شهدت العلاقات "القطرية - الإيرانية" على مدار ثلاثة عقود هى عمر الجمهورية الإسلامية، أزهى عصورها ولم تقتصر على العلاقات السياسية أو الدعم الواضح، وإنما امتدت إلى جميع مناحى الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وكانت «الدوحة» أول عاصمة خليجية تخرج عن حالة المقاطعة مع إيران، بل وطالبت بأن تشترك طهران فى مهمات حفظ الأمن فى المنطقة، باعتبارها من أكبر دول المنطقة وأكثرها قوة. ووقع الجانبان اتفاقيات كبرى لتفعيل التعاون التجارى والاقتصادى بينهما، وفى مقدمتها مشروع نهر «كارونا الإيراني» إلى قطر والذى يتم بحثه حاليًا لإضفاء مزيد من الزخم على العلاقات الثنائية بين الجانبين، فيما يشتركان فى تطوير أكبر حقل للغاز الطبيعى فى العالم، وهو «حقل الشمال»، الكائن فى الخليج العربي. وعلى مدار الثلاثة عقود التى تمثل عمر العلاقة بين الجانبين، كانت الدوحة العاصمة الخليجية الأقرب لإيران، وحفظت العلاقة بين الجانبين على حميميتها طوال هذه الفترة، مع الحرص القطرى على تحقيق نوع من التوازن بين علاقتها بإيران وعضويتها بمجلس التعاون الخليجي. كما ظهرت قوة العلاقة بين الجانبين بوضوح على المستوى الشعبى أيضًا، إذ إن الجالية الإيرانية فى الدوحة تحظى بمعاملة جيدة للغاية، كما يسمح للشيعة بممارسة شعائرهم الدينية بحرية كاملة، ويتمتعون بحقوق المواطنة دون أى تمييز باعتبارهم مواطنين شركاء فى البلد. ومثلت زيارة أمير قطر، التى قام بها إلى طهران عام 2006 منحى هاما فى هذه العلاقة، إذ إنها جاءت فى فترة حساسة من تاريخ المنطقة، كما أنها تعتبر الزيارة الأولى لرئيس خليجى وعربى لإيران فى هذه الظروف. إذ حاولت قطر استغلال الزيارة للتأكيد على دعمها لإيران فى عدد من القضايا، وفى مقدمتها تلك التى تتعلق بالملف النووى الإيراني، إذ طالب أمير قطر خلال الزيارة بحل كل القضايا والخلافات بين الدول بالطرق السلمية، مؤكدا حق إيران فى امتلاك برنامج نووي. كما كانت زيارة أمير قطر حمد بن خليفة آل ثانى، إلى طهران عام 2000 بمثابة علامة فارقة فى تاريخ العلاقات بين الجانبين، لكونها الزيارة الأولى التى يقوم بها حاكم دولة خليجية لإيران منذ عشرين عاما. كما حاولت قطر من خلال رعايتها مؤتمر حوار المذاهب الإسلامية فى يناير 2007، توفير بيئة للحوار بين القيادات الدينية فى المذاهب الإسلامية، تنزع فتيل ما يتردد فى الإعلام من احتمال دخول المنطقة فى حرب مذهبية طائفية، وفى 2010 وقعت قطر مع إيران، اتفاقية للتعاون الأمنى بينهما، تشمل مكافحة الجريمة المنظمة، وحراسة الحدود، ومكافحة تهريب المخدرات، وغسيل الأموال، والاتجار بالبشر، وهى الاتفاقية التى فجرت حالة من الغضب على الصعيد الخليجى، الذى اعتبرها بمثابة الخيانة للوحدة الخليجية.