البيئة المحيطة أصل الفكرة.. وموعد التقديم عامل أساسى للنجاح.. وشخصية المذيع أهم من الصوت تتعدد البرامج وتختلف فيما بينها، لكن يبقى الأساس واحدا، فكل برامج الراديو لها نفس المكونات، وهى اسم البرنامج، وفكرته، وفقراته، والموسيقى الخاصة به، والتنويهات العامة والخاصة «البروموز»، وبالطبع المذيع، ولكى تعرف كيف يتم عمل البرنامج ستصحبك «البوابة» فى رحلة، لنتعرف فيها على مراحل صناعة برامج الراديو، ربما تصبح يوما ما من ألمع مذيعى ال«FM». بداية يجب أن نتفق على أنه لا يوجد دليل مستخدم للعمل الإذاعى، فكل شىء ممكن، لكن مساحة السماح بعمله تتوقف على كيفية التنفيذ، وقد يبدو للوهلة الأولى أن أفكار البرامج محدودة للغاية، لكن هذا غير صحيح، لأنه يعد خلطا بين الشريحة أو الرسالة الخاصة بالبرنامج وفكرة البرنامج، فالثانية هى التى تحدد كيف سيتم توصيل الأولى، وللتوضيح أكثر إذا نظرنا حولنا يمكن استخراج أفكار من البيئة المحيطة تصلح لتقديم أى رسالة، مثال على ذلك مفتاح المنزل، لو افترضنا أن هناك برنامجا اسمه «المفتاح» فماذا تتوقع أن تكون رسالته؟ لا توجد إجابة محددة بالطبع، لكن ربما سيكون التناول حول موضوع ما مغلق وعصى على الحل أو الفتح، ويأتى البرنامج ليقدم الطريقة أو المفتاح، وقد تكون إحدى فقرات البرنامج بعنوان «قفل كبير»، وتتحدث عن المعوقات مثلا؟ وفقرة أخرى بعنوان «ترباس» وتتحدث عن التحصينات مثلا. ربما يكون الكلام السابق عن البرامج المتخصصة ذات الموضوع، لكن هناك البرامج الخفيفة التى تكون فكرتها عبارة عن ملء الفترة، مثل البرامج الصباحية المنتشرة فى كافة الإذاعات التى تعتمد فى أفكارها وتكوينها على موعد التقديم، فهو العامل الأساسى فى تحديد نوعية فقراتها، فتلك البرامج كافة تشترك فى تقديم معلومات لراكبى السيارات حول حالة الطرق، وربما تعتمد على التسلية فى رحلة الذهاب والعودة من العمل أو الدراسة، كما يحدد موعد تقديم البرنامج الطريقة التى سيتحدث بها المذيع، فلا يجوز أن يخرج مذيع يتحدث ببطء شديد ليقدم برنامجا صباحيا يحتاج إلى تنشيط المستمعين، كما أن الأغانى الهادئة فى الصباح قد لا تكون اختيارا موفقا أيضا، والعكس فى برامج منتصف الليل التى تحتاج إلى الهدوء والأغانى الطربية أو الهادئة للمساعدة على الاسترخاء. يقول الخبراء فى هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى»: لا يوجد صوت غير صالح للإذاعة بل الأداء هو الأهم، كما اتفق معهم العديد من الإذاعيين المصريين على أن المعيار الأساسى هو الأداء والشخصية، فهوية المذيع أهم من صوته -مهما كان هذا الصوت مختلفا- بدونها هو يشبه موديل الإعلانات، شكل جميل، لكننا لا نستطيع أن نقول عليه ممثل قوى، ولذلك على من يرغب فى أن يكون مذيعا أن يعمل على أن لا يقلد أحدا، ولا يقوم بعمل أصوات مصطنعة دون الحاجة إليها، وأن يطبع أداءه بالفكرة والتناول الخاصين بالبرنامج، كما ذكرنا من قبل، وإن كنت لا تستطيع أن تكون شخصية إذاعية، فنصيحتنا لك هى أن تبدأ الآن. بعد اختيار اسم البرنامج وتسكين «المذيع/ المذيعة»، وتسمية فقراته، تبدأ رحلة عمل الإنتاج الإذاعى أو ما يطلق عليه الإذاعيون «production» الذى سيعتمد عليه المذيع ومخرج الحلقات اعتمادا كبيرا فى تكوين الحالة أو «الموود» الخاص بالبرنامج، وهنا يتفق المنتج الإذاعى مع المذيع أو المخرج على الأساسيات والحالة الخاصة التى سيقوم بعمل الموسيقى على أساسها، ويدخل فيها اسم البرنامج وفكرته وموعد التقديم كمحددات، فمثلا برنامجنا المقترح «المفتاح» الذى سيذاع فى العاشرة مساءً من الممكن أن تكون موسيقاه توحى بالتحدى والقوة، ولا مانع من إضافة بعض المؤثرات الصوتية بداخلها كأصوات مفاتيح أو أبواب بشكل متناسق مع الموسيقى، وقد يتم استخدام هذه المؤثرات أيضا فى التنويهات الداخلية بأسماء الفقرات، كفقرة «قفل كبير» التى قد تأتى فى شكل صوت قفل عصى على الفتح مع صوت المعلق الصوتى يعلن الفقرة بصوت يوحى أننا أمام مشكلة صعبة، ويفضل أن تقوم الإذاعات بعمل أكثر من إعلان للبرنامج الواحد، إلا أن هناك إذاعيين يعارضون هذه الفكرة ويفضلون إعلانا واحدا، لكى يثبت فى ذهن المستمع ويحفظه، ويعد الإعلان دعوة للمستمع لانتظار البرنامج والاستماع إليه، كما يعد «البرودكشن» هو العنصر المساعد مع المذيع وأدائه لإبقاء مؤشر الراديو فى مكانه طوال مدة البرنامج. يحاول المذيعون إضافة فقرات مختلفة فى برامجهم، كالمسابقات، والقصص المرعبة، والمعلومات العامة، لجذب أكبر عدد ممكن من المستمعين وإبقائهم منجذبين ومتفاعلين مع البرنامج، وتعد الإضافات الخاصة فى البرامج من أهم عوامل نجاحه، كما تعطيه ثقلا واختلافا، فتخيل مثلا برنامجنا الافتراضى «المفتاح» يقدم لك فى كل مرة دراما إذاعية يقوم بأدائها ممثلون محترفون عن شخصية ما ألهمت العالم، أو أن يقوم باستضافة «ستاند آب كوميديان» كل حلقة فى فقرة ليقول «إسكتش خفيف الظل» عن سلبيات نحن بحاجة إلى التخلص منها، فكل هذه الأشياء تضيف عنصر التسلية إلى الفكرة الأصلية، وتجعل المضمون قابلا للاستيعاب، كما تجذب غير المهتمين بالموضوع نحو الموضوع، وتستفزهم لجعلهم متشوقين للمزيد. بعد استعراض كل ما سبق عليك أن تتذكر دوما أن التجديد عامل مهم، وأن الفكرة والمضمون لا بد أن يكونا قابلين للتمدد والتوسع لاشتمال عناصر أكبر، كما أن هذا التجديد لا بد أن لا يأتى على حساب شخصية البرنامج، وأن العمل الإذاعى أمانة ورسالة، فحافظ عليه كأنه أحد أبنائك ولا تخنه أبدا.