رأى عددا من المحللين السياسيين الروس أن بلادهم تسعى لاستغلال "اضرابات" البيت الأبيض لتوسيع دائرة نفوذها العالمي. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اليوم الثلاثاء، عن هؤلاء المحللين قولهم إن روسيا - التي باتت على قناعة بشكل متزايد بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لن يحدث تغييرا جوهريا في العلاقات معها - بدأت تسعى لتعزيز نفوذها العالمي، من خلال استغلال ما تعتبره ضعفا واضطرابا داخل البيت الأبيض في واشنطن. وأشاروا إلى أن روسيا واصلت اختبار الولاياتالمتحدة على الجبهة العسكرية، من خلال تحليق الطائرات المقاتلة بالقرب من السفن الحربية الأمريكية بالبحر الأسود في وقت سابق من هذا الشهر، علاوة على إبحار إحدى السفن الحربية الروسية في المحيط الأطلسي بشكل واضح قبالة سواحل ولاية ديلاوير الأمريكية. ونقلت الصحيفة عن رئيس تحرير محطة (صدى موسكو) الإذاعية الروسية أليكسي فينيديكتوف، قوله "إنهم يعتقدون أنه (ترامب) شخصا غير مستقر، ويمكن التلاعب به، علاوة على أنه شخص بدون فريق عمل". وأضاف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لطالما سعى للقضاء على النظام الغربي الليبرالي، بصفته منافسا ومدافعا عن البديل وهو النموذج المنغلق. ولأجل هذه الغاية، فعل بوتين ما بوسعه لدعم الفرص الانتخابية للرئيس ترامب، الذي بدا وكأنه الشبيه الروحي لبوتين من خلال انتقاداته اللاذعة لحلف شمال الأطلسي "الناتو" والاتحاد الأوروبي،علاوة على تأييده لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتجاهله المتكرر لدور روسيا في زعزعة استقرار أوكرانيا. وأشار فينيديكتوف إلى "أن الروس يرون أن ترامب هو من خلق الاضطرابات في الداخل، وهو الأمر الذي يريدون حدوثه، وأنه أصبح الآن مهتما بقضاياه الداخلية، لذا فإن لديهم المزيد من الحرية للمناورة"، مضيفا "فلندعهم يتعاملون مع قضاياهم الداخلية هناك، وليس في أوكرانيا، وليس في الشرق الأوسط، وليس في الناتو.. هذا هو المزاج العام الآن". من جانبه، قال الباحث البارز والمقرب من قصر الكرملين سيرجي ماركوف، إن الكرملين يتطلع إلى السبل التي تمكن روسيا من استغلال الفوضى في واشنطن من أجل تحقيق مصالحها الشخصية، وأن الأمل الرئيسي لدى موسكو يتمثل في أن تكون الولاياتالمتحدة منشغلة بشؤونها الداخلية، ومن ثم تكف عن ممارسة الضغوط على روسيا. على العكس، أشار أليكسي تشيسناكوف، وهو مستشار سياسي دوري للكرملين ومدير مركز الدراسات السياسية الراهنة في موسكو، أن الكرملين يدرك أن تكتيك خلق واستغلال الفوضى يمكن أن يأتي في الوقت ذاته بنتائج عكسية، فقد تتمخض أجواء عدم الاستقرار التي يطول أجلها عن السماح للتهديدات العالمية - مثل تلك التي يفرضها تنظيم داعش الإرهابي - بأن تزدهر وتتنامى. وأضاف "من المهم لروسيا أن تؤدي الولاياتالمتحدة مهمتها في السياسة الخارجية، ففي حال لم يتواجد أحد للقيام بهذه المهمة، فإن ذلك لن يكون في مصلحتنا". واعتبرت "نيويورك تايمز" أن مما يثبت مساعي موسكو لتوسيع دائرة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط قيامها مؤخرا ب"التودد إلى" ليبيا، حيث يسعى بوتين لإثبات أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والقوى الغربية الأخرى ارتكبوا أخطاء عندما أطاحوا بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، موضحة أن روسيا أرسلت حاملة المروحيات الوحيدة التي تمتلكها لزيارة ليبيا، أثناء عودتها من سوريا الشهر الماضي. علاوة على ذلك، فإن الحكومة الروسية دعت مسئولين بارزين ومحللين من مختلف أنحاء العالم العربي لمناقشة مستقبل ليبيا واليمن، وبحث غيرها من المواضيع.