تسود حالة من الترقب فى الأوساط المصرفية، انتظارًا لانعقاد اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى، 28 يوليو الجارى، لتحديد أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، بعد أن قرر المركزى رفع أسعار الفائدة فى اجتماعه الماضى، فى ظل الارتفاع القياسى لمعدلات التضخم بنهاية شهر مايو الماضى. واختلف المصرفيون حول رؤيتهم لقرار البنك المركزى خلال المرحلة المقبلة، ما بين مؤيد لرفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، ومعارض للرفع لما له من آثار سلبية على مناحٍ اقتصادية مختلفة. كان البنك المركزى قرر رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، ليصل إلى 11.75٪، و12.75٪، على التوالى، بعد ارتفاع الرقم القياسى الشهرى لأسعار المستهلكين بنحو 3.05٪ فى مايو الماضى، مقابل ارتفاع شهرى قدره 1.27٪ خلال إبريل، ويعتبر أعلى معدل تضخم سنوى منذ مايو 2015، ما أثر سلبًا على الناتج المحلى بالقطاعات المحلية والخارجية. وأكد الخبير المصرفى علاء سماحة، أن تثبيت أسعار الفائدة هو الاتجاه الأقرب لأن تسلكه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى، خلال اجتماعها المقبل، لافتًا إلى أن رفع أسعار الفائدة، يقلل من تفاقم معدلات التضخم لكنه يؤثر، فى الوقت نفسه، سلبًا وبشكل كبير على معدلات الاستثمار المباشر، والاستثمار فى البورصة المصرية، ويرفع معدلات الدين الحكومى، ما يؤدى إلى تفاقم عجز الموازنة. وأشار إلى أن قرار لجنة السياسة النقدية، خلال اجتماعها الماضى، كان مبررًا بسبب وصول معدلات التضخم إلى أعلى مستوياتها خلال شهر مايو، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار بالسوق السوداء أمام الجنيه، ما يستلزم رفع أسعار الفائدة لتحقيق التوازن المطلوب على مستوى السياسة النقدية. من جانبه، انتقد الخبير المصرفى، أحمد سليم، انتهاج البنك المركزى فى الآونة الأخيرة سياسة رفع أسعار الفائدة على «الكوريدور»، أى الإيداع والإقراض، لمواجهة التضخم، لافتًا إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يحمل البنوك أعباء إضافية، فى ظل الظروف الصعبة التى يمر بها الاقتصاد المصرى فى هذه الآونة، والتى تتسبب فى الضغط على القطاع المصرفى. وأضاف أنه من غير المنطقى أن يتجه المركزى لرفع أسعار الفائدة مجددا فى ظل عدم ترحيب القطاع المصرفى بذلك، خاصة أن رفع الفائدة لا يمثل حلًا جذريًا لارتفاع معدلات التضخم ومنع «الدولرة»، ذلك أن الدولار غير متوفر من الأساس. وأوضح سليم أن التضخم هو توفر كمية كبيرة من النقود تطارد كمية ضئيلة من السلع، وهو ما يحدث بسبب ما يسمى بالاقتصاد غير الرسمى، لذا فإن الحل يكمن فى ضم الاقتصاد غير الرسمى للقطاعات الرسمية، وزيادة معدلات الإنتاج. وأشار إلى ضرورة اتجاه القطاع المصرفى خلال الفترة المقبلة إلى تمويل المشروعات للعمل على زيادة معدلات الإنتاج والاستثمار بدلًا من التوجه لإقراض الحكومة فقط. أما محمد بدرة، عضو مجلس إدارة أحد البنوك الحكومية، فقد أكد أن قرار لجنة السياسة النقدية الأخير برفع أسعار الفائدة، أدى إلى ارتفاع العائد على أدوات الدين الحكومى، وبالتالى فإن الاتجاه لرفع أسعار الفائدة فى الاجتماع المقبل احتمال غير وارد. وأشار إلى أن المالية زادت من معدلات طروحات أذون وسندات الخزانة الحكومية لامتصاص السيولة، وهى إحدى الآليات التى يتم اللجوء إليها فى مواجهة التضخم، فى محاولة لتطبيق سياسة نقدية متكاملة للحد من معدلات التضخم. وأوضح أن المركزى اتجه لرفع أسعار الفائدة بسبب ارتفاع معدلات التضخم بشكل ملحوظ، ما أثر سلبًا على كثير من النواحى الاقتصادية، لذا كان لا بد من الحد من تفاقم معدلات التضخم. فيما أكد تامر يوسف، مدير قطاع المعاملات الدولية والخزانة بأحد البنوك، أن استمرار ارتفاع معدلات التضخم خلال شهر يونيو الماضى، قد يؤدى إلى اتجاه المركزى لرفع أسعار الفائدة على «الكوريدور» بنسبة قد تصل إلى 50 نقطة. وقال إن تقليل معدلات التضخم يحتاج إلى عدة خطوات، من بينها رفع أسعار الفائدة، مع وجوب معالجة التضخم من أساسه عن طريق امتصاص معدلات السيولة، وزيادة معدلات الإنتاج، وقد بدأ البنك المركزى فى الاتجاه لتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة لزيادة الإنتاج، وتقليل الضغط على النقد الأجنبى. بينما رجح أحمد الخولى، رئيس قطاع الخزانة والمعاملات الدولية بأحد البنوك، أن تلجأ لجنة السياسة النقدية إلى رفع أسعار الفائدة، بسبب الارتفاع الأخير فى معدلات التضخم.