مفيش حاجة اسمها “,”نكسة“,”.. و“,”67“,” كانت كمين دولي ل“,”مصر عبد الناصر“,” اللواء باقي زكي يوسف، قاهر خط “,”بارليف“,”، الذي اكتشف فكرة “,”الطلمبات“,” في إزالة الساتر الترابي المنيع، خط الدفاع الذي قال عنه الإسرائيليون، أنه: “,”لا يقهر“,”. مثل أسطورة الجيش الإسرائيلي. ذهب “,”البوابة نيوز، إلى اللواء باقي، في بيته، وأجرى معه حوارًا حول الفكرة، وكيف جاءت إليه، وعرضها على قياداته؟ وكيف كانت ظروف وتفاصيل وصولها إلى الرئيس عبد الناصر، وتنفيذها؟. في البداية سألنا اللواء باقي زكي يوسف، أن يعطينا تفاصيل الفكرة التي طرأت على رأسه، والتي أدت إلى تحطيم خط بارليف، الذي كان يُعرف بأنه من أقوى الحصون. أجاب اللواء باقي: “,”المعروف أنني كنت أعمل بالقوات المسلحة كضابط مهندس، منذ عام 1954 وحتى عام 1984 وعشت حياة عسكرية خالصة للوطن، وعندما خرجت عملت رئيسًا لشركة أتوبيسات شرق الدلتا، ثم الصعيد. يقول اللواء باقي: في عام 1973 كان شعارنا حينما دخلنا الحرب مع العدو، أن: “,”ما أخذ بالقوة، لا يسترد إلا بالقوة“,”، وهذا مبدأ الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، رحمه الله، وكان هدفنا هو أن نلحق بإسرائيل شر هزيمة، لأننا لم نحارب في 1967، وإسرائيل لم تختبر قوتنا بعد، ومصطلح «نكسة» كلمة غير مضبوطة، والأدق هو «كمين دولي» اتعمل لمصر، في هذه السنة، لأن قيادة عبد الناصر، للبلاد تقول أنه تجاوز كل للخطوط الحمراء، التي كانت القوى العظمى تعتبرها كذلك، فمصر عبد الناصر، ساعدت سوريا واليمن، فما كان من الدول العظمى، إزاء تقدم مصر وقوتها في عهد عبد الناصر، إلا أن سلحوا إسرائيل بمعدات ثقيلة وعملوا لها مجالًا جويًا، وسيطروا عليه، إضافة إلى مجال بحري كبير، ثم دفعوها لكي تدخل “,”سيناء، والجولان، والعقبة“,” وبذلك أصبحت المنطقة كلها في يد إسرائيل، وهو الأمر الذي دفع بعبد الناصر لإعلان التنحي، لكن الشعب رفض هذا الأمر وطالبه بالاستمرار في الحكم. شعرت إسرائيل أن بناء ساتر رملي، يمكنه أن يحميهم من أية ضربات، وعملوا على استدعاء شركات تعمل في هذا المجال، وبالفعل بدأوا في إقامة “,”حصن بارليف“,”، وقالوا أن: أعظم قوة في العالم لا يمكنها تدميره، وجعلوه يمتد من السويس إلى بورسعيد، وأحاطوه بأسلاك شائكة، وحقول ألغام، ودبابات، حتى تصد الهجمات المضادة حال اختراق القوات المصرية ل“,”خط بارليف“,”. ويقول قاهر خط بارليف: “,”القوات الإسرائيلية شعرت أنها رست واستقرت في سيناء، وفصلتها عن الضفة الغربية، واعتبرتها رادعًا لنا، وكأنهم يقولون لنا: “,”ماتفكروش تعدوا القناة“,”. وهنا كان هدفنا استعادة الأرض، والعرض، والكرامة. وبدأنا نجهز أنفسنا لتحريرها. حكايتي مع الساتر الترابي، بدأت حينما أخذنا أوامر بالعبور في مايو 1969، والتدريب على اقتحام الساتر الترابي الذي أقامته إسرائيل على طول خط القناة بزاوية 80 درجة، وطول 20 متر بعمق 12 متر، أي أنك أمام طول ثلاثة أدوار، وارتفاع أربعة أدوار، وعندما صدرت الأوامر بالتغلب على “,”خط بارليف“,” وعبور واقتحام هذا الساتر الترابي، في نهاية أكتوبر 1969، جمعنا قائد الفرقة وأبلغنا بالمهمة، وعن كل المشكلات التي ستقابلنا أثناء عملية الاقتحام والعبور، وكانت أهم مشكلة هي كيفية فتح ثغرات في الساتر الترابي، وبدأنا في عرض طبيعة الساتر، والتجهيزات القتالية الموجودة، والطرق التقليدية لاختراقه وفتح ثغرات فيه بالمفرقعات بمادة “,”توربيد البنجلور“,” وقنابل الطائرات “,”والصواريخ والنيران، ووجدنا أن: كل نتائج التجارب تقول: أن أقل زمن لفتح الثغرة من 12: 14 ساعة، بنسبة خسائر تصل إلى 20 ٪ في الصفوف الأولى. ويكمل اللواء، الموضوع لم يكن شُغلتي، فأنا ضابط مركبات، مهمتي أن أقوم بتصليح العربات، ولكن أثناء جلوسي وحضوري الشرح مع القادة، بدأت أفكر في التجارب والنتائج الصعبة، وهذا ما حرك بداخلي ضرورة البحث عن البديل، وبدأت أفكر، رغم أن الموضوع لا يخصني في الأساس، ورفعت يدي طالبًا للحديث، فرد على اللواء سعد، وقال لي: “,”مالك انت؟..هتتكلم في الآخر عن المركبات“,”. فرددت عليه: “,”أنا هاتكلم عن فتح الثغرة“,”. فرد اللواء طلعت مُسلم، قائد العمليات وقتها، وقال: “,”خلينا نسمع المقدم باقي، هيقول لنا إيه“,”. وبدأت حديثي معهم: “,”أنا سمعت كل حاجة عن الساتر، لكن إحنا نجيب طلمبات ماصة كابسة، توضع على زوارق خفيفة، تسحب المياه من القناة، وتعيد ضخها على الساتر الترابي في أماكن الجسور، ولدينا ميل80 درجة، سوف يساعدنا هذا الميل على إنجاز المهمة، لفتح الثغرات فور تحرك الرمال، التي ستنزل إلى القناة ومع استمرار ضخ المياه سيتم فتح الثغرات بعمق الساتر“,”. يقف هنا اللواء باقي، ويأخذ نفسه طويلًا ويبتسم، وكأنما يتذكر فيقول: “,”عندما قلت هذا الكلام وجدت قيادة الفرقة “,”هُسْ هُسْ“,”، وأنا شعرت بأني خرفت في الكلام، وحبيت أقطع سكوتهم فقلت: “,”الكلام دة عملناه في السد العالي بالتجريف“,”. يقول اللواء باقي: “,”بدأ قائد الفرقة يشعر بأن الفكرة قابلة للدراسة، واقتنع بالفكرة“,”. و بعد المناقشة والاستماع لرؤساء التخصصات، تحدث قائد الفرقة اللواء سعد زغلول عبد الكريم، إلى قائد الجيش اللواء طلعت حسن علي، وقال له: “,”إحنا لسه هندرس الموضوع، وفيه عندي ضابط قال فكرة، ويهمني إنك تسمعه“,”. فرد عليه وقال له: “,”هاته الصبح وتعالى“,”. ذهبت مع قائد الفرقة لقيادة الجيش، وعندما دخلت على اللواء طلعت، قلت له: “,”هاتكلم في فتح الثغرة؟“,”. فرد اللواء طلعت نجيب، رئيس فرع مهندسين، وبالفعل حضر وشرحت له، قائلًا أن: “,”القوات لا يصح أن تنتظر من 14:12 ساعة، والتجارب التقليدية تقول إن الخسائر تبلغ 20٪ في الصفوف الأولى، والفكرة تعتمد على تقليل الخسائر بوجود «طلمبات ماصة كابسة» مثبتة على زوارق خفيفة، والزمن المتوقع لفتح الثغرات هو 4 ساعات“,”. وسألني قائد الجيش عدة أسئلة، وبعدها تحدث إلى رئيس هيئة العمليات، اللواء ممدوح جاد، وأخبره بالفكرة فسأله: “,”من هو الضابط؟“,”. فقال له: “,”من الفرقة 19، مقدم اسمه باقي زكي يوسف“,”. فرد اللواء ممدوح: “,”الواد ده مابيهزرش.. خليه ييجي لي على طول“,”. وذهبت لشرح الفكرة، أمام نائب رئيس العمليات بالقوات المسلحة، والذي استمع إلى الفكرة، وبعد أن انتهيت، ضرب بيديه فرحًا حتى وقعت بلورة زجاجية على الأرض، وقال لي في انفعال “,”يابني ما تجيش إلا كدة“,”. تم عمل مذكرة بفكرتي في إزالة الساتر الترابي، وأرسلت إلى مدير المهندسين اللواء جمال محمد علي، وبعدها قمت بالمرور على وزارة السد العالي، لأخذ كل ما بتعلق بالتجريف، وكتبت تقريرًا في صفحتين ونصف، وعرضته على قائد العلميات، فطلب مني أن أقوم باختصاره إلى صفحة واحدة ليعرض على الزعيم جمال عبد الناصر، الذي اهتم بالفكرة ودخلت حيز التنفيذ، بعد أن صدرت أوامر بعدم الحديث في هذا الموضوع نهائيًا. بعدها قمنا بعمل تجربة في جزيرة البلاك داخل القناة، على ساتر ترابي طبيعي مكون من أعمال التوسيع والتطوير التي كانت تتم في القناة، وتم فتح الثغرة في 3 ساعات ونصف ومن وقتها تم إقرار استخدام المياه المضغوطة في فتح الثغرات في الساتر الترابي. يوم النصر ويكمل اللواء باقي، في يوم الحرب الساعة 6 مساءً تم فتح أول ثغرة، الساعة العاشرة ونصف تم فتح 60 ثغرة على طول امتداد الضفة الشرقية للقناة، أي نزول 90 ألف متر مكعب رمل إلى القناة، الساعة الثامنة ونصف ليلاً كان عبور أول لواء مدرع من الضفة الشرقية للقناة قبل موعد عبوره المخطط بساعتين، وكان مشهد عظيم. ويختم حديثة قائلًا، أقولها بصراحة، اللي حارب الجندي المصري في 73، لن يجرؤ على رفع سلاحه مرة أخرى في وجهنا.