تعليم الجيزة تحصد المراكز الأولى في مسابقة الملتقى الفكري للطلاب المتفوقين والموهوبين    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    الكويت ترحب بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعادة النظر بعضوية دولة فلسطين    تقرير إدارة بايدن يبرئ إسرائيل من تهمة انتهاك القانون الدولى فى حرب غزة    القاهرة الإخبارية: الإمارات تستنكر دعوة نتنياهو لإدارة قطاع غزة    في أقل من 24 ساعة.. «حزب الله» ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل    كرم جبر: على حماس أن تستغل الفرصة الراهنة لإحياء حلم «حل الدولتين»    محمود ناصف حكم مباراة الأهلى وبلدية المحلة.. وأمين عمر لمواجهة المصرى وبيراميدز    جوميز يركز على الجوانب الفنية فى ختام ثانى تدريبات الزمالك بالمغرب    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    فوزى لقجع ورضا سليم يتوسطان للصلح بين حسين الشحات والشيبى    إصابة 13 عاملا إثر حادث سيارة في الغربية    طقس معتدل في محافظة بورسعيد بعد العاصفة الترابية.. فيديو وصور    مصرع شخص صدمته سيارة طائشة في بني سويف    المهم يعرفوا قيمتي، شرط يسرا لوجود عمل يجمعها مع محمد رمضان (فيديو)    إحالة جميع المسؤولين بمديرية الصحة بسوهاج للتحقيق    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير.. سعر الذهب والسبائك اليوم السبت 11 مايو 2024 بالصاغة    " من دون تأخير".. فرنسا تدعو إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية في رفح    قرار عاجل من ريال مدريد بشأن مبابي    مباريات اليوم السبت 10-05-2024 حول العالم والقنوات الناقلة    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلّى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك    مواعيد مباريات اليوم.. الأهلي ضد بلدية المحلة.. ونهائي أبطال آسيا وتتويج مرتقب ل الهلال    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    عز ينخفض لأقل سعر.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو بالمصانع والأسواق    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    مأمورية من قسم الطالبية لإلقاء القبض على عصام صاصا    آبل تخطط لاستخدام شرائح M2 Ultra فى السحابة للذكاء الاصطناعى    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    برج الجدى.. حظك اليوم السبت 11 مايو: تجنب المشاكل    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    تناول أدوية دون إشراف طبي النسبة الأعلى، إحصائية صادمة عن حالات استقبلها قسم سموم بنها خلال أبريل    زيادات متدرجة في الإيجار.. تحرك جديد بشأن أزمة الإيجارات القديمة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    النجم شاروخان يجهز لتصوير فيلمه الجديد في مصر    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    حكومة لم تشكل وبرلمان لم ينعقد.. القصة الكاملة لحل البرلمان الكويتي    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهن سيئة السمعة.. أقصر الطرق للعنوسة
نشر في البوابة يوم 09 - 02 - 2016

العنوسة هى الخطر الأكبر الذى يهدد ملايين الفتيات المصريات.. يحاصرهن من كل اتجاه.. وينتظر الفرصة للانقضاض عليهن، ففى الوقت الحالى بات تأخر سن الزواج ظاهرة تؤرق المجتمع، وقد كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن عدد العوانس فى مصر بلغ 13.3 مليون، ما بين شاب وفتاة ممن تجاوزت أعمارهم 35 عامًا لم يتزوجوا، منهم 2.5 مليون شاب، و10.5 مليون فتاة، ليمثل معدل العنوسة فى مصر 17٪ من الفتيات اللاتى فى عمر الزواج.
هذه واحدة من القضايا الملتهبة، بل يعتبرها البعض قنبلة موقوتة لما لها من تأثيرات اجتماعية مصحوبة بتداعيات خطيرة، باعتبارها تمس جميع الأسر المصرية باختلاف شرائحها الاقتصادية والاجتماعية.
الأسباب التى ساهمت فى تنامى الظاهرة متعددة، وأهمها العادات والتقاليد، وإن كان الخبراء والمتخصصون ركزوا فى دراساتهم العلمية على الظروف الاقتصادية والاجتماعية مثل، البطالة، أزمة السكن، المغالاة فى المهور، إلى جانب أسباب أخرى تخص الفتيات أنفسهن، منها عمل الفتيات فى بعض المهن التى ينظر لها المجتمع نظرة دونية من شأنها أن تعوق زواج الفتيات الأمر الذى يفتح الطريق أمام تنامى زيادة أعداد «العوانس».
أشهر هذه المهن الكوافيرة وعاملة النظافة وسكرتيرة خاصة ومندوبات المبيعات وأفراد أمن، كلها فى النهاية يرفضها العديد من الأسر المصرية فى اختيار زوجة لأبنائهم قصص وحكايات وراء كل فتاة تزاول تلك المهنة.
«نها أحمد»، 25 سنة خدمة اجتماعية، تعمل بمحل كوافير بأبى زعبل بالقليوبية، تقول: بعد أن أنهيت دراستى الجامعية، لم أجد عملًا، وعندما وجدت عملًا بمدرسة كان المرتب 800 جنيه فقط، لم تكف الموصلات وقرأت إعلانًا مطلوب خلاله آنسة للعمل بكوافير، وقابلت صاحبة العمل وظللت شهرًا أتدرب فيه ثم عملت كأى كوافيرة عادية مع أننى لم يكن لى صلة بهذا المجال على الإطلاق قبل ذلك، ومرتبى الآن 3000 جنيه، وأحيانا أحصل على 4000 جنيه فى الشهر حسب الشغل والزبائن والبقشيش.
وتضيف نها: الظروف صعبة والحياة تحتاج إلى مصاريف.. والدى موظف بالحكومة ولدى شقيقتان بالمدارس.. فقررت أن أساعد أبى فى المصاريف لأننى أشعر بأننى أصبحت عبئًا عليه رغم أنه كان رافضًا تلك المهنة.
وعن تأثير مهنتها على من يتقدم لخطبتها تقول: تقدم إلى البعض للخطوبة وبعد أن نتفق على كل شىء يذهبون ليسألوا عنى كما هو معروف عندنا فى زمور الزواج، فيعلموا أننى أعمل «كوافيرة» فيعتذرون عن المجىء مرة ثانية بأى مبرر.. وتتساءل «نها»: لماذا ينفر المجتمع من هذه المهنة؟.. ففى كل مهنة هناك السيئ وهناك الجيد، ومهنة «الكوافيرة» مثلها مثل أى مهنة أخرى وأتمنى أن يعلم الجميع ذلك، فضلًا عن أننى عملت بذلك العمل ليس برضائى أو اختيارى ولكن هى الظروف التى تجعلك تفعل كل شىء دون إرادة.
وبكلمات ممزوجة بشقاء 19 عامًا هى كل عمر «منار محمد» حاصلة على دبلوم تجارة تعمل بكوافير بروض الفرج، شبرا مصر، تقول: والدى توفى وأنا ابنة عشرة أعوام وأعيش أنا وأمى وشقيقتى، على معاش والدى 500 جنيه، بعد أن انتهيت من الدراسة لم أجد شيئًا أفعله وبجانبنا محل كوافير للسيدات صاحبته تعرفنى جيدًا فعرضت علىّ أن أعمل معها فوافقت نظرًا لسوء الأحوال بالبيت وأن أختى قد دخلت الثانوية العامة وتحتاج إلى الدروس ومصاريف وال500 جنيه لا تكفى.
تضيف منار: أعانى من محاولة البعض تشويه سمعتى، فقط لأننى أعمل بمحل كوافير مش عارفه ليه، «هى الكوافيرة حرام؟.. ولو حرام أنا لقيت شغل تانى وقلت لأ؟.. كل شاب يعرف أننى كوافيرة يعاملنى كأننى من بنات الليل، أليس حقى أن أتزوج مثل كل بنت؟.. فهناك بنات يعملن بأبشع المهن ولا أحد يعرف عنهن شيئًا ويتزوجن.. أما أنا بمجرد أن يعلموا أننى كوافيرة أكون فى نظرهم بنتًا للتسلية فقط، وليس للزواج، مع إن لبسى محتشم.
«مش مهم كلام الناس أو حتى زواج».. هذا هو رد «جيلان السيد» بكالوريوس حاسبات ومعلومات، 27 سنة، وتضيف: والدى صاحب محل «كوافير» يعمل به منذ أكثر من 15 سنة وتعلمت منه كل شىء وأنا الآن أتولى مسئولية المحل فليس من المنطق أن أترك مهنة والدى لغيرى فأنا أولى بالتأكيد بها كما أننى أستمتع كثيرًا بعملى.
لأننى أحب هذه المهنة لم أتزوج ولن أتزوج لقد أصبح عندى عقدة تسمى الزواج، ففى المنطقة توجد سيدة تسمى «أم أحمد الخاطبة» أتت لى بالكثير من العرسان لكن لا أعلم سر اختفائهم هل لأننى كوافيرة، الجميع بمنطقة عملى يشهد لى بالأخلاق الحسنة فلماذا يختفون فإذا كانت مهنتى أمام الزواج فلقد اخترت مهنتى فهى أبقى لى من أى شىء.
أما «جومان. ع»، 30 سنة، مطلقة، تعمل بمحل كوافير فى شبرا الخيمة منذ 5 سنوات تقول: تزوجت وعندى 25 سنة، وكان دائما تحدث مشاكل بسبب عملى، إلى أن وصلت المشاكل بالاختيار بين العمل والزوج، رأيت أن العمل أنفع لى من الزوج، بعد طلاقى الجميع حولى يأخذ عنى فكرة سيئة والسبب أننى كوافيرة لكننى سعيدة بعملى ولا أشغل بالى بحديث الناس.
ومن المهن الأخرى التى يرى أنها لا تليق بالفتاة المصرية «فرد أمن» رغم أنها تختص بالذكور فقط، ولكن اقتحمتها الفتيات، وذلك واضح فى محطات المترو «قوت محمد»، 22 سنة، معهد هندسة سنتين لم تجد عملًا غير ذلك، لتساعد أسرتها.. تحكى قصتها عن عريس المستقبل، فتقول: كنت مخطوبة قبل أن ألتحق بهذ العمل بالمترو ولم أعلم خطيبى حتى أستطيع أن أجهز نفسى ولا أكون عبئًا على أهلى، خاصة بعد بلوغ والدى مرحلة المعاش، وعندما علم خطيبى بعملى بالمترو فسخ الخطوبة بداعى أن هذا العمل لا يليق ببنت محترمة. صحيح أننى أتعرض يوميًا لمضايقات من الركاب والشباب، وكأننى فريسة سهلة. أنا الآن مخطوبة لمشرف بالمترو، ويطالبنى بترك العمل ولكن ظروفى لا تسمح أن أتركه، وطلبت منه أن ينتظر حتى أكمل أشياء أحتاجها فى جهازى، وحاليًا تجرى مفاوضات حتى يقتنع، وتتساءل قوت: هو فيه بنت تحب البهدلة؟.
«سناء مختار»، 25 عامًا، حاصلة على معهد خدمة اجتماعية تعمل مندوبة مبيعات لإحدى الشركات العاملة فى مجال بيع العطور ومستحضرات التجميل، تخرج «سناء» كل صباح تحمل حقيبة بها المنتجات وتمر على المقاهى والمحلات لعل أحدًا يرأف بحالها ويشترى منها لتعود آخر اليوم ببضعة جنيهات تساعد بها أسرتها.. تقول: يئست من الحصول على وظيفة محترمة ولم أجد أمامى سوى تلك المهنة، أشعر بمهانة كل يوم عندما أرى نظرة الشفقة فى عيون الناس، وأرى نفسى كأننى متسولة عندما يضع شخص يده فى جيبه، ويخرج مبلغًا من المال ويمده لى دون أن يشترى شيئًا من المنتجات، يأتى علىّ بعض الأوقات أجلس وأبكى بسبب هذا الوضع ولكنى مجبرة على ذلك، والدى مريض وإخوتى صغار فى المدارس ونفسى يتعلموا.
تضيف سناء: أتعرض لمضايقات الشباب كثيرًا طوال اليوم، فهم لا يشعرون باحتياج الآخرين، نظراتهم سهام تمزقنى، منهم من يطلب منى التجول معه فعندما أرفض كلماته تقع على مسامعى كالصخر فيقول: «إنتى بتلفى طول النهار وإيه يعنى لما نتمشى شوية».
تقدم لخطبتى شاب يعمل فى محل اتصالات ولكننى رفضته لأنه سيئ السمعة ومستهتر لا يستطيع أن يكون أسرة ويحافظ عليها، وأتمنى أن أجد ابن الحلال الذى ينتشلنى من هذا الوضع.
من جانبه يقول الدكتور أحمد ثابت محمدين، الخبير الاجتماعى والنفسى: هناك مشكلة كبيرة فى طريقة تفكيرنا ومفاهيمنا الخاطئة حول النظرة لبعض المهن بالنسبة للمرأة باحتقارها والتقليل منها، ومنها الممرضة والكوافيرة وغيرهما، لأن البعض ينظر لهذه المهن بشىء من السوء، ولكن اختلف ذلك كثيرًا فى الفترة الأخيرة نتيجة الإيمان بدور المرأة وتمكينها، والثقة بأن المرأة تستطيع العمل فى أى مجال، ويساعدها ذلك على تحقيق أهدافها، ولكن هناك بعض الأعمال كان لا يمكن ممارستها للمرأة لأنها مرفوضة فى المجتمع المصرى مثل الحراسات الخاصة والأعمال القتالية، وأصبحت مباحة الآن ولكن العمل ببعض المهن قد يؤدى بالفتاة إلى عنوستها بسبب العديد من المهن التى يرفضها المجتمع فى بعض الحالات كعمل الفتاة كوافيرة أو مندوبة مبيعات أو عاملة نظافة أو عاملة فى محل ولكن فى الحقيقة أن عمل المرأة وأداءها فى الفترة الأخيرة أحدث تغييرًا كبيرًا فى المجتمع لأنها خرجت للعمل بسبب شعورها بالنقص من تأخرها فى الزواج وفقدانها الثقة، الأمر الذى جعلها تحاول أن تثبت نفسها من خلال العمل لكى تحقق مكانة اجتماعية، والعادات وتقاليد المجتمع تقف عائقا، وأضاف ثابت أن المشكلة فى خروج الفتاة للعمل فتكون مسئولياتها ضعف مسئوليات الرجل، فخروجها للعمل ضرورة اجتماعية خروجها من المنزل يهيئ لها فرص التعارف ويمنحها فرصة اختيار الزوج المناسب لها.
أما الدكتورة سامية الساعاتى، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، فترى أن بعض الأسر لا تزوج أولادها إلا حسب المستوى الاقتصادى أو الاجتماعى، لذا تكثر القيود على الفتاة وكأننا فى عصر الجاهلية؟ وأن النظر لبعض الوظائف على أنها تؤدى للعنوسة شىء يدل على تخلف الأمم وليس تقدمها، وأنا أختلف مع هذه النظرة فى الظروف الحالية نظرًا للحالة الاقتصادية التى تمر بها البلاد، فالعنوسة مرتبطة فى مجتمعنا بأن البنت تتجوز فى سن صغيرة فى حين ترى فى المجتمعات المدنية تتجاوز سن الثلاثين وأكثر تطلق عليها صفة العانس والمجتمع لا يسمح أن الزوجة تكون أكثر حظًا فى التعليم عن الرجل، وأضافت أن ارتفاع معدلات البطالة وغلاء الإسكان وتكاليف الزواج وغلاء المهور والعوامل النفسية التى نختار على أساسها الزواج والتغير الاجتماعى هى السبب الرئيسى للعنوسة، لذا ترفض «الساعاتى» النظرة الضيقة للفتاة من زاوية المهنة.
«المُمَرِّضة».. المفتَرى عليها
عمل الفتاة أصبح واقعًا تفرضه الظروف، بل وتنص عليه الحريات، غير أنه فى مصر يتخد أسبابا أخرى تجعل منه أساسا لا غنى عنه، أهمها على الإطلاق الظروف الاجتماعية، وانتشار الفقر والبطالة للدرجة التى تجبر الأنثى على الخروج لإيجاد عمل ما، والمساهمة بشكل أو بآخر فى استمرار حياة الأسرة، وفى بعض الأحيان تكون تلك الأنثى عائلًا، مما يجعل خروجها للعمل أمرًا ضروريًا ولا يندرج تحت بند الرفاهية والاختيار.
غير أن بعض المهن ينظر إليها ببعض الريبة، رغم ما تنطوى عليه من تعب وجهد، ورغم أهميتها القصوى أيضا، واحتياج المجتمع لها، ومن تلك المهن تأتى مهنة الممرضة، ملاك الرحمة المفترى عليها دائما.
أنغام زايد ممرضة تقول: «أنا من قرية صغيرة تتبع لمركز شبراخيت، وكان شغلى فى وادى النطرون بمستشفى اسمه اليوم الواحد على طريق مصر إسكندرية الصحراوى، كنت باخد 3 ساعات كى أصل لمكان عملى، يعنى أخرج من بيتنا ستة الصبح أوصل تسعة أو تسعة ونص، المكان يحوى سكنا خاصا لنا، بنقعد أربع أيام وناخد تلاتة إجازة، اتعلمت فيه معنى الضمير وحب الناس، المستشفى من أفضل الأماكن التى اشتغلت فيها، بس طبعا زى أى مكان فيه مشاكل كتير، نقص فى الفرش والأدوية.. أوقات كنا بنلم من بعض فلوس ونشترى للمرضى اللى مالهومش أهل علاج، ونجيب أتواب قماش نفصلها ملايات علشان معظم الملايات بتتاخد مع حالات الوفيات ومابترجعش».
تضيف أنغام: «أنا ممرضة، ومش معنى إنى ممرضة يعنى جاهلة، أنا بكمل كلية حقوق وفى سنة تالتة دلوقى، وبكتب روايات وقصص وأول عمل ليا هينزل فى المعرض، وأغلب الممرضات أوائل مدارس ودخلوا بمجهودهم الشخصى، ويعتبر التمريض اللى تبع وزارة الصحة الشىء الوحيد اللى فى البلد مافيهوش واسطة ولا بيندفع فيه فلوس». أنغام تشعر بالحزن من نظرة البعض للممرضة وتقول: «عارف يعنى إيه واحدة بيبقى على كتفها هم جبال ولازم تضحك فى وشك علشان مالكش ذنب تشوفها مكشَّرة؟ يعنى إيه واحدة سايبة ولادها عند الجيران أو مع زوجها لحد ما ترجع، ورايحة تلف على سراير ناس تطبطب عليهم وتواسيهم وتعالجهم؟.. اشمعنى فى مصر التمريض وحش وسمعته مش حلوة، وفى بلاد بره الطبيب والممرضة ليهم مكانة وكل الناس بتحترمهم وماحدش بيتكلم عنهم بسوء؟».
وتجيب أنغام: «لأنه لو واحدة ضحكت فى وش الشاب المصرى، وعاملته زى ما يكون حد من أهلها يفكرها دايبة فى غرامه، وللعلم دى حاجة إحنا دارسينها، يعنى علمونا فى المدارس مانفرقش بين لون وديانة، علمونا نحط المريض مكان أبونا، أمنا، أخونا، علشان نحس بوجعه واللى هو فيه.
لو الممرضة مسكت إيد المريض علشان تشوفله النبض يتحول لعادل إمام (بتحبينى يا هدى).. يعنى الشاب بيبقى رايح بيتلوّى من الوجع وسايب اللى هو فيه وبيبصبص للممرضة.. وأخيرا كل مكان فيه الكويس وفيه الوحش، يعنى لو مستشفى كامل فيه ممرضة أو دكتور وحشين فدا مايديش الحق إن حد يحكم على الكل كدا».
أنغام انتهت من كتابة أول رواية لها باسم «نيكوبار»، وهو نوع من أنواع الحمام النادر، وهى خليط من الفانتازيا والرعب الساخر، تحكى عن الجن، وتدور أحداثها حول بنت تتعرض للمتاعب، مما يؤثر على نفسيتها.
أما فهيمة محمود فهى ممرضة منتدبة حاليا لمستشفى قوات مسلحة، تقول: «بانزل الطابور 7 ونص، وأستلم الشيفت 8 الصبح.. وأسلم الشيفت لزميلتى 8 الصبح تانى يوم، على المستوى الشخصى وبما إنى شغالة ممرضة بالتقريب هتلاقى أكتر من نص الممرضات غير صبورات وبيعاملوا المرضى بقسوة وزعيق، أما الجزء القليل اللى فاضل فبيراعى ربنا فى الناس، وده لأننا مجتمع معيوب بالكامل.
وعشان ما أكونش جاية علينا أوى، إمكانيات المستشفى بتكون أول عامل يخلينى أدى للمريض حقه، ولو مفيش إمكانيات للأسف ممكن أقف جنب مريض بيموت ومعايا دكتور ومش قادرين نعمل حاجة، لأن نظام تحويل المرضى فى المستشفيات عقيم، أما المستوى العلمى فالوقت الحالى أفضل بشكل ملحوظ، لأن أغلب التمريض دلوقتى تعليم عالى، وله كليات ومعاهد مش بتاخد أى طلبة ومحاضرات فى طب وشغلانة، بالإضافة للكورسات والامتحانات الدورية اللى بتعملها وزارة الصحة فى المستشفيات الحكومية، وللعلم أى ممرض أو عامل فى المجال الصحى فى مصر متبهدل، ويكفى أن بدل العدوى بتاعنا لسه 16 جنيه، ولما بنتصاب بأى فيروس الوزارة بتقولنا اخبطوا دماغكو فى الحيط».
وعن سوء الاهتمام بوقاية الممرضات بالمستشفيات قالت: «فيه مرضى بييجوا عندهم فيروس سى وإيدز ومش بيرضوا يعرفوا التمريض علشان بيخافوا إننا منتعاملش معاهم، وفيه مستشفيات مش متوافر فيها الجوانتيات، فيصاب البعض بمرض الإيدز وده مقلب حصل فيا شخصيًا».
وتضيف: «وأنا طالبة ست جات تقولى إنتى مخطوبة وعايزة تخطبنى لابنها، ولما قولتلها بابا بيرفض قالتلى طب عايزة أى بنت ممرضة من أصحابك أخطبها لابنى.
فيه ثقافة منتشرة بين الستات ملخبطة شوية بتقول الممرضات سيئات السمعة، بس نجوزهم عيالنا علشان شغالين وهيصرفوا على البيت، وهتحاول بشتى الطرق تشيل نظرة الدونية لخطيبة ابنها على الأقل لحد ما يتجوزوا، وبعدها تعايرها، ده إنتى حتة ممرضة، على أساس أن كلمة ممرضة شتيمة».
لفهيمة أيضا «عودة طاقية الإخفاء»، وتحتوى على 20 قصة متنوعة بين الفانتازيا والاجتماعى الساخر وقصة أطفال وقصص شبيهة بأدب قصص الومضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.