شهر رمضان له نكهة خاصة في قلوب الناس في مدينة طرابلس، ويتم استقباله بطريقة خاصة جدًا من جميع النواحي سواء أكانت النفسية أو المادية وحتى الاجتماعية، حيث يبدأ الناس في التحضير للشهر الفضيل من قبل أن يحط رحاله بشهر على أقل تقدير وذلك بأن تكثر الحركة، وتبدأ التحضيرات أولا في المنازل حيث يحلو للغالبية طلاء بيوتهم قبل رمضان وفرشها بفرش وأثاث جديد، فضلا عن التسوق. ومن ضمن التحضيرات لشهر رمضان تجد المحال التجارية متأهبة لاستقبال الشهر الكريم بأن تزود نفسها بعدد أكبر من البضاعة نظرا لزيادة الطلب، وتتأهب المساجد لإحياء ليالى رمضان وإقامة المسابقات الدينية. يهل رمضان وفي جعبته الكثير من الخير لأنه شهر الله وفيه تكون طريقة إعداد الطعام مختلفة عن سائر الأيام حيث يشتهي الصائم أصناف عديدة وعند دخول وقت المغرب ينتظر الجميع ينتظرون انطلاق مدفع الإفطار الذي يبين انتهاء يوم من أيام رمضان ويشرع لنا بداية الفطر في ذلك اليوم. مدفع الإفطار: مدفع الإفطار كان مميز في طرابلس حيث يسمعه الناس من وراء جدارن السراى الحمراء فينطلق المدفع منبها أهالي المدينة بوجوب الفطر لدخول وقت المغرب. ولكن مع ازدياد عدد السكان وتوسع دائرة المدنية أًصبحت هذه العادة غير متوفرة وغير موجودة الآن في طرابلس حيث يعتمد الناس في فطرهم على التليفزيون أو الراديو الذي يطلق فيه مدفع الإفطار ويليه أذان صلاة المغرب. موائد رمضان: تمتلئ الموائد في رمضان بالكثير من الخيرات ولعل أشهر ما يقدم في طرابلس خلال شهر رمضان على مائدة الإفطار نوعان من الموائد "الأولى": وفيها يكون التمر واللبن والحليب إضافة إلى العسلة والزلابية والشامية وبعض الحلويات الطرابلسية المعروفة وهذا يكون كتحلية قبل الصلاة. و"المائدة الثانية" هي مائدة الإفطار الرئيسية وتكون منوعة وتشمل أصناف عدة من الطعام ويكون الطبق الرئيسي فيها هو الشوربة إضافة إلى أصناف أخرى تختص بها مدينة طرابلس وهنا تلتم العائلة على مائدة واحدة ويعيشون أجواء رمضانية مرحة ولا ننسى في الليل أطباق المحلبية والخشاف. موائد الرحمن: هي تلك الموائد التي يقدمها أهالي طرابلس للغريب وعابر السبيل وهذه ميزة يتميز بها كل أهالي ليبيا، وتقدم هذه الموائد لمن يستحق في الطرقات سواء الداخلية أو حتى الساحلية.وكذلك يقوم الأهالي بتقديم الفطور لدوريات الشرطة والمرور الذين لم يغادروا أماكن عملهم، كذلك هناك موائد إفطار تكون في المساجد حيث يقدم الحليب واللبن والشامية والحلويات والأكل الطرابلسى الشهى وكل ذلك طمعا في الأجر من الله سبحانه وتعالى. المساجد: مساجد مدينة طرابلس كثيرة ومتعددة منها على سبيل الذكر لا الحصر( مسجد مولاي محمد مسجد القدس مسجد العنقودي مسجد الناقة مسجد ميزران مسجد سيدي أبومنجل) وغيرها من المساجد العريقة والعتيقة التي تفتخر بها مدينة طرابلس وتقوم هذه المساجد في رمضان بتهيئة المكان وتوسعته لإستقبال أعداد كبيرة من المصلين لأداء صلاة التراويح، فضلا عن إعداد مسابقات دينية في التلاوة والذكر الحكيم. الشارع نستطيع أن نصف الشارع الطرابلسي في الفترة الصباحية بالهادئ وأغلب المحال التجارية تكون مغلقة ولا تفتح أبوابها عادة إلا بعد صلاة الظهر.ولكن سرعان ما يتحول هذا الهدوء إلى زحمة وربكة مرورية منذ النصف الأخير من رمضان. أما الشارع في الليل فإنه شارع حركي ممتلئ بالصخب والضجيج وفيه يزداد عدد السيارات وعدد الناس الذين يسيرون على أرجلهم لدرجة الربكة في السير وفى هذه الفترة يمكن أن نصفه في شارع لا ينام، خاصة بعد المنتصف من شهر رمضان حيث يبدأ الناس في التجهيز لعيد الفطر المبارك. المسحراتي: كان المسحراتى موجود قديما في مدينة طرابلس حيث كان الناس ينتظرون قدومه وقرعه لأبواب بيوتهم معلنا لهم بداية السحور قبل أن يبدأ الفجر حضوره عليهم.وكان المسحراتي يجوب طرقات المدينة حاملًا بين يديه طبل يدق عليه وينشد بصوت مرتفع " اصحى يا نايم.. وحد الدايم " وكان يقول أيضا " سهر الليل يا سهر الليل..عادة حلوة وفعل جميل" وغيرها من العبارات الجملية التي كان الناس ينتظروها في شوق، ولكن الآن اختفى هذه المسحراتى من ذاكرة طرابلس.