رغم ما تعيشه القدس تحت وطأة الاحتلال، إلا أن الجانب الحي للمقدسيين ولسائر الفلسطينيين الذين تمنعهم سلطات الاحتلال من زيارة الأقصى، جعل أهل القدس يحرصون على إضاءة المدينة بالفوانيس، ويرفعون الأعلام واللافتات المزينة بآيات قرآنية، فنجد أسواق القدس القديمة وزحام الباعة الجائلين وتلون المحال بكل أنواع البضائع، وانتشار باعة المكسرات والبلح والقطائف، فنجد بائع العرقسوس والتمر هندي ما زال واقفًا عند باب العمود منذ 40 عامًا. ورغم انتشار الآلاف من جنود الجيش الإسرائيلي في مدينة القدس، لا سيما في محيط المسجد الأقصى، الذي يشهد تدفقًا للمصلين منذ بداية الشهر الكريم، وسط الحواجز الحديدية المنتشرة على بوابات البلدة القديمة والأقصى المبارك، إلا أن المشهد يجسد صورة حية من التحدي والإصرار لدى الفلسطينين للصلاة بالقدس، وسط الحواجز العسكرية الثابتة للجيش الإسرائيلي المنتشرة على المداخل الرئيسية لمدينة القدس، خاصة حاجز قلنديا شمالاً، وبيت لحم جنوبًا، والذين يشهدان زحامًا شديدًا للمواطنين الذين يحاولون التوجه إلى الأقصى للصلاة، رغم أن إسرائيل، قد ألغت تصاريح الدخول إلى أراضي 48 لأكثر من 83 ألف فلسطيني كانوا يعتزمون زيارة أقاربهم في القدس ومدن الضفة المحتلة بمناسبة شهر رمضان. كثير من العادات الفلسطينية الرمضانية تندمج مع روح العصر وتتأقلم معه محافظة على سماتها وأصالتها.. ومن بين هذه العادات قيام "كبير العائلة" أو من ينوب عنه بزيارة أرحامه وتقديم الهدايا بمناسبة حلول الشهر الفضيل، وغالباً ما يتم هذا الأمر بعد الإفطار. وكغيرها من البلدان تصحو فلسطين على صوت "المسحراتي" بطقوسه المصاحبة لقدومه كالنقر على الطبل بقوة، وذكره لله عز وجل، والأناشيد الرمضانية العذبة التي تُوقظ النيام: "اصحى يا نايم.. وحد الدائم"، وتشعرهم بجمال هذا الشهر وأهمية "المسحراتي" بعيداً عن نغمات الجوالات المتعددة والمختلفة. ويتميز الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة عن غيره من الشعوب بأصناف معينة من الطعام والشراب في شهر رمضان، وتكاد تتسم كل منطقة بنوع معين من الأكلات فها هي المقلوبة والسماقية والمفتول والقدرة تغزو موائد غزة، بينما يتربع على عرش موائد الإفطار في الضفة الغريبة المسخن والمنسف، ولا تخلو موائد الإفطار الفلسطينية من المتبلات والمخللات بأنواعها والسلطات المختلفة لفتح الشهية بعد صوم عن الطعام طوال النهار. ورغم الألم أن تبادل الإفطار الأسر برنامج لا يغيب عن أجندة العائلات الفلسطينية في شهر رمضان وتتفنن ربات البيوت في إعداد الأكلات والتباهي بأشهاها، وبالطبع فإن التمور بمختلف أشكالها وأنواعها عروس مائدة الإفطار الفلسطينية. وتزداد أسواق القدس بمظاهر استقبال شهر الصيام، خصوصاً لدى باعة الحلويات وفطائر "القطايف" التي لا تكاد تخلو منها أية مائدة فلسطينية في رمضان.