أفاد تقرير “,”توقعات الطاقة بمنطقة جنوب شرق آسيا“,” الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة أمس أنه من المتوقع أن يرتفع طلب المنطقة على النفط بنسبة تزيد عن 80% حتى عام 2035، حيث يتوقع أن ترتفع واردات النفط في دول المنطقة من 1.9 مليون برميل يوميًا في الوقت الحالي إلى أكثر من 5 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2035، مما يجعل هذه المنطقة رابع أكبر مستورد للنفط في العالم بعد الصين والهند والاتحاد الأوروبي. ويغطي هذا التقرير الدول العشر الأعضاء في رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان)، وهي: إندونيسيا، ماليزيا، الفلبين، سنغافورة، تايلاند، بروناي، ميانمار، كمبوديا، لاوس، وفيتنام، والتي يزيد عدد سكانها على 600 مليون نسمة ويبلغ إجمالي الناتج المحلي مجمعًا 1.7 تريليون دولار؛ حيث يتوقع التقرير أن يرتفع حجم الإنفاق السنوي على صادرات النفط لهذه الدول مجتمعةً إلى 240 مليار دولار في عام 2035، أي ما يعادل حوالي 4% من الناتج المحلي الإجمالي لها، وذلك مقارنة بفاتورة استيراد نفطي تبلغ حاليًا 77 مليار دولار. كما يتوقع أن تكون فاتورة الاستيراد أعلى في كل من تايلاند وإندونيسيا بنسبة تصل إلى ثلاثة أضعاف لتبلغ ما يقرب من 70 مليار دولار لكل منهما في عام 2035. وتشير هذه الأرقام إلى أن منطقة جنوب شرق آسيا، إلى جانب الصين والهند، مركز ثقل النظام العالمي للطاقة سوف يتحول إلى القارة الآسيوية، وذلك وفقًا للمدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة، ماريا فان دير، حيث تشير الوكالة إلى أن المنطقة سوف تحتاج إلى استثمارات تقدر بحوالي 1.7 تريليون دولار في البنية التحتية للطاقة منذ الآن وحتى عام 2035. من جانب آخر ذكر تقرير صدر يوم الثلاثاء الماضي عن شركة “,”فورست & سوليفان“,” أن منطقة جنوب شرق آسيا تسير على الطريق الصحيح لتصبح أكثر مناطق العالم الأكثر جذبًا وتفضيلاً لأنشطة النفط والغاز خلال السنوات الخمس القادمة، إذ من المتوقع أن تؤدي تطويرات وبرامج المشروعات النفطية إلى كسب عوائد تقدر بحوالي 58.52 مليار دولار في عام 2017، مقارنة بعوائد بلغت 38.75 مليار دولار في عام 2012، وأن تصل معدلات النمو المركب لدول المنطقة نسبة 8.5%. وقد اعتمدت نتائج وتقديرات شركة “,”فورست & سوليفان“,” على كل من الاكتشافات النفطية الحالية بالمنطقة وبرامج تطوير قطاع النفط والغاز في كل دولة من دولها، وتبدو ماليزيا وإندونيسيا لديهما فرص واعدة الى جانب تطوير حقول المياه العميقة والحقول النائية أو التي تعرف بالحقول “,”الهامشية“,” كما يقول التقرير. وبالرغم من ذلك يشير التقرير إلى أن الحوافز التي تقدمها حكومات بعض دول منطقة جنوب شرق آسيا لا تزال غير كافية لجذب المستثمرين وتسهيل أعمالهم، كما أن فرص الاستثمار في مجالي الاستكشاف والإنتاج محفوفة بالمخاطر أيضًا لأن غالبية الحقول النفطية المحتملة تقع في مناطق نائية، مما يعني زيادة تكاليف الاستخراج والإنتاج بسبب البعد الجغرافي من جانب، وانعدام البنية التحتية وزيادة تكاليف النقل والشحن والتأمين من جانب آخر. لكن محلل أبحاث الطاقة والبيئة في شركة “,”فورست & سوليفان“,”، باردي ويجيانتو، يرى أن “,”التطويرات التكنولوجية قد خلقت المزيد من الدوافع لزيادة الطلب على الغاز الطبيعي، وأن ارتفاع أسعار النفط يجعل الحقول الهامشية جذابة حيث يساهم التطوير التكنولوجي في تنمية قدرات وحدات حفر النفط ومنشآت حطوط أنابيب النفط والغاز في منطقة جنوب شرق آسيا“,”. وعلاوة على ذلك يبدو أن قضية أمن الطاقة في منطقة جنوب شرق آسيا أخذت تستحوذ على قدر كبير من الاهتمام من قادة دول المنطقة وشركات النفط الوطنية والأجنبية، فالاعتماد المتزايد على النفط في المنطقة، والذي يتوقع أن يصل إلى 75% من مجموع مصادر الطاقة بها بحلول عام 2035، مقارنة بنسبة 44% حاليًا، يجعل دول المنطقة أكثر عرضة لمخاطر الاضطرابات المحتملة، السياسية والعسكرية والاقتصادية، التي تواجه أحيانًا تدفقات النفط حول العالم، كما تشير الوكالة الدولية للطاقة. ويؤكد هذه الحقيقة أن التطور الاقتصادي الذي تشهده دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ قد زاد من معدلات استهلاك الطاقة، ففي عام 2012 بلغ الطلب على المنتجات النفطية في المنطقة أكبر بمعدل 1.3 مرة من دول أمريكا الشمالية، و1.5 مرة من أوروبا، و8.3 مرات من الدول الإفريقية. وكان رئيس الوزراء الماليزي، نجيب عبد الرزاق، قد أشار أثناء المؤتمر الآسيوي السنوي السابع عشر للنفط والغاز، والذي عقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور في شهر يوليو الماضي، إلى أنه يجب على دول آسيا والباسيفيكي أن تحقق أمن الطاقة لأنها أضحت أكثر مناطق العالم التي تعتمد بشكل متزايد على تدفقات النفط، موضحًا أن أبرز مخاطر أمن الطاقة يتمثل في التقلبات المالية والاقتصادية العالمية، والصراعات طويلة الأمد في منطقة الشرق الأوسط، والتحديات المرتبطة بتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة على المدى الطويل، وإدارة الموارد النفطية والاستكشافات الجديدة في دول المنطقة بأقصى كفاءة ممكنة. بيد أن ثمة مخاطر أخرى تنبع من داخل إقليم جنوب شرق آسيا ذاته، وترتبط بالنزاعات الخاصة حول بعض حقول النفط في جنوب بحر الصين الغني بالغاز، كما يسود الفساد في بعض دول الإقليم، وثمة سوء في إدارة الصراعات الداخلية التي تشكل الجزء الأكبر في كمبوديا وميانمار على سبيل المثال، وهو ما يؤكد حاجة دول المنطقة، إضافة إلى الصين والهند، للتعاون والتنسيق لتعزيز تدفقات النفط العالمية إلى المنطقة والحد من الصراعات والتنافس البحري الراهن بين الصين والهند واليابان. أ ش أ Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA