يحتفى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته هذا العام بالأديب العالمى «نجيب محفوظ»، ابن الحارة المصرية الذى جسد ملامحها، ورسم خطواتها وعبّر عن حزنها ويأسها ورصد أفراحها وصخبها من خلال كتاباته التى وصلت إلى العالمية، وجعلت الحارة المصرية محط أنظار العالم أجمع، وتقديرًا لما قدمه أديب نوبل ابن حى الجمالية المولود فى 11 ديسمبر 1911، رصد معرض الكتاب محورًا كاملًا لمناقشة أعماله بعنوان «نجيب محفوظ حضور متجدد»، عرفانًا بدوره فى وصول الرواية المصرية وجعلها فى مصاف الروايات العالمية رأسًا برأس. بدأ نجيب محفوظ الكتابة فى منتصف الثلاثينيات، وكان ينشر قصصه القصيرة فى مجلة الرسالة، وفى 1939 نشر روايته الأولى عبث الأقدار التى تقدم مفهومه عن الواقعية التاريخية، ثم نشر كفاح طيبة، ورادوبيس منهيًا ثلاثية تاريخية فى زمن الفراعنة. وفى عام 1945 بدأ نجيب محفوظ خطه الروائى الواقعى الذى حافظ عليه فى معظم مسيرته الأدبية برواية القاهرة الجديدة، ثم خان الخليلى وزقاق المدق، وجرب الواقعية النفسية فى رواية السراب ثم عاد إلى الواقعية الاجتماعية مع بداية ونهاية وثلاثية القاهرة. فيما بعد اتجه محفوظ إلى الرمزية فى روايتيه الشحاذ، وأولاد حارتنا اللتان سببتا ردود فعل قوية وكانتا سببًا فى التحريض على محاولة اغتياله، كما اتجه فى مرحلة متقدمة من مشواره الأدبى إلى مفاهيم جديدة كالكتابة على حدود الفانتازيا كما فى روايتيه «الحرافيش، ليالى ألف ليلة» وكتابه البوح الصوفى والأحلام كما فى عملية «أصداء السيرة الذاتية، أحلام فترة النقاهة». توقف محفوظ عن الكتابة بعد الثلاثية، ودخل فى حالة صمت أدبى، انتقل خلاله من الواقعية الاجتماعية إلى الواقعية الرمزية، ثم بدأ نشر روايته الجديدة أولاد حارتنا فى جريدة الأهرام فى 1959، وفيها استسلم لغواية استعمال الحكايات الكبرى من تاريخ الإنسانية فى قراءة اللحظة السياسية والاجتماعية لمصر ما بعد الثورة، ليطرح سؤالًا على رجال الثورة يدور حول الطريق الذى يرغبون فى السير فيه «طريق الفتوات أم طريق الحرافيش». وأثارت الرواية ردود أفعال قوية تسببت فى وقف نشرها والتوجيه بعدم نشرها كاملة فى مصر. أولاد حارتنا، واحدة من أربع روايات تسببت فى فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للأدب، كما أنها كانت السبب المباشر فى التحريض على محاولة اغتياله، وبعدها لم يتخل تمامًا عن واقعيته الرمزية، فنشر ملحمة الحرافيش فى 1977 بعد عشر سنوات من نشر أولاد حارتنا كاملة.