تستضيف العاصمة الإماراتيةأبوظبي بعد غد الإثنين وحتى 19 يناير الحالي - من خلال فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة - الدورة الخامسة لمؤتمر القمة العالمية للمياه 2017 تحت شعار "تعزيز استدامة المياه في المناطق الجافة"، ومن المتوقع أن تستقطب أكثر من 180 شركة عارضة من 35 بلدًا، وأكثر من 10 آلاف زائر من 70 دولة حول العالم، لإتاحة فرصة فريدة للاطلاع على التقنيات ذات الكفاءة العالية. وسوف يتم خلال القمة مناقشة الفجوة المائية بين العرض والطلب في منطقة الشرق الأوسط والحاجة الملحة إلى تقليصها، فضلا عن تناول التحديات والفرص المتاحة لضمان استدامة المياه، كما سيتم تقديم أعمال لمعالجة أمن المياه، وتعزيز النمو المستدام والتنمية الاقتصادية في المناطق القاحلة وإلى تحقيق الإدارة المستدامة لموارد المياه، والمساعدة على تلبية الطلب المتزايد على هذا المورد الحيوي في منطقة الشرق الأوسط. وسوف تكون القمة مناسبة يقصدها رواد الأعمال والخبراء من كل حدو وصوب للتعاون من أجل ايجاد حلول للصعوبات والتحديات مثل تأمين موارد الطاقة، وأصبحت العلاقة بين الطاقة والمياه من أولويات أجندات زعماء العالم، فالماء والطاقة عنصران أساسيان في حياتنا اليومية، وتوليد الطاقة يحتاج إلى الماء مثلما يحتاج انتاج المياه إلى الطاقة، وهناك مجال كبير لتحسين كفاءة حماية مواردنا الثمينة والحد من استهلاك الطاقة. وبما أن الطلب على هذين العنصرين في تزايد مستمر، فإن معالجة العلاقة بين المياه والطاقة في مؤتمر القمة الدولي للمياه هو أولوية رئيسية، كما أنه من المنتظر أن يشكل السجل الناجح لدول مجلس التعاون الخليجي في التغلب على ندرة المياه الشديدة في واحدة من أكثر مناطق العالم جفافًا، حجر الزاوية في القمة العالمية الخامسة للمياه. ومن المقرر أن تعود في الدورة المرتقبة من القمة منافسات "الابتكار في القمة العالمية للمياه" التي تقام مباشرة في الحدث، بإشراف لجنة تحكيم متخصصة، وذلك دعمًا لرواد الأعمال المحليين وتكريمًا للفائزين المشاركين منهم في هذه المنافسات ممن يقدمون حلولًا واعدة في تقنيات المياه الحديثة في المنطقة. وشملت قائمة الفائزين في الدورة الماضية شركة "إيكولوجيكس" التي تستخدم التقنيات الصوتية لتحديد أماكن التسرّب في الأنابيب، وشركة فيينا لحلول مراقبة المياه المختصة بقياس التلوث الميكروبيولوجي في 15 دقيقة، و"سافاج شاورز" لأطقم الاستحمام التي يمكنها توفير 90 % من المياه والطاقة مقارنة بأطقم الاستحمام التقليدية، وسيكون بوسع العارضين والحضور الاستفادة من منتدى متخصص للتواصل يقام في مسرح "تك توك" التي ستشهد تقديم خبراء لأكثر من 40 عرضًا تعريفيًا ودراسة لحالات استخدام ناجحة لتقنيات استدامة المياه، كذلك سوف يعود إلى القمة برنامج "تواصل الشركات" دعمًا لتطوير الأعمال التجارية بين القطاعين العام والخاص. وقد استطاع هذا البرنامج خلال الدورة الفائتة تسهيل إقامة 1530 اجتماعًا بين 386 تنفيذيًا من 320 شركة من 38 بلدًا، بينها الأردن وباكستان والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والكويت ومصر والمغرب والهند. وأكد محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، أن الطلب على الطاقة والحاجة الملحة للإمدادات المستدامة من المياه تحديان متلازمان، لا سيما في الشرق الأوسط، حيث تحتاج تحلية مياه البحر إلى قدر كبير ومتزايد من الطاقة. وأضاف الرمحي أن شركة "مصدر" تحل في طليعة الابتكار في مجال الطاقة النظيفة والمياه، باعتبارها عضوًا مؤسسًا للتحالف العالمي لتحلية المياه النظيفة، ومن خلال استثمارنا المباشر في الأبحاث والتطوير مثل مشروع غنتوت التجريبي لتحلية المياه هنا في دولة الإمارات، والذي يشكل منصة اختبارية لتقنيات كفاءة الطاقة والتقنيات القائمة على الطاقة المتجددة، ونحن نرى في التعاون بين الجهات المتخصصة وتبادل المعرفة في هذا المجال أمرًا حيويًا من أجل إحراز التقدم ودعم التبني الواسع للحلول المستدامة، وقد استطاعت القمة العالمية للمياه ترسيخ نفسها منصة بارزة لتحقيق ذلك، ونحن نتطلع إلى نجاح انعقادها الخامس في مطلع العام المقبل 2017. وكان تقرير حديث صادر عن معهد الموارد العالمية وشركة جنرال إلكتريك قد توقع أن تصبح جميع الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واقعة تحت خط الفقر المائي الذي حددته منظمة الصحة العالمية، والبالغ 1000 متر مكعب سنويًا للفرد، وذلك بحلول العام 2030، وتظهر بيانات الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء في دولة الإمارات أن نصيب الفرد من استهلاك المياه يبلغ نحو 500 لتر في اليوم، أي أعلى من المتوسط العالمي بنحو 82 %. وتعتبر الامارات العربية المتحدة خير مثال في خلق التواصل فيما يتعلق بالطاقة والمياه في المناطق التي تعاني من نقص في المياه، ويتم انفاق 70% من تكاليف انتاج ومعالجة المياه في الدولة في عمليات التحلية والنقل والتخزين والتوزيع، مما يدل على الحاجة الملحة لاتباع نهج جديد في إدارة المياه. ووفقًا لهيئة البيئة في أبوظبي، فإن هذا الاستهلاك يزيد عن المعروض الطبيعي من المياه بحوالي 26 ضعفًا، ومع ذلك، فلطالما حرصت دول مجلس التعاون الخليجي على استخدام التقنيات المبتكرة في تحلية المياه لضمان أمن إمدادات المياه في المناطق الحضرية على الرغم من ارتفاع مستويات الطلب، ونتيجة لذلك، راكمت المنطقة ثروة كبيرة من المعرفة والخبرة في هذا المجال الحيوي، في وقت تعتبر ندرة المياه واحدة من أكبر التحديات التي تواجه العالم، إذ يمكن أن يكون ثلثا سكان العالم بحلول العام 2025 "تحت ظروف مائية مجهدة" وفقًا لأرقام الأممالمتحدة، وباتت دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى تمثل سوقًا رئيسية للابتكار الذي يمكن أن يزيد الإمدادات وتقلّل الهدر، في ظل استمرار النمو في الطلب على الاستخدامات المنزلية والزراعية والصناعية للمياه، فيما تأخذ هذه البلدان بالاعتبار قضايا الاستدامة على نطاق أشمل، مثل تحلية مياه البحر بطريقة أكثر كفاءة باستخدام الطاقة الشمسية لتشغيل محطات التحلية، والحد من الخسائر في شبكات التوزيع، وتحسين طرق الري في الزراعة، وتحسين طرق المعالجة والاستخدام لمياه الصرف الصحي المعاد تدويرها. وأشار تقرير الأممالمتحدة عن تنمية الموارد المائية في العالم لعام 2016، حيث حذر من أزمات المياه حول العالم التي أصبحت أكبر المخاطر التي يتعين على البشر مواجهتها خلال الأعوام المقبلة، ومع النمو السكاني السريع وشح مصادر المياه النظيفة، محذرين من إمكانية اشتعال صراعات جديدة في العالم على خلفية نقص الموارد المائية، وبينما تجاوز سكان الأرض المليارات السبعة، ورغم أن ثلثي كوكب الأرض من المياه، فإن المياه العذبة الموجودة في الكوكب لا تزيد نسبتها على 3 %، أي أن 97 % من إجمالي المياه على الأرض عبارة عن مياه بحار ومحيطات مالحة غير صالحة للاستهلاك البشري. ليس هذا فحسب، فإن النسبة المتبقية من المياه العذبة أي نسبة 3 % لا يمكن الوصول إليها مباشرة، ذلك أن ما نسبته 68 % من تلك المياه محتجزة على شكل جبال وأنهار جليدية، و30 % عبارة عن مياه جوفية. بمعنى آخر، فإن 1 % فقط من المياه العذبة عبارة عن مياه سطحية، تشكل البحيرات ما نسبته 87 % من تلك المياه و11 % منها على شكل سبخات ومستنقعات، في حين أن 2 % فقط من تلك 1 % عبارة عن أنهار. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تعاني الدول العربية من شح للمياه، وتكاد تستغل معظم ما لديها من مياه سطحية إلى جانب تلك التي يتم تحليتها بواسطة محطات تحلية المياه. وأشار تقرير أصدره البنك الدولي بعنوان "درجة حرارة مرتفعة ومناخ جاف: تغير المناخ والمياه والاقتصاد"، إلى أن ندرة المياه المتفاقمة بفعل تغير المناخ يمكن أن تكلف بعض المناطق نسبة تصل إلى 6 % من ناتجها المحلي الإجمالي بالإضافة إلى تحفيز الهجرة وتأجيج الصراعات. وأن الآثار المجتمعة لنمو السكان وارتفاع الدخول وتوسع المدن ستؤدي إلى زيادة الطلب على المياه زيادة كبيرة فيما سيكون المعروض منها غير منتظم وغير مؤكد بدرجة أكبر. ويقول التقرير إن عدم التحرك بشكل عاجل سيؤدي إلى ندرة المياه في مناطق تتوفر فيها المياه بكثرة حاليًا مثل أفريقيا الوسطى وشرق آسيا، وتفاقم الندرة إلى حد كبير في مناطق تعاني بالفعل من نقص المعروض من المياه مثل الشرق الأوسط ومنطقة الساحل في أفريقيا، وقد تشهد هذه المناطق تراجعًا في معدلات النمو بنسبة تصل إلى 6 % من الناتج الإجمالي المحلي بحلول عام 2050 بسبب الآثار المرتبطة بالمياه على الزراعة والصحة والدخل. ويحذر التقرير أيضًا من أن تراجع وفرة الماء العذب والتنافس من استخدامات أخرى مثل الطاقة والزراعة، قد يؤديان إلى تراجع وفرة المياه في المدن بنسبة تصل إلى الثلثين بحلول عام 2050 مقارنة بمعدلات عام 2015. ويضيف التقرير أن انعدام الأمن المائي قد يؤدي إلى مضاعفة مخاطر الصراع، فقد يؤدي ارتفاع أسعار الغذاء بسبب الجفاف إلى تأجيج الصراعات الكامنة ودفع موجات الهجرة، ويقول التقرير إن فترات الجفاف والفيضانات أدت إلى موجات من الهجرة وارتفاع حدة العنف داخل البلدان وذلك في المناطق التي يتأثر فيها النمو الاقتصادي بهطول الأمطار. وأشار "جيم يونغ كيم" رئيس البنك الدولي، أن ندرة المياه تمثل تهديدًا خطيرًا للنمو الاقتصادي والاستقرار في جميع بقاع العالم، ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم المشكلة، وإذا وقفت البلدان مكتوفة الأيدي في اتخاذ إجراءات لتحسين إدارة الموارد المائية، فإن تحليلنا يشير إلى أن بعض المناطق التي تضم أعدادًا كبيرة من السكان قد تعاني فترات طويلة من نمو اقتصادي سلبي، غير أن البلدان بمقدورها الآن وضع سياسات تساعدها على إدارة المياه إدارة مستدامة خلال السنوات المقبلة. ويشير التقرير إلى أن الآثار السلبية لتغير المناخ على المياه يمكن تحييدها من خلال اتخاذ قرارات أفضل على صعيد السياسات مع تأهب بعض المناطق لتحسين معدلات نموها بنسبة تصل إلى 6 % من خلال تحسين إدارة الموارد المائية، ويقول ريتشارد دامانيا، مؤلف التقرير وكبير الخبراء الاقتصاديين بالبنك الدولي، أن هناك جانب مضيء، فعندما تستجيب الحكومات لنقص المياه عن طريق تعزيز الكفاءة وتخصيص 25 % من المياه للاستخدامات عالية القيمة، فإن الخسائر ستتراجع بصورة كبيرة بل قد تختفي في بعض المناطق، ويؤدي تحسين إدارة المياه إلى تحقيق أرباح اقتصادية كبيرة، وفي أشد مناطق العالم جفافًا هناك ضرورة لسياسات بعيدة المدى لتجنب الاستخدام غير الكفء للمياه. ويؤكد التقرير على أهمية وضع سياسات وإصلاحات أقوى للتعامل مع الضغوط المتزايدة الناجمة عن المناخ. ويحدد التقرير السياسات والاستثمارات الكفيلة بالمساعدة على إرشاد البلدان نحو اقتصاد أكثر أمنًا من الناحية المائية وأكثر صمودًا أمام تغير المناخ. وهذا يتضمن تحسين التخطيط لتخصيص موارد المياه واعتماد حوافز لزيادة كفاءة استخدام المياه وضح استثمارات في البنية التحتية من أجل زيادة تأمين موارد المياه ووفرتها. ويأتي هذا التقرير عقب تعيين 10 من رؤساء الحكومات في لجنة رفيعة المستوى برئاسة الأممالمتحدة والبنك الدولي من أجل حشد الجهود الفاعلة الرامية إلى الإسراع بتنفيذ الهدف ال 6 من أهداف التنمية المستدامة والذي يركز على ضمان وفرة المياه والصرف الصحي وإدارتها إدارة مستدامة وإتاحتهما للجميع.