شهدت مكتبة الإسكندرية صباح اليوم لقاء مع الدكتور على جمعة؛ مفتي مصر السابق ورئيس مجلس أمناء مؤسسة العصر ومؤسس حملة "أخلاقنا"، حيث التقى بجمهور معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب في لقاء مفتوح حول الحملة التي تستهدف الشباب من كل الأعمار، وتهدف إلى إحياء القيم في المجتمع المصري ورد الاعتبار للأخلاق. وأعرب الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، عن سعادته لقيام الدكتور على جمعة بإطلاق جزء من حملة "أخلاقنا" في الإسكندرية من مكتبة الإسكندرية، مبينًا أنه يعتبر الدكتور على جمعة أستاذه في الكثير من شئون العلم والمعرفة وكل ما يخص الدين. وأضاف أننا في أمس الحاجة لهذه الحملة، فمع زيادة الحديث عن "الحقوق" والدعوة إلى حقوق الإنسان والمواطنة تناسى العديد من الناس "الواجبات" تجاه الأسرة والجار والمجتمع، وقد حان الوقت لاستعادة هذه الأخلاق التي تأتي من صلب الممارسة الإسلامية. وقال الشيخ أبو المعارف أحمد، منسق الحملة بالإسكندرية، إن الحملة قد بدأت بعض أنشطتها الشهر الماضي، ولاقت ترحيبًا كبيرًا من الشارع والمدارس والجامعات، فهي تسعى لنشر رسالة الأخلاق للإنسانية كلها. وأكد أن الناس قد تفاعلوا بشكل كبير مع الحملة، من خلال السلسة البشرية التي أقيمت أمام مكتبة الإسكندرية وعدد كبير من الفعاليات التي أقيمت للتعريف بالحملة. وتحدث الدكتور خالد عزب عن أهمية حملة "أخلاقنا" في توسيع دائرة الخير في البلاد، وتسليط الضوء على الجوانب الإيجابية في أخلاق المصريين، مؤكدًا أن "العطاء" هو ما تتسم به جميع المبادرات التي أطلقها الدكتور على جمعة، كمكتبته في ميت عقبة التي أتاحها للباحثين لينهلوا منها ما يشاؤون، ومؤسسة مصر الخير التي قامت بنشر الخير وإحياء المكارم التي كادت أن تزول في زماننا. وتحدث الدكتور على جمعة عن مصادر الحث على مكارم الأخلاق في الدين، مؤكدًا أن 95% من آيات القرآن تتطرق إلى الأخلاق، وتدعو إلى رقة القلب والتسامح والمبادرة والرحمة، و5% يرتبط بالشريعة والأحكام الفقهية، حيث إن من ألف في أدلة الأحكام قد استند إلى 300 آية قرآنية من أصل 6236 آية. وأضاف أن المصدر الثاني هو السنة المشرفة، فنجد أنه يوجد 60 ألف متن مع أسانيد كثيرة، الفين منها فقط يتطرق إلى أدلة الأحكام، أي 3%، بينما يتناول 97% منها الأخلاق المرتبطة بالعقيدة. وأوضح أن هذا المدخل يؤدي لفهم دقيق لقول الله تعالى "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ"، والذي يعني بناء منهج وبرنامج يومي للمسلم، وأن هذا هو مراد الله من خلقه، أن يكون حسن الخلق. وأضاف أن قوله تعالى "بسم الله الرحمن الرحيم" يؤكد على صفة الجمال، فإن أسماء الله الحسنى كلها تعبّر عن الجمال والجلال والكمال، وصفات الجمال هي التي يجب أن يتخلق بها المؤمن. وواصل: "إياك أن تكون منتقم أو جبار، فهذا من شأن رب العالمين ليوازن به الكون، ويدبّر الأمر عن عِلم وعن حكمة". وعن حملة "أخلاقنا"، قال الدكتور على جمعة أنها تستند إلى الأخلاق النشطة التي وضعتها الأممالمتحدة، وهم 11 خُلُق، وتلك الأخلاق يشترك فيها البشر وليس أهل الأديان أو الإعلام فقط، بل هي الأخلاق التي تتفق عليها البشرية كلها ولا يرفضها أحد. وأضاف أن هذا الاختيار جاء من أهمية البحث عن المشترك لتحقيق المصلحة ونفع البلاد والعباد. وأكد أن الإسلام يعتمد على هذه القيم، ويحث عليها، ومن هنا قام الدكتور على جمعة بتحويل هذه القيم لمناهج للتعليم، وتم تطبيقها في المراحل الإعدادية والثانوية في دولة الكويت، ثم تناولها في برنامج ديني عُرض في شهر رمضان. وأشار إلى أنه من هنا جاءت فكرة تحويل هذه المبادرة إلى برنامج قومي يشمل كل الساكنين في مصر، مسلمين ومسيحيين، بنسق مفتوح يشمل البشرية كلها، وأكد أن الحملة تقوم على 10 قيم أساسية؛ منها الحب والرحمة والتسامح والتكافل والاحترام. وشدد على أننا نحتاج إلى هذه الحملة في حياتنا في الوقت الحالي، لتحويل تلك المعاني والقيم إلى مبادرات ملموسة، وأنه يجب علينا أن نراجع أنفسنا لنرى إلى أي مدى ابتعدنا عن القيم والأخلاق التي اتبعها من سبقونا، وأين نحن من هؤلاء الذين سعوا لهداية الناس وأخذوا بيد الخلق إلى الله، وأطاعوا الله وفهموا عنه فهمًا صحيحًا. وقال إنه لو كنا استطعنا فهم الأخلاق التي حثنا عليها الدين فهمًا صحيحًا لما كنا في حاجة لمواجهة الإرهاب أو محاربة ثقافة التدمير ومقاومة الفساد الذي استشرى في المجتمع. وأكد إننا لا نفهم "فقه حب الحياة"، فالدين أمرنا أن نحب الحياة، ولكن النموذج الشائع الآن هو أن الدين يكره الحياة، مبينًا أن هذا التفكير هو بداية التفجير والتدمير، وأن "فقه الكراهية" يدعو إلى كره النفس والحياة والآخرين وصولًا إلى الانتحار بسبب الكراهية. وأكد أن الشخص الذي يقوم بتفجير نفسه لو عرف فقه حب الحياة لأحب الله ورسوله وأحب الحياة، فالحب هو أول درجات الوصول إلى الله. وشدد جمعة في الختام على أهمية العودة للنصوص التي تدعو للحب والاحترام والرحمة والصدق والتكافل، وأن نربط الأخلاق الحميدة بالعقيدة. وقام فضيلته في نهاية اللقاء بتكريم أعضاء حملة "أخلاقنا" بالإسكندرية وعدد من مسئولي قصور الثقافة بالإسكندرية.