أقر مجلس الوزراء تعديلات مشروع قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 تمهيدا لإحالته إلى قسم التشريع بمجلس الدولة، وتهدف هذه التعديلات إلى وضع مزيد من الإجراءات لإحكام الرقابة على المال العام وضبط الإنفاق على ما يتم صرفه من الخزانة العامة، وحسن استغلال المنح والقروض، وكذلك إعطاء مرونة في تنفيذ القانون بما يتناسب مع الأنشطة المختلفة للجهات الخاضعة له، ومراجعة اللوائح الحالية بالجهات الإدارية المختلفة وتحديثها برؤية موحدة تتفق مع معايير الشفافية وتكافؤ الفرص، وحرية المنافسة وتحقيق فكر اللا مركزية في اتخاذ القرار من خلال عدة محاور تتمثل في إحكام الرقابة على المال العام من خلال إخضاع الصناديق التي تمول من الخزانة العامة، وأيضا التعاقدات التي تمول من خلال المنح أو القروض بموجب اتفاقات أو معاهدات دولية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات. كما تهدف التعديلات إلى تبسيط الإجراءات الإدارية بإعادة النظر في الحدود المالية الواردة بالقانون، بما يتماشى مع القيمة الحالية للنقود وتيسيرًا لأعمال الجهاز الإدارى ومنح مجلس الوزراء سلطة تعديل القيم المالية الواردة بالقانون على ضوء التغيرات الاقتصادية وبناءً على عرض وزير المالية، والتوسع في سلطات تفويض السلطة المختصة لتصبح لشاغلى وظائف الدرجة العليا، بدلًا من قصرها على شاغلى الوظيفة الأدنى مباشرة لتيسير العمل التنفيذى وتحقيق فكر لا مركزية اتخاذ القرار، وكذا حماية تصرفات متخذى القرار في الأمور الاقتصادية التي تخضع لمجريات وتقلبات الأوضاع الاقتصادية المحلية والإقليمية والعالمية. ويسعى القانون إلى تشجيع مجتمع الأعمال للتعامل مع الحكومة من خلال خفض نسبة التأمين الابتدائى لتصبح 1.5% بحد أقصى من قيمة العملية بدلا من 5%، وزيادة مدة سداد التأمين النهائى، وكذلك تنظيم آليات رد التأمين، فور انتهاء مدة الضمان بهدف تيسير الإجراءات وخفض التكلفة الإدارية لمجتمع الأعمال في التعاقدات الحكومية وبما يحقق أهداف المنافسة وصالح المجتمع. «البوابة» تفتح باب النقاش حول القانون وتعرض كل الآراء حوله في مناقشة جادة وضرورية حول إيجابيات وسلبيات القانون. قال خبراء اقتصاديون إن أغلب المواد الواردة في تعديلات قانون المناقصات والمزايدات تعديلات إيجابية وتصب في اتجاه جذب الاستثمارات، والحد من الإجراءات البيروقراطية التي تعوق الاستثمار ودعم مجتمع الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، فيما اعترض البعض على التعديلات معتبرا أنها تفتح الباب للمحسوبية والفساد. وقال محمد حربى رئيس غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات، إن التعديلات على قانون المناقصات لن يأتى بجديد بل سيساعد على أن يكون «الفساد للركب» على حد وصفه، لافتا إلى أن كل الوزارات ممتلئة بالفساد، وأضاف أن هذه التعديلات تخدم قطاع الأعمال والقطاع الخاص. وأكد السيد القصير رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى، أن تعديلات قانون المناقصات والمزايدات الصادرة عن مجلس الوزراء تمثل توجها جديدا للحكومة خلال المرحلة الحالية لدفع معدلات الاستثمار إلى الأمام، ووضع آليات جديدة تقنن وضع المناقصات والمزايدات بشكل أكثر حرفية ما يسهل على المستثمر التعامل مع بنود القانون دون الإضرار بمصالحه. وأضاف أن خفض نسبة التأمين الابتدائى من 5٪ إلى 1.5٪ وكذلك مد فترة التأمين النهائى يخفض التكلفة الإدارية ويسهل الإجراءات في التعاقدات، بما يحقق أهداف المنافسة ويصب في صالح الاستثمار وخاصة المحلى منه. وعن صرف دفعات مقدمة لرجال الأعمال من المؤسسات المالية لتشجيعهم على التعامل معها، قال رئيس بنك التنمية الصناعية إن ذلك لتسهيل إجراءات تمويل الاستثمارات وشراء الآلات والمعدات من جانب المستثمرين، وقيام المؤسسة المالية القائمة على الإقراض أو المنح بدراسة تكلفة المشروع حتى لا يستخدم المال في أهداف أخرى خارج المشروع المستهدف إذا زادت التيسيرات على الحدود، لافتا إلى أنه لا يمكن تقييم القانون إلا في حالة الإعلان عن تفاصيل وبنود التعديلات، وأكد أن اللجوء للمؤسسات المالية بديلا عن الهيئات الحكومية يعمل على تشجيع الاستثمار وزيادة معدلاته. ومن جانبه أشار ماجد فهمى عضو مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان إلى أنه يجب دعم الدولة فيما يتعلق بأى إجراءات من شأنها جذب الاستثمارات وتسهيل الإجراءات للقضاء على البيروقراطية، في ظل وضع قواعد صارمة لتقليل استغلال تلك التيسيرات في الاستيلاء على المال العام، مشيرا إلى أن الخوف من تفشى الفساد قد أدى إلى عرقلة العديد من القوانين والتيسيرات في وقت سابق. وأوضح أن تعديلات قانون المناقصات والمزايدات الجديدة تعد بداية لإعادة النظر في كل التشريعات المتعلقة بالاستثمار، لافتا إلى أن المرحلة القادمة لا تحتمل المزيد من التعقيد والبيروقراطية، خاصة أننا في حاجة لدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام. وعن تمويل المؤسسات المالية لرجال الأعمال لدخول المناقصات والمزايدات، قال فهمى إن أموال المؤسسات المالية والمتمثلة في البنوك ما هي إلا أموال المودعين، لذا لا يمكن وضع قوانين تلزم البنوك بالتعامل مع رجال الأعمال دون فحص الجدارة الائتمانية لهم ودراسة مخاطر المشروع، حتى لا تضيع أموال المودعين هباء دون جدوى ونقع في أزمات الديون المتعثرة التي يكون البنك المتهم الأول فيها. ولفت فهمى إلى أن تقليل قيمة التأمين الابتدائى كفيل بتشجيع رجال الأعمال على الدخول في المناقصات، ما يعمل على زيادة معدلات الاستثمار. خبير أسواق المال وائل النحاس أكد في تصريحاته ل«البوابة» أن ملامح القانون لم تتضح بعد من خلال الإعلان الصادر عن مجلس الوزراء، متسائلا عن دور البرلمان في إقرار التعديلات الجديدة. ولفت إلى أنه من خلال المعلن من التعديلات فإن الهدف منها هو القضاء على الاحتكار وتقليل معدلات الفساد والرشاوى، ولكن يجب أن تعرض التعديلات على البرلمان أولا قبل إقرارها وخاصة أن ما تم الإعلان عنه أمر غامض، لا يتضمن بنودا تفسر التعديلات بشكل واضح. وأشار إلى أن الدولة تهدف إلى الاقتراض من البنوك بشكل غير مباشر عن طريق دفع رجال الأعمال للاقتراض من البنوك بضمان المشروعات للدخول في شراكة مع القطاع العام، بهدف تقليل تفاقم الدين المحلى الذي تخطى ال 2 تريليون جنيه، من جانبه أكد هانى قسيس عضو المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية والأسمدة، أن التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء في قانون المناقصات والمزايدات، الذي يسمح بالتعاقد بالأمر المباشر يسهم في فتح باب جديد للمحسوبية والفساد، مشيرًا إلى أن القرار يخدم شركات القطاع العام وقطاع الأعمال مقابل تقييد القطاع الخاص. وأضاف قسيس في تصريحات خاصة ل «البوابة» أن منظومة المناقصات منظومة فاسدة وغير مؤهلة لتحقيق المنافسة، مشيرا إلى أنه في حال تطبيق التعديلات على القانون أيضا لا يحقق المرجو منه غير أن التعديل جاء لصالح شركات بعينها، وأوضح أن التعديلات ستسهم في فتح أبواب جديدة لزيادة الفساد.