الأثار المصرية على مختلف حقبها التاريخية تعد محط أنظار العالم منذ قد التاريخ، بين إنبهار بروعة وعظة الفن الفريد والتقنية العالية في الصناعة، وبين رغبة في الحصل على الثراء السريع لدى بعض ضعفاء النفوس الذين يحاولون طوال الوقت الحصول لى هذه الآثار لتحقيق مكاسبهم المادية. لم تقتصر المطامع وأحلام الثراء على عمليات "الحفر الخلسة" عن الآثار الفرعونية وحسب، وإنما امتدت لتكون لها مافيا عالمية تُتاجر في آثار مصر المهربة في الخارج، وهو ما يُثير حالة من الاستياء والتساؤلات عن كيفية تهريب تلك الآثار للخارج، وعن مشروعية وجودها بالمزادات العالمية. كان آخرها ساعة ذهبية نادرة من المقتنيات الشخصية للملك فاروق والمقرر بيعها في مزاد "دار كريستيز" بدبي، هذا الأسبوع، وهي ساعة ماركة "باتيك فليب 1518" صنعت عام 1944 خصيصى للمك فاروق، وتحمل نقشًا لتاج المملكة المصرية في عهد أسرة محمد علي، كما نقش عليها حرف "f" الذي كان يتفاءل به الملك، وهي واحدة من عدد قليل أنتجته الدار السويسرية للساعات، فقد بلغ عدد ما أنتجته من هذا الطراز 281 ساعة فقط، وهي أهم قطعة تُعرض في المزاد الذي يقام يوم الجمعة، ومن المتوقع الإعلان عن سعر بيعها يوم السبت المقبل. لم تكن ساعة الملك فاروق الفريدة المعروضة بالمزاد المزمع عقده يوم 25 مارس الجاري هي المقتنى الآثري الأول والوحيد للملك المعروض بصالة مزادات، فقد سبقه عبر الفترات الماضية العديد من القطع الآثرية التي تم بيعها بمزادات حول العالم، إلا أن غرفة نوم الملك فاروق التي عرضت في أحدى صالات المزادات بأمريكا في يناير الماضي كانت بمثابة صدمة كبيرة، حيث فوجئ رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعرض غرفة النوم خاصة بالملك فاروق للبيع على أحد المواقع الإلكترونية مقابل نحو مليون دولار، ما أثار جدلًا، وطرح تساؤلات حول كيفية خروجها من البلاد. وتعود القصة إلى عام 2013، حينما اكتشف اختفاء غرفة ملك مصر السابق من استراحته في حديقة الحيوان بالجيزة، واستبدالها بأخرى من أحد محال الأثاث المجاورة للحديقة، وعرض موقع "فليكر" الغرفة في يناير الماضي بسعر 982 ألف دولار أمريكي، والعارض هو شركة "إم إس رو أنتيكيس" الأمريكية لبيع التحف والأعمال الفنية والمجوهرات. وأثار بيع الغرفة على الإنترنت، العديد من التساؤلات حول كيفية خروج غرفة بهذا الحجم من مصر بعد سرقتها من حديقة الحيوان بالجيزة، نظرا لضخامة حجم قطع الأثاث، ووجود محتويات يمكن أن تنكسر خلال نقلها، ما يشكّل لغزا يحتاج لتفسير، وأصدر وقتها الملك فؤاد الثاني نجل الملك فاروق، بيانًا على صفحته على موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك يؤكد خلاله أن هذه الغرفة وغيرها من المقتنيات الملكية هي ملك للشعب المصري والدولة المصرية ولا يجوز بيعها بأي حال من الأحوال. لم تكن غرفة الآثاث الملكية والساعة الخاصة بالملك أول ما تم بيعه في المزادات العالمية، حيث تم بيع سيارة ألفا روميو 2600 موديل 1939 والخاصة بالملك فاروق الأول، بمبلغ 350،000 يورو في مزاد بونهامز الإنجليزي الذي عقد في معرض "ليه جراند ماركيز" بمدينة موناكو في 18 مايو 2009، وسيارة فيراري تيبو 212 موديل 1951 قد بيعت أيضًا في نفس المزاد بمبلغ 580،000 يورو في 10 مايو 2008، وسيارة تاترا تي 87 برلين موديل 1948 قد تم بيعها بمبلغ 103،500 يورو في مزاد بونهامز، الذي أقيم في معرض ليه جراند ماركي دو موند بباريس في 7 فبراير 2013، وسيارة تاترا تي 87 سيدان موديل 1948 بيعت بمبلغ 104،500 دولار أمريكي في مزاد بونهامز الذي عقد في متحف سيميون للسيارات بولاية فيلاديلفيا الأمريكية في 6 أكتوبر 2014، وسيارة ألفا روميو 6 سي 2500 موديل 1942 قد تم بيعها بمبلغ 525،000 يورو في نفس المزاد الذي أقيم في حلبة سباق السيارات سبا فرانكورشومب بمدينة فرانكورشومب البلجيكية في 25 مايو 2013، وسيارة تاترا تي 87 سيدان موديل 1948 بيعت بمبلغ 126،500 دولار أمريكي أيضًا في نفس المزاد بنادي كويل لودج للجولف بولاية كاليفورنيا الأمريكية في 16 أغسطس 2013. جدير بالذكر أن هذه المقتيات تُعد مجموعة صغيرة من ضمن أساطيل السيارات والتحف والمجوهرات والمقتنيات التي لا تقدر بمال والتي تشكل جزءًا هامًا من تاريخ مصر الحديث منذ عام 1805 وحتى عام 1952، ومعظمها كنوز نادرة، والتي تُعد جزء من إرث وتراث وحضارة ومجد الدولة المصرية. وكانت مقتنيات أسرة محمد علي قد تعرضت للنهب والسرقة عقب ثورة 25 يناير إثر فوضى عمّت البلاد، وبشكل متكرر تعرض صالتا مزادات "بونهامز" بلندن و"سوذبي" بالولايات المتحدةالأمريكية، القطع الأثرية المصرية المهرَّبة للبيع، وسط حالة رفض بين صفوف المتابعين والمهتمين بالحفاظ على التراث المصري على المستويين الشعبي والرسمي.