أنت المسئول عن تعليم ابنك سلوكيات مثل النظام والمسئولية أو الاستهتار والاعتمادية والاتزان والاندفاع أو الحماقة وغيرها من السلوكيات السلبية، وإذا قيل لك إن ابنك يحتاج لتعديل سلوك، فمعنى ذلك أنك أنت أيضا ستغير سلوكك العام، وستضطر كأب أو كأم أن تغيروا نمط الحياة المحيطة بالطفل. هذا ما أكدته الإخصائية النفسية، سهام حسن، فى كتابها الجديد «101 خطأ فى التربية» الموجود حاليا فى معرض الكتاب، والذى ترصد فيه أخطاء يقترفها كل من الأب والأم خلال تربيتهما لأبنائهما، سهام تقدم الكتاب بلغة بسيطة سلسلة ومن خلال أسئلة ومواقف نتعرض كلنا لها يوميا ونراها حولنا. تقول سهام، فى مقدمة الكتاب: «إذا رأيت طفلك يسرق فهذا معناه أنك لم تعوده على العطاء، وإذا كان طفلك بخيلا فأعلم أنك لا تشاركه، وإذا اعتدى على غيره فأعلم أنك تعامله بعنف، وإذا كان لا يطيعك فأنت تكثر الطلب منه، فكل لفظ وكل فعل يصدر منك يؤثر تأثيرا كبيرا على نفسية طفلك». فأول الأخطاء كما يرصدها الكتاب يبدأ من الأسبوع الأول للمولود الجديد، وإقامة سبوع له وهزه بما يصيبه بأضرار عديدة من جراء الهز والصوت العالى، فالأطباء حذروا من هز رأس الرضيع، مما يجعل مخ الطفل يتحرك داخل الجمجمة بشكل متناقض أو عكسى، ما يسبب تدمير الأوعية الدموية الموجودة داخل وحول المخ، فتنزف فى المساحة الفارغة بين المخ والجمجمة، فضلا عن إمكانية حدوث فقدان للبصر والشلل الدماغى والإعاقة العقلية، مرورا بلف الطفل بإحكام بشكل قد يعوق نموه. عنف بدنى وتنتقل سهام إلى أخطاء التربية العنيفة ومفهوم الآباء عن ضرب الأبناء، مشيرة إلى أن العنف يولد عنفا، ويصعد الموقف، غير أن العقاب البدنى له أثر سلبى على نفسية الطفل، فيكون احترام الطفل لذاته أقل، ولا يشعر بقيمته، ويؤدى أداء سيئا فى الدراسة وفى الحياة الاجتماعية. والعقاب لا بد أن يكون عقابا بعيدا عن العقاب البدنى، كالحرمان من الحلويات والألعاب، أو العقاب بالعزل والخصام. (تستاهل) هى من ضمن الكلمات التى يقولها الأبوان عندما يحدث مكروه للطفل بسبب شقاوته، وهى من الأمور الخاطئة، فيجب على الأم أو الأب إظهار التعاطف مع الطفل، فالانتقال من موقعنا إلى موقع الطفل فى تفهم مشاعره يضفى للطفل شعورا بالدعم والمساعدة. أضرار المقارنة المقارنة بين الأطفال وأقرانهم وأقاربهم شىء خاطئ جدا، فيجعل صورة الأخ أو الصديق الذى تتم المقارنة به مهزوزة، وتولد مشاعر الحقد والكره، وستزيد من عناده وغضبه، وتجعله يشعر بالفشل وعدم الثقة فى النفس، وإنكار قيمة الذات، فينعزل وتزداد سلوكياته حدية وعنفا، فمبدأ المقارنة يؤذى الطفل ولا يفيده بالمرة، فيجب أن يتعلم الطفل أن يكون نفسه ولا يقلد أحدا فيكبر على التقليد. «أنت فاشل...أنت غبى... أنت مبتعرفش تعمل أى حاجة، كل اللى بتعمله غلط».. جمل لا بد من التخلص منها، فهى تدمر نفسية الطفل، التدعيم الإيجابى والثناء على أقل تصرفات الطفل الإيجابية هى الطريق إلى نجاحه فى المستقبل، إذا أردت أن تجعل منه شخصا يثق فى نفسه. «سيبونى لوحدى أنا مشغولة مش عايزة صداع»، تلك أيضا جملة سلبية، قد تضطر الأم لقولها من أجل الهروب من دوشة البيت، وكثيرا ما نرددها ونحن لا نعلم تأثيرها، فعندما تعتاد الأم على قول هذه الجمل مرة تلى الأخرى يشعر الطفل برفض تجاها وتتسع الفجوة بينهما، فيجب أن تستمع الأم لطفلها مهما كانت الحكايات، فمازالت اهتماماته وأولياته بسيطة على حدود عالمه الصغير. جبل الجليد «مافيش راجل بيعيط» أيضا من الجمل التى تخطئ الأم عندما تقولها لابنها، فتجعل من مشاعره جبلا من الجليد، فالبكاء هو السبيل الوحيد لتنفيث الغضب، وعندما يكبر هذا الطفل ويكون رجلا سوف يضطر إلى إخفاء مشاعره، وتنفيث غضبه فى زوجته أو أولاده، فلا يجب ربط مفاهيم الرجولة بالمشاعر. أيضا لا يجب أن تربط وجود الأب بالعقاب، كأن تقول الأم لابنها: «عندما يأتى والدك سوف أجعله يضربك».. فالأب ليس مصدر تهديد، فالأصل فى التربية هو المشاركة، فعليك أن تنظرى قدوم الأب لحل المشكلة معا، بدلا من تفاقمها أو أن تصل لحد الضرب، فالتهديد يجعل الطفل فى حالة تخريب، وبالتالى قد يفقد الابن إحساسة بالعقاب، ففكرة التهديد لا بد أن تتنحى جانبا، فليس هناك داعٍ للتهديد بالحب أو الكره أو بالأب، فلابد من السيطرة على سلوكه من خلال المنع والحرمان من أشياء مادية، كالحلويات أو الألعاب أو مشاهدة الكارتون. لا تفرض حلمك على طفلك، بمعنى لا تزرع فيه دائما بأنه يجب أن يكون شبهك أو يحقق ما فشلت أنت فيه، فدع الأمور تسير بطبيعتها، واكتف أنت بدور الناصح الداعم، وعند اختلاق الطفل لقصص خيالية على الأم أن تتحدث مع طفلها وتوضح له الفرق بين الحقيقة والخيال، وتبتعد عن اتهامه بالكذب، فالمبالغة فى رد الفعل سوف تقود الطفل لتجنب قول الحقيقة بعد ذلك. الطفل الثانى قد يكون مصدرا لغيرة الطفل الأول، وقد تخطئ الأمهات عندما تهدد طفلها الأول بالضرب أو العقاب إذا ما حاول إيقاظ الطفل الصغير، وعلى الأم ألا تخلق هذه الفجوة من الغيرة، بل عليها أن تشرك الطفل الأول فى العناية بالمولود الجديد، وصححى خطأه بلطف، وتجنبى أن تقولى له أخوك أو أختك، بل سميه باسمه، فهى كلمات للتمييز، ولا تجبرى الطفل على الشعور بالسعادة أو التظاهر بالفرح لقدوم أخيه أو أخته، دعيه يعبر عن مشاعره ببراءة حتى لو كانت مشاعر سلبية، فلا بد من تقبلها بهدوء مع ضرورة عدم التحيز لطفل على حساب الطفل الآخر، فكل الأطفال يتشاجرون وإن كانت الشجارات تافهة، وليس فيها أى أذى لأى طرف من الأطراف، فعلى الأم تجاهلها كى يتمكن الأطفال من حلها دون اللجوء لأحد كى يتعلم الأطفال المسئولية. أيضا ربط كلمة الحب بتفوق الابن أو طاعته كأن تقول الأم أنا أحبك لأنك متفوق أو لأنك أكلت طعامك أو لطاعتك أمر خطأ، لأنه يولد شعورا لدى الطفل بالعدوانية والكره، ويشعر أنه عندما يكون عنيدا أو مشاكسا فإنه يكون مكروها، فلا تحبوا أطفالكم حبا مشروطا حتى لا يبادلونكم نفس الشىء، فيحبك الطفل عندما تشترى له حلوى أو تخرجه لأماكن معينة. أيضا كثرة مشاهدة الطفل لأفلام الكارتون المدبلجة تؤثر بالسلب عليه، فظاهرة تعثر النطق تكون نتيجة لذلك، وتعثر النطق وتشتت الانتباه، وهذ ليس المقصود منه منع الطفل من مشاهدة الكارتون، ولكن يجب انتقاء ما يناسب عقلية الطفل. أيضا كثرة النقد والهجوم يشعر الطفل بأنه غير واثق فى نفسه، وأنه شخص ضعيف الشخصية سهل قيادته دون التفكير فى صحة أو خطأ رأيه. أهم الأسباب عندما يرفض الطفل الذهاب للمدرسة لا يجب على الأم تهديده أو ضربه، بل عليها أن تبحث فى الأسباب الحقيقية وراء رفض الطفل للذهاب، فقد يكون الطفل يتعرض للعنف داخل المدرسة، أو يحرم من هواياته، أو قد يكون يمر بمشاكل صحية مثل ضعف السمع أو البصر أو قله الذكاء. أيضا إهانة الطفل بأنه لم يستوعب أثناء المذاكرة هو عقاب فى غير محله، فكيف ندعوه بصفة سيئة أو نهينه ونضربه ثم نطلب منه التركيز. لا تستجيبوا لطلبات الطفل طول الوقت خوفا عليه، فهذا يجعل الطفل أنانيا ومتكلا، فكل سلوك يبدأ صغيرا ثم يزداد حدته عند تجاهله أو عند الانصياع وراءه ومجارية الموقف، فلا تستسلم لأنك ترغب فى أن يسكت الطفل فقط قبل الذهاب للتسوق قل للطفل بأنك لن تشترى الألعاب، وبأنك لن تتسامح مع أى تصرف خارج عن السيطرة، فالأطفال يتعلمون من التجارب، وإذا عرفوا نقطة ضعف لديك فسوف يستخدمونها ضدك، وإذا حدث أن تمسك الطفل بلعبة وأنت تتسوق مثلا فما عليك إلا أن تعده بأنك سوف تذهب معه مرة أخرى وتشتريها، وعليك أن تفى بوعدك وتشتريها له فى اليوم التالى حتى يثق فى كلامك. الاعتذار لا بد أن نعلم أطفالنا الاعتذار، ولكن ليس عن طريق كلمة آسف وحدها، فعلينا أن نقضى بعض الوقت لمساعدته على رؤية وجهة نظر الشخص الذى أزعجه أو أهانه، علينا أن نسأله إن كان ما حدث معه يستحق ردة فعله تلك، علينا أن نعلمه الاعتذار بالطريقة المناسبة، ومن قلبه لا من شفتيه. قطبا التربية الأب والأم، إذا حل أى طرف مكان الطرف الآخر تشوه معنى الأب والأم، فيجب أن يتفقا على ما يقولانه للطفل حتى لا يحدث للطفل تشتت، فالتعاون والمشاركة هما أساس تربية الطفل، فالتربية مسئولية يجب أن يتفق الوالدان فيها سويا فى مشوار التربية حتى لا يستغل الطفل الثغرات التى يسهى عنها الوالدان، وتتسبب فى تكون السلوكيات السيئة لديه. قبل أن نبحث عن احترام أولادنا لنا يجب أولا أن نحترمهم وأن نتحدث معهم بشكل مهذب ونستخدم كلمات لو سمحت ومن فضلك، فابدأ بنفسك أولا قبل أن تبحث عن احترام ابنك لك.