لم تكن ملاذا فقط للهروب من مكائد الكهنة، ولكنها جذبته بهدوئها وطيبتها والسلام الكبير الذي غمرها. رغبة منه في إستراحة محارب للتفرغ لنشر رسالته الإيمانية. خاض "إخناتون "غمار بناء مدينة التوحيد بمنطقة " تل العمارنة " وجد نفسه أثيرا لها لتكون عاصمته الجديدة لإرساء الوجد الإيمانى ورسالة التوحيد التي حملها على ظهره 12 عاما فقط هي عمر رسالته.أحبها فأحبته وقرر أن يجعل منها عاصمة مميزة تشهد عليها النقوش الجميلة الممتلئة بتفاصيل حياته الشخصية له ولزوجته " نفرتيتى"،والتي لم تكن متبعة في تلك الحقبة التاريخية، حيث إحتضنت النقوش صورا حميمية جمعت بين إخناتون وزوجته وهو يقبلها وآخرى ل"نفرتيتى " وهى ترضع أبنها.إمتدت تلك النقوش لتحكى تلك الحياة الهادئة الجميلة الممتلئة بالحب والمتخمة بالتفاصيل العذبة.. وفى هذا الملف نسلط الضوء على مدينة " تل العمارنة "، والتي تعتبر من أجمل المدن الموجودة بمحافظة المنيا، كنوع من الحنين لإستعادة جمال تلك المدينة،وإحتفاءا بالتفاصيل التاريخية التي شهدت أول رسالة للتوحيد في مصر القديمة، والتي تستعد وزارة الآثار لإدارجها على قائمة التراث العالمى بعد فترة طويلة من المعاناة، ظلت فيها تلك المدينة تعانى من التعديات الكبيرة التي طالتها بعد الثورة إبان الإنفلات الأمنى،والتي تدخلت كلا من وزارتى الآثاروالداخلية خلالها لإزالتها، وتعتبرالمنطقة عاصمة "إخناتون" القديمة، ولمن لا يعرف ما معنى " تل العمارنة"، فهى كلمة تم تعريبها من اللغة المصرية القديمة تعنى "أفق تون"،يطلق عليها منطقة " تل العمارنة " نسبة إلى قبيلة " العمارنة " التي سكنت المنطقة،وقامت بإحيائها في المنطقة التي تقع على بعد خمسة وأربعين كم جنوب مقابر بني حسن بمحافظة المنيا، ولا تزال بقايا العاصمة القديمة موجودة حتى الآن. ومن ينظر إلى فلسفة "إخناتون" لاختيار تلك العاصمة سيجد أنها شكلت له مكانا آمنا بعيدا عن كهنة آمون اللذين دبروا له المكائد لإبعاده، ليبدأ الدعوة ل"آتون" إله التوحيد من تلك العاصمة التي إعتبرها تعويضا عن ملكه الذي فقده مجبرا بيد الكهنه في طيبة بالأقصر، وخلال الفترة الماضية جذبت منطقة تل العمارنة وزارة الآثار لإقامة مركز زوار تل العمارنة الذي أضيف على الخريطة السياحية،ليتم وضع عددا كبيرا من المستنسخات الأثرية التي تظهر أهم معالم تلك العاصمة المصرية القديمة للتوحيد، ، وعلى مساحة خمسة عشر كيلو مترا من الشيخ سعيد شمالًا حتى الشيخ عبد الحميد جنوبًا، بدأت تلك المدينة تتسع وتاخذ مساحة خاصة تميزها السلاسل الجبلية من ثلاث جهات شرقا وشمالا جنوبا، أما حدودها الغربية فيحدها نهر النيل، وتقوم على أطلالها أربعة قرى هي:الحوطة الشرقية التابعة لمركز ديروط التابع لمحافظة أسيوط، العمارية الشرقية، والحاج قنديل والتل الشرقى أو تل العمارنة، الثلاث قرى تابعين لمركز ديرمواس التابع لمحافظة المنيا. وتعود تسميتها ب "تل العمارنة" نسبة إلى قرية "بني عُمران"، أو "البدو العمارنة" الذين كانوا يُقيمون بها. ،وتميز المنطقة بعددا من الصفات المميزة التي تجعلها حقا مدينة فريدة عن غيرها، لأنه لم يسكنها أحدا قبل " إخناتون" التي إختارها كعاصمة للبلاد ولم يستمر عمرها أكثر من سبعة عشر عاما حيث عاش فيها ملكان بعد إخناتون وهما "سمنخ كارع"،" وتوت عنخ آتون" قبل رجوعه إلى طيبة وهجرته هو وكل من معه في المدينة، ثم أصبحت المدينة مهجورة حيث لم يجرؤ أحد على سكن المدينة فيما بعد في كل العصور التاريخية التي تليها وذلك بسبب إرتباط المدينة بالآله آتون والذي قام كهنة آمون بمسح أي لقب مرتبط بذلك المعبود بل وإعتبروا المدينة ملعونة وتتميز تلك المنطقة بعددا من المقابر والقصورالملكية التي قام " إخناتون" بإنشائها، حيث قام بتشيد قصريين ملكيين هما " الجنوبى والشمالى "، معابد آتون – الأحياء السكنية من منازل للنبلاء وقرية للحرفيين – المقبرة الملكية التي تقع في الشمال الشرقي من المدينة – 25 من مقابر الأفراد، والتي تنقسم إلى مجموعتين "شمالية، وجنوبية"،و تقعان في أقصى شمال المدينة وتشتملان على 25 مقبرة لكبار موظفي الدولة في عهد أخناتون. وقد قام الملك بتحديد مدينته بأربعة عشر لوحة تعرف باسم "لوحات الحدود". هذا وقد عُثِرَ في في المدينة على رسائل تل العمارنة.