تزايد الحديث مؤخرًا عن اتجاه الحكومة لتعويم الجنيه، كحل مناسب للأوضاع الاقتصادية الصعبة ومواجهة ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، واختلفت آراء نواب البرلمان وأعضاء اللجنة الاقتصادية بالمجلس، حول هذه الخطوة من جانب الحكومة، حيث رحب البعض بإجراءات الحكومة لتعويم الجنيه، مشترطين ضرورة ضبط الأسعار في السوق، وفرض رقابة عليها لمواجهة جشع التجار، في حين رفض البعض الآخر هذا الاتجاه، مؤكدين إنه ليس الحل الأمثل لمواجهة الأزمة. وقال اللواء حسن السيد، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، وعضو الهيئة البرلمانية لحزب حماة وطن، إن إقدام الحكومة على تعويم الجنيه، يمثل إعلانًا رسميًا على فشلها في إصلاح منظومة العملة، وسيطرة السوق السوداء على الأسعار رغم الإجراءات الأمنية التي تعكس أن الحكومة تعمل في وادٍ والواقع في وادٍ آخر، مؤكدًا أن المجموعة الاقتصادية بما فيها محافظ البنك المركزى، ليس لديهم رؤية واضحة في الحفاظ على القيمة السوقية للعملة المحلية مقارنة بالدولار، مشيرًا إلى أن هذا القرار في حالة اتخاذه من قبل الحكومة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والإجراءات الفاشلة التى تأتي على حساب محدودي الدخل فقط، فإنه كفيل بسحب الثقة منها من البرلمان مع بداية دور الانعقاد الثانى، وإتاحة المجال لعقول اقتصادية لها علاقة بواقع المعاناة والأزمة التي يمر بها الاقتصاد المصرى، منوهًا إلى أن خطوة تعويم الجنيه استسهال لأزمة العملة واعتماد على حل فاشل سوف يزيد الطين بلة على حد وصفه. وأشار السيد، في تصريحات خاصة ل«البوابة»، إلى أن عواقب هذا الاتجاه المزمع تنفيذه من قبل المجموعة الاقتصادية تمثل كارثة حقيقية على الأوضاع الاقتصادية، موضحًا أن رفع الحكومة يدها عن الجنيه سيخفض قيمته تدريجيًا بما يحقق مصلحة للمستثمرين ورجال الأعمال، في توفير النقد على حساب المواطن، في ظل توقعات مدروسة تشير إلى تضاعف الأسعار واستمرار المعاناة لمحدودى الدخل، لافتًا إلى أن الظروف الحالية لا تتلاءم مع هذا التوجه الذي سوف يضر أكثر مما يفيد، مؤكدًا أن الدول التي نهجت هذا التوجه ظروفها تختلف عن الوضع المصرى وإمكانيتها أكبر، ورغم هذا لم تنجح معظمها. من جهته، أكد مدحت الشريف، وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن الحكومة لم تعتمد على رؤية مدروسة في هذا الأمر في ظل احتياطي نقدى ضئيل جدًا مقارنة بالمطلوب لتنفيذ هذا التوجه، موضحًا أنه يجب أن يكون الاحتياطى لدى البنك المركزى يتراوح في حدود الأربعين مليار دولار، حتى تدخل في هذا التوجه بثقة في القدرة على تحمل عواقبه المشهودة والمعروفة، المتمثلة في غلاء الأسعار، ومعاناة محدودى الدخل على حساب أصحاب المصالح والمستثمرين، مؤكدًا أن الإقدام على تلك الخطوة لا بد أن يتوازى مع إجراءات أمنية على شركات الصرافة الفاسدة والمشبوهة، التي تسعى لمصالحها على حساب الدولة، إضافة إلى وجود توجه فعلى من الدولة لزيادة النقد الدولى وخاصة الدولار بالبنك المركزى، وخطط تنموية للاقتصاد. وأشار الشريف في تصريحات خاصة ل«البوابة»، إلى أن تنفيذ القرار في الوقت الحالي في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة الطاردة للاستثمار يمثل استسلامًا لانخفاض قيمة الجنيه وإعلان فشل للمجموعة الاقتصادية في السيطرة على سوق العمل لصالح أصحاب شركات الصرافة البنوك المعادية للمصلحة العامة، مشيرًا إلى أن اللجنة الاقتصادية لن تسمح بذلك إلا في حالة توافر رؤية مدروسة من جانب الحكومة لعواقب وإيجابيات هذا التوجه لأنها مخاطرة باقتصاد الدولة، لافتًا إلى أن محدودى الدخل من سوف يتحملون القرار في حالة فشله المتوقع إذا لم يتوازى مع قدرة بنكية على توفير عملة صعبة منعًا للتضخم، وسيطرة العملة المتوافرة لدى البنك المركزى على الطلب المتزايد عليها، بعيدًا عن السوق السوداء، المتسبب الرئيسى في انعدام السيطرة على سوق العملة، وفشل الإجراءات الاستثمارية والترويجية للدولة.