فى الوقت الذى يحتفل فيه جموع المصريين بحلول الذكرى 43 لنصر أكتوبر المجيد، يفتخر النوبيون باستخدام الرئيس الراحل محمد أنور السادات لغتهم فى شفرات الإرسال خلال الحرب بين الجنود والقادة، ما ساهم فى إرباك العدو، وإخفاء المعلومات والتحركات عن أجهزة التجسس والتنصت الخاصة به. وتعد «النوبية» إحدى اللغات النيلية الصحراوية والتى تنتمى إلى عائلة اللغات الإفريقية، يتحدث بها سكان جنوب مصر ومناطق شمال وغرب السودان، وعدد الناطقين بها حوالى 11 مليون نسمة، موزعين بين السودان ومصر. المؤرخ النوبي، وحيد محمد، يقول إن المخابرات العامة والحربية لعبتا دورا مهمًا فى معرفة أعداد القوات الإسرائيلية وانتشارها بطول الجبهة، والسلاح الذى تحصنت به، وكانت هناك مشكلة فى تغيير شفرات الاتصالات اللاسلكية بين الوحدات والقيادة العامة، خاصة بعد تنصت الإسرائيليين عليها، وكشفها خلال الفترة ما بين عام 67 وحتى بداية 73. وأضاف: «مشكلة الشفرة أصبحت تشغل عقل الجيش المصري، وأصبحت هناك حاجة للوصول إلى لغة جديدة لا يعلمها الإسرائيليون، فكانت اللغة النوبية هى الحل الذى يمكن الاعتماد عليه فى الحرب»، مشيرًا إلى أن الصول «أحمد محمد أحمد إدريس»، ابن قرية «توماس وعافية» النوبية، هو صاحب فكرة استخدام اللغة النوبية كمصطلحات تستخدمها الوحدات العسكرية فى إرسال الإشارات من خلالها. وأوضح أن «الصول أحمد» سبقه المواطن النوبى «حسين عبده حسين»، فى فكرة استخدام اللغة النوبية للنجاة من حصار «الفالوجة» فى حرب 1948، والتى حققت نجاحًا تكتيكيًا فى تقليل الخسارة خلال الحصار الإسرائيلى بالمدينة، لافتًا إلى أن «أحمد إدريس» قدم المقترح فى الجيش آنذاك، ووافق عليه الرئيس الراحل أنور السادات بشدة، خاصة أن «السادات» كان ضابطًا فى سلاح الإشارة. وبدأت الخطة من خلال وضع جندى نوبى على جهاز الإرسال والاستقبال فى كل وحدة عسكرية، وحتى لا تتفشى معلومات الحرب على الجنود، كان القادة يستخدمون مسميات بديلة لحقيقتها ثم تترجم إلى النوبية عبر الإرسال. ويحكى وجيه حسن أحمد، من أهالى النوبة عن شفرات الحرب، فيقول إن الدبابة كانت تسمى «نملة»، وبالنوبية يطلق عليها «قور»، أو يطلق على الدبابة «تمساح»، وبالنوبية تسمى «أولوم»، وكانت تسمى العربات الحربية المجنزرة «ثعبان» ويطلق عليها بالنوبية «اسلانجي»، وتسمى الطائرة ب«الناموسة»، ويطلق عليها بالنوبية «زندنابى»، وكانت هناك أوامر الحروب مثل «أوشريا» يعنى اضرب، و«اوسكو» يعنى تحرك، وغيرها من الشفرات التى كانت تنقل عبر جهاز اللاسلكى بين المجندين النوبيين وتترجم إلى قادة الوحدات.