ولد أبو محمد العدناني الشامي، المتحدث الرسمي باسم تنظيم داعش الإرهابي أو منجنيق الدولة كما يلقبه داعش، كما يكني نفسه، -طه صبحي فلاحة- في 1977 في بلدة بنش قرب مدينة سراقب بمحافظة إدلب السورية، ولكنه سكن في قضاء حديثة، أي مركز المدينة التي تقع في محافظة الأنبار العراقية. ووفقًا لرواية أعضاء بالتنظيم فقد تأثر منذ صغره بكتب شيوخ المذهب السلفي مثل ابن كثير ومحمد الشوكاني، كما ولى اهتمامًا خاصًا لكتب اللغة والأدب، وفي شبابه كان يتلقى دروسًا مع أقرانه من قيادات تكفيرية وجهادية بالعراق، منهم أبو ميسرة الغريب أحد قادة تنظيم القاعدة، وأبو أنس الشامي مسئول اللجنة الشرعية لجماعة التوحيد والجهاد، بالإضافة إلى البغدادي نفسه. ولم يبدأ المشوار الجهادي للعدناني مع تنظيم داعش، بل بدأ مبكرًا في العام 2000 بمبايعته أبو مصعب الزرقاوي، القيادة الجهادية في سوريا في ذلك الوقت، مع مجموعة من 35 شخصًا، وخططوا لقتال النظام السوري ولكنهم انتقلوا إلى العراق مع الغزو الأمريكي له وأسس الزرقاوي في 2003 "جماعة التوحيد والجهاد" المعروفة بتكفيرها للشيعة والدعوة لإبادتهم بزعم أنهم "المتحالفون مع الغزاة الأمريكان"، ثم بايع الزرقاوي أسامة بن لادن وتم تأسيس "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" لينضم العدناني إليه. وتم اعتقال العدناني ثلاث مرات في سوريا وسجنته القوات الأمريكية مرتين في العراق، كان آخرها في 2005 حيث تم إيداعه سجن "بوكا" المختص بسجن الإسلاميين المتشددين، واستخدم حينها اسمًا مزورًا هو "ياسر خلف حسين نزال الراوي"، وتم الإفراج عنه في 2010 لعدم معرفة السلطات بأهميته كعنصر إرهابي بارز. وفي أواخر 2011 أرسل البغدادي، كأحد قيادات القاعدة، العدناني بالإضافة إلى أبو محمد الجولاني وحجي بكر وآخرون إلى سوريا تحت اسم "جبهة النصرة لأهل الشام"، وكان العدناني مراقبًا على الجولاني بشكل سري، وقال في تقاريره عنه أن الجولاني يقرب منه الجهاديون السوريون على حساب "المهاجرين" من بلدان أخرى لخلق بيئة حاضنة له في سوريا، وكذلك يقرب منه مخالفين لمنهج "الدولة الإسلامية" التي يزعمونها ويفكر في الانشقاق عنها، ليعلن البغدادي قيام "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وهو ما فجر الخلافات العنيفة بين داعش والقاعدة. وظهر العدناني في مقطع فيديو رافضًا أوامر أيمن الظواهري زعيم القاعدة بقاء جبهة النصرة في سوريا وعودة داعش إلى العراق، ورفع للمرة الأولى شعار "الدولة الإسلامية باقية وتتمدد". ثم ظهر في تسجيل صوتي مهاجمًا الفصائل السورية المسلحة بعنف، بعد مهاجمتها لمقرات داعش، وأطلق عليهم منذ ذلك الحين لقب "الصحوات" نسبة إلى العشائر السنية التي أسست قوات مسلحة لمحاربة التنظيم في العراق. وشنت قيادات القاعدة مثل هاني السباعي وطارق عبد العليم بعدها هجومًا شرسًا على العدناني واتهموه باتباع منهج الخوارج، ليرد بعض شيوخ داعش بالتعريف به وبمسيرته الجهادية، وفي رسائل إلى الظواهري من قيادات للقاعدة، كشفها مؤخرًا قيادي بداعش يُدعى أبي ميسرة الشامي، اعتبرت القاعدة أن العدناني يمثل "تيار الغلو" المتشدد في التكفير داخل داعش، في حين يمثل البغدادي "تيار الاعتدال". وأعلن العدناني قيام "دولة الخلافة في العراق والشام" في 2014 ومبايعة أبي بكر البغدادي، زعيم التنظيم، في مقطع فيديو تم تصويره على شريط حدودي بين سورياوالعراق مدعيًا توحيد المسلمين وكسر الحدود التي اعتبرها "صنم سايكس – بيكو". واشتهر بتصريحاته اللاذعة من اللحظة الأولى لعمله متحدثًا إعلاميًا، مثل وصفه للرئيس الأمريكي باراك أوباما ب "كلب اليهود". ظهر العدناني في العديد من المناسبات مهددًا دولًا مختلف أو العالم بأسره، منها تسجيل صوتي له في أبريل الماضي قال فيه: "إن كنتم تحلمون باسترداد الأراضي التي سيطرنا عليها، فإننا نريد باريس قبل روما وقبل الأندلس وقبل أن نسود عيشكم وننسف بيتكم الأبيض ساعة بيج بن وبرج إيفل، نريد أفغانستان والرياض والقاهرة وطهران والقدس وبغداد والدوحة وأبي ظبى وعمان". وللعدناني عدد قليل من الكتب في شكل شعر منظوم أو نثر، منها كتاب ومنظومة شعرية حول فقه الجهاد، وكتاب "السلسلة الذهبية في الأعمال القلبية"، و"معينة الحفاظ" الموجه لحافظي القرآن، وقصيدة "القاعدي" للرد على بعض منتقدي القاعدة إبان وجوده ضمن صفوفها. كما قام بتدريس كتب العلوم الشرعية لأعضاء تنظيمي القاعدة وداعش خلال وجوده بهما، ومنها كتابه "في فقه الجهاد ومسائله"، واهتم بشكل خاص بتدريس كتب حول قواعد الإيمان والكفر وحول اللغة والنحو. وتولى مناصب في التنظيمات التكفيرية التي انتمى إليها، منها أمير حديثة بتنصيب من الزرقاوي، والمسئول الشرعي للقطاع الغربي من محافظة الأنبار، والمتحدث الرسمي باسم داعش في العراق ثم في العراق والشام ثم للتنظيم بأكمله. وكانت خلية الإعلام الحربي بقيادة العمليات المشتركة العراقية، قد أكدت في بيان لها أمس، إصابة العدنانى، في قصف للقوات الجوية العراقية بمدينة حديثة في محافظة الأنبار، واعتبرت وسائل إعلامية عالمية أن الجيش العراقي فشل في اغتياله؛ أعلن مجلس محافظة الأنبار وفاته في تلك الغارة، على لسان المتحدث باسمه عيد عماش الكربولي، وهو ما كانت هيئة الحشد الشعبي المقاتلة لداعش قد أكدته بالأمس.