أكثر من مرة تحدث عبدالفتاح السيسى عن مؤامرة تستهدف مصر، لم يحدد أطرافها لكنه تحدث عن «أهل الشر». القوى الدولية التي أرادت تركيعنا لا يمكن أن تكون قد استسلمت وزير الداخلية في لقائه الأخير مع مجموعة من الصحفيين بعد ما أثير بشأن تجاوزات لضباط في أقسام مختلفة تحدث أيضا عّن «مؤامرة». تتجمع لدى جهات بالدولة معلومات كثيرة حول تحركات لأطراف مختلفة لا يجمعها إلا السعى لتطويق أي محاولة للقفز إلى الأمام. بشكل واضح لا يريد الأمريكى ولا الإنجليزى خيرًا بهذا البلد. أكثر من موقف يدلل وأكثر من تحرك يؤكد. معلومات لدى جهات مختلفة الآن حول عضو جديد في مثلث التحرك ضد النظام القائم الآن. في اجتماع لمسئولين بإحدى الجهات الأمنية ألقيت المعلومات الموجودة على المائدة، كان الحديث حول «دور غير مفهوم» للسفارة السويدية في مصر. يمكن أن تستغرب، أن تتورط دولة إسكندنافية في ملف من هذه النوعية فالواقعة فريدة. وصلت شارلوتا سبار مصر الأول من سبتمبر لعام 2013 لتولى مهام منصبها سفيرة للسويد في القاهرة خلفا للسفيرة مالين شيري. شارلوتا عملت سفيرة للسويد لدى الأردن بين عامى 2008 و2013 وخدمت كمستشار في مكتب تمثيل السويد في الاتحاد الأوربي وتولت مهام العلاقات مع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين عامى 2003 و2008، وعملت في مصر نائبا لرئيس البعثة السويديةبالقاهرة بين عامى 1999 و2003. في ترتيبات ما بعد 25 يناير داخل الأجهزة الأمنية جرى التنبيه بأقصى متابعة لأنشطة السفراء الأجانب. السفير الأمريكى في المقدمة يليه البريطاني. وسط هذه الإجراءات جرى رصد اجتماعات «غير مفهومة» داخل السفارة السويدية أو منزل السفيرة شارلوتا الموجود بالسفارة أيضا في حى الزمالك. وفق تفسير لمسئول أمنى فإن المقر الجديد للاجتماعات استهدف تخفيف النظر على السفارتين الأمريكية والبريطانية. يربط الرجل بين ما يسميه بدور السويد في دعم مظمات المجتمع المدنى ومعظمها لديه مشكلات مع الحكومة وكذا تدريب نشطاء على «التغيير السلمى» وبين الدور الذي تلعبه السفارة السويدية الآن. التمويل السويدى ظهر لأول مرة بعد 25 يناير حيث قدمت ستوكهولم تمويلا لمؤسسة تعمل على مراقبة الانتخابات هي مؤسسة النقيب للتدريب والمحاماة بمبلغ 10 ملايين و400 ألف جنيه من المعونة السويدية. كانت هذه هي المرة الأولى التي تظهر السويد هذا التوجه في مصر، حيث من المتعارف عليه أن تمويل أنشطة المجتمع المدنى يرتبط في أغلب الأحيان ب«أهداف سياسية». الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوربي كانا الأبرز في ملف التمويل، غير أن هيئة المعونة السويدية ظهرت في الصورة عبر توفير منح للمنظمات المصرية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والتوعية الانتخابية وتدعيم المشاركة السياسية وتعزيز دور المرأة والإعلام والمواطنة. تستقبل السفيرة في منزلها السفيرين البريطانى والأمريكى، والحديث يدور بشكل كبير حول التعاطى مع النظام في مصر. ترى جهات أمنية أن هذه الاجتماعات تستهدف إثارة الفوضى في البلاد والضغط للإفراج عن بعض المحبوسين. آخر هذه الاجتماعات حضره عبدالمنعم أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية، وكان الحديث حول ما يمكن فعله في 25 يناير المقبل. السيناريو الموجود لدى الجهات الأمنية يتضمن الضغط لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهى الدعوة التي تلقفها عبدالمنعم أبوالفتوح، وألقى بها في حواره الأخير مع «بى بى سي»، وإذا لم ينجح هذا السيناريو فالأولوية لعدم ترشح «السيسي» لفترة رئاسية ثانية. بجانب هذه الاجتماعات السياسية تلتقى السفيرة أيضا مع نشطاء وسياسيين معروفين بمواقفهم المعارضة للنظام. بعض من هؤلاء تدرب بالأساس في السويد وتلقى جانبا من التمويلات بشكل غير رسمى. ملف الأقليات مثل المسيحيين، والنوبة، وأهل سيناء على رأس اهتمامات الملفات المزعجة للسفيرة السويدية أيضًا. ونجد أيضًا نشاطًا خدميا مثل تطوير مستشفيات مثلا في محاولة للفت الأنظار عن «النشاط المشبوه». بجانب نشاط السفارة في القاهرة هناك أيضا «المعهد السويدى» في الإسكندرية وله «دور غامض» باستقبال بعض الحزبيين من ممثلى حزب النور على وجه التحديد. حتى هذه اللحظة لم تتحرك الدبلوماسية المصرية للرد على التحركات السويدية، غير أن تقارير رفعت تطالب بالتحرك على وجه السرعة. نحن إذن أمام تصميم غربى على محاربة النظام تورطت فيه حتى الدول الإسكندنافية بضغوط من الولاياتالمتحدة وبريطانيا. هذا ملف ملغوم أن تتحول الجهات الدبلوماسية إلى مكاتب استخباراتية في قلب القاهرة. كنا نشكو من دور السفارة الأمريكية ومعها البريطانية والآن دخل على الخط لاعب جديد. استغلت الولاياتالمتحدة بعد السويد عن العقل المصرى وحتى الأمنى وبدأت في التحرك تحت غطاء سفارة ستوكهولم في القاهرة. إذا كنا جادين فعلا في إجهاض أي محاولة لإثارة الفوضى فيجب على الدبلوماسية المصرية أن تتحرك على وجه السرعة. أن يلفت نظر هؤلاء بأنه لا سماح بتحويل النشاط الدبلوماسى إلى استخباراتى عبر لقاءات مع معارضين للنظام. قد تقول إن أي جهة دبلوماسية من حقها أن تلتقى معارضى النظام كما تلتقى رموزا من النظام غير أن الملفات التي تطرح على مائدة هذه اللقاءات غير مفهومة. لا يمكن أن يفهم الحديث عن انتخابات رئاسية مبكرة أو من «السيسي» من الترشح لفترة رئاسية جديدة في حوار دبلوماسي. هذا تدخل خشن يستوجب ردًا، لا يمكن أن تفهم مواقف السفيرة السويدية الأخيرة، مثل مطالبتها بالإفراج عن ناشط تورط في نشر معلومات تخص القوات المسلحة، أو لقاءاته مع رئيس حزب إسلامى معروف بموقفه المناهض للنظام. في الزمالك الآن تحاك خطة «غير نظيفة» ضد النظام، وعلى الجميع الآن أن يقف أمام مسئولياته بدلا من الحديث عن مؤامرات.