فنان قدير استطاع أن يعرف كيف يرسم الفرحة على شفاه جمهوره كان قريبًا من الجميع، حيث كان جمهوره يراه الجد والأب والأخ والصديق، امتازت ملامحه بالطيبة، وصنع أدواره بعبقرية الكبار، وتمكن من الوصول لمكانة عالية في قلوب عشاقه لأنه جسد كل ما بداخلهم لأنه "ساحر الارتجال" "المدبوليزم" الفنان الراحل "عبدالمنعم مدبولي". وُلد عبدالمنعم مدبولي، بحي باب الشعرية في 28 ديسمبر 1921 يتيمًا فقيرًا جدًا، حيث ظهرت موهبته التمثيلية منذ المرحلة الابتدائية عندما تم ترشيحه ليقود الفرقة المسرحية بالمدرسة، ومارس التمثيل لأكثر من 50 عامًا، حتى وفاته يوم الأحد 9 يوليو 2006 متأثرًا بمرض القلب عن عمر يناهز 85 عامًا. تخرج في كلية الفنون التطبيقية وعمل بها مدرسًا في قسم النحت حتى منتصف السبعينيات في عز شهرته ومجده، واكتشف الكثير من الموهوبين في التمثيل من طلاب الكلية، أهمهم "نبيل الهجرسي" خريج قسم الحديد ثم التحق مدبولي بالمعهد العالي لفن التمثيل العربي ليتخرج فيه عام 1949 في ثاني دفعاته، وعقب تخرجه انضم إلى فرقة جورج أبيض ثم فرقة فاطمة رشدي وشارك بالتمثيل في برامج الأطفال بالإذاعة ضمن حلقات برنامج بابا شارو، ثم استمر حتى بلغ رصيده نحو 60 فيلمًا، 120 مسرحية، و30 مسلسلًا. تميز عبدالمنعم مدبولي بكاريزما خاصة اكسبته حب الملايين في مصر والعالم العربي وشكل مع الراحل فؤاد المهندس ثنائي تمثيلي عجز عن تكراره الممثلون الحاليون. شارك مدبولي في أول عمل مسرحي له من خلال دور أعرابي مع فرقة المسرح المصري الحديث التي شكلها زكي طليمات، ثم قام بتأسيس فرقة تحمل اسم المسرح الحر عام 1952، ومن أهم الأعمال المسرحية التي أنتجتها فرقة المسرح الحر: "الأرض الثائرة"، "حسبة برما"، "الرضا السامي"، "خايف اتجوز"، "مراتي بنت جن"، "مراتي نمرة 11"، "كوكتيل العجائب". إضافة إلى ذلك شارك مدبولي في كتابة العروض المسرحية مثل كفاح بورسعيد، والتي كانت عبارة عن مجموعة من المسرحيات القصيرة أخرجها كل من سعد أردش وصلاح منصور. انضم مدبولي بعد ذلك إلى فرقة التليفزيون المسرحية والتي كان يترأسها السيد بدير، بعدها تولى فرقة المسرح الكوميدي وأخرج الكثير من العروض منها: "جلفدان هانم"، "أنا وهو وهي"، "دسوقي أفندي"، "مطرب العواصف"، "أصل وصورة"، "حلمك يا شيخ علام"، "المفتش العام"، "السكرتير الفني"، "مطرب العواطف"، "وسط البلد"، كما أخرج لفرقة إسماعيل ياسين عملين هما "3 فرخات وديك"، و"أنا وأخويا وأخويا"، كما شارك مدبولي في تكوين فرقة الفنانين المتحدين، وقدم من خلالها أبرز العروض المسرحية وهي: "البيجاما الحمراء"، "الزوج العاشر"، "العيال الطيبين"، ثم انفصل عنها عام 73 ليكون في عام 75 فرقته الخاصة "المدبوليزم" وقدم من خلالها عروض: "راجل مفيش منه"، "يا مالك قلبي"، "مولود في الوقت الضائع"، "مع خالص تحياتي"، "حمار ماشالش حاجة". شارك بالتمثيل والإخراج في عدد كبير من المسرحيات التي حققت نجاحًا كبيرًا ومنها: "السكرتير الفني" بطولة الفنان فؤاد المهندس وشويكار، و"المغناطيس"، "الناس اللي تحت"، "بين القصرين"، "زقاق المدق"، "ريا وسكينة". أما بالنسبة للسينما فقد بدأها في وقت متأخر، حيث شهد عام 1958 أول فيلم لمدبولي وهو "أيامي السعيدة"، وتوالت الأفلام بعد ذلك والتي بلغ عددها 150 فيلمًا منها: "ربع دستة أشرار"، "عالم مضحك جدًا"، "غرام في أغسطس"، "مطاردة غرامية"، "المليونير المزيف"، "أشجع رجل في العالم"، وأخر أعمال الفنان عبدالمنعم مدبولي السينمائية "أريد خلعًا" مع الفنان أشرف عبدالباقي. ومن أهم الأدوار التي أبدع فيها وظلت عالقة بذاكرة السينما فكانت للشخصيات التي لعبها في أفلام مثل: "الحفيد مولد يا دنيا إحنا بتوع الأوتوبيس". تخرج على يديه العديد من نجوم الكوميديا مثل: عادل إمام، سعيد صالح، يونس شلبي، محمد صبحي وغيرهم. عمل بالعديد من المسلسلات كان أشهرها على الإطلاق مسلسل "لا يا ابنتي العزيزة" ومسلسل "أبنائي الأعزاء شكرًا" وهو المعروف بمسلسل "بابا عبده". واشترك كضيف شرف في فيلم "عايز حقي" مع الفنان هاني رمزي وقد كان لدوره أثر كبير في تغيير مجرى الفيلم، وكذلك نفس الشيء حدث في فيلم "أريد خلعًا" مع الفنان أشرف عبدالباقي، وأثبت مع كبر سنه أنه لا يزال بارعًا في إلقاء الأدوار التي تحتاج جدية، كما اشترك في فيلم كرستال مع الفنانة شريهان. واشتهر أيضًا عبدالمنعم مدبولي بحبه الكبير للأطفال لذلك قدم العديد من أغاني الأطفال في أفلامه ومسلسلاته ومن خلال التليفزيون المصري والتي ظلت خالدة في ذاكرة التليفزيون والسينما المصرية، وحفرت داخل وجدان كل أطفال مصر خلال عقود من الزمان ومن أغانيه "توت توت" و"كان في واد اسمه الشاطر عمرو" و"جدو عبده زارع أرضه" و"الشمس البرتقالي" وغيرها من الأغاني. كما نال "المدبوليزم" خلال مشواره الفني العديد من الجوائز وشهادات التكريم منها: جائزة أحسن ممثل في السينما عن أفلامه فيلم "الحفيد" وفيلم "أهلا يا كابتن" وكذلك فيلم "مولد يا دنيا" وفي عام 1986 حصل على جائزة تكريم في مهرجان زكي طليمات وفي عام 1983 حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى وفي عام 1984 حصل على جائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعماله وقد قام بتكريمه الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات بشهادة تقدير خاصة في أكاديمية الفنون وذلك عن دوره في مسلسل "أبنائي الأعزاء.. شكرًا" وقام المهرجان القومي للمسرح المصري في الفترة من 10 إلى 19 يوليو 2006 بتكريم اسم الفنان. كما يعد "مدبولي" أول فنان عربي كتبت عنه دائرة المعارف النمساوية.