تشهد الأراضى الفلسطينية العديد من الانتهاكات منذ اعتراف الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» بالقدسالشرقية عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إليها، وفى هذا الإطار سعت حكومة الاحتلال بترسيخ مرتكزات الاستيطان من خلال إعادة هيكلة المنطقة ومؤسساتها من أجل التغير الديموغرافى والقانونى للمنطقة عبر زيادة المستوطنات والتهجير القسرى للمدنيين، وطرد السكان الأصليين من أراضيهم. لذا فقد جاء قرار «ترامب» استكمالًا للسياسات الاستيطان الصهيونى خلال فترات حكم الحكومات الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التى بدأت بحكومة «مناحم بيجن» فى أواخر السبعينيات. وقد بلغ عدد المستوطنات فى الفترة ما بين 1977 و1986 (78) مستوطنة جديدة، كما بلغ عدد المستوطنين فى الضفة الغربية (111673) مستوطنة علاوة على (140872) فى القدسالشرقية، وذلك فى عام 1992، كما ساهمت الأحزاب الحاكمة فى تزايد عدد المستوطنات -فعلى سبيل المثال- ساهم حزب الليكود فى بناء ما يقرب من 70.1٪، أما حزب العمل فقد بلغ ما يقرب من 29.95٪ من المستوطنات، معظمها تم بناؤه بين عام 1976 و1991، وذلك وفقًا لإحصاءات المكتب المركزى للإحصاءات الفلسطينية. واستمرارًا للنهج الاستيطانى بلغ إجمالى عدد المستوطنات فى الضفة الغربية أكثر من 125 مستوطنة رسمية، وذلك فى عام 2012، وبدايةً من عام 2016 بلغ عددهم 128 مستوطنة موجودة فى 11 تجمعًا استيطانيًا، يقع أكبرها فى «غور الأردن»، الذى يضم 26 مستوطنة، ويعرف باسم تجمع «بنيامين». يعد الاستيطان الترجمة الفعلية للفكر الاستراتيجى الصهيونى، الذى يستند على الاستيلاء الأراضى الفلسطينية، بعد طرد سكانها وتشريدهم ليتم توطين يهود الشتات بدلًا منهم لإخلال بالتوازن الجغرافى لصالح الكيان الصهيونى، تجلى ذلك فى عمليات التهجير القسرى لقرية الخان الأحمر المجاورة للقدس الشرقية. الأهمية الاستراتيجية للخان الأحمر تقع قرية «الخان الأحمر» فى الضفة الغربية فى المنطقة (ج) التى تشكل 60٪ من الضفة الغربية الخاضعة للسيطرة الأمنية والإدارية للقوات الاحتلال الإسرائيلية وفقًا لاتفاقية أوسلو عام 1993، وتقترب منطقة الخان من مستوطنة «معاليه أدوميم»، بالقرب من شرق القدس على الطريق المؤدى الى مدينة أريحا والبحر الميت. لذا من المتوقع أن يتم تهجير السكان وتشريدهم تمهيدًا لاستكمال بناء الجدار الفاصل، الذى سيقسم الضفة الغربية إلى قسمين، ومن المعلوم أن أهالى المنطقة منذ 2009 يناضلون ضد قرارات سلطات الاحتلال رفضًا لعملية التهجير القسرى. وتعتبر منطقة الخان واحدة من 18 حيًا بدويًا من قبيلة الجهالين تواجه تهديدًا قسريًا، حيث ينحدر سكان المنطقة من صحراء النقب عام 1953، إثر تهجيرهم من إسرائيل، ويعيش سكان الخان فى سياق من التهمش والاقصاء تمثلت فى إفتقار المنطقة إلى الخدمات من المياه والكهرباء وشبكات الاتصال والطرقات، وذلك من أجل إعادة تهجيرهم وفقًا للمخطط المشروع الاستيطان «إسرائيليا E1». الهدف الخفى للتهجير تسعى قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى توسيع نطاق الاستيطان خاصة حول المناطق المقدسة لتوسيع مدينة القدسالمحتلة، وضم المستوطنات اليهودية إليها، كما تتعامل مع المنطقة على أنها مجال حيوى لتحركاتها ومشاريعها الاستيطانية، لذا فإنها تخطط لإزالة التجمع وإقامة مطار فى منطقة «النبى موسى» بجانب سلسلة من الفنادق، والمناطق التجارية والصناعية وربطها بشبكة من خطوط السكك الحديدية. يأتى الهدف الحقيقى من هذه العملية هو تنفيذ ما يعرف باسم «القدس الكبرى» من خلال تشريد الأهالى من الخان وإزالته لربطه بالمستوطنات الإسرائيلية لفصل شمال الضفة وعن شمالها بالتزامن مع ضم المستوطنات مثل «جوش عتصيون»، و«جفعات زئيف» الواقعة فى شمال الضفة جنوب بيت لحم لتغيير الحدود الجغرافية والديموغرافية لترسيخ الاستيطان الصهيونى داخل مدينة القدسالشرقية. الردع المضاد لأهالى الخان فى سياق عمليات التهجير القسرى وتشريد الآمنين من السكان المرابطون والمدافعون عن أراضيهم تصدى أهالى المنطقة لقوات الاحتلال ما أدى إلى استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلية للقوة تجاه الأهالى على كل الأصعدة على النحو التالي: إصدار أحكام قضائية؛ أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قرارًا بموجبه يتم هدم الخان وإجلاء سكانه البلغ عددهم 190 فردًا إلا أنها تراجعت بشكل مؤقت نتيجة الضغوط الدولية، والداخلية التى حاولت أن تثبت ملكية الأرض بأنها فلسطينية أُقيم عليها التجمع فى بداية الخمسينيات، لذا فهى ليست أرض عامة، وعليه فقد أصدرت يوم الإثنين 9 يوليو 2018 أمرًا جديدًا يمنع السلطات الإسرائيلية من هدم تجمع الخان، كما أمرت بالتمهّل حتى 16 يوليو الجارى. وقامت قوات الاحتلال بفرض حظر تجوال على أهالى المنطقة، مع إمكانية إطلاق الرصاص، واعتقال عدد من الأهالى، فيما تم منعهم من الذهاب إلى مزارعهم، والتواصل مع العالم الخارجى، كما تم منع بعض الدبلوماسيين من الدخول إلى المنطقة. وأيضا الاعتقال القسري؛ حيث داهمت قوات الاحتلال أهالى المنطقة وشنت حملة اعتقالات طالت 9 متضامنين، بينهم خمسة فلسطينيين وثلاثة بريطانيين، وأمريكى جاءوا لمساندة أهالى تجمع الأحمر. وقامت قوات الاحتلال الإسرائيلية بشن حملة تطويق على التجمع الأهالى فى الخان، من خلال إغلاق الطرق المؤدية إليه، كما قامت بتسليمهم إخطارًا لهدم المنازل تمهيدًا لتنفيذ مخطط «1 أي» القاضى بتوسيع نطاق مستوطنة معاليه أدوميم لربطها بالقدس. المدن التاريخية محط أنظار الاستيطان تحاول سلطات الاحتلال تنفيذ المخططات الصهيونية فى إقامة الدولة الإسرائيلية استنادًا على عدد من الأبعاد والمرتكزات، تأتى فى مقدمتها السيطرة على المقدسات الدينية وإثباتهم أنها جزء من تاريخهم وأساس وجودهم على الأراضى الفلسطينية، فضلًا عن اعتبارها أرض الميعاد.