تدرب على «خطة التنفيذ» بشقة فى الزيتون.. وتوجه للكنيسة بصحبة اثنين للمراقبة تعلم الفكر القطبى على يد الإخوانى الأحمدى قاسم انضم لكتائب الردع الإخوانية لحماية المسيرات اجتاز 3 دورات شرعية عن الإيمان والكفر قبل الالتحاق ب«كتيبة الاستشهاديين» على بعد 30 كيلومترا من مدينة الفيوم توجهنا إلى قرية «مطرطارس»، التابعة لمركز «سنورس»، وهى أحد أهم معاقل جماعة الإخوان الإرهابية، ومنها إلى «عزبة الأردن»، مسقط رأس «محمود شفيق محمد مصطفى»، المتهم بتفجير الكنيسة البطرسية. تقول والدته إن «محمود» شاب خلوق مكافح، وكل ذنبه أنه ينتمى فكريا لجماعة الإخوان، وتتلمذه دينيا على يد بعض مشايخها، مشيرة إلى أنها لا تصدق حتى الآن لما يقال حول تفجير ابنها نفسه داخل الكنيسة، مضيفة: «محمود لو إرهابى كان أولى بيه يقتل من عذبه داخل السجن من ضباط الأمن الوطنى ومباحث سنورس»، بحسب قولها. وأضافت: «محمود تم إلقاء القبض عليه عام 2014 ودخل السجن ظلما بحجة حمل سلاح وانتهاج عنف رغم أنه كان عائدًا من درس لدى أحد المدرسين بالفيوم، وبعد أكثر من 3 شهور تعرض خلالها لأشد أنواع العذاب تم الإفراج عنه، ولم يمض أكثر من أسبوع على الإفراج حتى قرر ترك القرية والمحافظة بالكامل خوفا وهربا من الملاحقات الأمنية، وبعدها اتصل بشقيقه محمد وأخبره أنه سيسافر إلى السودان لكى يعمل هناك، ومن لحظتها انقطعت أخباره تماما حتى فوجئنا بخبر تفجير نفسه وهو ما لم نصدقه حتى الآن». وتابع أحد أهالى القرية: «جميع أفراد أسرة المتهم ينتمون لجماعة الإخوان منذ سنوات.. والده كان متطوعًا بالقوات المسلحة وتم إنهاء خدمته مبكرا بعد اكتشاف انتمائه فكريا للجماعة.. شقيقه الأصغر إسلام محبوس على ذمة قضية انضمام لجماعة محظورة أثناء خدمته العسكرية، وهو مازال محبوسا على ذمتها، أما والدهم فتوفى بعد خروجه من الخدمة بعامين». واستكمل «حسين» الصديق المقرب من «محمود» منذ الطفولة راويًا قصة حياته: «محمود نشأ فى أسرة إخوانية وكان منذ الصغر يؤدى الصلاة فى موعدها بمسجد التوحيد فى القرية حتى شب وأصبح من مريدى الشيخ (الأحمدى قاسم)، القيادى الإخواني، وكان يتوجه إلى مركز سنورس لحضور دروسه حتى تشبع بفكره القطبي، وبدأ التشدد يظهر عليه، لذا قررت الابتعاد عنه». وأضاف «حسين»: محمود انضم إلى كتائب الردع الإخوانية التى كانت تحمى مسيرات وفعاليات الجماعة عقب عزل مرسي، كما كان ضمن كتائب تأمين معتصمى رابعة»، مشيرًا إلى أن «محمود» فور خروجه من السجن وقبل اختفائه قال لبعض المقربين منه إنه كره «الفعاليات السلمية» التى تنظمها الجماعة بعدما تعرض لأشد أنواع التعذيب داخل السجن، وتابع: «محمود قال لبعض أصدقائه نصا: «والله لو أملك سلاح ما هخلى ولا ضابط على قيد الحياة لأنهم أعداء الإسلام». أما «مصطفى رمضان»، عامل بمديرية الطرق، وجار أسرة المتهم فقال إن أسرة «محمود» منطوية جدا وقليلا ما تختلط بأحد، مؤكدًا أن جميع افراد الأسرة رجالا وسيدات ينتمون لجماعة الإخوان منذ سنوات، ووالده تم فصله من الخدمة العسكرية للسبب ذاته. وكشف صديق مقرب من «محمود»، طلب عدم ذكر اسمه، أن «محمود» عمل فى مزارع الموالح بمحافظة الإسماعيلية منذ 2013، وكان يأتى كل فترة لمتابعة دروسه، مشيرًا أن علامات التشدد الدينى بدأت تظهر عليه منذ ذلك الوقت، مضيفًا: «شاب غريب عن القرية زاره فى المنزل قبل اختفائه بأيام قليلة وكعادة أهل الأرياف حاولنا الاستفسار عن شخصية هذا الغريب فقال لنا محمود إنه زميل جديد تعرف عليه أثناء تقديم أوراق الجامعة». وكشف مصدر أمنى أن الانتحارى «محمود» سبق ضبطه وبحيازته سلاح نارى فى إحدى مسيرات جماعة الإخوان الإرهابية بمنطقة «الحواتم»، وحبس على ذمة القضية نحو شهرين، وبعدها تم استبعاده من اتهام حيازة السلاح لخطأ فى الإجراءات، وإخلاء سبيله على ذمة قضية التظاهر والانضمام لجماعة محظورة، ثم اختفى تماما بعدها حتى رصد جهاز الأمن الوطنى معلومات تفيد تواصله مع عناصر تنظيم «أنصار بيت المقدس» فى سيناء عن طريق صديق كان يعمل معه فى مزرعة موالح بمحافظة الإسماعيلية. وأضاف: «عقب خروجه من السجن وإخلاء سبيله تواصل مع بعض معارفه ممن كانوا يعملون معه بمزارع الموالح فى الإسماعيلية وكان بينهم توافق فى انتهاج الفكر المتشدد، وبعدها توجه إلى الإسماعيلية ومكث بها عدة أيام حتى تمكن بمساعدة آخرين من دخول سيناء، والانضمام إلى معسكرات تدريب على يد عناصر إرهابية من بيت المقدس، وبعدها طلب منه العودة إلى القاهرة والتقابل مع عناصر الخلية التى نفذت عملية الكنيسة البطرسية». وتابع المصدر: «تتلمذ فكريا على يد قيادات جماعة الإخوان الإرهابية خصوصا الأحمدى قاسم، القيادى القطبى حتى تشبع بالفكر الجهادى الانتحاري، وذلك بعد أن تم غسل مخه بوعود الجنة والحور العين، وهو ما ساهم فى سهولة إقناعه فكريا بالقيام بتلك العملية الخسيسة التى استهدفت أبرياء يؤدون الصلاة داخل دور عبادة». وأشار إلى أن «محمود» عاد من سيناء إلى الإسماعيلية ومنها إلى القاهرة حيث تقابل مع عناصر الخلية وظل بصحبتهم عدة أيام يتلقى التدريب على خطة التنفيذ داخل شقة بالزيتون، وفى يوم الحادث استيقظ مبكرًا وأدى صلاة الفجر ثم نطق الشهادة وتم تجهيزه للتنفيذ فارتدى حزام ناسف وفوقه جاكت «منفوخ» حتى لا تظهر أى ملامح للحزام الناسف. واستكمل: «توجه بصحبة اثنين من أفراد الخلية كانت مهمتهم المراقبة والتدخل فى حالة حدوث أى طارئ، وتسلل من أحد أبواب الكنيسة الخلفية، وقبل دخوله قاعة الصلاة بلحظات رصده أحد أفراد الأمن الإدارى بالكنيسة فتوجه نحوه، إلا أنه كان وصل إلى داخل قاعة الصلاة ونفذ جريمته الخسيسة». وإلى جانب شهادات المقربين من «محمود»، حصلت «البوابة» من مصادر مختلفة على قصة تجنيده من ريف الفيوم إلى حواضن أنصار «بيت المقدس» فى سيناء، وكشفت تلك المصادر أن المتهم واسمه الحركى «أبو دجانة الكناني» اجتاز 3 دورات شرعية قبل الالتحاق بما يسمى «كتيبة الاستشهاديين»، مشيرة إلى أن عملية إعداده لتنفيذ تفجير الكنيسة البطرسية استغرقت 3 شهور. وأوضحت المصادر أن تجنيد «محمود» بدأ فى مجتمع مؤيد لجماعة الإخوان، خاصة أن 95٪ من أهالى الفيوم منحوا أصواتهم للرئيس المعزول محمد مرسي، فضلًا عن كونها بيئة حاضنة للجماعة الإسلامية وقياداتها، ومنها خرج قيادات فى «بيت المقدس»، وهو الأمر الذى أوقع المتهم ضحية لتلك الأفكار. وكان لإلقاء القبض عليه فى 2014 وتعرضه للضرب حسبما قال لمقربين منه عاملًا مهمًا فى تأصل الأفكار الإرهابية بداخله، فالمتهم عاد بعد إخلاء سبيله إلى قريته، وخاض امتحانات الثانوية العامة بصورة طبيعية وحصل على مجموع 94٪ أهله للالتحاق بكلية العلوم بجامعة الفيوم، حيث بدأت مرحلة جديدة فى حياته. داخل الكلية كان «محمود» منعزلا وبعد انقضاء الشهر الأول بدأت قوات الأمن تطارده مرة أخرى بسبب الحكم الصادر ضده، ليقضى هذه الفترة متنقلا بين منازل بعض أصدقائه وسكنهم الجامعى قبل أن يفكر فى مغادرة الفيوم نهائيًا وهو ما نفذه بالفعل. فى تلك الفترة تواصل مع عدد من أعضاء «بيت المقدس»، والذين سهلوا له الهروب من الفيوم ومنحوه بطاقة شخصية جديدة باسم مستعار، ليتمكن بعدها من الدخول لسيناء حيث خضع فيها لدورات شرعية فى كتب «التوحيد والأصول الثلاثة والفتاوى لابن تيمية»، ودورات أخرى عن «الإيمان والكفر». بعد تأهيله فكريًا فى 3 أسابيع خضع لأولى دوراته العسكرية والتى ركزت على الإعداد البدنى والتدريب على السلاح الآلى والمسدسات الخفيفة، كما خضع لاحقًا لدورة فى استخدام المتفجرات وإعدادها، وبعدها سجل نفسه فيما يعرف باسم «كتيبة الاستشهاديين». بعدها تلقى أوامر من التنظيم الإرهابى بمغادرة سيناء استعدادًا لتنفيذ عملية كبيرة دون أن يتم إبلاغه بها، وبالفعل انتقل بين عدد من المحافظات حتى استقر به المقام فى القاهرة حيث كانت تنتظره مجموعة أخرى رصدت مقر الكاتدرائية لفترة قبل موعد التنفيذ. كانت الكاتدرائية المرقسية هى الهدف الأساسي، لكن الإجراءات الأمنية المشددة حالت دون ذلك، فاتفقت المجموعة على استهداف «الكنيسة البطرسية» لضعف التأمين بها، كما تم الاتفاق على أن يتم تنفيذ العملية يوم الأحد لامتلائها بالمصلين.