يقدم مسرح الطليعة عرضا مسرحيا بعنوان «السيرة الهلامية» عن نص «هاملت» للمسرحى الإنجليزى الأشهر وليم شكسبير، وليست المرة الأولى التى يتناول فيها مخرجا نصا مأساويا لشكسبير أو غيره بطريقة ساخرة، وهذه التجربة خاضها كثير من المخرجين سواء فى المسرح العربى أو فى المسرح العالمي، أم ينظر المخرج إلى النص من زاوية أخرى وكيف يفصل من خلال تلك المحاكاة الساخرة التى حافظ عليها وجعله يفرق بين السخرية والتهريج. حافظ المؤلف على الخطوط الدرامية للنص الأصلي، ولكن جعل ينتقل بالنص إلى بيئة أخرى وهى صعيد مصر التى تدور فيها أحداث العرض، بالإضافة إلى استبدال أسماء أبطال النص الأصلى إلى أسماء تنتمتى إلى هذا الجنوب مصر، فيقدم المخرج «محمد الصغير» تجربة متكاملة من خلال كوميديا النمط على الرغم من صعوبتها لكن ابتعد عن الكوميديا اللفظية، بالإضافة إلى توظيف المؤثرات السمعية العديدة بالنص المسرحى عن طريق الفرقة الموسيقية واستخدام الإكسسوار والديكور يجعل من خلالها الممثل أهم شىء على المسرح، فيتناول العرض فكرة الثأر والعار الذى تجلبه المرأة لأسرتها عند خيانة زوجها والزواج بقاتله، وشبح الأب الذى يظهر لابنه مطالبا منه الثأر من عمه الذى قتل أبيه وتزوج أرملته، فكل هذه الأفكار متواجدة فى جنوب مصر، ويصبح عمدة القرية داخل العرض على عكس الملك المغدور غير النص الأصلي، وأصبحت شخصية «هراس» فى ذلك العرض تمثل «هاملت» وتقسم إلى ثلاث شخصيات المنتقم، والأبله، والمتردد. وفى تلك الأحداث كما نرى أن السيف هو وسيلة القتل المتعارف عليها، ولكن استخدم مخرج العرض «الشومة» بديل السيف المنتهية بمسمار مسموم، بالإضافة أيضا إلى استخدام عبوة كبيرة من «ماء النار» بديلا عن الكأس الممزوج بالسم، الذى شرب منه أهل القرية دون أن يتأثروا بشيء، وهذا ما أشار اليه المخرج من خلال عرضه أن أهل الجنوب لا يتأثرون بشىء. ولعبت هبة مجدى فى تصميم ملابس الممثلين بحس كوميدى واضح، من خلال لمساتها اختيارها إلى الملابس التى يرتديها سكان الجنوب، بالإضافة إلى بقية ملابس الشخصيات بل وبرزت فى استخدام بعض المناطق الجسدية التى تثير الضحك، بينما لعب الديكور دورا بارزا فى العرض فى بعض التصميمات الديكورية فأخذ الشكل الثابت مما جعل المستوى المرتفع بسيطا عن خشبة المسرح، والذى خصصت للعزف الحى للموسيقى والغناء، وكان للإضاءة دور هام كما كانت الإضاءة عاملا من عوامل نجاح العرض المسرحى فاستخدم بحرفية شديدة تلك الأضوء التى خلقت نوعا من التناغم بين الممثلين وبعضهم فى أداء الأدوار منها بعض الأغانى والرقصات التى تناسبت مع طبيعة العرض، فنحن أمام مسرحية جيدة استطاع مخرجها أن يظهرها بشكل مختلف واختيار بيئة جنوب مصر لتكون أحداث مسرحية حول قيمة الانتقام عند هاملت فى إطار صعيدى بشكل معاصر.