحضير للانتقال إلى مجتمع مسن أقل كثيرا من ذلك الذي أتيح للاقتصادات المتقدمة. الأمر الأسوأ من هذا هو أن هذه الدول سوف تضطر إلى تدبير التكاليف المالية المرتفعة المترتبة على الشيخوخة السكانية في حين لا تزال فقيرة نسبيا، وهو ما من شأنه أن يخلق ضغوطا اجتماعية جديدة، والتي باتت ظاهرة بالفعل في الدول الآسيوية "المسنة". علاوة على ذلك، ربما يتسبب تباطؤ نمو الإنتاجية في زيادة المشكلة الديموغرافية في آسيا تعقيدا. فمنذ اندلعت الأزمة المالية في عام 2008، تباطأ نمو الإنتاجية في الاقتصادات المتقدمة في آسيا، وبدرجة أقل في اقتصاداتها الناشئة أيضا. وبالتالي فإن المساعي المبذولة في المنطقة للحاق بالدول الواقعة على حدود التكنولوجيا العالمية توقفت على مدار العقد المنصرم. ولتعزيز الإنتاجية في المستقبل، سيكون لزاما على الحكومات الآسيوية أن تعمل على تنفيذ إصلاحات بنيوية مستهدفة بدقة اليوم. ونظرا للشيخوخة السكانية السريعة في آسيا، فمن الأهمية بمكان أن تشمل هذه الإصلاحات سياسات لحماية المسنين، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، ودفع عجلة النمو البعيد الأمد. يتعين على الحكومات أن تعمل أيضا على تسهيل مشاركة النساء والعمال الأكبر سنا في قوة العمل، من خلال التوسع في إنشاء مرافق رعاية الأطفال وخلق الحوافز للشركات لتيسير متطلبات سن التقاعد. كما أثبتت أستراليا، وهونج كونج، ونيوزيلندا، وسنغافورة، فإن الهجرة من الممكن أن تعمل على تخفيف الأضرار الناجمة عن الشيخوخة السكانية السريعة. فمن خلال تعزيز أنظمة معاشات التقاعد، بما في ذلك من خلال منافع الحد الأدنى المضمونة، يُصبِح بوسع الحكومات توفير شبكة أمان للمسنين الضعفاء، والحد من حوافز الادخار التحوطي. ولابد من تكميل هذه السياسات بإصلاحات معززة للإنتاجية. وسوف تختلف الأولويات باختلاف الدول، ولكنها جميعا لابد أن تزيد من استثماراتها في التعليم والتدريب المستمر مدى الحياة، في حين تمضي قدما في تنفيذ إصلاحات سوق العمل والمنتجات. أخيرا، ينبغي للاقتصادات الآسيوية المتقدمة أن تركز على تحسين الإبداع، من خلال تخصيص الإنفاق على البحث والتطوير على نحو أكثر فعالية، وزيادة الإنتاجية في قطاع الخدمات. ومن جانبها، يتعين على الدول الناشئة والنامية أن تعمل على اجتذاب المزيد من الاستثمار المباشر الأجنبي، وتعزيز الاستثمار المحلي، وتوسيع قدرتها على تبني تكنولوجيات جديدة. وقد كشفت الاحصائيات الصادرة مؤخراً أنه يوجد في الدول العربية أكثر من 27 مليون مسن تجاوزت أعمارهم ال 60 سنة، وهو ما يعادل 8% من مجموع السكان. ومن المتوقع أن يرتفع عدد الشيوخ في 2030 إلى أكثر من 20 مليون، وأن يتجاوز عددهم 90 مليون مسن بحلول 2050، وسيمثلون خلالها حوالي 15% من مجموع سكان الدول العربية. وقد أنجز صندوق الأممالمتحدة للسكان بشراكة مع جامعة الدول العربية، تقريراً مفصلا حول التغيير الديموغرافي في المنطقة العربية، كشف أن نسبة الشيخوخة ستبلغ ذروتها في السنوات المقبلة حين يتوقع أن يكون خمس سكان الدول العربية مسنين بحلول سنة 2050. وكشفت البيانات التي أنجزها صندوق الأممالمتحدة للسكان أن نسبة السكان البالغين من العمر 65 سنة فما فوق في ارتفاع متزايد منذ سنة 1990. وأكد المؤتمر العربي حول كبار السن الذي انتظم سنة 2017، أن المنطقة العربية تشهد تحولات ديمغرافية عميقة، مضيفا أنه من المنتظر أن يتجاوز عدد كبار السن بكثير عدد الأطفال دون سن العاشرة بحلول سنة 2050. وأكد التقرير ذاته أن كبار السن لا يتخلون عن دورهم، طوعاً أو قسراً، عندما يبلغون سن التقاعد أو يحالون على المعاش، فقسم كبير منهم يستمر في العمل والإنتاج حتى مرحلة متقدمة، خصوصا ممن لا رواتب تقاعد لهم أو أصحاب المهن الخاصة والحرفية والمزارعون والعمال. وفي كل الأحوال يستمر كبار السن في الاضطلاع بدور أخلاقي ومعنوي وينظر إليهم بوصفهم أرباب الأسر المسؤولين عن معيشتها. وأكد التقرير إلي أن دور المسنين لايكون رمزياً فقط وإنما يرتبط أيضا بالكثير من المسؤوليات، لا سيما الاقتصادية والمالية. وقد كشفت نتائج دراسات استقصائية حول السكان العرب وصحة الأسرة أجريت في عدد من البلدان العربية لمحة عن حالة كبار السن في البلدان العربية، أن 85 % من السكان البالغين من العمر 60 عاما أو أكثر في هذه البلدان هم أرباب أسرهم. وأضافت أن 63 % أزواج أو أرباب الأسر و22 % من بين كبار السن هم الرجال، 94 % هم أرباب الأسر المعيشيين مقابل 30 % من نظرائهم من النساء. وكشف مختصون في المجال الديمجرافي في المؤتمر العربي حول كبار السن ، أن المسنين في جميع الدول العربية تجمعهم نفس الظروف الإجتماعية المتردية من بينها ارتفاع الأمية، ضعف المشاركة الاقتصادية، ونسبة إعالة الأسر من قبل كبار السن بسبب هجرة الشباب. وتشير الاحصائيات الرسمية إلى أن مسنا من كل أربعة في الدول العربية يتمتع بالتغطية الاجتماعية.كما ارتفعت حصيلة العاطلين عن العمل في الدول العربية في صفوف كبار السن، حيث أن أكثر من 71% من المسنين يلازمون البيوت وعاجزون عن العمل. وتشير التوقعات السكانية إلى أن لبنان سيشهد تهرما سكانيا سنة 2050، حيث ستتجاوز نسبة الذين أعمارهم 60 سنة فما فوق 38% ، تليها تونس في المرتبة الثانية بنسبة 32%. أما المغرب، فيبلغ عدد سكانها الذين تجاوزوا ال60 سنة 10.7% سنة 2015، وينتظر أن تتجاوز هذه النسبة 27% سنة 2050. وفي الجزائر، سيصل عدد المسنين إلى 27% من مجمل السكان في السنة نفسها. كما ستتجاوز نسبة المسنين في السعودية 23%، و 22% في قطر، و17% في مصر، و16% في الأردن، بحلول عام 2050. ومن المتوقع، حسب تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، التابع للأمم المتحدة أن يبلغ عدد المسنين في الدول العربية 21 مليون سنة 2020. كما سيتجاوز عدد السكان المعمّرين فوق ال80 عاما نسبة 5 % في 11 بلد عربياً.