حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    عيار 21 بكام بعد الارتفاع الجديد؟.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد 5 مايو 2024 بالصاغة    بعد معركة قضائية، والد جيجي وبيلا حديد يعلن إفلاسه    أسعار السمك اليوم الأحد 5-5-2024 بعد مبادرة «خليها تعفن»    بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ والبيض اليوم الأحد 5 مايو 2024 بعد الارتفاع    هل ينخفض الدولار إلى 40 جنيها الفترة المقبلة؟    حملة ترامب واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري تجمعان تبرعات تتجاوز 76 مليون دولار في أبريل    عاجل.. رعب في العالم.. فيضانات وحرارة شديدة ومئات القتلى بسبب تغير المناخ    تظاهر آلاف الإسرائيليين بتل أبيب للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة    علي معلول: تشرفت بارتداء شارة قيادة أعظم نادي في الكون    أحمد مصطفى: نُهدي لقب بطولة إفريقيا لجماهير الزمالك    العمايرة: لا توجد حالات مماثلة لحالة الشيبي والشحات.. والقضية هطول    الأرصاد: انخفاض مفاجئ في درجات الحرارة.. وشبورة مائية كثيفة صباحًا    تشييع جثمان شاب سقط من أعلي سقالة أثناء عمله (صور)    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    كريم فهمي: لم نتدخل أنا وزوجتي في طلاق أحمد فهمي وهنا الزاهد    تامر عاشور يغني "قلبك يا حول الله" لبهاء سلطان وتفاعل كبير من الجمهور الكويتي (صور)    حسام عاشور: رفضت عرض الزمالك خوفا من جمهور الأهلي    ضياء رشوان: بعد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها لا يتبقى أمام نتنياهو إلا العودة بالأسرى    عمرو أديب ل التجار: يا تبيع النهاردة وتنزل السعر يا تقعد وتستنى لما ينزل لوحده    مصطفى بكري: جريمة إبراهيم العرجاني هي دفاعه عن أمن بلاده    البابا تواضروس يصلي قداس عيد القيامة في الكاتدرائية بالعباسية    حسب نتائج الدور الأول.. حتحوت يكشف سيناريوهات التأهل للبطولات الأفريقية    مختار مختار ينصح كولر بهذا الأمر قبل نهائي إفريقيا أمام الترجي    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    محافظ الغربية يشهد قداس عيد القيامة بكنيسة مار جرجس في طنطا    مصرع شاب غرقا أثناء الاستحمام بترعة في الغربية    إصابة 8 مواطنين في حريق منزل بسوهاج    رئيس قضايا الدولة من الكاتدرائية: مصر تظل رمزا للنسيج الواحد بمسلميها ومسيحييها    كاتب صحفي: نتوقع هجرة إجبارية للفلسطينيين بعد انتهاء حرب غزة    احتجاج مناهض للحرب في غزة وسط أجواء حفل التخرج بجامعة ميشيجان الأمريكية    الزراعة تعلن تجديد اعتماد المعمل المرجعي للرقابة على الإنتاج الداجني    اليوم.. قطع المياه عن 5 مناطق في أسوان    مكياج هادئ.. زوجة ميسي تخطف الأنظار بإطلالة كلاسيكية أنيقة    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    عاجل.. مفاجأة كبرى عن هروب نجم الأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    عبارات تهنئة بمناسبة عيد شم النسيم 2024    تساحي هنجبي: القوات الإسرائيلية كانت قريبة جدا من القضاء على زعيم حماس    رئيس جامعة دمنهور يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكاتدرائية السيدة العذراء    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    نميرة نجم: حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها غير موجود لأنها دولة احتلال    سعاد صالح: لم أندم على فتوى خرجت مني.. وانتقادات السوشيال ميديا لا تهمني    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    صيام شم النسيم في عام 2024: بين التزام الدين وتقاطع الأعياد الدينية    بعد الوحدة.. كم هاتريك أحرزه رونالدو في الدوري السعودي حتى الآن؟    عوض تاج الدين: تأجير المستشفيات الحكومية يدرس بعناية والأولوية لخدمة المواطن    لطلاب الثانوية العامة 2024.. خطوات للوصول لأعلى مستويات التركيز أثناء المذاكرة    محافظ بني سويف يشهد مراسم قداس عيد القيامة المجيد بمطرانية ببا    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    نجل «موظف ماسبيرو» يكشف حقيقة «محاولة والده التخلص من حياته» بإلقاء نفسه من أعلى المبنى    شديد الحرارة ورياح وأمطار .. "الأرصاد" تعلن تفاصيل طقس شم النسيم وعيد القيامة    المنيا تستعد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    مهران يكشف أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في التأمين    من القطب الشمالي إلى أوروبا .. اتساع النطاق البري لإنفلونزا الطيور عالميًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاختلال في الموازين: بين تأجيل الضربة الدولية وقوى الصراع في الأزمة السورية
نشر في البوابة يوم 30 - 09 - 2013

بداية، يمكن اعتبار استخدام السلاح الكيماوي على بلدة الغوطة بريف دمشق في الحاد ي والعشرين من أغسطس الماض ي هو بداية تحول الموقف الأمريك ي من الأزمة السورية ، و الذي اتخذ اتجاها تصعيديا بحتا ، ووسط اختلاف دول ي حول مسئولية أي من طرفي الصراع السوري عن تلك المذبحة. إذ “,”تجزم“,” واشنطن باستخدام النظام للسلاح الكيماوي وفق ً ا لمعلومات وتقارير استخباراتية، بينما تشير روسيا وإيران إلى تورط بعض عناصر المعارضة المسلحة ، لا سيما الجهادية المتشددة منها ، لتسهيل خيار التدخل العسكري الخارجي في الصراع. وبين هذا وذاك يأتي الدفع من جانب واشنطن نحو ضرورة عقد مؤتمر جنيف (2) وسط رغبة دولية ل لتوصل لحل سي ا س ي انتقالي يضع الأسس لإنهاء ثلاثة أعوام من النزاع المسلح في سوريا ؛ الأمر الذي دفع إلى القرار الأمريكي بتوجيه ضربة عسكرية محدودة النطاق ، من الناحيتين الجغرافية والزمنية ، تستهدف مواقع عسكرية ومطارات وترسانة المخزون من السلاح الكيماوي. هذا إضافة إلى ضرب مواقع للفصائل الجهادية المتشددة التي تسيطر على مناطق عدة في الشمال تم تحريرها من الجيش السوري النظامي ، ولا تخضع في الوقت نفسه لسيطرة الجيش السوري الحر.
في الوقت نفسه، فإن الضربة الأمريكية المحدودة - المؤجلة- لن تستهدف إسقاط الدولة أو إسقاط بشار الأسد، وإنما تهدف فقط لإضعافه بصورة تتيح الفرصة للمعارضة المسلحة إحراز تقدم فعلي على الأرض في مواجهة الجيش السوري، وبما يفرض واقع ً ا متوازن ً ا بين الطرفين ، ويكبح حالة التفوق العسكري التي حققها النظام السوري على الأرض خلال الشهرين الماضيين. ويسه ّ ل ذلك من مهمة التمهيد لطرح حل سي اسي انتقالي جديد من ق ِ بل الدول الراعية لمؤتمر جنيف 2.
في هذا السياق ستحمل الضربة العسكرية الأمريكية بالضرورة العديد من السيناريوهات بشأن نطاقها وأهدافها وتداعياتها الإقليمية، ويتأثر مدى جدواها في هذا التوقيت بمواقف الدول المؤيدة والمعارضة لها على حد سوا ء. إلا أن الأمور لم تسر وفق الرغبة الأمريكية ؛ نظر ً ا لتعقيدات وعوامل مؤثرة على هذا القرار، وبالتالي لاحظنا وجود تراجع في الإدارة الأمريكية وبدا ي ة الحديث عن المبادرة الروسية بإخضاع الأسلحة الكيماوية للرقابة الدولية. وفي هذا الإطار تبدو واشنطن “,”مترددة“,” بشأن الضربة ؛ نتيجة للكلفة الإقليمية المتوقعة لها ، أو بمعنى أكثر دقة نتيجة لحسابات التصعيد الإقليمي المحتملة من جانب حزب الله في لبنان ومن جانب إيران ، ناهيك عن طبيعة العلاقات مع روسيا، ولكنها في الوقت نفسه مضغوطة بتأثير دورها كقطب دولي قائد سيكون سكوته على مجزرة السلاح الكيماوي ضد مواطنين عزل له ثمنه “,” الأخلاقي“,”.
حال تنفيذ الضر ب ة.. الأهداف والتأثيرات :
تتعدد الرؤى السياسية والعسكرية لسيناريوهات الضربة الأمريكية المحتملة ، وإن كانت تتفق جميعها على مجموعة من الأهداف ومجموعة من المخاطر والتداعيات التي كانت سبب ً ا مباشر ً ا في تأجيل استخدام الخيارات العسكرية لعلاج الأزمة السورية؛ بعض من هذه السيناريوهات يشير إلى توجيه ضربة على غرار الضربات التي وجهتها واشنطن لتنظيم القاعدة في العراق عام 1998، والبعض الآخر يرى في نموذج كوسوفو النموذج المناسب. وفي كل الأحوال فإن الضربة ستكون - ووفق ً ا لمصادر أمريكية - إما هجمات بصواريخ طراز توماهوك الموجهة، أو هجمات جوية عبر مقاتلات أمريكية موجودة في قاعدة إ نجليرك التركية، أو هجمات من مقاتلات أمريكية تتواجد في شمال العاصمة الأردنية عمان. إضافة إلى ذلك فهناك احتمالية استخدام عدد من القاذفات الإستراتيجية الموجودة في قاعدة الع ي ديد العسكرية الأمريكية بقطر ، والتي تستخدم قاذفات قادرة على خداع دفاعات الجو وإلقاء قنابل خارقة للتحصينات، كما لم تستبعد تلك المصادر أن يكون الهجوم خليط ً ا من الضربات الصاروخية والجوية مع ً ا .
وترجح العديد من الرؤى العسكرية والسياسية الأمريكية توجيه ضربات جوية انتقائية ضد عدة أهداف مهمة و إ ستراتيجية على الصعيد الميداني ، مثل: مراكز القيادة ومنشآت التحكم، والقواعد الجوية الأساسية، ومناطق تمركز المدفعية، سلاح الجو السوري، قواعد صواريخ سكود ؛ حيث تستهدف الضربة القضاء على حوالي 80 % من تلك القاعدة، مراكز اتصال قيادة الجيش السوري النظامي، مناطق تمركز المدرعات، المطارات العسكرية، مخزون السلاح الكيماوي، مقرات لإدارة العمليات يقال إ نها تضم عناصر من الجيش السوري والحرس الثوري الإيراني، ومعسكرات اللواء 155 والتي تستخدم في إطلاق الصواريخ وتقع بالقرب من دمشق، وكذلك ضرب طرق الإمداد وأماكن تخزين الأسلحة.
ويستهدف هذا السيناريو الحد من قدرات الجيش السوري النظامي وإضعافه ؛ بما يزيد من فعالية الجيش السوري الحر على الأرض. لكن هذا السيناريو - رغم ترجيحه - لا يخلو من محاذير ، أهمها: أن ضرب مخزون السلاح الكيماوي يتطلب وجود قوات خاصة داخل ال أ راض ي السورية على درجة عالية من التدريب والاستعداد تكون مهمتها سرعة السيطرة على هذا المخزون ؛ حتى لا يقع تحت سيطرة تنظيم القاعدة والجماعات المتشددة، وهو ما يصطدم مع رفض واشنطن فكرة وجود قوات برية على أرض المعركة. ومن المحاذير التي يفترضها هذا السيناريو أن تستمر الضربات العسكرية لمدة طويلة تحقيق ً ا لأهدافها ؛ ما يعن ي تورط الولايات المتحدة وحلفائها في حرب طويلة الأمد وليس ضربة عسكرية محدودة ، وهو ما سيرتب بالضرورة أعباء إقليمية متزايدة في المنطق ة.
وفي سياق تحديد أهداف الضربة العسكرية الأمريكية على سوريا على الصعيد السياسي فثمة أهداف ثلاثة مرجوة من الضربة العسكرية المحتملة؛ الأو ل: التمهيد لعقد مؤتمر جنيف -2 في أكتوبر على أسس من توازن القوى الجديد الذي سيسفر عنه الوضع بين الجيش السوري النظامي والجيش الحر بعد الضربة ، والذي غالب ً ا ما سيكون لصالح الأخير. الثاني: إجبار نظام الأسد على المشاركة في المؤتمر المذكور، مما يعن ي قبوله بقواعد اللعبة الجديدة وصفقاتها المحتملة في حل سياسي انتقالي جديد سيحظى غالب ً ا بموافقة روسيا ؛ مما يقلل من هامش المناورة للنظام السوري الذي أجاد اللعب به طوال فترة الصراع. الأهداف ص ور المعارضة بكل مكوناتها للمؤتمر بعد أن تكون موازين القوى على الأرض قد تغيرت لصالحها، وهو المطلب الذي طالما أوقفت المعارضة مشاركتها في أي فعاليات دولية جديدة خاصة بالأزمة السورية بعد جنيف-1 على تحقيق ه.
الأهداف . . وال إ ستراتيجية
تعتب ِ ر دراسة ٌ نشرتها قناة سي بي إ س الأمريكية حول الضربة المتوقعة أن هناك ست من قواعد سوريا الجوية ال27 من الأهداف الرئيسة للضرية المؤجلة: مطار دمشق الدولي (الذي فيه حركة طيران مدنية أيض ً ا)، قاعدة المزة الجوية العسكرية، القصير، مطار باسل الأسد الدولي (اللاذقية)، الضمير وطياس (85 كلم شرق حمص). وتقضي الخطة بتدمير المدارج، ومنشآت تخزين الوقود، وحظائر الصيانة وأبراج المراقبة والرادارات . وأن الضربة ست و ج َّ ه بواسطةِ صواريخِ كروز التي تتجاوز سرعتها 800 كم/ساعة ومن مسافة 2500 كيلومتر وبنسبة خطأ 10 أمتار وبرأس حربية تقليدية وزنها 455 كيلو ج رام . كما كان مستهدف ًا الفرقة الرابعة ومقرات قيادتي الأركان والدفاع الجوي، ومقر المخابرات العامة بكفر سوسة وقصور الأسد، ومقر إقامة الأسد ، سواء قصر المالكي أو قصر الشعب في قاسيون أو قصور الأسد في اللاذقية. كما كان ضمن الأهداف نحو 15 مطار مدني وعسكري، مثل مطاري المزة ودمشق، ومطارات الضمير والناصرية والسين بريف دمشق، ومطاري بلي وخلخلة بالسويداء.
وفي الإطار العام، فإن العملية المرتقبة ستكون محدودة في المدى والزمن، و قد تستغرق من 24 إلى 48 ساعة فقط، وتستهدف ترسانة الأسلحة التي يمتلكها الأسد، خصوص ً ا سلاح الجو، ومراكز التحكم والسيطرة والمخابئ ومحاور الاتصالات والمباني الحكومية، ومواقع الصواريخ، بالإضافة إلى الوحدات التي يعتقد أنها مسئولة عن تنفيذ الهجمات الكيماوية على غوطة دمشق. ولا تهدف العملية إلى ال إطاحة ب الأسد . وقد يكون الانطلاق من قاعدة { أ زمير} الجوية الأمريكية في تركيا .
الجدير بالذكر هنا أنه مهما كان حجم واتساع ومدة الضربة الأمريكية؛ فمن الضروري ملاحظة وقع الضربة الأمريكية على مقدرات الضبط والتحكم في صفوف قوات ال نظام (command and control) ، وليس مجرد حجم الضرر الواقع بقواعد ومخازن ومطارات القوات الموالية للنظام. كما أنه من الضروري ملاحظة ما إن كانت أعداد ملموسة من الضباط والجنود ستترك مواقعها أو تختار الانشقاق والانضمام إلى صفوف الثورة. و سيتيح مثل هذا الأثر للثوار السوريين إحراز تقدم ملموس على الأرض في جبهات الاشتباك الرئيسة، لا سيما ما تبقى من مناطق سيطرة النظام في محافظتي إدلب وحلب، ومحافظة درعا الجنوبية، وخطوط الاشتباك في محافظتي حمص وحماه، إضافة لريف دمشق الشرقي والشمالي .
ولكن هذا الطرح يتعارض مع تصريحات أوباما في غير مناسبة أن “,”الضربة العسكرية ستكون محدودة ، ولن تهدف للإخلال بتوازن القوى في الصراع السوري الداخلي“,”.
ومن جهة أخرى، لا بد من مراقبة رد فعل النظام السوري وحلفائه؛ ففي حال لجأ النظام إلى توجيه صواريخه للأراضي التركية والأردنية والسعودية، أو قام حزب الله بقصف أهداف إسرائيلية؛ فالأرجح أن تتطور الضربة نوعًا وزمنًا؛ وقد تنتقل المشاركة التركية المتوقعة، من جهد عسكري جوي محدود إلى تدخل عسكري أعمق .
و هناك مخاطر هائلة مرتبطة بأي عمل عسكري في سوريا ؛ حيث بنى الأسد دفاعات جوية هائلة قدمتها له روسيا، وهي قادرة على إسقاط الطائرات المقاتلة الأمريكية والبريطانية، ووضع جنود الجيشين في خطر، كما أنه ثمة مخاطر أيض ً ا من الأضرار الجانبية من الغارات الجوية، مثل قتل أو إصابة المدنيين بطريق الخطأ، ومنح النظام السوري انتصار ً ا دعائي ًّ ا .
كما أنه إذا استهدفت المصانع الكيماوية، من دون توفير حماية مسبقة لها، فقد يسقط غاز الأعصاب القاتل وغيره من المواد الكيماوية في أيدي الجماعات المسلحة غير المضبوطة، كما أن القادة العسكري ي ن، في كلتا الدولتين، لديهم مخاوف من أن سلسلة من الغارات الموجهة قد لا تكون حاسمة، وستؤدي إلى التورط الكامل في الصراع السوري . كما أ ن هناك مخاوف من تأجيج التوترات في الشرق الأوسط ؛ حيث إن سوريا لديها حليفان قويان: روسيا وإيران .
التعقيدات الداخلية والإقليمية
لقد كشفت الثورة السورية عن سمة مهمة من سمات إقليم الشرق الأوسط، وهي صعوبة عزل التفاعلات الداخلية عن مجرى الأحداث، وربما مدى تأثير الضربة المتوقعة على توازن القوى بين النظام والمعارضة بشكل يرجح كفة أحدهما على الآخر أو ينهي الصراع لمصلحة أحدهما، أو يحدث تأثيرات نوعية ليس لها ثقل كبير في تغيير مجرى الأحداث.
بين تلك الرؤى يمكن القول بأن حجم المعارضة اليوم بات قوي ًّ ا، ومن الممكن أ ن يسهم بقدر كبير في خطة الضرب الأمريكية والتي ستسعى المعارضة لتوظيفها لصالحها، خاصة القوى المسلحة، في حين يواج َ ه ذلك بمخاوف الولايات المتحدة بسيطرة القوى الإسلامية وجبهة النصرة على الأوضاع ؛ وهذا ما يرجح توجيه ضربة رادعة وليست كاملة ، أو أن تط و ل تلك الضربة تلك الجماعات الإسلامية على السواء.
وفي ظل حالة التردد، يستغل النظام السوري الوقت في إخفاء قدراته العسكرية التي من المتوقع استهدافها، وإخلاء القواعد العسكرية ، وإعادة نشر قواته في المناطق المدنية، وأكدت مصادر أمر ي كية رسمية وجود مؤشرات على نقل النظام السوري بعض معداته العسكرية لأماكن يعتقد أنها آمنة.
ويتمتع النظام السوري بعدة خيارات للرد على الضربة العسكرية، منها قصف حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وتحريك حلفائه الإقليميين لضرب أهداف غربية حول العالم، أو عدم الرد بشكل مباشر، والعمل إعلامي ًّ ا على تسويق نفسه ضحية للعدوان الأمريكي. ويقدر المحللون أن طبيعة رد النظام السوري ستعتمد على حجم الضربة الموجهة له، فكلما كانت الضربة موجعة كان النظام مضطر ًّ ا للرد عليها.
ولكن، يبدو اليوم أنه يجر ي من وراء الكواليس التوصل إلى اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة، أو بالأحرى بين بوتين وأوباما، يقض ي بفرض رقابة دولية على مخازن السلاح الكيميائي في سوريا، ويمنع أو يقلص طلعات السلاح الجو ي السوري فوق المدن السورية، ويمنع استخدام الصواريخ ضد معارضي النظا م. والأهم من هذا كله يحدد موعد ً ا لانتخابات حرة من دون أن يكون الأسد مرشح ً ا فيها. والغرض من هذا كله هو إعطاء الأسد فرصة للنجاة من الضربة العسكرية الأمريكية ، التي برغم لهجة أوباما الحاسمة بشأنها، فإ نه لا يرغب في القيام بها .
هناك عدة أسباب تدفع الرئيس الأمريكي إلى الإحجام عن الهجوم. السبب الأول هو الأهداف العسكرية القليلة التي يمكن مهاجمتها في سوريا، فمنذ بدء الحديث عن مهاجمة سوريا قام الجيش السوري “,”بتنظيف“,” كل المعسكرات ، وأخرج قواته وسلاحه وذخيرته منها . والسبب الثاني يعود إلى أن الجيش السوري وزع مخازن السلاح الكيميائي داخل المدن الواقعة تحت سيطرته، وبهذه الطريقة حوّل عشرات الآلاف من المدنيين إلى دروع بشرية، بحيث إن من يهاجم هذه المخازن سيتسبب بمقتل عدد كبير من السكان المدنيين. أما السبب الثالث فهو قيام جيش الأسد بنقل مئات المعتقلين السياسيين إلى المناطق المستهدفة ؛ مما يجعلهم دروع ً ا بشرية أيض ً ا، فمن يقصف قصر الرئاسة سيقتلهم أيض ً ا .
ومما لا شك فيه أن زيادة القوة البحرية الروسية في البحر المتوسط لا يشجع أوباما على مهاجمة سوريا ؛ لأنه لا يريد الاحتكاك بروسيا على خلفية ما يجر ي في المنطقة. وهناك أيض ً ا التخوف من أن يؤد ي الهجوم الأمريكي ضد سوريا إلى وقوع “,”أحداث استثنائية“,” في الخليج الفارسي ، مثل تفجيرات غامضة في منشأة نفط، وغرق “,”عرض ي “,” لناقلة نفط في مرفأ نفط سعودي، أو حدوث حرائق غامضة في بئر غاز قطرية ؛ يعرف الجميع أن إيران هي التي تقف وراءها. حينئذ ما الذي سيجر ي لأسعار الوقود التي يدفع ثمنها الأمريكيون للذهاب إلى أعمالهم؟ !
وفي هذا الإطار، ت ُ بذل جهود دبلوماسية لحل الأزمة ، منها الاجتماع الذي عُقد في جنيف بسويسرا، بين وزيري خارجية الولايات المتحدة، جون كيري، ونظيره الروسي، سير ج ي لافروف . ورغم أن محادثات جنيف تهدف في الأساس إلى بحث الاقتراح الروسي بإخضاع الأسلحة الكيميائية السورية لرقابة دولية، فإ نها قد تفتح الباب أمام مزيد من المساعي الدبلوماسية لوضع نهاية للأزمة الطاحنة التي تشهدها الدولة العربية، منذ أكثر من عامين ونصف .
فحل الأزمة ونهايتها لن يكون مع الضربة العسكرية ؛ لأن ثمة تعقيدات داخلية في توازن القوى بين النظام الذي يحرج الولايات المتحدة الأمريكية راعية الحريات وحقوق الإنسان، في مقابل المخاوف من المعارضة المسلحة المتشددة ، والتي من الممكن أن تصبح تهديد ً ا لها ولأمن إسرائيل، أ ضف إلى ذلك صراع أحادية الزعامة وفرض هيبة أمريكا.
وخلاصة القول : إ ن ذلك التردد والتراجع في الموقف الأمريكي ربما يؤدي لحل سياسي أو استمرار للصراع الدامي على الأرض بنفس وتيرته ودرجته الحالية ، وإن كانت أمريكا ستعمل على السيطرة على الأسلحة الكيماوية ؛ لحفظ ماء الوجه وإظهار بعض التأثير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.